تكاد أخبار مشاريع القرارات في مجلس الأمن وتحرُّك المسؤولين الأميركيين إلى المنطقة ولقائهم مع أطراف عربية وصهيونية، وعن هدن مؤقتة ووساطات فاشلة، تثير السخرية لولا أن الحزن على ما يجري يقفز ليسبق كل المشاعر الأخرى، والعجز العربي والإسلامي الذي كشفت عنه حرب الإبادة يثير تساؤلات شتى عن مستقبل هذا العالم الذي يبدو اليوم كقطيع من دون «مرياع» ومن دون «راع» تائه في أرض لا يعرفها ووجهات لا يدرك منتهاها؟ ذلك لأن حقيقة الأمور مختلفة جذرياً عن الأخبار والسرديات والذرائع والتبريرات التي يتحدث بها الإعلام الغربي المتصهين عن أسباب عدم تمكن أحد من وضع حدّ لهذه الإبادة المخزية لشعب غزة بأكمله بمن استشهد منهم ومن بقي على قيد الحياة نازحاً جائعاً مريضاً محاصراً مترقباً الموت على يد من خططوا لإزالته عن هذه الأرض واستحواذها، وهذا يمثل هدفهم الأول والأخير، ولذلك لا حديث جدياً عن وقف إطلاق نار أو عن وضع حدّ لأبشع مجزرة يتمّ ارتكابها في العصر الحديث بحق شعب بأكمله على مرأى ومسمع من عالم مشلول إمّا نتيجة تواطئه مع المجرمين والمعتدين وإمّا نتيجة إرهابه وترهيبه أن يقف في وجه كل هذه القوة الغاشمة.

أما تبريرات أن رئيس حكومة كيان العدو بنيامين نتنياهو يريد استمرار الحرب كي لا يسقط ولا تتم محاسبته، وأن العدو مربك في الداخل، وأنه غير قادر على التفاوض، وأن الولايات المتحدة في سنة انتخابية، فهي تبريرات سطحية لا علاقة لها بجذر الموضوع ولا بأسباب ممارسة وحشية بحقّ من كانوا وفق قوانين كل الحروب أهدافاً غير مشروعة وغير مبرّرة أبداً من أطفال ونساء ومدنيين ومرضى وأطباء وكنائس وجوامع وجامعات ومراكز وبنى تحتية لحياة مجتمع بأكمله، فالجريمة البشعة اليوم بحق أهل فلسطين لم تشهد مثيلاً لها في الحربين العالميتين ولا يمكن مقارنتها إلا بحرب الإبادة التي قام بها الإنسان الأبيض على السكان الأصليين في الولايات المتحدة وأستراليا ووصفهم بأنهم «Savages» أي «وحوش» كما وصف الصهاينة الفلسطينيين تماماً منذ الأيام الأولى لحرب الإبادة هذه.

هذه الإبادة بغض النظر عن الذرائع التي يتم التذرع بها منذ 7 تشرين الأول الماضي، من القضاء على حماس وإلى إنقاذ الأسرى، الذين تقوم إسرائيل بقتلهم، هي استكمال لاستباحة واحتلال الغرب للعراق واستهداف ليبيا وسورية واليمن والسودان بأساليب وطرائق مختلفة تجمع بينها جميعاً عناصر مشتركة تؤشر إلى الهدف الأساسي الكامن وراء شنّها واختراع أشكال متعدّدة للوصول إلى الأهداف ذاتها الموضوعة والمرسومة للجميع، فقد كان واضحاً أن الهدف الأساسي من الحرب على العراق، إضافة إلى النفط طبعاً، هو اصطياد العلماء والمفكرين العراقيين الذين وصلوا مرحلة من العلم والإبداع يمكن أن تنذر بتغيير ميزان القوى في المنطقة، فشنّوا حملة من الاغتيال والتهجير من دون أي ذنب ارتكبوه، وحرقوا المكتبات وسجلات النفوس وفككوا الجيش والأحزاب، وزرعوا بذور فتنة طائفية وعرقية، ووضعوا أسسها في دستور للبلاد، كي لا يتمكن أحد من تغيير هذا الواقع الجديد الذي فرضوه في المستقبل المنظور.

