الاست قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في محاضرته الرمضانية الثانية عشرة: قام الجانب الإيماني فيه أشياء كثيرة تساعد الإنسان على الاستقامة من رعاية الله سبحانه وتعالى إلى الأثر العظيم في رشد الإنسان ووعيه
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
الاستقامة في واقع الحياة تجعلك بعيداً عن الكثير من المزالق لأن مما يؤثر على الناس هي الأجواء التي توجد فيها خطوات للشيطان
الثورة /
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَان الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
نواصل الحديث على ضوء الآيات المباركة من (سورة الأعراف)، والتي ذكر الله فيها قصة آدم «عَلَيْهِ السَّلَام»، وتضمنت الكثير من الدروس والعبر المهمة، وعلى ضوء الآيات التي تحدثنا عنها بالأمس، يتبين لنا أن الشيطان- لعنه الله- يعتمد أسلوب الخداع للإنسان، وهو لا يعلم الغيب، الشيطان عندما يستهدف الإنسان، هو لا يعلم الغيب بالنسبة للإنسان، ولا يعلم ما يُسِّره الإنسان، ولكنه في وسوسته للإنسان يركِّز أولاً على ما هو معروفٌ عن الإنسان في غرائزه وشهواته، ورغباته الغريزية المعروفة عن الإنسان، وأيضاً يركز على واقع الإنسان؛ لأن الإنسان في واقعه، وظروف حياته، ومشاكله، واهتماماته، تظهر الكثير من أموره، مشاكله يظهر فيها ما هي الثغرات التي يمكن أن يَنْفُذ إليه من خلالها، كذلك الاهتمامات تتجلى في واقع الإنسان العملي، فيما يقوله وفيما يعمله، وهكذا يظهر الكثير من حال الإنسان، في أعماله، في أقواله، في اهتماماته، في أوضاعه، والشيطان يحاول أن يبحث عمَّا هي الطريقة التي يؤثِّر بها على الإنسان، فقد يشتغل على جوانب معينة، فلا يجد أنها مثَّلت ثغرةً على الإنسان، ويجد أنه لم يستطع التأثير عليه من خلالها، فيبحث عن وسيلة أخرى، عن طريقة أخرى؛ ولذلك عندما قال: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}[الأعراف: الآية17]، بمعنى: أنه سيبحث من جوانب متعددة، وهذا- كما ذكرنا سابقاً- تكتيكٌ من تكتيكات الشيطان، هو يركز على البحث المتكرر والمحاولات، ويطرق- كما يقال- كل الأبواب، يعني: يبحث من جهة معينة هل يستطيع التأثير عليك من خلالها، لم يستطع، فهو لم ييأس بعد، يبحث عن طريقة أخرى، قد لا ينجح في ظرف معين، فيبحث عن ظرف آخر؛ لأن أحوال الإنسان تختلف، بين يسرٍ، وعسرٍ؛ وسقمٍ، وصحةٍ؛ وغير ذلك، ورضى، وسخط؛ وغضب، وارتياح… وهكذا.
فهو على مستوى أحوال الإنسان قد يبحث عن الحالة التي يمكنه التأثير فيها على الإنسان أكثر، وظروف الإنسان ومشاكله، قد يحاول أن يجرِّب هنا، أو هنا، أو هنا، وهكذا، فإذا وجد ثغرةً على الإنسان حاول أن يستغلها إلى أقصى حد، الثغرة التي وجدها على أبينا آدم «عَلَيْهِ السَّلَام» وأُمِّنا حواء «عَلَيْهَا السَّلَام»، هو حاول أن يستغلها إلى أقصى حد بالنسبة لهما.
وقد يجد في واقع البعض من البشر أنه لا يستطيع التأثير عليهم في الإيقاع بهم نحو الفجور، والجرائم، والمفاسد الأخلاقية؛ لأنهم من ذوي التوجه الديني الجاد، فيحاول أن يلعب عليهم في اتجاههم الديني نفسه، إمَّا بالرياء، أو العجب، أو تلك الآفات التي تضرب القيمة الإيمانية للدين نفسه، لما تمارسه من الدين، لما تقوم به من الدين، لعباداتك، لأعمالك الصالحة، يوجِّه إليها ضربة كبيرة جداً بالرياء وبالعجب.
أو بالمحبطات، تنفق، والإنفاق فيه أجرٌ عظيم، ثم يدفعك إمَّا للرياء في ذلك، أو العجب في ذلك، أو أن تتبع ما أنفقت مناً، أو أذىً، أو غير ذلك، هكذا بقية الأعمال الصالحة.
أو يدفع بالبعض للتعبد بالضلالة، أو بالابتداع في الدين، أو بالغلو في الدين، أو بالقول على الله بغير علم، أو بالافتراء على الله كذباً، واحتساب ما ليس من دينه عليه، أو بتحليل ما حرَّم الله، أو بتحريم ما أحلَّ الله، أو غير ذلك، فهو يحاول أن يتَّجه إلى الإنسان من أي جهة.
أمَّا من يستميلهم بالشهوات والإغراءات، فهو يوقع بهم من خلال ذلك، وكثيرٌ من الناس يوقع بهم من خلال ذلك. البعض من خلال غضبهم، ثغرة الشيطان عليهم هي غضبهم وانفعالهم، وكثيرٌ من الجرائم، خاصةً جرائم الظلم، جرائم البطش، جرائم الجبروت، جرائم التعدي، جرائم كثيرة تأتي في حالات الغضب والانفعال، وهكذا، الأحوال المختلفة التي قد يستغلها الشيطان للإيقاع بالإنسان.
وصلنا إلى قول الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا}[الأعراف: من الآية23]، بعد أن أوقعهما في خطر المخالفة للنهي، الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» نهاهما أن يقربا تلك الشجرة، فبمجرد أن ذاقا من تلك الشجرة، وقعا في المشكلة، وأدركا أنهما وقعا في مشكلة كبيرة عندما جُرِّدَا حتى في تلك اللحظة من كل شيء، جُرِّدَا حتى من ملابسهما التي في الجنة، وشعرا أن الشيطان وجَّه لهما ضربة، سعى من خلالها لتجريدهما مما منحهما الله إياه من ذلك النعيم والعيش الرغد، وأيضاً على المستوى المعنوي، على المستوى المعنوي شعرا أنه ورَّطهما وخدعهما.
والشيطان هو يسعى في استهدافه للإنسان هو يسعى لأن تخسر أنت كإنسان، يريد أن يوقعك في الخسارة، وأن يجرِّدك مما منحك الله إياه، وأن يهبط بك عن مرتبة التكريم، التي كرَّمك الله بها، وأن يوجِّه إليك ضربة معنوية؛ ليشعرك بأنه استغفلك، وأنه أوقع بك، وأنه ورَّطك، يريد أن يُحِطِّمك معنوياً، وأنه- بحسب التعبير المحلي- [ضحك عليك]، وأن إرادتك ضعيفة، يريد أن يشعرك بالضعف، والعجز، والهزيمة، وأنه استغفلك، وأنه ورَّطك، فهو يسعى من كل الاتجاهات، يعني: يسعى إلى أن يوقعك في الخسارة، وأن يجردك مما منحك الله إياه، وأن يهبط بك عن مرتبة التكريم، وأن يشعرك بالضعف والعجز، وأن يشعرك بتفوقه عليك، أنه استغفلك، وحطمك، وأوقع بك… وهكذا، يريد أن يعيش نشوة الانتصار عليك.
فهما في تلك اللحظة، وهي لحظة صعبة عليهما، لحظة يشعران فيها بالخجل من الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، أنهما خالفا نهيه، ويتذكرا فيها أن الله قد حذَّرهما من عدوهما الشيطان الرجيم، ويعيشان التجربة: ما هو الفارق الكبير جداً بين الوهم الشيطاني، في أنَّ الأكل من تلك الشجرة يرتقي بهما ارتقاءً كبيراً، ليكونا مَلَكَيْن، وليكونا من الخالدين، وليحصلا على مُلكٍ لا يبلى، إلى أن يُجْرَّدا من كل شيء، هذا هو الفارق الحقيقي بين الوعد الإلهي والوهم الشيطاني:
الشيطان يقدم للناس وهماً وغروراً: {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}[النساء: من الآية120].
