د. مزمل أبو القاسم: (ده الجنن عبد القادر)!
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
* تابعت مع كثيرين سلسلة المقالات الحادة التي كتبها الدكتور عبد القادر محمد أحمد، الأمين العام الأسبق لديوان الضرائب، مستهدفاً بها ذم الأستاذ برعي الصديق، المحافظ الحالي للبنك المركزي وتأكيد عدم جدارته بالمنصب.
* غني عن القول أن تبيان علامات ودوال الشخصنة في التناول لا يحتاج إلى كبير عناء، إذ تبدو شاخصةً للعيان، جليةً بيّنةً، ويزيدها وضوحاً عبارات حادة، على شاكلة (المدعو برعي.
* مثل هذه الأسلحة الصدئة المهترئة قليلة الفعالية، هزيلة التأثير، وكثيراً ما ترتد على صاحبها لتصيبه في مقتل، لأنها تدفع الكثيرين إلى الاجتهاد لاستجلاء الدوافع الحقيقية للهجوم الضاري والخالي من أي محتوىً نافع أو مقنع أو مفيد.
* الحديث عن ضعف المؤهلات الأكاديمية للمحافظ الحالي للبنك المركزي يدحضه تخرجه في أم الجامعات السودانية (الخرطوم)، وينفيه عمله في المؤسسة ذاتها (البنك المركزي) قرابة أربعة عقود، علماً أنه انتمى إليها قبل انقلاب الإنقاذ، أي قبل عهود التمكين، ووقتها لم يكن للواسطة والمحسوبية موقع في التعيينات المتصلة بالخدمة المدنية، علاوة على أنه تولى قيادة كل الإدارات الرئيسية والمهمة في البنك المركزي حتى أصبح نائباً للمحافظ خلال فترة عمله فيه الممتدة 38 عاماً، وبالتالي فإن ترقيه في المناصب وتوليه منصب المحافظ حدث بتدرج طبيعي ومنطقي لا تشوبه شبهة محسوبية أو تجاوز.
* عدم حصول السيد المحافظ على شهادتي الماجستير والدكتوراه لا يقدح في أحقيته بالمنصب، وثبت لنا أن عدداً غير قليل من دهاقنة العمل المصرفي ممن تشرفوا بقيادة البنك المركزي في منصب المحافظ (وتشرف بهم المنصب) لم يحصلوا على هاتين الشهادتين، ولم يقلل ذلك من قدرهم، ولم يطعن في كفاءتهم، ولم يؤثر بالسلب على عملهم مطلقاً، ومنهم مأمون بحيري، أول محافظ للبنك المركزي، والسيد الفيل والشيخ بليل والشيخ سيد أحمد وفاروق المقبول وإسماعيل مكي المصباح وإبراهيم نمر وعبد الرحمن حسن وحسين جنقول وغيرهم.
* لعل المتابعين لأداء الدكتور عبد القادر إبان عمله أميناً عاماً لديون الضرائب يلاحظون أنه لم يكن منزهاً عن الهوى الحزبي والميل السياسي، سيما في تعامله مع الصحف ووسائل الإعلام، وإذا تجاوزنا الكيفية التي تولى بها المنصب (تمكيناً)، والمحسوبية التي شابت استمراره في وظيفة حكومية حتى ما بعد السبعين، فإننا نذكر تجربة مريرة حدثت لنا (في صحيفة اليوم التالي) مع ديوان الضرائب في عهد الدكتور عبد القادر، عندما تم استهدافنا مع صحف أخرى صُنفت وقتها على أنها معارضة أو مارِقة، وتمت مطاردتها بمطالبات فلكية، ومبالغ خرافية، بتقديرات جزافية قيل لنا أنها تمثل فواقد لضريبة القيمة المضافة!
* أذكر أن نصيبنا في صحيفة (اليوم التالي) من (دقنية الديوان) وصل وقتها مليارين وستمائة مليون جنيه (بالقديم)، ووقتها كان الحديث بالمليار قرين الغول والعنقاء والخل الوفي، علماً أن الصحيفة كانت تُباع وقتها بخمسين قرشاً فقط، وعندما استأنفنا تلك التقديرات الجنونية تم إلزامنا بمقابلة لجنة قيل لنا إنها مخصصة لمراجعة ضرائب الصحافة (وحملت مسمى لجنة الصحافة)، وفيها جلس أحد موظفي الديوان متحدثاً ليُسمعنا محاضرات طويلة ومنهكة ومملة عن القواعد المهنية للعمل الإعلامي وعن ضرورة مساندة الحكومة القائمة وعدم انتقادها لجهة أنها مستهدفة من قوى البغي والعدوان العالمية، ولم يكلف صاحبنا خاطره عناء الحديث عن الشأن الذي مثلنا أمامه لمناقشته بالأرقام، لجهة أنه فني بحت، وملف ضريبي محض، تمت إدارته بحسابات سياسية استهدفت توظيفه لتأديب (المارقين)، فعن أي مهنية واحترافية يتحدث الدكتور عبد القادر؟!