ولتذكير هذا الجيل فإن المثل العربي الذي كان يعرفه كل أبناء جيلنا هو: «القاهرة تكتب، وبيروت تنشر، وبغداد تقرأ» لأن كثيراً من الكتاب العرب لجؤوا إلى مصر في فترة الاحتلال العثماني الذي لم يحكم قبضته على مصر، وانتعشت دور النشر في لبنان قبل الحرب التي أشعلوا فتيلها به، في حين كان الشعب العراقي القارئ الأهم في العالم العربي والسوق الأساسية لمنتجات الكتّاب العرب.

وفي إطار ما سموه «الربيع العربي» استكملوا المخطط ذاته الذي نفذوه في العراق على ليبيا، وقامت قوات «ناتو» بالقصف والدمار ونهب الأموال والذهب، والنفط طبعاً، ومن ثمّ زرع بذور الفتنة ذاتها بين الشرق والغرب وبين تيارات وتوجهات مختلفة هدفها الأساسي الإبقاء على ذلك البلد ضعيفاً مجتزأً غير قادر على لملمة جراحه واستعادة وحدته وقوته والتحكم بمقدراته لمصلحة شعبه وأجياله المستقبلية، ويستمرّون في تغذية هذه الصراعات لضمان نهب موارد هذا البلد وضمان عجزه أن يكون فاعلاً في الإطار العربي لما فيه مصلحة العرب جميعاً.

ومن أجل الأهداف ذاتها وفي أعقاب حرب 1973 بدؤوا باتفاقات تطبيع مع أكبر بلد عربي، فقط لإخراجه من دائرة مقاومة الاحتلال والاستيطان، واستكملوا ذلك باتفاق أوسلو واتفاقات تطبيع مع دول عربية أخرى لا تختلف أهدافها أبداً عن أهداف الحروب والقصف والاغتيالات، بل تخترع مسارات أخرى للتوصل إلى الأهداف ذاتها، ولمّا كانت سورية قلعة العروبة والدفاع عن فلسطين، فقد أعدوا لها حرباً إرهابية مُموّلَّة ومُخطّطة ومدروسة، وبعد صمود الشعب السوري وتمكنه بمساعدة الحلفاء من دحر الإرهاب عن معظم أرضه، حلّت الولايات المتحدة وتركيا بقواتهما للإبقاء على الإرهاب ونهب الثروات والحيلولة دون الخروج من هذا النفق، والتوجّه بعزم وشكيمة إلى مرحلة إعادة الإعمار فعلاً وبأيدٍ وكفاءات سورية، وأيضاً كان الاستهداف ذاته الذي شهدناه في العراق وفي ليبيا.

الاستنتاج المنطقي لهذه الحقب ولكل ما جرى لبلداننا، هو أن حرب الإبادة على فلسطين تستكمل فصلاً مهماً من فصول استهداف الطاقات ومؤسسات عربية كانت على أي أرض، وضمان التحكم بالثروات والأرض ومستقبل هذه الأرض، خاصة في ضوء اكتشاف حقول غاز في بحر غزة والخيرات المعهودة في فلسطين، كما هو الحال في شمال شرق وشمال غرب سورية.

إذاً ما يجري في فلسطين اليوم هو استكمال لمشهد الحروب الإرهابية الأميركية أو حروب «ناتو» على دول المنطقة ولا نيّة لدى العدو الإسرائيلي ولا لدى داعميه في الولايات المتحدة والغرب لإيقاف هذه الإبادة إلى أن يبلغوا الأهداف المرسومة لها ضمن خططهم لإعادة الاستعمار لوطننا العربي برمّته من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، والمفقود الأهم في هذه المعادلة هو أن يفهمها العرب أنفسهم وأن يعملوا على إيقافها لأنها واحدة في الماضي والحاضر والمستقبل، وأي عربي يعتبر نفسه بمنأى عنها، يرتكب خطأ إستراتيجياً بحق نفسه وبحق بلده وأمته.

