زيارة ميلوني فارقة..سفير إيطاليا : إقامة مركز توظيف مصري – إيطالي في القاهرة
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
أكد ميكيلي كواروني سفير إيطاليا بالقاهرة ميكيلي كواروني، أن زيارة رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني إلى (القاهرة) الأسبوع الماضي، تشكل علامة فارقة في العلاقات بين مصر وإيطاليا والاتحاد الأوروبي، وقد أتت بثمار كبيرة، موضحا أن (روما) لعبت دورا محوريا في الضغط من أجل إصدار إعلان مشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي؛ يهدف إلى تعزيز التعاون المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية.
وقال السفير الإيطالي -في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /الاثنين/- إن الشراكة الاستراتيجية الشاملة والجديدة بين مصر والاتحاد الأوروبي والتي وفرت تمويلا يقدر بـ 4ر7 مليار يورو، لها أوجه متعددة تتضمن تعزيز العلاقات السياسية ودعم الاستقرار الاقتصادي في مصر والتجارة والاستثمارات، وتلبية احتياجات الطاقة، وإدارة الهجرة، وتطوير رأس المال البشري.
وأفاد بأن بلاده عززت تعاونها مع مصر أثناء هذه الزيارة من خلال التوقيع على 17 اتفاقية ثنائية، كخطوة أولى نحو التنفيذ الكامل "خطة ماتي لإفريقيا" التي أطلقتها رئيسة الوزراء ميلوني في القمة الإيطالية الإفريقية والتي عقدت مؤخرا في (روما) مشيرا إلى اتفاقيات تشمل قطاعات عديدة، بما في ذلك الزراعة المستدامة والدعم المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاستثمارات في البنية التحتية في مجال النقل والتعاون في المجال الصناعي والتدريب المهني في مجال الضيافة والسياحة وتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وإدماجهم في المجتمع.
وعن التعاون في مجال النقل، قال "إن مصر وقعت مؤخرا مع إيطاليا على اتفاقية لنقل البضائع بين مينائي دمياط وتريستا؛ بهدف دعم التبادل التجاري بين البلدين وفتح مجالات استثمارية جديدة في القطاعات الاستراتيجية، مثل المنتجات الغذائية والأدوية والمنسوجات، موضحا أن إيطاليا تستهدف من خلال "الخط الملاحي (رورو)" إلى أن تصبح بوابة دخول السلع المصرية إلى السوق الأوروبية التي تحتاج إلى خدمات لوجستية فعالة في التوقيت المناسب.
وأضح أن الربط البحري الجديد لمصر سيسمح لها أن تكون المركز الإقليمي للسلع الإيطالية في إفريقيا والشرق الأوسط.. متوقعا أن هذا الربط سينتج عنه زيادة في التجارة البينية بين (القاهرة) و(روما) والتي تخطت الآن ستة مليارات يورو، فضلا عن مساهمتها في تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين واستقرار وازدهار منطقة الأورومتوسطي.
وحول التعاون في مجال الهجرة، أكد كواروني أن مصر تلعب دورا مهما كشريك رئيسي في إدارة تدفقات الهجرة؛ بما يتماشى مع الهدفين المزدوجين لروما، وهما (مكافحة الهجرة غير الشرعية) و(تعزيز مسارات الهجرة القانونية) لافتا إلى أن رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي شارك في مؤتمر التنمية والهجرة والذي عقد في يوليو العام الماضي، وتعد مصر أحد أصحاب المصلحة الرئيسيين في عملية (روما) التي أسفرت عن هذا المؤتمر.
وأكد أهمية التعاون الفعال بين مصر وإيطاليا، الذي يأتي في إطار الاتحاد الأوروبي؛ بهدف مواجهة تحديات الهجرة من خلال تعزيز الرقابة على الحدود، وإجراء عمليات البحث والإنقاذ، وتعزيز الحوار الثنائي بشأن قضايا الهجرة.. مشيرا إلى أنه يتم حاليا إقامة مركز توظيف مصري – إيطالي في القاهرة، في إطار برنامج "شراكات المواهب" الذي يموله الاتحاد الأوروبي، والذي سيساعد الشباب المصري على الالتحاق بالتدريب المهني، ثم العثور فيما بعد على عمل في كل من مصر وإيطاليا.
