موقع النيلين:
2024-12-17@09:28:09 GMT

تكنيك تخدير الحاضر بالماضي

تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT


من أساليب الدعاية الفعالة إستعمال تكنيك “تخدير الحاضر بالماضي”.
علي سبيل المثال،لا يجوز إدانة اغتصابات الجنجويد واسعة النطاق ما لم يتضمن النقد ذكر إجرام منسوب للجيش أو الكيزان حدث في الماضي.

النتيجة العملية لهذا المنحي هو تخفيف فداحة اغتصابات الجنجويد التي تحدث هنا-الان وحرف الأنظار عنها جزئيا وهكذا يتم تخدير الحاضر بالماضي والتواطوء العملي، بقصد أو دونه، مع عنف الجنجويد.

وأسوأ من ذلك التلميح بان شخصا ما لم يدن اغتصابات الماضي يفقد الأهلية للإحتجاج علي اغتصابات الحاضر ويتم التلميح لسكوت ينسب إليه عن عنف الماضي ولا يهم تقديم دليل إثباتي. وهذا منطق غاية الغرابة يصبح فيه من يرفض عنف الجنجويد الذي يتم تنفيذه في الراهن متورطا ومشاركا في كل أحداث عنف الماضي لانه لم يرصها في نفس نص إدانته لفعل الجنجويد. ولا حوجة لدليل يثبت التهمة أتت من كتاب الجنجا أم من من يفترض فيهم قدرات تحليلية أرحب.

ويا أخت الجزيرة، ولا يهمك الإغتصاب. استحملي فقد أغتصب جيش الكيزان النساء عام 2002. ومن يدن إنتهاكك ربما ينطلق من أحاسيس عنصرية وهكذا فان إدانته مجروحة.

من نافلة القول أن جرائم الماضي مدانة بغض النظر عمن أرتكبها ولكن الأولوية في الوقت الراهن هي أيقاف الجرائم الممكن إيقافها. وهذا لا يعني التسامح مع ما حدث في الماضي ولكنه يعني فقط أن الأولوية ألان لفضح وايقاف جرائم الجنجويد المتواصلة لان ايقافها أو الحد منها ممكن بينما الماضي لا يمكن تغييره.

وبعد أن توقف اغتصابات هنا-الان، يمكن فتح كل ملفات الماضي ومناقشة كل الانتهاكات التي حدثت في تاريخ السودان علي أيدي نظام نميري أو بشير أو المهدي أو الخليفة التعايشي أو السلطنة الزرقاء أو مملكة الشلك.

أكبر إنتصار حققه الإخوان هو الهيمنة الكاملة علي عقول منافسيهم السياسيين والفكريين الذين فقدوا القدرة علي رؤية العالم إلا عبر منظور يجثم عليه كوز ثقيل الوزن. وصار بعض منافسي الأخوان نسخة مقلوبة منهم سياسيا أو فكريا. وهذا ميراث تروما ثلاثين عاما ممزوجة بهشاشة فكرية وخوف مرضي من تهمة تقاطع مع الكيزان واستعداد كامل للرضوخ للابتزاز السياسي والمعنوي الملوح بفزاعة الكيزان.

معتصم اقرع

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

فيلم التسامح.. سباق مع الزمن من أجل إصلاح أخطاء الماضي

لا شك أن تعوّد الجمهور على نوع من أفلام الحركة التي تتميز بالحبكات المبتكرة والقائمة على صراعات محتدمة، يدفع في المقابل المنتجين إلى دعم هذا النوع والإكثار منه حتى يمكن أن نصل في بعض الأحيان إلى نوع من التكرار، ومع ذلك فعجلة الإنتاج تستمر.

لهذا لا بد أن نتساءل عن ذلك المستوى من الجودة التي يراد لها أن تتوفر في الفيلم الناجح من أفلام الحركة التي تجعله جديرا بالمشاهدة ومن ثم تحقيق عنصر النجاح ومن دون توفر ذلك العنصر فما هي الجدوى من المضي قدما في نوع فيلمي لا يأتي بجديد؟

هذه المقدمة تنطبق على هذا الفيلم للمخرج النرويجي هانس بيتر مولاند ومعه كاتب السيناريو توني غايتون وهي التجربة الثانية للمخرج مع الممثل ذائع الصيت ليام نيسون بعد فيلم مطاردة باردة في عام 2019 والذي حقق نجاحا متميزا وربما كان ذلك سببا في العودة للعمل مع نيسون ولكن من خلال فيلم يفترض انه ينتمي إلى نوع أفلام الحركة لكنه في الواقع فيلم درامي ليس فيه من مشاهد الحركة إلا القليل.