أمَّا الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» فيعدنا الوعد الحق، ويُنعم علينا بالنعم، ويُقَدِّم لنا ما يسمو بنا، يسمو بنا في إنسانيتنا، نرتقي، نحظى بالتكريم، نحظى بالقيمة الإنسانية والمعنوية العالية.
فهما في تلك اللحظة- وهي لحظة صعبة- جُرِّدا من كل شيء، والله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» ذكَّرهما في تلك اللحظة التي هما فيها، في حالة الخجل من الله، والحياء من الله، والندم الشديد على ما وقعا فيه، وشعورهما بأنهما انخدعا للشيطان، وليمينه الكاذبة، حينما حلف لهما اليمين الكاذبة، وغير ذلك، فهما أنابا إلى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، ورجعا إلى الله.
{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف: الآية23]، تابا إلى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، والله هداهما للتوبة، ولما يقولانه ليتوبا إلى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، مثلما سبق في (سورة البقرة): {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[البقرة: الآية37]، فهما رَجِعَا إلى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» وهما يشعران بالندم، وبالتقصير، وبالخطأ، يعترفان بالخطأ، وهذا من التوبة: الندم الشديد على المخالفة، وأيضاً الاعتراف بالخطأ والتقصير، وفي نفس الوقت العزم على عدم العودة إلى المخالفة، {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا}؛ لأن الإنسان يظلم نفسه.
الإنسان بالمعصية هو لا يضر الله بشيء، هو يظلم نفسه، وما يترتب على المخالفة والمعصية من آثار وأضرار، تتحقق ابتداءً من لحظة وقوع الإنسان في المخالفة أو المعصية، فمثلاً: في واقعهما منذ أن وقعا في المخالفة، كان لذلك آثار وأضرار مباشرة على حياتهما؛ ولذلك لا يكون ما بعد المخالفة كما قبلها، وفي واقع الإنسان ليس ما بعد المعصية كما قبلها، على المستوى النفسي: الإنسان يتأثر على المستوى النفسي، ثم في واقع حياة الإنسان، الإنسان يتأثر في واقع حياته، المعاصي لها تأثيرات مباشرة على حياة الإنسان، وآثار سلبية مباشرة على حياة الإنسان، وهما لاحظا أنهما دخلا في مرحلة جديدة، ووضع مختلف تماماً عمَّا كانا عليه.
{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، وهما يدركان أن الخسارة ستكون بدون المغفرة والرحمة أكبر من خسارة تلك الفرصة، أو من خسارة ما كانا فيه في تلك الجنة، وفعلاً الإنسان يتعرض لمخاطر كبيرة في خسارته، قد تكون خسارة الكثير- وحتماً هي خسارة الكثير من الناس- أن يخسرا رضوان الله، أن يخسرا المكاسب الإيمانية في هذه الحياة على المستوى النفسي، وعلى مستوى الحياة الطيّبة، اللائقة بالإنسان كإنسان، وأن يخسر الإنسان رضوان الله في الجنة، كثير من الناس خسارتهم هي بهذا الحجم، يخسرون المكاسب الإيمانية للإنسان في هذه الحياة، على المستوى النفسي، وفي حياته الطيِّبة، وفي مستقبله في الآخرة: رضوان الله، والجنة، والسلامة من عذاب الله، من جهنم والعياذ بالله، فالخسارة هي الثمن الحتمي للمعصية، والنتيجة المترتبة عليها حتماً، فهما أنابا إلى الله بوعي، وندم، وشعور بالتقصير، وشعور بمخاطر المخالفة، والله تاب عليهما، ونجد أنهما كلاهما توجها إلى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» مُعْتَرِفَين معاً بالمخالفة، وطَالِبَين للمغفرة والرحمة.
ولذلك لا صحة أبداً لما هو عند اليهود من مزاعم وتحريفات: أنَّ حواء «عَلَيْهَا السَّلَام» هي التي قامت بالدور المباشر في الإغواء لآدم، والإقناع له بالمخالفة، وأنَّ الشيطان عندما عجز عن التأثير على آدم تحوَّل إليها، فأثَّر عليها وأقنعها، ثم قامت هي بإقناع آدم، والإيقاع به في المخالفة. ليس ذلك صحيحاً، هو من خرافات اليهود، وهم قدموا في فلسفتهم، وفي رؤيتهم، وفي ثقافتهم، نظرة ورؤية عن المرأة غير مناسبة أبداً، نظرة مسيئة للغاية إلى المرأة وإلى دورها، واشتغلوا بناءً على ذلك، حتى في مساعيهم الدائمة لإغواء المرأة، والاستغلال لها لإغواء المجتمعات الأخرى، يعود ذلك إلى رؤية فاسدة لديهم وباطلة.
في واقع الحال، وفي كل موارد القصة في القرآن الكريم، يتجلَّى بوضوح أنَّ الشيطان ركَّز عليهما في الوسوسة لهما، وسوس لهما، هنا يقول: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ}[الأعراف: من الآية20]، وسوس لهما معاً، أقسم لهما معاً، ووقعا معاً في المخالفة، وتابا معاً إلى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، ورجعا إلى الله، وغفر الله لهما كذلك.
بعد هذه المغفرة لم تعد المسألة كما كانت، حتى بعد المغفرة لهما من المخالفة، لم يبقَ وضعهما كما كان سابقاً؛ لأن الآثار المترتبة على المخالفة قد أصبحت لابدَّ منها، {قَالَ اهْبِطُوا}، الله قد غفر لهما فيما يتعلق بالمخالفة من جهة، لكن في بعضٍ من آثار تلك المخالفة، الآثار المترتبة عليها في الواقع، والظرف الذي هما فيه ستحصل، وهو الهبوط من تلك الجنة، والخروج منها.
{قَالَ اهْبِطُوا}، هذه المرَّة يأمرهم بالهبوط جميعاً، يأمر آدم وحواء، ويأمر الشيطان أيضاً، الشيطان طُرِد أولاً من بين الملائكة، بعدما طرد من بين الملائكة، وسكن آدم وزوجه حواء الجنة تلك، اتجه إليهما؛ بهدف الإغواء لهما، والإيقاع بهما في المخالفة للنهي الإلهي من أن يقربا تلك الشجرة، ثم طُرِد معهما من هناك، وجوده هناك بالنسبة له لم يكن فيه لا تكريمٌ له، ولا نعيمٌ له؛ لأن ظروفه، طبيعته، تكوينه، طريقة حياته تختلف عن الإنسان أصلاً؛ ولذلك ما هو نعيمٌ للإنسان ليس هو في نفسه نعيمٌ له هو؛ باعتباره من الجن.
{قَالَ اهْبِطُوا}، الكل، {قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}[الأعراف : 24]، أصبحت مسألة العداوة مسألة لا فكاك منها؛ لأن الشيطان هو في واقع الحال عدوٌ مُبِينٌ، بَيِّنُ العداوة، شديد العداء، وحاقدٌ جداً لآدم وحواء، ولذريتهما، فهبوطهم من تلك الجنة التي كانا فيها إلى الوضع العادي في الأرض، ليواصل آدم وحواء حياتهما، ويبدأا مشوارهما فيما بعد، في التناسل والذرية وغير ذلك، مما تطورت به واتسعت به ظروف حياتهما مع ذريتهما، لكن أصبح هذا الوجود مقترناً بهذا الصراع: صراع بين الخير والشر، صراع بين آدم وذريته مع الشيطان، ومع الشياطين الذين يوالون الشيطان ويتجهون معهم، أصبح الصراع حتمياً، أصبح جزءاً من الواقع، أصبح لا مفر منه ولا مناص منه؛ لأن الشيطان هو يحمل عقدةً شديدةً وعداوةً شديدة للإنسان كإنسان.
{بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}، عداءٌ ليس فيه مصالحة، وليس فيه هدنة، وليس له وقتٌ محددٌ فقط، بل يستمر ما دامت الحياة هذه موجودة، وما دام الإنسان موجوداً، وليس فيه حياد، هذا العداء لا يمكن لأحدٍ من البشر أن يعلن الحياد، يقول: [أنا لن أكون مع أبي آدم، ومع الاتجاه البشري الذي يعاديه الشيطان]، ويريد أن يتصالح- مثلاً- مع الشيطان أو يحايد، لا حياد في هذا العداء، ولا مصالحة، ولا هدنة، عداءٌ مستمر، والشيطان يباشر استهدافه للإنسان، الإنسان إذا غفل، وتجاهل هذا العدو، وترك المجال لهذا العدو؛ إنما معنى ذلك: أنه يمكِّن ذلك العدو منه، ومن التأثير عليه. الشيء المهم في هذا العداء: أنَّ مفتاح النصر، أو الهزيمة، موجودٌ لدى الإنسان، إمَّا أن يتَّجه الاتجاه الصحيح، ويتولى الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، ويكون في إطار ولاية الله، ويتحصن في موقع الإيمان، وهذا سيساعده على الانتصار، وعلى هزيمة الشيطان؛ وإلَّا فهو معرضٌ للهزيمة، وهزيمة خطيرة جداً، {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}.
{وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}[الأعراف: من الآية24]، الأرض هي مستقركم، وفيها حياتكم، وهذا إلى حين، إلى أجلٍ معيَّن؛ لأن الإنسان جاء إلى هذه الحياة، وعلى أساس وجود مؤقت، وحياة مؤقتة، وإلى أجلٍ مسمى، إلى أجلٍ مسمى، فالوجود على هذه الحياة هو لفترة معينة، والأرض هي ميدان هذا المعترك بين الإنسان والشيطان، وبين الخير والشر، في واقع الإنسان نفسه، {مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}، إلى زمن معيَّن ينتهي ثم تنتهي هذه الحياة.
{قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ}[الأعراف: من الآية25]، في هذه الدنيا، في هذه الأرض، في هذه الأرض حياتكم، ومستقركم، ومعيشتكم، وتعيشون فيها المسؤولية، وتعيشون فيها هذا المعترك مع عدوكم الشيطان الرجيم، {وَفِيهَا تَمُوتُونَ}[الأعراف: من الآية25]، فالإنسان يحيا في هذه الأرض، ويموت فيها، {وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ}[الأعراف: من الآية25]، يوم القيامة، تُخرَجُون من تربتها للحساب والجزاء، ثم تخرجون منها إلى دار الجزاء، فهي لحياتكم، ولمماتكم، ولحسابكم، ولبعثكم ونشوركم.
وهبط آدم واستقر في هذه الحياة هو وحواء «عَلَيْهَا السَّلَام»، استقرا في الأرض، وقد أخذا تجربةً مريرة، تجربةً جعلتهما في حالة من اليقظة، والانتباه، والحذر الشديد من الشيطان الرجيم، ولكن الشيطان اتَّجه إلى ذريتهما، لم يعد لديه فرصة، هو أوقعهما في مخالفة في مستوى معين، في ظروف، وملابسات معينة، وخداع، ولم يكونا قد أخذا تجربة، وتفاجأا بيمينه، لم يتوقعا أن يحلف يميناً فاجرة، فكانا منه فيما بعد ذلك على حذرٍ تام، وهو اتَّجه إلى ذريتهما؛ ولهذا يتوجَّه الخطاب لذريتهما: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}[الأعراف: الآية26].
في الوقت الذي يحاول الشيطان أن يجرِّد بني آدم مما منحهم الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» من النعم، ومن التكريم، ومن المكانة المعنوية، ومن القيمة المعنوية، ويحاول أن يكون الإنسان بشكلٍ مخزٍ، ومفضوح، ومحطم، وبائس، وسيء، هي الصورة التي يريد الشيطان أن يراك عليها: أن يراك كإنسان محطماً، قد فقدت القيمة المعنوية، هبطت عن مرتبة التكريم، بائساً، ضعيف الإرادة، وأن يراك منغمساً في المفاسد، والأشياء الدنيئة، التي تهبط بك عن كرامتك وقيمتك الإيمانية والإنسانية، فالله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» قد أنعم على بني آدم بما فيه سترهم، وجمالهم، ووقايتهم، وكرامتهم؛ ولذلك نجد أنَّ الشيطان حتى في استهدافه لآدم وحواء يريد أن يجرِّدهما من كل شيء، حتى من الملابس، من المرتبة التي هما فيها في التكريم، من ذلك النعيم، والحياة الطيِّبة والمريحة، وهو يسعى بنفس الهدف تجاه بني آدم، يريد أن يجرِّد الإنسان من القيمة المعنوية، القيمة الإيمانية، أن يهبط به عن مرتبة التكريم، أن ينزله إلى منزلة هابطة، دنيئة، يكون فيها في حالة معاصٍ وخزي، أن يراك منكسراً، منكسر الإرادة، أن يراك أيضاً في حالةٍ بائسة.
الله يقول: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ}[الأعراف: من الآية26]، يعني: لستركم، لتكونوا مستورين، لستر عوراتكم، الشيطان يريدك أن تكون مفضوحاً، مكشوف العورة: المعنوية، وغير المعنوية، يريد أن يراك في وضعية مخزية، الشيطان يريد أن يراك في وضعية مخزية، بعيدةً عن التكريم الذي كرَّمك الله به.
أمَّا الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» فقد هيَّأ لك في هذه الحياة ما يسترك، يستر عورتك، ويستر معائبك، ويقيك من المخازي، يقيك من أن تكون في وضعية سيئة، مخزية، فعلى مستوى الستر للإنسان، الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» من ضمن نعمه الكبرى على الإنسان: نعمة الملابس والستر، الإنسان بالملابس يستر نفسه، يستر عورته، وهذا من التكريم للإنسان، بل ومما يميزه عن بقية الحيوانات، التي عوراتها مكشوفة، فمن التكريم للإنسان أن يمنحه الله الملابس، التي يستر بها عورته.
وأيضاً مع الستر للعورة، الإنسان بالملابس نفسها يتزين، هي زينة للإنسان، وذات طابع جمالي للإنسان، والله هيَّأ للإنسان ذلك، أن تتوفر له الملابس، وأن تكون ذات طابع جمالي، وزينة للإنسان، وفي نفس الوقت وقايةً للإنسان، وقايةً لجسمه، الإنسان يتوقى بالملابس من البرد، يتوقى من الحر، بل تطوَّرت الملابس في حياة البشر، ليكون لديهم ملابس لأغراض كثيرة، ولمهام متعددة: فلديهم من الملابس- مثلاً- في هذا العصر: ملابس للغوص، ملابس لرجال الإطفاء، السترة الفضائية… ملابس لمهام متنوعة ومتعددة، فالملابس التي يستر الإنسان بها عورته، هو تكريمٌ كبيرٌ له؛ كي لا يكون حاله كحال بقية الحيوانات، وفي نفس الوقت وقاية للإنسان، وذات طابع جمالي، وهذا شيء معروف في واقع البشر، عالم الملابس عالم واسع جداً.
{يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا}[الأعراف: من الآية26]؛ لأن فيه جانب الزينة، جانب الجمال، جانب الستر، فيه تكريم للإنسان، {وَلِبَاسُ التَّقْوَى}[الأعراف: من الآية26]؛ لستر المعايب، من الأمور المخزية، من التصرفات السيئة، من الأعمال الرذيلة، من مذام التصرفات والأخلاق، من الأشياء الدنيئة، وهو شيء لابدَّ منه، وإلَّا لم يكن لبقية الملابس قيمة، ولا أهمية، الشيطان يكشفها عن الإنسان من دون لباس التقوى.
التقوى هي ذات أهمية كبيرة جداً، تقيك- كلباس عظيم- تقيك من الأعمال المخزية، من التصرفات المهينة، المسيئة، الدنيئة، التي تلطِّخ سمعتك، وشرفك، وكرامتك، وعرضك، وتسيء إليك، وهي ذات خطورة كبيرة على الإنسان، الإنسان إذا لطَّخ كرامته بالأعمال المشينة، أو التصرفات المخزية والدنيئة؛ هو يسيء إلى نفسه، يسيء إلى نفسه، فالجانب المعنوي بالنسبة للإنسان له أهمية كبيرة جداً، في قيمته الإنسانية، في منزلته الإيمانية، في علاقته بالله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، في مستقبله في الآخرة؛ ولذلك يقول الشاعر وهو يذكِّر الإنسان بأهمية هذه الحقيقة:
مَا بَالُ نَفْسِكَ تَرْضَى أَنْ تُدَنِّـسَهَــــــــا
وَثوبُ نَفْسِكَ مَغْسُولٌ مِنَ الدَّنَسِ
تَـرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكْهَا
إِنَّ السَّـفِينَـــــــةَ لَا تَجــــــــرِي عَلَى اليَـبَسِ
الإنسان قد يستحي على نفسه أن تكون ملابسه ملطَّخة بالقاذورات، والأشياء السيئة، والأشياء التي هي رجس، أو نجاسات، أو قذارات، فنفسك كذلك، كرامتك كذلك كإنسان، لا تلطَّخها بالأعمال السيئة، بالأعمال الدنيئة، بالتصرفات التي هي من الرذائل المسيئة إلى كرامتك، لباس التقوى يحميك من ذلك، يحمي لك كرامتك الإنسانية، إيمانك، ويبقى لبقية الملابس القيمة مع لباس التقوى.
