الأرض على موعد مع انفجار كوني يحدث مرة واحدة بالعمر
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
25 مارس، 2024
بغداد/المسلة الحدث: يترقب علماء الفلك حدثا “استثنائيا” يتمثل في انفجار كوني يقع “مرة واحدة في العمر”، حيث يُتوقع أن يحدث الانفجار الساطع في مجرة درب التبانة خلال الأشهر المقبلة، وسيكون مرئيا في السماء بالعين المجردة، حسبما ذكرت شبكة “إن بي سي نيوز” الأميركية.
وسيكون هذا الحدث، المعروف باسم “NOVA”، فرصة لمراقبة السماء لمرة واحدة في العمر لأولئك الذين يعيشون في نصف الكرة الشمالي، وفقا لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، لأن أنواع الأنظمة النجمية التي تحدث فيها مثل هذه الانفجارات ليست شائعة في المجرة.
وحسب “إن بي سي نيوز”، سيحدث الانفجار النجمي في نظام يسمى “تي كورونا بورياليس” (T Coronae Borealis)، الذي يبعد عن الأرض 3000 سنة ضوئية، حيث يحتوي على نجمين، نجم ميت، يُعرف باسم “القزم الأبيض”، يدور حوله نجم “العملاق الأحمر”.
ونجوم “العمالقة الحمراء” هي نجوم تحتضر، إذ يستنفد وقود الهيدروجين الموجود في قلبها. ووفق ناسا، فإن هذا ما ستتحول إليه الشمس في النهاية.
واكتشف باحثون “ندبة” على سطح جمرة نجمية تخبو درجة حرارتها ببطء وتسمى “القزم الأبيض”، الأمر الذي يطرح رؤية جديدة لسلوك بعض النجوم “الآكلة” للأجرام السماوية في نهاية دورة حياتها.
لماذا يحدث الانفجار؟
وحسب الشبكة الأميركية، فإن في أنظمة مثل “T Coronae Borealis”، عادة ما يكون فياه النجمان قريبان جدا من بعضهما البعض، لدرجة أن وقود الهيدروجين من “العملاق الأحمر” يتدفق باستمرار على سطح “القزم الأبيض”، وبمرور الوقت، يؤدي هذا إلى زيادة الضغط والحرارة، وفي النهاية إلى انفجار.
وقال الأستاذ الفخري للفيزياء وعلم الفلك في جامعة ولاية لويزيانا الأميركية، برادلي شيفر: “مع تراكم وقود الهيدروجين على سطح القزم الأبيض، يتزايد التسخين ويحدث ضغط أعلى وأعلى حتى الانفجار”.
وشبه شيفر انفجار “المستعر” بقنبلة هيدروجينية تنفجر في الفضاء، مضيفا أن كرة النار الناتجة سيتمكن الناس من رؤيتها من الأرض.
ويختلف انفجار المستعر عن انفجار المستعر الأعظم، الذي يحدث عندما ينهار نجم ضخم ويموت.
وقال شيفر: “في ذروة الانفجار، يجب أن يكون الثوران مرئيا بالعين المجردة، وسيكون ساطعا في السماء، لذا من السهل رؤيته من الفناء الخلفي للمنزل”.
متى سيحدث؟
يتوقع علماء الفلك أن انفجار المستعر يمكن أن يحدث في أي وقت من الآن وحتى سبتمبر المقبل.
وذكر شيفر أن آخر مرة انفجر فيها هذا النظام النجمي كان في عام 1946، ومن المرجح ألا يحدث ثوران آخر قبل 80 عاما أو نحو ذلك.
ويحرص علماء الفلك حول العالم على مراقبة النشاط في نظام “T Coronae Borealis”، إذ يقول شيفر إنه بمجرد اكتشاف الانفجار، فمن المرجح أن تأتي أفضل وألمع المشاهد في غضون 24 ساعة، لافتا إلى أنه سيصل إلى نفس سطوع “نجم الشمال” تقريبا، وقد يظل الانفجار مرئيا بالعين المجردة لبضعة أيام، قبل أن يبدأ في التلاشي.
