أعلن عدد من مرشحي المعارضة بالانتخابات الرئاسية في السنغال فوز منافسهم باسيرو ديوماي فاي بعد أن أظهرت النتائج الأولية تقدمه، مما دفع أنصار المعارضة للخروج إلى الشوارع للاحتفال مبكرا.

وأجريت الانتخابات في مناخ هادئ وشارك فيها ملايين الناخبين لاختيار الرئيس الخامس للسنغال بعد 3 سنوات من الاضطرابات السياسية غير المسبوقة التي أثارت احتجاجات عنيفة مناهضة للحكومة وعززت الدعم للمعارضة.

وقد تمثل الانتخابات نهاية محتملة لنظام أتى بسياسات مؤيدة للاستثمار في بلد سيصبح أحدث منتج للنفط والغاز في القارة الأفريقية لكنه أخفق في الحد من الصعوبات الاقتصادية وأثار الاضطرابات في واحدة من أكثر الديمقراطيات استقرارا بمنطقة غرب أفريقيا التي شهدت العديد من الانقلابات.

أنصار فاي يحتلفون بالنصر قبل خروج النتائج النهائية (الفرنسية) يوم انتخابي هادئ

وكان أمام الناخبين 19 مرشحا تنافسوا على خلافة الرئيس ماكي سال الذي يترك منصبه بعد فترة ولاية ثانية شابتها اضطرابات عنيفة، بسبب محاكمة زعيم المعارضة عثمان سونكو ومخاوف من أنه يرغب في تمديد ولايته بما يتخطى الحد الدستوري.

ولأول مرة في تاريخ السنغال لا يشارك رئيس بالمنصب في الانتخابات، واختار الائتلاف الحاكم رئيس الوزراء السابق أمادو با (62 عاما) مرشحا له.

ويحق لنحو 7.3 ملايين ناخب الإدلاء بأصواتهم من بين سكان السنغال البالغ عددهم نحو 18 مليون نسمة.

ومضى يوم الانتخابات سلميا، إذ لم يتم الإبلاغ عن أي حوادث كبيرة، وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها الساعة السادسة مساء بتوقيت غرينتش، وبعد ذلك بدأت في نشر نتائجها.

وأظهرت المجموعة الأولى من الإحصاءات التي أعلنها التلفزيون فوز فاي بأغلبية الأصوات، مما دفع أنصاره للخروج إلى الشوارع في احتفالات واسعة النطاق بين أنصار المعارضة بالعاصمة دكار.

وأعلن ما لا يقل عن 4 مرشحين للمعارضة فوز فاي وأقروا فعليا بالهزيمة أمامه، وكانت من بينهم أنتا باباكار أنغوم رائدة الأعمال التي تحولت إلى سياسية، والتي تمنت -في بيان لها- لفاي النجاح في حالة ما إذا أصبح رئيسا للسنغال.

ولم يتضح بعد عدد مراكز الاقتراع التي لم تستكمل فرز الأصوات.

انتخابات السنغال أجريت في جو هادئ رغم ما سبقها من اضطراب سياسي (رويترز) النتائج المؤقتة

ومن المتوقع ظهور النتائج المؤقتة النهائية بحلول يوم غد الثلاثاء، على أن تجرى جولة أخرى من التصويت إذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية المطلوبة لمنع إجراء جولة إعادة، وهي ما يتجاوز 50% من عدد الأصوات.

ويدعم سونكو -الذي تم استبعاده من السباق بسبب إدانته بالتشهير وكان في السجن حتى وقت قريب- مفتش الضرائب السابق فاي (43 عاما) المؤسس المشارك لحزب باستيف المنحل، وسُجن فاي قبل عام تقريبا بتهم، منها التشهير وازدراء المحكمة، ويدعم بعض السياسيين البارزين وأعضاء في المعارضة ترشيح فاي.

وقدم فاي نفسه بوصفه "خيارا للقطيعة" مع النظام، وقال بعد الإدلاء بصوته في قريته بغرب البلاد "يختار الشعب بين الوصل والقطع"، وحث المتنافسين على تقبل الفائز.