والشيطان يريد أن يجرِّد الإنسان من هذا وذاك، الشيطان يسعى لتجريد الناس حتى من ملابسهم؛ ولذلك عندما يلاحظ الإنسان الجهد الهائل لأولياء الشيطان، في مسعاهم لتجريد الناس من ملابسهم، جهد كبير جداً، عمل لإضلال الناس على المستوى التثقيفي، والدعائي، والإعلامي، والتأثير على آرائهم، على تفكيرهم، على ثقافتهم؛ لنشر ثقافة العُرِي في الدنيا، في أوساط البشر، يريدون أن يجرِّدوا الناس من ملابسهم، ابتدأوا بالنساء، وأصبحوا ناجحين إلى حدٍ كبير في كثيرٍ من البلدان، في تجريد النساء من ملابسهن، وكشف عورَاتِهِن، والكشف عن مواطن الفتنة في الجسد، واتَّجهوا إلى الرجال، اتجهوا إلى الرجال كذلك، بل وأصبح هناك أيضاً أنشطة كثيرة ينفِّذونها في بلدان كثيرة من العالم، ومناسبات يخرجون فيها في حالةٍ من العري الكامل، والكشف الكامل للجسد، كحال بقية الحيوانات، ألعوبة بيد الشيطان، وإساءة إلى الكرامة الإنسانية، وتنكُّر للكرامة التي منح الله الإنسان إيَّاها، تنكُّر عجيب جداً!
الله شرَّف الإنسان، وأكرمه، عندما أنعم عليه بما يستر به عورته، هذا من التكريم للإنسان، وهم في هذا العصر يسعون إلى كشف الإنسان، إلى كشف هذا الستر، وإلى أن يحوِّلوا واقع الإنسان كحال بقية الحيوانات، بدون هذه الميزة الرائعة، التي منَّ الله على الإنسان بها؛ فالإنسان بحاجة إلى لباس التقوى.
وأمَّا لباس النعمة أيضاً لستر الجسد، وستر العورات، وزينة الإنسان، فهو أيضاً من النعم التي أنعم الله بها على البشر، وهي نعمة متوفرة بشكلٍ عجيب، وللأجيال، وأصبحت عالماً بكله (عالم الملبوسات)، في وفرتها، في أنواعها، مع أنهم- بالنسبة لأولياء الشيطان- يحاولون التَّلَعُّب فيها، بشكل لا تبقى لها هذه القيمة في الستر للإنسان، والوقاية للإنسان، والتكريم للإنسان، يلعبون بها فيما يتعلق بالموضات، ويربطون البعض منها في تصميمها بالطريقة التي تتنافى مع المهمة الأساسية للستر، بل ومع حتى الجانب الجمالي، ويحاولون أن يربطوها برموز وإشارات ترمز إلى الرذيلة، إلى الفساد، إلى ما يتنافى مع لباس التقوى، الذي يتكامل به الإنسان: إذا اجتمع له لباس التقوى، مع هذا اللبس الذي أنزله الله، وأوجده الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، وأنعم به على البشر، ليكون لهم زينة، ووقاية، وستراً، وتكريما.
{ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ}[الأعراف: 26-27]، يا بني آدم، خذوا التجربة من أبيكم وأمكم، من آدم «عَلَيْهِ السَّلَام»، استفيدوا من تجربة آدم، ومن تجربة أُمِّكُم حواء، واحذروا من الشيطان؛ كي لا يوقِع بكم، كي لا يخدعكم.
{يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا}[الأعراف: من الآية27]، فهو أيضاً يريد أن يجرِّدكم من كل شيء، يريد أن تكونوا كبقية الحيوانات، لا قيمة لكم، لا تتميزون بهذه الميزة الرائعة، التي هي من أجل تكريمكم، ويريد أن يلطِّخكم بالأعمال الدنيئة، والتصرفات الرذيلة والسيئة، التي تترتب عليها أضرار عليكم، ومخاطر عليكم، ويريد أن يهبط بكم عن مرتبة التكريم، التي منَّ الله بها عليكم.
{يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}[الأعراف: من الآية27]، الشيطان {يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ}: جنوده، وأعوانه، وجماعته، {مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}.
قد يكون الإنسان في ظروف معينة، وهو منهمك في التفكير، ومستغرق في التفكير، ولكن التفكير السلبي، التفكير السيء، الذي ينحرف به نحو معصية معينة، الذي يؤجج فيه الميول والمشاعر نحو معصية معينة، أو الانفعال والغضب الذي أيضاً يجره إلى معصية أخرى، تلك الأحوال قد يأتي الشيطان ليوسوس له، والشيطان أصبح له جنود كُثُر، وأعوان كُثُر، وقد يكونون بالملايين، وينتشرون في شتى أقطار الأرض لاستهداف الناس، فالبعض من الناس قد لا يتنبه أنه في تلك اللحظة التي يتصور أنه فيها لوحده، منهمكٌ في التفكير، وقد يكون إلى جانبه في تلك اللحظة شيطان، أو حتى أكثر، في بعض الحالات يتعاون مجموعة من الشياطين، وهم يوسوسون لشخص معين، فيحاولون أن يؤثِّروا عليه، ففي الحالة التي لا ترى فيها إلى جانبك شياطين، لا تتوقع أنه ليس هناك من يوسوس لك، أنت لا تراهم، أنت لا تراهم؛ ولذلك قد يتواجدون عندك وأنت لا تراهم، ولا تتوقع أنك في تلك الحالة، في تلك الوساوس، أصبحت متأثراً بوساوس الشيطان، قد تتصور أنَّ تلك هي رؤيتك الخالصة، تفكيرك الشخصي الخالص، من دون أيِّ مؤثرات أخرى، وكثيرٌ من الأعمال السيئة، من التوجهات الخاطئة، سواءً التي يُقْدِم بها الإنسان على معصية معينة في انتهاك لمحرمات، أو التي يقصِّر الإنسان فيها في أعمال ومسؤوليات، أو يخلُّ بشيءٍ من أوامر الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»؛ لأن المعصية تأتي تجاه الأمر الإلهي، وتجاه النهي الإلهي، فالإنسان قد لا يتوقع أنه خضع لتأثير الشيطان، لوساوس الشياطين، قد لا يتوقع ذلك، ولكنه في الواقع تأثر بوساوس الشياطين، في موقفه ذلك- الموقف السلبي الخاطئ- كان متأثراً بوساوس الشياطين، في قراره الخاطئ ذلك كان متأثراً بوساوس الشياطين، في تقصيره ذلك تأثر بوساوس الشياطين.
الإنسان عرضة للتأثر بوساوس الشياطين، ولو كان لا يراهم، فهم قد يأتون إليه، ويجدون الفرصة؛ لأنه فتح لهم النافذة، أو فتح لهم الباب، إمَّا الأبواب أو النوافذ، كيف تفتح لهم الأبواب والنوافذ؟ عندما تتجه أنت في تلك الحالة السلبية: إمَّا في التفكير السلبي، أو الحالة النفسية السلبية، أنت حينها تفتح لهم النافذة أو الباب، وهم يأتون ليشاركوك في تلك الأجواء، ويزيدون من تأجج المشاعر التي تتحرك فيك في تلك اللحظة، من مشاعر شهوة، أو مشاعر غضب، أو تلك الحالة من التفكير التي استغرقت فيها من التفكير السلبي الخاطئ؛ فالإنسان عليه أن يدرك أنه قد يخضع لوساوس الشياطين من حيث لا يتوقع؛ لأنه لم يرهم، فكن في يقظة، كن متنبهاً، إذا وجدت نفسك أصبحت تفكر تفكيراً سيئاً، بعيداً عن منهج الله، عن تعليماته؛ فلتنتبه، فلتحذر، الشياطين حولك، يوسوسون لك، انتبه، لا تبقى غافلاً عنهم.
{إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}[الأعراف: من الآية27]، الشياطين يعتمدون على الوسوسة للإنسان، والإنسان لا يراهم، وقد يتصور أنه صاحب توجُّه خالص، لم يخضع فيه لتأثير الشياطين؛ لأنه لم يرهم، والواقع مختلفٌ تماماً، ولكن هناك نقطة هامة جداً: مهما كانت طريقة الشياطين وإمكاناتهم في الوسوسة بالنسبة للإنسان، والتأثير على الإنسان، فلا تصل إلى درجة أن تسلبك قدرة اتخاذ القرار الصحيح، والتماسك في الاتجاه الصحيح.
الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» قدَّم ختاماً مهماً لهذا الدرس، هو قوله: {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}، الإيمان الواعي، الراسخ، الصادق، هو صلة يصلنا بالله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، ونحظى من خلاله برعاية الله، بتوفيقٍ من الله، بتثبيتٍ من الله، بتسديدٍ من الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، برعايةٍ واسعة من الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، يخرجنا من الظلمات إلى النور، يجعل لنا فرقاناً، يساعدنا، يثبتنا في اللحظات الصعبة والحرجة، الصلة الإيمانية بالله صلة مهمة وعظيمة.
وأيضاً البرنامج الإيماني بنفسه، برنامج فيه تزكية للنفس، كلما زكت نفس الإنسان؛ كلما ارتقت عن المؤثرات التي يستغلها الشيطان ضد الإنسان.
جانب الوعي أيضاً؛ لأن الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» أتاح للإنسان في الحلال، وأتاح للإنسان في الاتجاه الصحيح، ووعد الإنسان في مستقبله في الآخرة فوق ما يحتاج إليه، وفوق مستوى طموحه ورغباته، ما ينشد إليه الإنسان من الرغبات والطموحات، الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» وعدك في الآخرة بأكثر، بل بما هو فوق مستوى طموحك ورغباتك، وفي الدنيا تنال في إطار الحلال والخير، وما يعطيك الله، ما هو كافٍ للإنسان.
والرشد، أيضاً في إطار البرنامج الإيماني، الإنسان يكتسب الرشد والتوازن.
ولباس التقوى، التقوى هي توجد عند الإنسان حالة توازن، وحالة ضبط للشهوات والغرائز، توازن في الشهوات والغرائز، وحالة انضباط؛ وبالتالي تساعد الإنسان على الاستقامة؛ فتجتمع أمور كثيرة في الجانب الإيماني: صلة مع الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، نحظى فيها برعاية من الله، بمعونة، بتثبيت، يزيدنا هدى، يزيدنا نوراً، يثبِّتنا، يعيننا، يساعدنا، يحبب إلينا الإيمان، يزيِّنه في قلوبنا، يكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان… إلى غير ذلك.
جانب أيضاً في واقع الحياة: الاستقامة في واقع الحياة تجعلك بعيداً عن الكثير من المزالق؛ لأن مما يؤثَّر على الناس، هي: الأجواء التي توجد فيها خطوات للشيطان، توجد فيها مفاسد، معاصٍ، توجد فيها دواعٍ أكثر، تؤجج لدى الإنسان الميول إلى المعاصي أو المفاسد، فالجانب الإيماني فيه أشياء كثيرة تساعد الإنسان على الاستقامة: من رعاية الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، إلى الأثر العظيم في رشد الإنسان ووعيه وزكاء نفسه، إلى الأعمال الصالحة، إلى تَجَنُّب الكثير من الأعمال السيئة التي تؤثِّر على الإنسان، إضافة إلى أنَّ الإنسان يكتسب في إطار البرامج الإيمانية- ومنها: الصيام- قوة العزم، قوة الإرادة، والتوازن في مسألة الغرائز والشهوات، التوازن والانضباط، بدلاً من أن يكون الإنسان متهوراً في ذلك، وبدون ضوابط، ومنفلتاً في ذلك، يكون متوازناً عند مستوى معين، وهذا له أهميته، وأثره الكبير على الإنسان، والشيطان لا يعلم الغيب، ولا يمتلك أن يقسر الإنسان قسراً؛ فلذلك يقول الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ}[الأعراف: 201-202]، ويقول: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}[النحل: 99-100].
نكتفي بهذا المقدار…
وَنَسْألُ اللَّهَ «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّج عَنْ أَسرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
قائد الثورة يؤكد مواصلة التصدي للعدوان الأمريكي ويحث على الاهتمام بالدورات الصيفية
الثورة نت/..
أكد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، مواصلة التصدي للأمريكي الذي يشترك مع العدو الإسرائيلي ويسنده ويحميه ويشاركه في عدوانه على فلسطين وضد شعوب الأمة.
وأشار السيد القائد في كلمته اليوم بتدشين الدورات الصيفية وحول آخر التطورات والمستجدات، إلى أن العدوان الأمريكي على اليمن هو جزء من المعركة التي يشترك الأمريكي فيها مع العدو الإسرائيلي.. مؤكدا أن العدوان الأمريكي لم يتمكن من إيقاف العمليات العسكرية المساندة للشعب الفلسطيني ولا توفير الحماية للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي.
العدوان الصهيوني على غزة:
وأكد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يتجلى في الممارسات الإجرامية الوحشية ضد الشعب الفلسطيني.. مشيرا إلى أن المنظمات الدولية تشهد على المجاعة في قطاع غزة ونفاد القمح والطحين من المخابز التي كانت توزع الخبر لأبناء الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن العدو الإسرائيلي لأكثر من شهر وهو يمارس جريمة التجويع ومنع الغذاء والدواء عن الشعب الفلسطيني في غزة، كما استأنف الإبادة الجماعية ويلقي القنابل الأمريكية على الشعب الفلسطيني في خيامهم وأطلال منازلهم المدمرة.. مبينا أن العدو الإسرائيلي استأنف الإجرام منذ أكثر من نصف شهر بذات الوحشية والعدوانية التي كان عليها لمدة 15 شهرا.
وأفاد بأن العدو الإسرائيلي لا يلتزم بالقوانين ولا بالاتفاقيات ولا قيم ولا أخلاق ويرتكب أبشع الجرائم بكل توحش.. مؤكدا أن العدو الإسرائيلي يركز على محاربة الجانب الإنساني في كل ما يتعلق به من إعدامات ومنع كل مقومات الحياة، ويرتكب كل أنواع الجرائم في غزة بتشجيع أمريكي ويقدم له السلاح لقتل الأطفال والنساء.
وذكر السيد القائد أن الأمريكي يتبنى بشكل معلن وصريح ما يفعله العدو الإسرائيلي، وعندما استأنف عدوانه أكد البيت الأبيض دعمه لكل ما يقدم عليه الإسرائيلي.. وقال” ما يفعله العدو الإسرائيلي في الضفة الغربية يهدف إلى التهجير وما حصل في جنين نكبة كاملة”.
وأشار إلى أن المسجد الأقصى مستهدف باستمرار بالاقتحامات وتحركات بن غفير تظهر الاستهداف والتصعيد ضد مقدس من أعظم المقدسات الإسلامية.. لافتا إلى أن الأمة أمام خطري جرائم العدو الإسرائيلي وما يهدف إليه من تصفية القضية الفلسطينية بدعم أمريكي شامل.
وبين أن العدو الإسرائيلي يخرق الاتفاق في لبنان ولم تتوقف انتهاكاته وغاراته وصولا إلى بيروت في استباحته للأراضي والدم اللبناني، ومستمر في عمليات القصف الجوي في دمشق وباقي المحافظات السورية وقسم الجنوب السوري إلى ثلاثة تصنيفات فيما الأمريكي يتوغل في ريف دمشق بحراسة من مسلحين محليين.