بالطبع سوف تواجهنا منذ البداية ظاهرة الممثل -الناجح ذي الشعبية الواسعة والمقصود بالطبع الممثل البريطاني ذائع الصيت ليام نيسون الذي يتميز بالغزارة في الأفلام التي كان يحتل موقع البطل فيها وفعليا هو بطل مغامر وذراع ضاربة وذلك ابتداء من فيلمه "مأخوذ" الذي يعود إلى عام 2008 ومنذ ذلك الفيلم وأفلام نيسون تتلاحق سنويا وأحيانا فيلمين في العام وتجد لها قبولا واهتماما ونجاحا.

لكن السؤال الذي يبرز هنا، ماذا لو بلغ نجم أفلام الحركة مرحلة من العمر من الصعب أن يؤدي ذلك النوع من الأفلام؟

واقعيا، إن ذلك ما يحصل حاليا مع نيسون فهو في هذا الفيلم يسابق الزمن قبل الخرف وأمراض الكهولة وهو التحدي الرئيس الذي يواجهه ويدفعه لتصحيح أخطائه.

على أننا لسنا بعيدين كثيرا عن فيلمه السابق الذاكرة -2022 والذي يعالج الفكرة نفسها المرتبطة بفقدان الذاكرة والخرف والسباق مع الزمن من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وهو ما يذكرنا أيضا بفيلم آخر عن شخصية ملاكم يتحول إلى متشرد، وهو تيري مالوي الذي جسده الممثل ذائع الصيت مارلون براندو، حيث يعاني مالوي من فقدان الذاكرة نتيجة لاعتلال الدماغ المزمن، أما نيسون، الذي غمره اليأس، فتشعر معه بذلك النوع من القلق المكبوت الذي يدفعه إلى كتابة الأسماء في دفاتر الملاحظات لتذكرها وهو يذكرنا أيضا في كثير من المشاهد بفيلم "نوكس يذهب بعيدا"، الذي لعب فيه مايكل كيتون دور قاتل مأجور مصاب بالخرف، لكن هذا الفيلم (الذي أخرجه كيتون، وبطريقة متميزة) كان أكثر براعة من هذا الفيلم.

ها نحن مع ثاغ، الممثل ليام نيسون وهو في خريف العمر وهو يسابق الزمن بسبب إصابته بمرض عصبي ربما بسبب ممارسته رياضة الملاكمة، مما تسبب له بارتجاج في الدماغ لكنه وخلال عقود عدة كان مجرد أداة لتنفيذ مآرب كونر -الممثل رون بيرلمان، ومنها مثلا قيادة شاحنة لا يعلم ماذا يوجد في داخلها لكنه يجد انه مؤامرة كبيرة للاتجار بالبشر وخلال ذلك يكتشف حاجة فتاة شابة إلى آلاف الدولارات تدفعها لعصابات الاتجار بالبشر في مقابل عتقها ونيل حريتها.

في المقابل وبسبب تلك الحياة المضطربة فإن ما يميز شخصية ثاغ انه مبعثر وحياته متشظية وبذلك تتبعثر عائلته فيكتشف بعد سنوات أن ابنه البكر قد توفي ويبقى يلاحقه في الأحلام ولم تبق سوى ابنته ديزي -الممثلة فرانكي شون، التي سوف تؤنبه بشدة بسبب إهماله لهم واضطرارها إلى بيع مسكنها بسبب الضائقة المادية التي تمر بها، وهنا تبدأ رحلة ثاغ لتصحيح إخطائه وصولا إلى إصلاح انحرافات اجتماعية بما فيها الاتجار بالشر وهو ما يعرض حياته إلى خطر مميت.

هذه الخطوط الدرامية المتشابكة يشير إليها موقع أكشن ايليت بالقول"بداء من تسويق الفيلم على أنه فيلم أكشن آخر لليام نيسون؛ بينما هو في الحقيقة فيلم درامي حيث إن مشاهد الحركة لا تتعدى مدتها -10 دقائق من مدة العرض.