بالمقابل، أكد المرشح أمادو با مرشح المعسكر الحاكم أنه سيقف حاجزا بوجه "المغامرين" و"الهواة" في السياسة، وقال خلال إدلائه بصوته مع زوجته في دكار "سنمضي قدما على طريق التحسين".

ويترك ماكي سال -الذي انتخب للمرة الأولى في 2012- المنصب بعد تدني التأييد له عقب أن سعى لتأجيل الانتخابات إلى ديسمبر/كانون الأول 2024، وكانت مقررة في البداية في 25 فبراير/شباط الماضي.

وأججت الخطوة اضطرابات ومخاوف من هيمنة الدكتاتورية في البلاد، مما دفع المجلس الدستوري إلى الحكم بإجراء التصويت وعدم تمديد ولاية سال لما بعد الثاني من أبريل/نيسان المقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات

إقرأ أيضاً:

قيس سعيد من عُهدة الزعامة إلى عُهدة الرئاسة

يبدو أن قيس سعيد قد ختم مرحلة "صناعة الزعيم" ليدخل مرحلة "مسؤولية الرئيس".

1- مرحلة نحت الزعامة

ظل قيس سعيد منذ انتخابه في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 يروّج لنفسه كمُخلّص وكزعيم وطني وإنساني، وظل "يراكم" مفردات الوصم والوشم والذم والبخس لإرباك كل الطبقة السياسية التي حكمت أو عارضت، فقد ابتدع من المفردات ما لم يسبقه إليها أحد في وصم الآخرين (لا حاجة للتذكير بتلك المفردات في زمن يبدو "ساكنا").

وبقدر ما كان يهاجم خصومه كان يجتهد في تمثّل سيرة الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فيُعبّرُ بالكلام وبالأحضان عن حبه للناس وعطفه على الفقراء الذين "نكّل" بهم الفاسدون والمفسدون و"الكارتيلات"، أصحاب "مسالك التوزيع والتجويع". كان يجد خطابُه الهجومي استحسانا لدى طيف واسع من عامة الناس، فيزيد هو من ذاك الهجوم على الطبقة السياسية ويرسل تهديداته ضد اللصوص ويتوعدهم بالملاحقة في البر والبحر وفي السماء.

حتى لا يقاسمه أحد "المجد" ولا يمنّ عليه أحد بدور في نحت "زعامته"، فقد اتخذ مسافة من كل من تقرّبوا منه وحتى ممن بالغوا في التعبير عن مساندته والدفاع عن "مشروعه"، مما اضطر عددا منهم للتراجع واتخاذ مسافة نقدية أو قاطعة، إنها فكرة "الزعامة" التي لا يقبل صاحبُها بأن يكون مدينا لأيّ كان
لقد كان يحاول أن ينحت لنفسه صورة "زعيم" مختلف عن بقية زعماء تونس، فلا يحتفل لا بعيد استقلال ولا بعيد شغل، بل ولا يُلقي على التونسيين خطاب معايدة في المناسبات الدينية، إنما ظل وفيا لمنهجه في "تجريف" كل مكونات المشهد القديم؛ لرسم "مسار" جديد يقول إنه يخدم التونسيين الطاهرين ويساهم في خدمة الإنسانية.

وحتى لا يقاسمه أحد "المجد" ولا يمنّ عليه أحد بدور في نحت "زعامته"، فقد اتخذ مسافة من كل من تقرّبوا منه وحتى ممن بالغوا في التعبير عن مساندته والدفاع عن "مشروعه"، مما اضطر عددا منهم للتراجع واتخاذ مسافة نقدية أو قاطعة، إنها فكرة "الزعامة" التي لا يقبل صاحبُها بأن يكون مدينا لأيّ كان ولا يقبل بتقاسم "المجد"، بما هو غنيمة اعتبارية، مع الآخرين.