جريدة الوطن

بثينة شعبان 2024-03-25sanaسابق الحرب العالمية على سورية هل انتهت اللعبة… كتاب لميشيل رامبو وفيصل جلول انظر ايضاً البوعزيزي في واشنطن.. ما هو الفرق؟ بقلم: أ. د. بثينة شعبان

حين أضرم الشاب التونسي البوعزيزي النار في جسده احتجاجاً على إهانة شعر بها وفقر يعاني …

آخر الأخبار 2024-03-2536 شهيداً جراء عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة 2024-03-25الاتحاد أهلي حلب يتوج بطلاً للنسخة الأولى من دوري تحت 21 عاماً لكرة السلة 2024-03-25مصرع ثلاثة أشخاص وتدمير 100 منزل بزلزال قوته 6.9 درجات في بابوا غينيا الجديدة 2024-03-25التربية تتيح فرصة جديدة للتسجيل بامتحانات الشهادات العامة بصفة دراسة حرة 2024-03-25أبرز تطورات عملية طوفان الأقصى 2024-03-25الحرارة أدنى من معدلاتها ورياح نشطة في المناطق الساحلية والجنوبية 2024-03-25وزيرا خارجية روسيا والهند يبحثان مكافحة الإرهاب 2024-03-25المقاومة اللبنانية تستهدف العدو الإسرائيلي في تلة الطيحات 2024-03-25الجيش الروسي يحبط هجوماً أوكرانياً بالمسيرات على مقاطعة روستوف 2024-03-25الفارس محمد جوبراني يحرز لقب الجائزة الكبرى لدورة الوفاء لقفز الحواجز بنسختها الثامنة والعشرين فيكم الخير

مراسيم وقوانين الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث الشركة العامة للصناعات النسيجية 2024-03-13 الرئيس الأسد يصدر قانوناً يقضي بالإعفاء من غرامات رسوم الري وبدلات إشغال أملاك الدولة واستصلاح الأراضي الزراعية 2024-02-17 الرئيس الأسد يصدر قانوناً خاصاً بإحداث وحوكمة وإدارة الشركات المساهمة العمومية والشركات المشتركة 2024-02-14الأحداث على حقيقتها وسائط دفاعنا الجوي تتصدى لعدوان إسرائيلي استهدف نقاطاً بريف دمشق 2024-03-19 الدفاع الروسية تعلن تدمير قاعدة لإرهابيي “النصرة” بريف دير الزور 2024-03-17صور من سورية منوعات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية: جميع مؤشرات تغير المناخ وصلت إلى مستوى قياسي العام الماضي 2024-03-19 تباطؤ تدفق الحمم بعد ثورة بركان للمرة الرابعة خلال أشهر في أيسلندا 2024-03-17فرص عمل السورية للاتصالات تعلن عن مسابقة لشغل عدد من الوظائف بفرعها بدمشق 2024-03-12 السورية للبريد تعلن حاجتها لتعيين 235 عاملاً من الفئات الثالثة والرابعة والخامسة 2024-03-04الصحافة حقيقة المشهد بقلم: أ.د بثينة شعبان 2024-03-25 كاتبة أمريكية: سباق التسلح الأمريكي يشعل فتيل النزاعات والحروب في أنحاء العالم 2024-03-24حدث في مثل هذا اليوم 2024-03-2525 آذار 2011- تنصيب البطريرك الماروني المنتخب بشارة بطرس الراعي بطريركاً على كرسي أنطاكية وسائر المشرق 2024-03-2424 آذار- اليوم العالمي لمرض السل 2024-03-2323 آذار 1950- إنشاء المنظمة العالمية للأرصاد الجوية 2024-03-2222 آذار 1986- إسبانيا تعلن اعترافها بمنظمة التحرير الفلسطينية 2024-03-2121 آذار- عيد الأم في الوطن العربي 2024-03-2020 آذار2003- بدء العدوان الأمريكي على العراق
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2024, All Rights Reserved

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

استشاري: “الحمام المغربي” يضر البشرة.. ويجب الابتعاد عن الصابون الذي يقتل 99% من الجراثيم

المناطق_الرياض

قدم استشاري الأمراض الجلدية الدكتور محمد السعيدان، نصائح مهمة لتجنب الطفح الجلدي، والمشكلات الجلدية خلال فصل الشتاء، مشيرا إلى ضرورة الترطيب الجيد عبر كريم قوامه دهني، واستخدام منظفات جيدة “وليست قوية”.