بعنوان “السجل التاريخي لعلاقة الحكومة الأميركية في ظواهر غير طبيعية ومجهولة الهوية” أصدرت وزارة الدفاع الأميركية الجمعة تقريرا يرتبط بشكل مباشر بـ”الأجسام الطائرة المجهولة والكائنات الفضائية”.
وحتى بعد أن يخفت، من المحتمل أن يظل مراقبو السماء قادرين على رؤية الانفجار لمدة أسبوع تقريبا باستخدام المنظار، وفقا لوكالة ناسا.
وفي بحث نُشر العام الماضي في المجلة الأكاديمية “تاريخ علم الفلك”، اكتشف شيفر انفجارين مفقودين منذ زمن طويل في نظام “تي كورونا بورياليس”، في السجلات التاريخية، أحدهما وثقه رهبان ألمان عام 1217، والآخر شاهده عالم الفلك الإنكليزي فرانسيس ولاستون عام 1787.
وقال شيفر إن هؤلاء الرهبان بالقرب من أوغسبورغ، ألمانيا، لم يعرفوا ما كان هذا في ذلك الوقت، لكنهم سلطوا الضوء على الانفجار باعتباره أحد أهم حدثين في العام، وأطلقوا عليه باللاتينية “signum mirabile”، والذي يترجم إلى “فأل خير”، حيث كان يعتقد أنها علامة جيدة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
متابعة ما يحدث في سوريا
نشر كل من العالم السياسي الفرنسي أوليڤييه روا المعروف لدى قراء العربية بكتابه «الجهل المقدس» والباحث السويسري باتريك هايني ويعرفه القراء العرب بكتابه اسلام السوق بحثاً نُشر الأسبوع الماضي عن معهد الجامعة الأوربية فـي فلورنسا حول تجربة حكم هيئة تحرير الشام فـي إدلب منذ عام ٢٠١٧ وحتى عام ٢٠٢٤، مستشرفـين المرحلة المقبلة من تاريخ سوريا والمنطقة، بعد وصول جماعة إسلامية للحكم، خصوصا فـي ظل مخاوف من المجتمع الدولي على قدرة هذا اللاعب الجديد على التعامل مع تعددية المجتمع السوري وإيجاد صيغ توافقية مع المجتمع الدولي، الذي رفضته الجماعات الإسلامية التي حكمت فـي سياقات أخرى مثل طالبان فـي أفغانستان. وتعد هذه الدراسة مهمة لمعرفة اتجاهات الجماعة، والتغييرات التي طرأت عليها قبل وبعد تجربة حكمها لإدلب، الأمر الذي نتعلم منه أن الجماعات الإسلامية إذا ما وصلت للحكم السياسي اليوم فإنها قد لا تقدم لنا نموذجاً وحيداً وأنها بدورها تحاول إيجاد صيغ مفاوضات ملائمة للسياق الذي تنشأ فـيه.
تبحث هذه الدراسة إذن فـي إدارة هيئة تحرير الشام للمجتمع فـي إدلب خلال ثماني سنوات لقراءة السياسات التي حكمتها خلال هذه الفترة.
يقرأ الباحثون هذه التجربة فـي سياق مواكبتها أحزاباً أخرى عملت بمبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية فـي العالم الإسلامي، ومنها حزب النهضة فـي تونس خلال الربيع العربي، وحزب العدالة والتنمية فـي المغرب بعد نجاحه الانتخابي سنة 2011 وتشكل هذه الأحزاب قطيعة مع الجهادية والسلفـية، أي أنها لا تريد فرض الشريعة الإسلامية على المجتمع ولا تسليحه ولا تتبنى شعار «الإسلام هو الحل».
فـيقول الكاتبان إن حضور هيئة تحرير الشام منذ 2017-2024 اختلف عنه حضور طالبان فـي أفغانستان مثلاً، فمنع الجولاني الشرطة الدينية من فرض قوانين صارمة فـي حالة عدم تنفـيذ الشريعة فـي الفضاءات العامة، والمفارقة أن المعارضة على سياساته لم تكن هذه المرة من العلمانيين بل من المحافظين.