2- مرحلة هيبة الرئاسة

منذ كلمته أمام وزيرة العدل يوم 22 أيار/ مايو 2024، وبعد إقالة أهم وزيرين في "حكومته"، لم يتكلم قيس سعيد كلاما سياسيا ولم يهاجم معارضيه، رغم استمرار لقاءاته بعدد من الوزراء والمسؤولين، إذ كانت اللقاءات مرفوقة بموسيقى خاصة بصفحة الرئاسة.

يوم 24 حزيران/ يونيو 2024، وهو ذكرى تأسيس الجيش الوطني، ألقى قيس سعيد كلمة، والملاحظ فيها:

أولا: أنها كانت كلمة مكتوبة، وقد اعتاد الارتجال أو الاستعانة بجذاذة لتذكّر بعض النقاط المسجلة عليها مما قد يكون حريصا على ذكرها.

ثانيا: أنه، على غير عادته، لم يتوجه بأي شتيمة أو تهديد أو اتهام لأطراف داخلية، وإنما كان الخطاب لتأكيد جاهزية القوى الحاملة للسلاح لحماية الوطن بما هو تراب وماء وسماء وثروات، وللتصدي لكل من يحاول "تمزيق" وحدتنا، وللتذكير ببطولات جيشنا منذ مراحل الاستقلال الأولى، وبعد 2011 في تأمين الامتحانات الوطنية والانتخابات، مع التذكير بمؤسسة "فداء" وواجبها تجاه شهداء وأبناء القوات الحاملة للسلاح، ودعوة الشعب إلى تحمل مسؤوليته تجاه جيشنا الوطني.

قيس سعيد دخل مرحلة "التعاقد" لا بمفهوم "العقد الاجتماعي" لروسو، وإنما بمعنى تحديد المهام والمسؤوليات في نص مكتوب يذهب مباشرة الى الأهداف العملية، بعيدا عن الأسلوب الإنشائي التقليدي الذي كثيرا ما أوقع صاحبه في أخطاء تواصلية أو في سوء فهم أو سوء تأويل
ثالثا: تأكيد الخطاب على السيادة الوطنية ورفض أي قواعد عسكرية على ترابنا الوطني، دون امتناع عن تعاون تقليدي مع دول أخرى ضمن مبدأ السيادة (ردّا على ما قيل من تواجد قوات روسية بالجنوب التونسي)، ورفض "التوطين" غير القانوني (تفاعلا مع انعاج عدد من المواطنين من تواجد كثيف لأفارقة بعدد من المدن التونسية).

ما يمكن أن يستنتجه أي مشتغل على اللغة/ الخطاب هو التالي:

- أن قيس سعيد دخل مرحلة "التعاقد" لا بمفهوم "العقد الاجتماعي" لروسو، وإنما بمعنى تحديد المهام والمسؤوليات في نص مكتوب يذهب مباشرة الى الأهداف العملية، بعيدا عن الأسلوب الإنشائي التقليدي الذي كثيرا ما أوقع صاحبه في أخطاء تواصلية أو في سوء فهم أو سوء تأويل.

- أن موضوع الرئاسة في عُهدتها القادمة قد حُسم وفق قاعدة "بقاء أو فناء"، وأن هذا الحسم ليس بعده تراجع، بل "انتصار" أو "استشهاد".

- أعتقد أن قيس سعيد، وبداية من تاريخ كلمته تلك بحضرة قادة الجيش، قد أعلن مرحلة "العبور"، وكان قد قال هذه الكلمة في خطاب شفوي سابق، وأن دورة ما بعد 2024 هي ضمن مسار 25 تموز/ يوليو مهما كانت احتجاجات المعارضة وضغوط الخارج.