وأضاف” الجماعات التكفيرية في سوريا لا هم لها ولا شغل إلا قتل المدنيين المسالمين العزل الذين لا يمتلكون السلاح، تتفرج على ما يفعله العدو الإسرائيلي من قتل وغارات وتدمير دون أي توجه جاد وعملي للرد عليه”.. مبينا أن العدو الإسرائيلي يسعى فعليا لتثبيت معادلة الاستباحة لهذه الأمة بشراكة أمريكية.
وأفاد قائد الثورة بأن الخطة الإسرائيلية التي كشف عنها كبار المجرمين الصهاينة هي أنهم يريدون أن يتجهوا إلى تقطيع أوصال قطاع غزة.. موضحا أنه ومع تقطيع وعزل بقية القطاع عن بعضه وإطباق الحصار يفتح العدو لما يسمونه بالهجرة الطوعية.
وتساءل” أي هجرة طوعية والقنابل الأمريكية تلقى على الشعب الفلسطيني في خيامه وعلى أطلال منازله المدمرة وهو يجوع؟!”.. مشيرا إلى أن ما يفعله العدو الإسرائيلي في الضفة بمثل ما فعله في مخيم جنين هل هي هجرة طوعية أو تهجير قسري؟.
كما تساءل” إن لم يكن التهجير القسري بإطلاق القنابل الأمريكية القاتلة المدمرة على النازحين في مخيماتهم في الخيم القماشية فكيف هو التهجير القسري؟.. لافتا إلى أن الدور الأمريكي هو الأساس لأنه الممول والحامي والشريك والمتبني حتى لمسألة التهجير بنفسها.
وقال” لا يجوز أبدا ان يتحول كل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني إلى حالة روتينية يشاهدها الناس ويكتفى بالبيانات”.
وأكد السيد القائد أن صمت وتجاهل الشعوب العربية إزاء ما يجري في فلسطين انقلاب على كل المبادئ والقيم والأخلاق والقوانين والشرائع، ولابد من العودة للنشاط العالمي والتحرك بمثل ما كان عليه وأكثر في الـ15 شهرا في معركة طوفان الأقصى.
وأضاف” ينبغي أن يكون هناك نشاط واسع في مختلف البلدان على المستوى العالمي للضغط على الحكومات لتتبنى سياسات داعمة إنسانيا للشعب الفلسطيني، وأن يكون هناك عزل للعدو الإسرائيلي وللعدو الأمريكي في توجههما الوحشي المنفلت الهمجي الإجرامي، ولا ينبغي أن تتحول المسألة هذه المرة إلى حالة صمت يعم البلدان بكلها”.
وأشار إلى أن هناك ضغط أمريكي على الجاليات وعلى الناشطين في الجامعات إلى درجة الترحيل لبعضهم، وهناك ضغط أيضا في البلدان الأوروبية للتضييق على الناشطين والتهديد بترحيلهم.
ولفت إلى أن السلطات في ألمانيا تحذو حذو الأمريكيين في التضييق أكثر على الناشطين بل والبدء في ترحيل بعضهم.. مشددا على أهمية أن يكون هناك نشاط واسع لأن هناك خطر يتهدد الإنسانية والضمير الإنساني والقيم الإنسانية في كل العالم.
وأكد قائد الثورة أن الأمريكي والإسرائيلي يتجهان بالمجتمع البشري نحو الغابة والحيوانية والتنكر التام لكل شيء.. مشيرا إلى أهمية تذكير المؤسسات الدولية بمسؤولياتها وإقامة الحجة عليها والضغط عليها لتبني مواقف أكثر جدية.
وتساءل: “لماذا لا تقوم الأمم المتحدة بطرد العدو الإسرائيلي منها، وهي قد ارتكبت جرما عظيما وتحملت وزرا كبيرا يوم اعترفت بالكيان الإسرائيلي الغاصب لفلسطين”.. وقال” مجلس الأمن ولو أنه مجلس أمن المستكبرين وليس ضمن اهتماماته إطلاقا العناية بالمستضعفين لكن ينبغي أن يكون هناك تحرك”.
وذكر أن العدو الإسرائيلي ينزعج عندما يكون هناك تحرك من المنابر والجهات والمنظمات لمواقف أكثر، ومن واجب الجميع أن يذكر أبناء العالم الإسلامي بمسؤوليتهم الدينية والإنسانية والأخلاقية وباعتبار أمنهم أيضا القومي كأمة.
وأضاف” يجب أن يذكر الجميع بهذه المسؤولية ويجب الاستنهاض للجميع فحالة الصمت خطيرة وهي بحد ذاتها وزر وذنب تجاه ما يجري”.. مؤكدا أن تجاهل الأمة لما يجري في فلسطين لا يعفيها أبدا من المسؤولية بل تتحمل وزر التجاهل والسكوت.
وأشار السيد القائد إلى أن تحرك الأمة بأكثرها رسميا وشعبيا ليس في مستوى الموقف والحالة العامة حالة تخاذل وتجاهل وتفرج.. وقال” لو اتسعت المقاطعة للبضائع الإسرائيلية والأمريكية لكان لها تأثير كبير”.
وأضاف” يجب أن يكون هناك نشاط واسع في أوساط الشعوب على مستوى التبرع والإنفاق في سبيل الله، ويجب أن تتجه الأنظمة إلى خطوات عملية في المقاطعة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية للعدو الإسرائيلي”.
ولفت إلى أن وسائل الإعلام على المستوى الرسمي العربي يجب أن تغير من سياستها السلبية تجاه إخوتنا المجاهدين في فلسطين.. مشددا على أهمية أن تتغير وسائل الإعلام على المستوى العربي في أدائها المتردي تجاه العدو الإسرائيلي.
وأشار إلى أن التفريط في المسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية له عواقب خطيرة في الدنيا والآخرة.
موقف اليمن الرسمي والشعبي:
وأكد السيد القائد أن اليمن رسميا وشعبيا أعلن موقفه منذ أن قام العدو الإسرائيلي بمنع دخول الغذاء والدواء وعاد إلى التجويع من جديد للشعب الفلسطيني.
وقال” عدنا بالعمليات البحرية وحظر الملاحة على العدو الإسرائيلي ثم كذلك الاستئناف لعمليات القصف إلى عمق فلسطين المحتلة، ومنذ استئناف العدو الإسرائيلي الإبادة الجماعية من جديد على قطاع غزة عاد شعبنا العزيز إلى التحرك في مختلف الأنشطة”.
وأضاف” ما بعد شهر رمضان ستعود كل الأنشطة الشعبية ويتم استئناف الخروج المليوني إن شاء الله من الأسبوع القادم”.. لافتا إلى أن الشعب اليمني تحرك فيما يتعلق بالتعبئة رسميا وشعبيا مع الشعب الفلسطيني على كل المستويات.
وأشار قائد الثورة إلى أن العدو الأمريكي يسعى مع العدو الإسرائيلي إلى تكريس معادلة الاستباحة لأمتنا والاستفراد بالشعب الفلسطيني.
وأكد أن التحرك بالموقف الكامل والشامل من اليمن في نصرة الشعب الفلسطيني أغاض العدو الأمريكي والإسرائيلي.. مبينا أن الأمريكي اتجه للعدوان على بلدنا في إطار اشتراكه مع العدو الإسرائيلي في عدوانه على الشعب الفلسطيني.
وجدد التأكيد على أن العدوان الأمريكي على بلدنا هو جزء من المعركة يشترك الأمريكي فيها مع العدو الإسرائيلي.. وقال” المعركة هي ما بيننا وبين العدو الإسرائيلي ونحن أعلنا موقفنا الكامل ومنه الدعم العسكري لإسناد الشعب الفلسطيني”.
وأضاف” موقفنا موجه ضد العدو الإسرائيلي، والأمريكي لأنه مشترك مع العدو الإسرائيلي أعلن عدوانه على بلدنا وبدأ هو ابتداء عدوانه على بلدنا”.. مؤكدا أن العدوان الأمريكي بكل همجية وإجرام يصعد ويستهدف الأعيان المدنية، مبينا أن الأمريكي والإسرائيلي مشتركان في المشروع الصهيوني.
فشل العدوان الأمريكي على اليمن:
وأفاد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، بأن الأمريكي يرتكب الجرائم وهو في حالة عدوان على بلدنا ليس له أي مستند أبدا.. موضحا أن الأمريكي في عدوانه على بلدنا هو في حالة تصعيد ولذلك يستخدم طائرات الشبح وقاذفات القنابل ويحاول تكثيف غاراته.