كانت هيئة تحرير الشام قد ألغت جهاز الحسبة الموازي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سنة 2017 واستبدلتها بمؤسسة «سواعد الخير» التي ألغيت بعد وقت قصير بسبب الانتقادات التي تعرضت لها للاعتبارات نفسها التي ألغي من أجلها جهاز الحسبة وهي اعتبارها مؤسسة قمعية. وفـي سنة 2021 ألغى الجولاني نفسه نوعاً مكرساً لهذا الاتجاه الإصلاحي الديني كان يدعى بـ«مركز الفلاح» إدراكاً لأهمية إعادة قراءة موقع هيئة تحرير الشام والموقف الدولي منها ومحاولة لشطبها من قائمة الإرهاب الدولي. خلال هذه المرحلة راقب الباحثان كيف أن وجهاء إدلب أنفسهم اتخذوا مواقف متباينة من قرارات الهيئة، وأن الهيئة عملت طوال الوقت على شروط تحقيق نوع من التوازن بين مطالب شعبوية وبين رغبة الهيئة فـي أعاد موضعة نفسها دولياً.
شكلت هيئة تحرير الشام مجلسا «للشورى» صادق هذا المجلس على قانون الآداب العامة سنة 2023 لتنظيم كل من صالات الأفراح والأسواق والملاعب والأماكن العامة فـي إدلب. وحظرت بهذا القانون انتقاد الشعائر الإسلامية وانتقاد علماء الدين، والسحر والمثلية الجنسية والدعارة والكحول والقمار والاختلاط بين الجنسين إلا أنها لم تفرض عقوبات على هذه الجرائم غير أنها فرضت تدابير تأديبية تصل لثمانية وأربعين ساعة مع ضمان الحفاظ على كرامة المحبوسين.
تسربت مسودة وثيقة هذه القوانين فـي ديسمبر من نفس العام الأمر الذي اربك المؤسسات الدولية الملتزمة بتقديم المساعدات الإنسانية لإدلب خوفاً من شبح الطالبانية، واتجه البعض لسحب استثماراته من إدلب خصوصاً انه وبرأي الأكاديميين والمراقبين أن الأجواء فـي إدلب كانت ومنذ تولي هيئة تحرير الشام الحكم أكثر انفتاحاً مما هي عليه فـي دول فرضت جماعاتها الإسلامية صرامة مفرطة، كان الباحثان قد درسا ديناميكيات داخل الجماعة نفسها، وصراعات حول مناهضة التنوع داخل المجتمع فـي ادلب وكيف ادارت الهيئة هذا الصراع بين جماعات داخل إدلب نفسها لتحقق نوعاً من التوازن.
توصلت الدراسة إلى أن هيئة تحرير الشام تعتمد طريقة سياسية وليست عقائدية، وإلى أن الإسلام السياسي يواجه فـي هذا النموذج تحدياً مختلفاً بعد تركه لمصفوفة السلفـية الجهادية ويحاول إعادة صياغة مشروع جديد. خصوصا مع سعي هيئة تحرير الشام لتسجيل حضورها فـي العالم، وتأكيداً لما ذهب إليه الباحثون فـي دراستهما هذه، كنتُ قد راقبت هذا الأسبوع تدوينات ومقالات كتبتها مجموعة من النخب السورية، كان من بينهم السوريون الذي يحملون الجنسية الأمريكية، وقد عادوا لسوريا الأسبوع الماضي، فقابل خمسة وعشرون منهم الجولاني فـي لقاء خاص، سألوه عن كل ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية، وقد كتب يساريون وعلمانيون منهم أن الجولاني لا يستخدم معجما عقائديا ويبدو منفتحا فـيما يتعلق بطبيعة المرحلة المقبلة وتقبل وجهة نظر المعارضة.
يبقى السؤال حول الشروط التي ستفرضها الحكومة الأمريكية الجديدة على الجولاني، وأين سيكون موقع الجولان من المفاوضات بينهما، الجميع بلا شك يراقب ما يحدث فـي سوريا، وبدأ الحكومات الخليجية والعربية من اتخاذ مواقف واضحة تجاه الوضع القائم.