3- عناد سعيد وتردد المعارضة

العقل السياسي لا يعبر عما يشتهي وإنما بعبر عما يرى وعما يقوله الواقع وتشهد به الوقائع، ولا يكفي مواجهة من "يفعل" ويصنع الأحداث ويفرض طبيعة المعركة بالسخرية والشتائم، فذاك سلاح الضعفاء لا يغير موازين قوى ولا يؤثر في مسار التاريخ، كما أن الاعتماد على المنظمات الحقوقية الأجنبية أو على الاتحاد الأوروبي وأمريكا، سيسمح لخصوم المعارضة باتهامها في مبدئيتها وفي وطنيتها، خاصة وقد انكشف بعد طوفان الأقصى زيف القيم الكونية لدى القوى الغربية؛ بما هي لوبيات وأنظمة حكم رغم معارضات شعبية واسعة خاصة في الجامعات.


المعارفي الوقت الذي تبدو فيه المعارضة مترددة وغير منسجمة، يتابع التونسيون نشاطا ميدانيا مكثفا يقوم به قيس سعيد، وقد يُفهم على أنها حملة انتخابية سابقة لأوانهاضة التونسية ما زالت في وضع تردد وحالة انقسام، خاصة وأن قيس سعيد يعتمد معها أسلوب "الغموض" من ناحية، ولا يكف من ناحية أخرى عن جرّ منافسيه إلى المحاكم لإرباكهم ولوضعهم تحت طائلة القانون الانتخابي الذي يمنع ترشح من هو في حالة تتبع قضائي.

وفي الوقت الذي تبدو فيه المعارضة مترددة وغير منسجمة، يتابع التونسيون نشاطا ميدانيا مكثفا يقوم به قيس سعيد، وقد يُفهم على أنها حملة انتخابية سابقة لأوانها، خاصة بعد اتخاذ قرار الترفيع على دفعتين بنسبة 14.5 في المائة في الأجور المضمونة في القطاع الخاص تشمل مجموعة من النشيطين والمتقاعدين.

وقد ورد في صفحة الرئاسة بعد لقاء جمع قيس سعيد بوزير الشؤون الاجتماعية يوم 27 حزيران/ يونيو ما يلي: "وتناول هذا اللقاء جملة من المحاور من بينها الترفيع بنسبة 7 في المائة في الأجور الدنيا المضمونة في القطاع الخاص بالنسبة للنشيطين وذلك انطلاقا من الشهر القادم مع أثر رجعي بداية من 1 أيار/ مايو 2024، وزيادة ثانية بنسبة 7.5 في المائة بداية من أول كانون الثاني/ يناير 2025، وهو ما سيترتب عليه آليا الترفيع في جرايات المتقاعدين في القطاع الخاص بأثر رجعي أيضا بداية من 1 أيار/ مايو 2024 وكذلك بداية من أول يناير 2025 والذي سيشمل حوالي مليون متقاعد".

ويُتوقعُ أن تُتخذ إجراءات أخرى تتعلق بالفئات الاجتماعية الضعيفة، وهو سيوفر خزانا انتخابيا لمترشح ليس له حزب ولا يؤمن بدور للأحزاب ولا للمنظمات والكيانات الوسيطة.

x.com/bahriarfaoui1

مقالات مشابهة

  • قيس سعيد من عُهدة الزعامة إلى عُهدة الرئاسة
  • الغزواني يتجه لحسم انتخابات الرئاسة في موريتانيا ودعوات لعصيان مدني
  • الرئيس الموريتاني يتصدر انتخابات الرئاسة بفارق كبير
  • رويترز: نسبة المشاركة بانتخابات الرئاسة الإيرانية تسجل 40% في انخفاض تاريخي
  • ‏رويترز: نسبة المشاركة بانتخابات الرئاسة الإيرانية تسجل 40% في انخفاض تاريخي
  • الفرنسيون يصوتون بانتخابات تشريعية تأريخية يتصدرها أقصى اليمين
  • عاجل - تقدم بزشكيان بفارق ضئيل عن جليلي. آخر تطورات نتائج انتخابات الرئاسة الإيرانية 2024
  • الكشف عن النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الإيرانية
  • الإعلان عن النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الإيرانية
  • بعد فرز 12 مليون صوت| بزشكيان يتقدم على جليلي بانتخابات الرئاسة الإيرانية