* الأمر نفسه حدث مع العديد من رجال الأعمال الذين تم تصنيفهم معارضين على أيام الإنقاذ، وتعرضوا إلى استهداف يرقى إلى درجة الابتزاز، بملفات ضريبية ومطالبات ضخمة، خلافاً للمرضي عنهم من المحسوبين وقتها على التنظيم الذي أتى بالدكتور عبد القادر أميناً عاماً للديوان.
* والثابت أيضاً للكافة أن الدكتور عبد القادر هو المدير العام الوحيد لصندوق ضمان الودائع المصرفية الذي تم تعيينه من خارج بنك السودان المركزي، ولسنا بحاجة إلى توضيح سبب ذلك التمييز المُخل.
* ذاك بعض حصاد الدكتور عبد القادر، وتلك نبذةً بسيطة عن أدائه المفارق للمهنية والاحترافية في زمن إدارته لديوان الضرائب، لذلك تبقى شهادته (في أي شأن عام) مطعون فيها بالنسبة إلينا، ومشكوك في صحتها، سيما ولو جاءت زاخرةً بالثقوب، وعامرةً بالهتر ولغو الحديث، ومحاولات الاقتصاص للذات كما حدث في معركة التشفي التي خاضها الدكتور عبد القادر ضد محافظ البنك المركزي الذي لم ألتقيه في حياتي سوى مرة واحدة، بمعية صديقي وزميلي عادل الباز.
* فاقد الشيء لا يعطيه، فليكف الدكتور عبد القادر قلمه عنا وعن المحافظ لأنه لن يقنعنا مطلقاً بأن دوافعه ومحركاته لا تنطلق بوقود الموجدة الشخصية، والرغبة في التشفي لعربةٍ انتزعت، أو مخصصات أخذت، أو منصبٍ راح في حق الله، فاستوجب ترديد أغنية العميد الشهيرة: (ده الجنن عبد القادر)!!
د. مزمل أبو القاسم
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدکتور عبد القادر للبنک المرکزی
إقرأ أيضاً:
لماذا ثبت البنك المركزي سعر الفائدة؟ بيان رسمي يكشف الأسباب
قرر البنك المركزي المصري اليوم، تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028 عند 7% (± 2 نقطة مئوية) و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط على الترتيب، وذلك اتساقا مع التقدم التدريجي للبنك المركزي نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم.
وأعلن البنك عن السياسة النقدية حيث قرر الإبقاء على أسعار الفائدة للمرة السادسة على التوالي عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض.
وقال في بيان السياسة النقدية، إنه بالرغم من أن المعدل السنوي للتضخم العام شهد استقرارا خلال الثلاثة أشهر الماضية، فقد تراجع في نوفمبر 2024 إلى 25.5% نتيجة انخفاض أسعار المواد الغذائية، إذ سجلت أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضروات الطازجة أدنى معدل تضخم سنوي لها فيما يقرب من عامين عند 24.6% خلال نوفمبر 2024.
وأضاف، بينما ارتفعت الأسعار المحددة إداريا للسلع غير الغذائية، بما في ذلك منتجات الوقود والنقل البري ومنتجات التبغ، بما يتسق مع إستراتيجية زيادة الإيرادات الرامية إلى الحد من العجز المالي، وعليه، انخفض المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 23.7% في نوفمبر 2024 مقابل 24.4% في أكتوبر 2024.
وذكر أن هذه النتائج جنبا إلى جنب مع تحسن توقعات التضخم وعودة معدلات التضخم الشهرية إلى نمطها المعتاد، تشير إلى أن التضخم سوف يواصل مساره النزولي.
وتابع البنك المركزي: على الصعيد العالمي، واصلت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة خفض أسعار العائد تدريجيا في ضوء استمرار تراجع معدلات التضخم، مع الإبقاء على سياسات التشديد النقدي، إذ إن معدلات التضخم المحققة لا تزال تتجاوز المستويات المستهدفة.
ويتسم معدل النمو الاقتصادي باستقراره إلى حد كبير وتشير التوقعات إلى أنه سوف يستمر عند مستوياته الحالية، وإن كان لا يزال أقل من مستويات ما قبل جائحة كورونا. ومع ذلك، تظل توقعات النمو عُرضة لبعض المخاطر ومنها التأثير السلبي للتشديد النقدي على النشاط الاقتصادي، والتوترات الجيوسياسية، واحتمالية عودة السياسات التجارية الحمائية.