واقعيا، لا يوجد شيء في هذا الفيلم لم نشاهده من قبل؛ الأداء المعتاد لنيسون، الذي يظهر بصفة رجل عجوز يحاول إعادة وصل ما انقطع مع عائلته، وهو خلال ذلك يغالب تقدمه في السن كممثل تجاوز السبعين من العمر".

وفي واقع الأمر ثمة تشظيات كثيرة متشعبة، هي التي يتشكل منها السرد الفيلمي بخطوطه المتعددة ومن ذلك علاقات متوالية ابتداء بعلاقته برئيسه الذي يكلفه بتدريب ابنه وهي علاقة ملتبسة بسبب شخصية ثاغ المتزمتة ثم علاقته بحفيده الذي يريد له أن يتحول إلى ملاكم صغير في وسط جفاء ابنته وعدم رغبتها في التدخل بشؤون حياتها.

أما إذا ذهبنا بعيدا في تلك التشظيات فهنالك العلاقة الناشئة مع امرأة مجهولة شديدة التعاطف معه -تؤدي الدور الممثلة يوليوندا روس التي تصطف إلى جانب ثاغ لمواجهة الظرف العصيب الذي يخلصه من أزماته المتلاحقة وخاصة بعد شعوره بالذنب لسماعه خبر وفاة ابنه ثم توالي الأحلام والكوابيس التي تلاحقه، فيما يبدو انه نوع من الرغبة اللاواعية لطلب الصفح من الابن ومن الابنة وصولا إلى ذلك العمل الخيري بتوزيع ما لديه من مال على مجموعة من ضحايا الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر فضلا عن الإفراج عنهم.

يذهب الناقد بيتر سوبنيسكي في موقع روبر ايبرت إلى القول انه "لا شك أن نيسون قد خاض تجربة أفلام الحركة على مدار العقد الماضي وعلى نحو مكثف، لكن هذا الفيلم قد بدا وكأنه محاولة نبيلة ولكن غير متوازنة لدمج إيقاعات أفلام الحركة السابقة التي كان هو بطلها بلا منافس مع قصة إنسانية أكثر واقعية. وبصفتي شخصًا شاهد بالفعل نصيب الأسد من هذه الأفلام، يمكنني أن أقول أن هذا الفيلم ربما يكون أحد أفضل الأمثلة على هذا النوع الفيلمي الأكثر غرابة".

في كل الأحوال ومع تصاعد إيقاع السباق مع الزمن في مقابل ذاكرة متشظية ونسيان زاحف، فإن هنالك بالمقابل ما يمكن أن نسميه ( نوايا حسنة) شكلت تحولا دراميا لافتا وذلك من خلال وفاء ثاغ لابنته وطفلها وسعيه لإنقاذهما بتحويل وفرته المالية لشراء المنزل وكذلك الأموال التي بدأ بتوزيعها على ضحايا الاتجار بالبشر في مشاهد على مقدار طرافتها، إلا أنها كانت امتدادا للمغامرة التي عشنا فصولها في أجواء هذا الفيلم.

إخراج/ هانس بيتر مولاند

سيناريو/ توني غايتون

تمثيل/ ليام نيسون – ثاغ، فرانكي شون – ديزي، رون بيرلمان – كونر، يوليوندا روس – الصديقة

مدير التصوير/ فيليب اوغارد

مقالات مشابهة

  • حكومة اقليم كوردستان تشرع بصرف رواتب شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي
  • البرهان من البطانة : رسائل في بريد الجنجويد والعالم
  • عن ماذا كان يبحث الجنجويد فى المناطق التى احتلوها ؟
  • جزيرة خضراء خالية من الجنجويد وخرطوم مستقرة بلا أحزاب متآمرة
  • الزغاوة هم القوى الاجتماعية الوحيدة في دارفور التي رفضت الجنجويد وصارعتهم مرتين
  • فيلم التسامح.. سباق مع الزمن من أجل إصلاح أخطاء الماضي
  • لا تخدعوا أنفسكم يا قحاتة؛ نسخة جديدة من الكيزان تعود بقوة
  • ???? نهب الجنجويد بيوتها وقتلوا فيها الحياة.. جزيرة توتي خالية من السكان لأول مرة
  • «الطيران المدني» تمنح «فالكون تكنيك» اعتماد خدمات الصيانة والإصلاح
  • معتقلون سابقون في دمشق يصفون "اليأس" من زنزانات الماضي