وذكر أن غارات واعتداءات الأمريكي تصل في بعض الأيام إلى أكثر من 90 غارة، ورغم تصعيد العدوان الأمريكي لكنه فشل والحمد لله ولا أثر له على القدرات العسكرية.. مؤكدا أن العدوان الأمريكي لم يتمكن من إيقاف العمليات العسكرية المساندة للشعب الفلسطيني ولا هو تمكن من توفير الحماية للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي.
وأوضح أن العدوان الأمريكي لم يتمكن أيضا من تنفيذ أهدافه فيما يسميه بتصفية القيادات والقضاء على أحرار اليمن.. وقال” الأمريكي فاشل وسيفشل باستمرار بإذن الله تعالى ولن يتمكن في المستقبل من تحقيق الأهداف المشؤومة”.
وأضاف” شعبنا يتوكل على الله ويعتمد عليه وله مسيرة طويلة في الجهاد في سبيل الله تعالى”.. مؤكدا أن الغارات الجوية والاستهداف المكثف للبلد ليست حالة جديدة والأمريكي أشرف بنفسه وأدار العدوان على بلدنا على مدى 8 سنوات.
وقال” مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية اعترفوا بفشلهم فيما يتعلق بتدمير القدرات العسكرية ولم يحققوا النجاح الذي يريدونه”.. مشيرا إلى أنه وأمام هذا العدوان الأمريكي والبلطجة الأمريكية، شعبنا العزيز له مسيرة طويلة في الجهاد في سبيل الله.
وتابع” نحن في العام العاشر في وضع جهاد ومواجهة للطغيان الأمريكي ومواجهة لكل من يتحالف معه في العدوان على بلدنا، والمهم بالنسبة لنا أننا وصلنا إلى درجة المواجهة المباشرة فيما بيننا وبين الإسرائيلي والأمريكي وهذا ما كنا نحرص عليه”.
ولفت قائد الثورة إلى أنه ” خلال كل المراحل الماضية كانت أمنيتنا الوحيدة ولا تزال أن يكف العرب عنا وأن يتركونا في المواجهة المباشرة بيننا وبين العدو الأمريكي والإسرائيلي”.. مبينا أن المعركة القائمة الآن هي معركة ما بيننا وبين العدو الإسرائيلي، والأمريكي هو جزء من هذه المعركة.
وقال” لسنا كالذين يتفرجون على جرائم العدو الإسرائيلي ويسكتون فنحن نؤدي مسؤوليتنا أمام الله سبحانه وتعالى، وما يهمنا هو أن يرضى الله عنا وأن ننجو من سخط الله وغضبه ولعنته وانتقامه وفي نفس الوقت يرضي ضميرنا الإنساني”.
وأضاف” ندرك أننا في موقف نعمل كل ما نستطيع ولا نتردد في أي شيء نستطيعه مما هو في إطار مسؤوليتنا الدينية”.
ومضى قائلا” لا ترهبنا أمريكا ولا نعتبرها مهيمنة على العالم فهي تنجح تجاه من يرضخون لها أما من يعتمدون على الله فالمسألة مختلفة”.. وأضاف” لسنا معتمدين على مستوى قدراتنا وإمكاناتنا تأتي في إطار الأسباب، واعتمادنا كليا هو على الله تعالى”.
وتابع” نحن في حالة انتصار على مدى كل العشرة الأعوام ولسنا في حالة هزيمة وهذه نعمة علينا من الله سبحانه وتعالى، وسنواصل إسنادنا للشعب الفلسطيني ومعركتنا وموقفنا المتكامل ضد العدو الإسرائيلي”.
موقف اليمن فاعل ومؤثر:
وجدد السيد القائد التأكيد على مواصلة التصدي للأمريكي الذي يشترك مع العدو الإسرائيلي ويسنده ويحميه ويشاركه في عدوانه على فلسطين وضد شعوب أمتنا.. وقال” نحن في إطار موقف فعال ومؤثر ونتصدى للعدوان الأمريكي ببسالة وفاعلية”.
وأشار إلى أن القوات الصاروخية تؤدي واجبها وكذلك الطيران المسيرة والدفاع الجوي.. مبينا أن الدفاع الجوي تمكن بفضل الله من إسقاط 17 طائرة من نوع إم كيو تسعة وهذا عدد كبير وحالة فريدة لا نسمع بمثلها.
ولفت إلى أن هناك بفضل الله على المستوى الشعبي حالة ثبات عظيم ومعنويات عالية وليس هناك أي التفات إلى أصوات المرجفين والمثبطين والمخذلين.. وقال” نحن في موقف متقدم على المستوى البحري وحاملة الطائرات ترومان هي في حالة هروب باستمرار والمطاردة لها مستمرة”.
وبين قائد الثورة أن الأمريكي يعتمد في تصعيده هذه الأيام على طائرات الشبح وقاذفات القنابل التي تأتي من قواعد أخرى من غير حاملة الطائرات “ترومان” أما الأخيرة فهي في حالة مطاردة باستمرار وهي تهرب في أقصى شمال البحر الأحمر.. مؤكدا أن اليمن في موقف قوي ومتقدم والأمريكي يعترف بفشله والواقع يثبت فشله أيضا.
التعاون مع الأمريكي هو إسناد للعدو الصهيوني:
وخاطب السيد القائد الأنظمة العربية والدول المجاورة قائلا” العدوان على بلدنا هو عدوان سافر وظالم ويستهدف الأعيان المدنية في إطار الاشتراك مع العدو الإسرائيلي، ونحن لا ننتظر ولا نتوقع أي موقف مساند لنا كشعب يمني عربي مسلم، فأنتم خذلتم الشعب الفلسطيني”.
وأضاف” لا ننتظر منكم شيئا بموجب الانتماء العربي، فمن خذل فلسطين سيخذل غيرها من شعوب هذه المنطقة”.
كما خاطب تلك الأنظمة قائلا ” العدوان علينا يشكل خطرا على الأمن القومي للعرب جميعا وعلى المنطقة العربية بكلها، نحن لا نتوقع منكم لأن يكون لكم أي موقف إيجابي أو مساند أو متضامن لأنكم تخليتم عن فلسطين”.
وقال” ننصح ونحذر كل الأنظمة العربية والبلدان المجاورة لليمن على المستوى الأفريقي وغيره ألا تتورطوا مع الأمريكي في الإسناد للإسرائيلي”.. مشيرا إلى أن ” العدو الأمريكي هو في عدوان على بلدنا إسنادا منه للعدو الإسرائيلي والمعركة بيننا وبين العدو الإسرائيلي”.
وأضاف” لا تتورطوا في الإسناد للعدو الإسرائيلي، يكفيكم الخزي والعار الذي قد تحملتموه وزرا فظيعا يبقى في الأجيال وتحملونه يوم القيامة في الخذلان للشعب الفلسطيني”.
ودعا الأنظمة العربية والدول المجاورة بألا تتورط في الإسناد للعدو الإسرائيلي ولا تحارب معه.. وقال” أي تعاون مع الأمريكي في العدوان على بلدنا بأي شكل من الأشكال هو إسناد للعدو الإسرائيلي”، مؤكدا أن “معركتنا هي من أجل فلسطين ومنع تهجير شعبها والضغط لوقف الإبادة ضده”.
وأردف السيد القائد مخاطبا الأنظمة العربية والدول المجاورة:” إذا قمتم بأي تعاون مع الأمريكي إما بالسماح له بالاعتداء علينا من قواعد في بلدانكم أو بالدعم المالي أو الدعم اللوجستي أو الدعم المعلوماتي فهو دعم وإسناد للعدو الإسرائيلي”.. مؤكدا أن معركة الأمريكي ضدنا هي معركة إسناد للعدو الإسرائيلي ولا نريد منكم أي شيء”.
وأضاف” كفوا أذاكم وشركم عنا واكتفوا بالتفرج بما يحدث من جرائم ضد أبناء الشعب اليمني، أنتم خذلتم فلسطين لكن لا تشاركوا في إسناد العدو الإسرائيلي، يكفيكم الخزي والعار الذي سيبقى عبر الأجيال بخذلانكم للشعب الفلسطيني وسيكون وزرا رهيبا عليكم”.