وأوضح في تصريحات لبرنامج “الراصد” المعروض عبر شاشة “الإخبارية” أن “الحمام المغربي” من أسوأ الإجراءات على البشرة ويجب الابتعاد عنه.

أخبار قد تهمك المملكة تترأس أعمال الدورة العادية الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب 23 ديسمبر 2024 - 9:51 مساءً صد “بقع شمسية” في سماء الحدود الشمالية عند غروب الشمس 23 ديسمبر 2024 - 9:38 مساءً

وشدد على أن الصابون الذي يقتل 99% من الجراثيم لا يفضل استخدامه إذ يؤدي إلى جفاف أكثر للبشرة، ومن الأفضل استخدام صابون معه إضافات “كريم مرطب”.

وبين أن من العادات الخاطئة التي تضر بالبشرة أيضا استخدام الليفة لفترة طويلة، حيث تتراكم فيها البكتيريا، ويجب أن يتم تغيرها بشكل مستمر.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 23 ديسمبر 2024 - 9:53 مساءً شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد23 ديسمبر 2024 - 8:51 مساءً“التجارة”: فوز 4 مترشحين بينهم سيدة أعمال في انتخابات غرفة ينبع أبرز المواد23 ديسمبر 2024 - 8:25 مساءًرينارد يستبعد صالح الشهري من معسكر الأخضر أبرز المواد23 ديسمبر 2024 - 8:17 مساءًالأخضر يُدشن تحضيراته استعدادًا لمواجهة اليمن أبرز المواد23 ديسمبر 2024 - 8:12 مساءًأمير منطقة القصيم يدشن مجمع عبدالمحسن العثيم بعقلة الصقور بتكلفة إجمالية بلغت 7.5 ملايين أبرز المواد23 ديسمبر 2024 - 7:58 مساءًنائب وزير الخارجية يستقبل الممثل الأممي في العراق23 ديسمبر 2024 - 8:51 مساءً“التجارة”: فوز 4 مترشحين بينهم سيدة أعمال في انتخابات غرفة ينبع23 ديسمبر 2024 - 8:25 مساءًرينارد يستبعد صالح الشهري من معسكر الأخضر23 ديسمبر 2024 - 8:17 مساءًالأخضر يُدشن تحضيراته استعدادًا لمواجهة اليمن23 ديسمبر 2024 - 8:12 مساءًأمير منطقة القصيم يدشن مجمع عبدالمحسن العثيم بعقلة الصقور بتكلفة إجمالية بلغت 7.5 ملايين23 ديسمبر 2024 - 7:58 مساءًنائب وزير الخارجية يستقبل الممثل الأممي في العراق المملكة تترأس أعمال الدورة العادية الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب المملكة تترأس أعمال الدورة العادية الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • (حصاد العام) 2024 بالأردن.. أوله غزة وآخره سوريا وبينهما حكومة جديدة وإنجاز كروي
  • لبنان يدخل العام 2025 متعبا اقتصادياً وحاملو السندات يفقدون حقّهم بالفائدة بعد 9 آذار
  • حظيت بانتشار عالمي.. الصور الأكثر لفتاً للانتباه في 2024
  • لماذا غابت مصر عن المشهد السوري وأخذت موقفا عدائيا رغم الحضور العربي؟
  • صخر الشارخ.. قصة العربي الذي جعل الحواسيب تتحدث بالعربية
  • تحويلات المصريين بالخارج تقفز إلى23.7 مليار دولار في 10 أشهر
  • رواية "بثينة".. جديد تيسير النجار عن سلسلة إبداعات قصور الثقافة
  • ما الذي تخشاه دول عالمية وإقليمية من الوضع الجديد بسوريا؟
  • استشاري: “الحمام المغربي” يضر البشرة.. ويجب الابتعاد عن الصابون الذي يقتل 99% من الجراثيم
  • سوريا تواصل تصدّر المشهد العربي والدولي.. وهذه آخر أخبارها!