وأشار إلى أن (روما ) تدرك الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر والمخاطر المحتملة التي يفرضها عدم الاستقرار الإقليمي، بما في ذلك الصراع الدائر في قطاع غزة، ولهذا تقود إيطاليا باعتبارها عضواً في الاتحاد الأوروبي وبالتعاون مع الشركاء الأوروبيين والإقليميين، القيادة التنفيذية في عملية الاتحاد الأوروبي "أسبيدس" للتصدي للمخاوف الأمنية ودعم الاستقرار والسلام في المنطقة وحماية مسارات التجارة البحرية.
وعن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، أكد السفير الإيطالي أن بلاده تدعم حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام والأمن الدائمين لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين، مشيرا إلى أن رئيسة الوزراء ميلوني ووزير الخارجية أنطونيو تاجاني، أكدا استعداد إيطاليا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، المساهمة في تحقيق هذا الهدف؛ من أجل مستقبل مستدام، من خلال الحوار والدبلوماسية لحل النزاع.
وعن غزة، قال:"إن سفارة إيطاليا بالتعاون مع وزارة الصحة وجمعية الهلال الأحمر المصري، يقومون حاليا بمهمة إنسانية كبيرة، حيث يتم إجلاء أكثر من 140 فلسطينيًا من غزة من الجرحى وعائلاتهم من معبر رفح إلى مستشفى (أمبرتو الأول) الإيطالي بالقاهرة، حيث سيحصلون على الرعاية الأساسية قبل المغادرة إلى إيطاليا، مشيرا إلى أن (روما) كانت قامت من قبل ذلك بإجلاء 200 فلسطيني آخرين إلى إيطاليا".
وأضاف "أن روما ساهمت بنقل حوالي مائة طفل فلسطيني إلى إيطاليا، كل منهم برفقة أقاربه خلال الأسابيع الماضية؛ للحصول على رعاية طبية شاملة في مرافق متخصصة في إيطاليا" مؤكدا أن هذه الجهود التي تقوم بها إيطاليا تعد أكبر عملية إجلاء طبي للفلسطينيين تقوم بها دولة أوروبية في عملية إنسانية بحتة؛ وذلك بفضل الدعم الذي قدمته وحدة الأزمات التابعة لوزارة الخارجية والتعاون الدولي في روما.
وأفاد بأن (روما) تشارك بنشاط في جهود تنظيم رحلات جوية إنسانية، وتوفير المواد الطبية، ونشرت سفينة المستشفى الحربية "نافي فولكانو" لدعم النظام الصحي، حيث قدمت الفرق الطبية لما يقرب من مائة مريض، معظمهم من الأطفال والنساء الذين أصيبوا بجروح خطيرة خلال الحرب، مؤكدا أن بلاده تدرك تماما أن الحل المستدام الوحيد للتخفيف من معاناة المدنيين في غزة، هو وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، وهي الدعوة التي أكدت عليها "ميلوني" خلال زيارتها الأخيرة إلى القاهرة.
وأكد أن (روما) ملتزمة بالتعاون مع (القاهرة) للتخفيف من تأثير الأزمة الإنسانية لسكان غزة من بينها، مبادرة "الغذاء من أجل غزة" التي تقودها الخارجية الإيطالية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر؛ بهدف تسهيل إيصال المساعدات الغذائية، وتخفيف معاناة السكان وضمان الأمن الغذائي في قطاع غزة.