وبالنسبة للأسعار العالمية للسلع الأساسية، فقد شهدت تقلبات طفيفة في الآونة الأخيرة، وتشير التوقعات بانخفاض محتمل في أسعارها، وخاصة منتجات الطاقة. ومع ذلك، لا تزال المخاطر الصعودية تحيط بمسار التضخم، بما في ذلك اضطرابات التجارة العالمية والتأثير السلبي لأحوال الطقس على الإنتاج الزراعي.
أما على الجانب المحلي، تفيد المؤشرات الأولية للربعين الثالث والرابع من عام 2024 باستمرارية تعافي النشاط الاقتصادي، مع تسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالربع الثاني من عام 2024.
ومع ذلك، يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل من طاقته القصوى، مما يدعم الانخفاض المتوقع في التضخم خلال عام 2025، ومن المتوقع أن يحقق طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026. وفيما يتعلق بالأجور، لا تزال الضغوط التضخمية الناجمة عنها محدودة في ظل ضعف معدل النمو الحقيقي للأجور.
وبعد عامين من الارتفاع الحاد في معدلات التضخم عالميا، بدأ التضخم في الاقتصادات المتقدمة والناشئة في التراجع، وإن كان لا يزال أعلى من معدلاته المستهدفة. وبالمثل، بدأ معدل التضخم العام في مصر في التراجع خلال الآونة الأخيرة، ومن المتوقع أن يسجل حوالي 26% في الربع الرابع من عام 2024 في المتوسط، متخطيا بذلك المعدل المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (± 2 نقطة مئوية).
ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية المحلية والعالمية خلال الفترة 2022-2024، من أهمها:
- تراكم الاختلالات الخارجية نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية خلال عام 2021، والتضخم المستورد، وتخارج استثمارات حافظة الأوراق المالية عقب اندلاع الصراع الروسي الأوكراني.
- وصدمات العرض المحلية وعدم ترسيخ توقعات التضخم.
- إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة بهدف التشديد المالي ووضع الدين على مسار نزولي. وقد أدت هذه التطورات مع تحركات سعر الصرف إلى تخطي التضخم معدله المستهدف، إذ بلغ المعدل السنوي للتضخم العام ذروته عند 38.0% في سبتمبر 2023 قبل انخفاضه إلى 25.5% في نوفمبر 2024.
وبدءا من مارس 2024، اتخذ البنك المركزي المصري عددا من الإجراءات التصحيحية بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، مما أدى إلى احتواء الضغوط التضخمية وخفض التضخم العام. ومن أبرز هذه الإجراءات السياسة النقدية التقييدية التي اتبعها البنك المركزي، وتوحيد سوق الصرف الأجنبي مما ساعد على ترسيخ توقعات التضخم، وجذب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي.
ورغم ذلك، تتضمن المخاطر المحيطة بالتضخم احتمالات تفاقم التوترات الجيوسياسية وعودة السياسات الحمائية وزيادة تأثير إجراءات ضبط المالية العامة.
وتشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءا من الربع الأول من عام 2025 مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026.
وبالنظر إلى توقعات التضخم وتطوراته الشهرية، ارتأت لجنة السياسة النقدية أنه من المناسب تمديد الأفق الزمني لمستهدفات التضخم إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028 عند 7% (± 2 نقطة مئوية) و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط، على الترتيب، ومن ثم إتاحة مجال لاستيعاب صدمات الأسعار دون الحاجة للمزيد من التشديد النقدي، وبالتالي تجنب حدوث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي.
وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الإبقاء على أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي دون تغيير يعد ملائما حتى يتحقق انخفاض ملحوظ ومستدام في معدل التضخم، بما يؤدي إلى ترسيخ التوقعات وتحقيق معدلات التضخم المستهدفة.
سوف تتخذ اللجنة قراراتها بشأن مدة التشديد النقدي ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات. وسوف تواصل اللجنة مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى معدلاته المستهدفة من خلال الحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب واحتواء الآثار الثانوية لصدمات العرض.
اقرأ أيضاًعاجل «المركزي المصري» يُبقي على أسعار الفائدة ثابتة عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض
قبل قرار«المركزي».. انخفاض مفاجئ لـ سعر الفائدة على أذون الخزانة 1.42% لأول مرة منذ يونيو الماضي
قبل إعلان نتائج اجتماع البنك المركزي.. العربي الأفريقي الدولي يكشف عن أسعار الفائدة الجديدة