وتابع” لا تدعموا العدو الإسرائيلي ضدنا ولا تقفوا مع الأمريكي في إسناده للعدو الإسرائيلي ضد بلدنا، ولا تشتركوا في الدفاع عن العدو الإسرائيلي وحمايته ومحاربة من يحاربه واتركونا وشأننا”.
وقال السيد القائد” نحن مستعينون بالله في مواجهة العدو الإسرائيلي والأمريكي وواثقون بالله ومعتمدون عليه، ونخوض هذه المعركة بكل شرف وعزة وإيمان واعتماد كلي على الله سبحانه”.
وأكد أن السياسة الأمريكية عدوانية واستعمارية ومتكبرة وتوجه الأمريكي في هذه المرحلة هو توجه مستفز لكل دول العالم، والأمريكي والإسرائيلي في أسوأ مرحلة من الانعزال العالمي والسياسات العدوانية والتصرفات الهمجية والسياسات الرعناء والحمقاء.
وقال” لا ينبغي للعرب في مثل هذا الظرف أن يتجهوا للمزيد من الانبطاح للأمريكي والإسرائيلي”.. مشيرا إلى أن السياسات الترامبية معروفة في التعرفة الجمركية التي مثلت ضربة اقتصادية وابتزازا لحلفاء أمريكا وكبار شركائها.
وذكر السيد القائد أن كل الأوروبيين يصيحون ومن يتابع تصريحاتهم يعرف مدى تأثير السياسات الأمريكية المستفزة وابتزازها.. موضحا أن القرارات الترامبية والأمريكية لم تراع حلفاءها الأوروبيين وهم أقرب للأمريكيين من العرب والمسلمين.
ولفت إلى أن الأمريكي يتخذ سياسات اقتصادية مؤثرة سلبا على حلفائه الأوروبيين بما لها من تأثيرات على الشركات والمصانع، كما أن الأمريكي ليس عنده مشكلة تجاه كل التأثيرات السلبية لحلفائه بل ويمارس فيما يتعلق بحلف الناتو الأمريكي ابتزازا غير مسبوق.
أضاف” الأوروبيون يدركون أن عليهم أن يهتموا بما يوفر لهم الحماية لأنفسهم من أنفسهم والدول العربية لديها تفكير كيف تحظى بالحماية الأمريكية!!”.
وأشار إلى أن على الدول العربية أن تأخذ الدروس مما يحدث في أوروبا وما يفعله الأمريكي فيما يتعلق بسياساته الاقتصادية انقلب فيها حتى على مبادئ الرأسمالية.. مبينا أن السياسة العدوانية الأمريكية استفزت كل دول العالم والكل يرى أمريكا بصورتها الحقيقية فيما هي عليه من طغيان وتكبر وعدوانية وابتزاز.
وأوضح قائد الثورة أن ” المسؤولية على الجميع وفي الحد الأدنى أن تكف الأنظمة شرها عن الفلسطينيين ومن يقف معهم أو يدعمهم”.
الدورات الصيفية تحصين للجيل الناشئ:
وأكد قائد الثورة أن الدورات الصيفية تأتي في إطار الاهتمام بالجيل الناشئ لأن التعليم والمعرفة والتربية من الحاجات الأساسية لهذا الجيل.. مشيرا إلى أن هذه الدورات هي للتحصن في مواجهة الحرب العدوانية المفسدة المضلة التي يطلق عليها الحرب الناعمة.
ولفت إلى أن الدورات الصيفية تهدف إلى تربية الجيل الناشئ والتمسك بهويته الإيمانية وتنويره بالهدى والوعي والبصيرة والمعرفة والعلم النافع، كما تهدف إلى تنشئة الجيل على مكارم الأخلاق وعلى العزة الإيمانية والشعور بالمسؤولية.
وقال” نهدف لتنشئة جيل مؤمن قرآني عزيز كريم حر ينهض بدوره في تغيير الواقع نحو الأفضل وفي مواجهة التحديات والأخطار، ومن يتأمل في واقع الأمة بشكل عام يدرك أن هناك مخاطر كبيرة وفي ذات الوقت فرصا كبيرة”.
وذكر السيد القائد أن هناك مخاطر تتعلق بالسياسة المتبعة في كثير من البلدان نتيجة للتوجه الذي عليه أنظمتها وهو المزيد من تدجين الأجيال لأعدائها.. موضحا أن حال الأمة بشكل عام يتجه إلى توارث حالة تدجين الأمة للأجيال القادمة للخضوع للأعداء والذل والاستسلام والجمود.
وأكد أن توارث حالة التدجين من جيل إلى جيل هو انحدار نحو الحضيض وظلم للجيل الناشئ.. مشيرا إلى أن التحريف للمفاهيم والقيم والإسقاط فيما يسمى بالحرب الناعمة خطر كبير بكل ما تعنيه الكلمة.
وأفاد بأن بعض الأنظمة تتجه بالولاء للأمريكي والإسرائيلي لتؤقلم مناهجها الدراسية ونشاطها التثقيفي فتتجه بالجيل نحو الضياع.
وقال” من يتم إسقاطهم في الحرب الناعمة بالإضلال والإفساد هم في حالة قتل لإنسانية الإنسان ولشرفه ولمستقبله وهو أخطر من قتله وتصفيته جسديا”.. مؤكدا أن الخسارة الأكبر هي إسقاط الملايين من الجيل الناشئ ومن شباب أمتنا عبر الحرب الناعمة ممن فرغوهم من محتواهم الإنساني.
وتطرق قائد الثورة إلى واقع الأمة، موضحا أن الأمة في هذه المرحلة بشكل عام تعاني من الوهن والحالة العامة التي نراها تجاه غزة هي الوهن، وهي حالة خطيرة جدا على أمتنا.. مبينا أن الأمة في حالة مخزية ووهن وضعف ليس فيها عزة ولا كرامة ولا حرية ولا استقلال، في حالة استباحة بكل ما تعنيه الكلمة.
وأضاف” انظروا كيف هي أمة الملياري مسلم في مواجهة عشرة مليون يهودي صهيوني بضعفها وعجزها ووهنها”.. مؤكدا أن الحالة الخطيرة على الأمة شجعت الأعداء عليها وهي حالة غير طبيعية وليست سليمة ويجب التخلص منها والعمل على الخروج منها.
وأشار إلى أن بقاء الأمة غثاء كغثاء السيل يعني مداسة يدوسها الأعداء بأقدامهم.. وقال” أزمة الثقة بالله هي أم المشاكل التي تعاني منها أمتنا وتفرع عنها الخلل الكبير على مستوى الرؤية والبصيرة والوعي والقيم والأخلاق”.
وأفاد السيد القائد بأن من أهم ما تحتاج إليه أمتنا وجيلها الناشئ تعزيز العلاقة بالقرآن الكريم ككتاب هداية وأن نتعلم منه معرفة الله وترسيخ الشعور بعظمته.. مبينا أن تعزيز الأمة لعلاقتها بالقرآن تستعيد به فاعليتها وتخرج من الحالة الرهيبة من انعدام الفاعلية والوزن إلى النموذج الأصيل المغيض للكفار.
وأشار إلى أن ” كل بناء للجيل الناشئ لا يعتمد على القرآن الكريم وأسسه وهدايته ونوره لن يغير من الواقع شيئا بل يسهم في السقوط أكثر وأكثر”.. مؤكدا أن البناء القرآني العظيم الفعال والمؤثر المغير نحو الأفضل في هذه المرحلة الحساسة سيكون امتدادا للنموذج الأصيل.
وذكر السيد القائد أن مستوى الاستفادة من الدورات الصيفية يتطلب اهتماما من جميع الجهات ذات العلاقة على المستوى الرسمي والقائمين على الدورات الصيفية.. وقال ” من يمتلك الخلفية الثقافية والعلمية في التدريس عليه أن يساهم في الدورات الصيفية بجد ومثابرة وهذا إسهام عظيم في تربية الجيل الناشئ”.
وأكد أن تربية الجيل الناشئ وتعليمه وإكسابه المهارات اللازمة هو جزء من الجهاد في سبيل الله.. معبر عن الآمل من الجميع الاهتمام بالدورات الصيفية والمجتمع له دور أساسي ومهم في ذلك.