وعن مجموعة السبع الصناعية، قال كواروني "إن إيطاليا -التي تترأس مجموعة السبع هذا العام- وضعت أجندة لأولوياتها خاصة الوضع في الشرق الأوسط والبحر المتوسط، حيث ستعمل مع الدول الأعضاء والشركاء الدوليين لتهيئة الظروف لتحقيق سلام دائم ومستدام على أساس حل الدولتين والعمل على مواجهة التحديات العالمية الأكثر إلحاحًا، مثل تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والسعي نحو ضخ زخم جديد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن إفريقيا تعد شريكا مهما في الشراكة المتجددة بين مجموعة السبع الصناعية وإفريقيا؛ من أجل تعزيز النمو الأخضر وأمن الطاقة والتنمية المستدامة. ولهذا أطلقت إيطاليا "خطة ماتي" كمنصة للأفكار والمبادرات الرامية إلى إقامة شراكة متبادلة المنفعة مع الدول الإفريقية.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
توتر صومالي مصري غير معلن.. هل تخسر القاهرة حليفتها بالقرن الأفريقي؟
تعيش العلاقات المصرية الصومالية حالة من التوتر غير المعلن، وسط تطورات إقليمية متسارعة وتقارب متزايد بين مقديشو وأديس أبابا.
وجاء الفتور الحاصل في علاقات البلدين عقب تعثر تنفيذ اتفاقية التعاون العسكري التي وقعتها مصر والصومال العام الماضي، وكان البلدان ينظران إليها على أنها ستعزز تحالفهما الذي كان يوصف بـ"الاستراتيجي".
ووفق تقارير إعلامية صومالية، فقد أوقفت السلطات المصرية جميع خطط الدعم العسكري التي تعهدت بها لمقديشو خلال العام الماضي.
واعتبرت وسائل إعلام صومالية أن وقف الدعم العسكري الصومالي وتجميد اتفاقية التعاون العسكري عمليا، بمثابة تعبير عن استياء القاهرة من التوجهات الجديدة للحكومة الفيدرالية الصومالية في إشارة إلى التقارب الحاصل مع أثيوبيا.
ورأت صحيفة "الصومال الآن" أن قرار تجميد الدعم العسكري المصري "يعكس غضب القاهرة من التوجهات الجديدة للقيادة الصومالية والتطورات المتلاحقة بشأن تقارب مقديشو مع أديس أبابا".
وكانت مصر وقعت العام الماضي اتفاقية تعاون عسكري مع الصومال، وذلك خلال زيارة أداها الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود للقاهرة آب/ أغسطس الماضي.
وحينها رحب رئيس النظام المصري، السيسي ونظيره الصومالي "بالخطوات المتبادلة بين الدولتين لتعميق التعاون الثنائي، ومن بينها إطلاق خط طيران مباشر بين القاهرة ومقديشو، وافتتاح السفارة المصرية في مقرها الجديد بالعاصمة الصومالية مقديشو، فضلاً عن توقيع بروتوكول التعاون العسكري بين الدولتين".
وجاءت زيارة الرئيس الصومالي للقاهرة حينها على وقع توتر بين الجارتين، الصومال وإثيوبيا؛ جراء توقيع الأخيرة عام 2023 مذكرة تفاهم مع إقليم "أرض الصومال" الانفصالي، تمهّد لإقامة قاعدة عسكرية إثيوبية وتأجير ميناء بربرة على البحر الأحمر لمدة 50 سنة.
وتتصرف "أرض الصومال" التي لا تتمتع باعتراف دولي منذ إعلانها انفصالها عن الصومال عام 1991، باعتبارها كيانا مستقلا إداريا وسياسيا وأمنيا، مع عجز الحكومة المركزية في مقديشو عن بسط سيطرتها على الإقليم.
ورفض الصومال حينها هذا الاتفاق، باعتباره "غير شرعي ويشكل تهديدا لحسن الجوار وانتهاكا لسيادته"، وشدد على أنه "لا مجال لوساطة" في الخلاف مع إثيوبيا، ما لم تنسحب من الاتفاق، فيما أعلنت جامعة الدول العربية وعدد كبير من أعضائها بينهم مصر رفضها الاتفاق وتأكيدها سيادة الصومال على أراضيه كافة.
تغير مفاجئ
لكن وبعد أشهر على زيارة الرئيس الصومالي لمصر عرفت السياسية الخارجية للقيادة الصومالية تغيرات وصفت بالدراماتيكية، حيث توجهت نحو إثيوبيا وذلك على حساب علاقاتها الاستراتيجية مع مصر.
فقد وقعت أديس أبابا ومقديشو سبتمبر الماضي، اتفاقا لتسوية الأزمة بينهما وذلك بوساطة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبموجب الاتفاق تم الحفاظ على وحدة أراضي الصومال، مع التوصل إلى حل يضمن جهود إثيوبيا للوصول إلى البحر، كونها دولة حبيسة.
وفي فبراير الماضي أدى رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، زيارة إلى مقديشو هي الأولى له منذ توقيع اتفاق التسوية.
وأعلن البلدان في ختام الزيارة عزمها تعزيز التعاون الأمني والشراكات التجارية، وتعميق العلاقات الدبلوماسية، كما أكدا حينها أن الحكومة الفدرالية الصومالية هي بوابة العلاقات الرسمية بين الجمهورية الإثيوبية الفدرالية الدّيمقراطية والجمهورية الصومالية الفدرالية.
اتفاقات تعيد ترتيب التوازنات
السلطات الصومالية استمرت في اندفاعها نحو إثيوبيا، لتتوج ذلك بتوقيع اتفاق عسكري يهدف إلى إعادة نشر القوات الإثيوبية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم استقرار الصومال.
كما وقع البلدان اتفاقية تسمح لأديس أبابا باستخدام جزء من الساحل الصومالي، وهو ما تعتبره القاهرة تهديدًا مباشرًا لمصالحها الاستراتيجية، خاصة المرتبطة بمياه نهر النيل، إذ تخشى مصر من أن تمنح هذه التسهيلات البحرية لإثيوبيا مزيدًا من النفوذ الإقليمي يعزز موقفها في ملف سد النهضة.
وبالرغم من هذا التوتر أعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، تمديد عمل القوات المصرية في الصومال ضمن بعثة حفظ السلام الإفريقية.
وأوضح مدبولي، خلال مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء أنه "زار الجمعة الماضي أوغندا، لمناقشة الأوضاع في الصومال، والتمهيد لمُهمة جديدة للأمم المتحدة وبعثتها في الصومال، والمُتضمنة في الشق الأمني أنه سيكون هناك تواجد للقوات المصرية في الصومال، إلى جانب مناقشة الأوضاع والترتيب لتفعيل البعثة الأممية، وما يتعلق بالجزء الخاص بالقوات المصرية".
تفكيك التحالف الثلاثي
ويرى المحلل السياسي المتابع للشأن الأفريقي، أحمد محمد فال، أن إثيوبيا، نجحت حتى الآن في مساعيها الهادفة إلى تفكيك التحالف الثلاثي بين مصر وإريتريا والصومال.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أن هذا التحالف ظل يشكل تحديت رئيسا لأثيوبيا في المنطقة، مضيفا أن السلطات في أديس أبابا حرصت على تسوية كافة الأزمات مع الصومال لهدف رئيسي هو تفكيك التحالف بين مصر وإريتريا والصومال.
وتوقع أن تتحرك الدبلوماسية المصرية خلال الأسابيع القادمة من أجل التصدي للنفوذ الإثيوبي المتزايد في منطقة القرن الأفريقي، مضيفا أن أثيوبيا ستعمل هي الأخرى من أجل تعزيز حضورها في هذه المنطقة.
وتعتبر منطقة القرن الأفريقي من أكثر المناطق نزاعا على النفوذ بين القوى الدولية والإقليمية، فموقع القرن الأفريقي يعتبر استراتيجيا وبالغ الأهمية بالنسبة للقوى الدولية، حيث تعج بلدان المنطقة بالموانئ وتعبر من خلالها حاملات النفط والغاز والسفن المحملة بالبضائع والأسلحة.
وتسعى العديد من بلدان العالم لتعزيز حضورها في هذه المنطقة، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتلك قواعد عسكرية هناك، وكذلك الصين والهند وتركيا التي افتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها خارج حدودها في مقديشو.
ومنطقة القرن الأفريقي هي الجزء الواقع غرب البحر الأحمر وخليج عدن، وتشمل بمفهومها الواسع 8 دول في شرق أفريقيا، هي: الصومال وجيبوتي وأريتريا وإثيوبيا، وكينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا.