صحيفة البلاد:
2024-10-05@01:14:52 GMT

جستن «gesten»

تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT

جستن «gesten»

تبلغ “جستن”، وهي جمعية علمية للعلوم التربوية والنفسية مقرها جامعة الملك سعود، اليوم أكثر من 37 عاماً وهو عمرٌ ليس بالقليل. غير إن أثرها المجتمعي قد يكون مازال محدوداً بالنظر إلى أنها جمعية علمية هدفها الأول حوكمة ونشر أبحاث أعضاء هيئة التدريس المختصين في مجالها للحصول على ترقيات علمية. غير إن “جستن” التي تقدم نفسها برسالة تقول فيها: “إنها تسعى لأن تكون ملتقى المختصين في العلوم التربوية والنفسية لتقديم الخدمات والاستشارات العلمية للمجتمع ولمؤسساته التربوية من أجل النهوض بالتربية والتعليم وتحسين نوعية الحياة لجميع أفراد المجتمع”.

وهي رسالة عظيمة ينقصها التحقُقُ على أرض الواقع. كما إنه هدف تسعى إليه “جستن” كغيرها من 56 جمعية تقع تحت مظلة جامعة الملك سعود، وقد يكون هناك نفس العدد في كل جامعات المملكة.

ما لفت النظر أن “جستن” لديها فروع في كليات التربية في عدد من جامعات المملكة وهو انتشار جميل تعوزه الإمكانيات المادية والأثر والتأثير المجتمعي، والمال هو عصب الحياة في كل نشاط.

روى أحد أقدم مؤسسي جمعية “جستن” أنهم احتاجوا دعماً مالياً فكتبوا لإحدى الشركات الكبرى يشرحون حاجة الجمعية لدعم الشركات التجارية غير إنهم تلقوا شيكاً بخمسة آلاف ريال فقط وهو ما أغضب رئيس الجمعية فردّ عليهم مبدياً عتبه من دعم زهيد تقدمه شركة كبيرة..

وهنا مناط الحديث في هذا المقال وهو ما تعانيه كل الجمعيات العلمية منها والأهلية من تضاؤل المداخيل المالية اللازمة لاستمرار عمل هذه المنظمات وديمومة بقائها، ذلك أن الملاحظ أن ما تحصل عليه الجمعيات من دعم مالي يكون بجهد رئيسها وعلاقاته ويأتي مجاملة له من رجال الأعمال ومن منظمات البلد التجارية، ثم إذا انتهت مدة هذا الرئيس ،توقف الدعم.
من هنا تجيء الحاجة إلى مورد مالي مستمر لمثل هذه المنظمات، وهو ما يفتح باباً كبيراً لتوسيع فكرة الوقف في مجتمعنا.

فالملاحظ أن الأوقاف في هذا البلد مازالت مجالاتها تنحصر في خدمات محدودة جداً يغلب عليها بناء مساجد، ولم يمتد الفكر الوقفي حتى إلى مجال مهم وهو الوقف العلمي كعملية مستمرة طالما بقيت هناك حياة على وجه الأرض، والوقف البحثي.

وفي دول العالم المتقدمة هناك جامعات مرموقة قامت ومازالت على فكرة الوقف، ومثال ذلك في المملكة هناك مشروعات ضخمة تقوم على فكرة الوقف، يحضر للذهن منها جامعة سليمان الراجحي في البكيرية بالقصيم، وكذا مشروعات شركة الوطنية الزراعية التي تم وقفها بالكامل. أيضاً مركز صالح الراجحي لمعالجة الاعتلال السكري في العين في مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون.

إننا مدعوون للتفكير ملياً في التخلي عن مقولة “قطاع غير ربحي” ذلك أن كل نشاط يفترض أن يحقق قدراً من الربح يضمن استمراره وديمومة حياته، حتى الأوقاف إن لم تحقق ربحاً يضمن ديمومة عملها، واستمرار نفعها فإنها تؤول إلى الاندثار والزوال بعد زمن يسير.

إن إدارة الأوقاف بطريقة تضمن استمرار عملها وديمومة نفعها ،أمرٌ يتعين الاهتمام به من قبل الواقف نفسه ومن نُظار الوقف ومدرائه.

إن تحقيق الوقف ربحاً تشغيلياً ليس عيباً بل العيب أن يضع أحدهم وقفاً ويبذل فيه مالاً كثيراً ثم بعد سنوات قليلة يتوقف النفع والانتفاع من هذا الوقف لأن أموال تشغيله نضبت، وموارده المالية توقفت.

ومن هنا فإن “جستن gesten” وغيرها من الجمعيات العلمية والأهلية والمجالس الإشرافية عليها مدعوة لأن تنطلق من فكرة الدعم المنقطع إلى فكرة الوقف المستمر، كما إنها مدعوة لأن تصمم نماذج وقفية تحمل أسماء من دفعوا الأموال في سبيلها فيما نفعها وريعها يعود لتشغيل الجمعيات على أن يقع كل ذلك ضمن نظام دقيق للحوكمة المالية والإدارية. نظامُ حوكمة يحول دون تسلل أي خلل إداري أو فساد مالي، أو صرف أموالٍ لا يُعرفُ أين ذهبت. والله أعلم.

ogaily_wass@

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

د. عبدالله الغذامي يكتب: هناك أرض تكفي للجميع

«لماذا يتقاتل البشر من أجل الأرض، فهناك أرض تكفي للجميع…!!!»، هذا كلام لسيدة عجوز أوكرانية لم تفهم معنى الحرب في أوكرانيا ولا معنى التدمير للحياة والمكان وتشريد الناس، وجاء ذلك في تغطية من التلفزيون الألماني (DW) في 15 يناير 2024، تظهر فيها السيدة باكيةً على منظر الدمار الذي وقع على بيتها وبيوت جيرانها، ومع وجعها فقد كانت تلوم أوكرانيا وروسيا معاً، ولذا كانت صرختها إنسانيةً وليست انحيازية مما يعزز التعاطف مع وجعها بما أنها تصرخ باسم الأرض وباسم الحياة وباسم البشر وليس باسم السياسة، إنها تبكي من أجل الأرض التي يفسد فيها البشر ويسفكون الدماء باسم الأرض، وهذه فتنة ثقافية يشترك فيها كل البشر بكل أجناسهم، وتاريخ صرخة السيدة الأوكرانية يتوافق مع تواريخ أحداث غزة، حيث الموت والدمار والقتل والتشريد باسم الأرض، أي قتل الأرض باسم الأرض، في حين أن في الأرض ما يكفي لحياة مشتركة بين البشر كلهم من دون حاجة لأن يقتل بعضهم بعضاً.
مسكينةٌ هي الأرض، كلٌ يدّعي أنه يحميها ولكنهم يفسدونها، وكلما وجد البشر فرصةً لسفك الدماء توسلوا لها بأي وسيلة تظهر فسادهم الذي يصورونه بصورة الحق مع أنه باطلٌ مطلق، ومن هنا تكون الحرب مقدسةً حيناً وتكون من أجل الأرض حيناً آخر وتكون من أجل شعار أيديولوجي ببعد سياسي أو بعد عقدي، وكلا البعدين مضادان للسياسة وللدين معاً لأن السياسة تفاوضيةٌ بالضرورة المعنوية لها، والدين تصالحي بالضرورة الإنسانية للتعبد. 
ولكن يجري خطف المعاني للمتاجرة فتأتي الحروب ويعم الإفساد في الأرض بدل عمران الأرض الذي هو لب معنى الدين ومعنى التحضر، ونرى المفارقات الخطيرة من حيث إن أهم الديمقراطيات هي التي صنعت أخطر الحروب العالمية، وهي التي ألقت قنبلةً ذريةً مدمرةً على هيروشيما، وكل ذلك باسم التحضر والسلام، وكانت دعوى الحرية والسلام هي أيضاً دعوى الاستعمار وهي دعوى حروب أوروبا كلها مذ تقوت أوروبا ومذ حركت نظرياتها الفلسفية الإنساني منها والحربي، وكذلك حوّل الإنسان الاقتصاد إلى حروب طاحنة، وفي ذلك كانت الحرب بين الرأسمالية والاشتراكية، ومثلها حروب الثقافات والحضارات والديانات، وكل ذلك يقف وراءه الإنسان وتأويلاته للمعاني وتسخير المفاهيم للقيم لخدمة شروره، حتى إن الإعلام نفسه الذي هو أداة إخبار وتثقيف أصبح أداةَ برمجةٍ ذهنية لمصلحة المهيمن الذي بيده صناعة المنتج الأعلى قدرة وتأثيراً فسخّر مهاراته العلمية والتقنية لكي يزين القُبحيات ويشوه الجماليات، مادام ذلك يدرّ عليه المصلحة والمال.
وفي النهاية فليس لذوي الضمائر إلا أن يبكوا مع العجوز الأوكرانية ومع الفلسطينيين، ففي الأرض ما يكفي لأن يعتاش عليها الجميع، إذاً لماذا نتحارب على مكان يكفي لكل البشر ويزيد عليهم، ولماذا نلوث مكاناً نعيش فوقه ونتنسم نسماته وسنموت فيه، ولكن بعد أن نلوثه.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: عصر القارئ د. عبدالله الغذامي يكتب: المشاكلة والاختلاف

مقالات مشابهة

  • د. عبدالله الغذامي يكتب: هناك أرض تكفي للجميع
  • «قصور الثقافة»: مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية أكبر من فكرة رقص
  • أبطال «لعل الله يراني»: الفيلم يحارب فكرة الانتحار
  • الضاحية الجنوبية تتعرّض للقصف من جديد... شاهدوا هذا الفيديو من هناك
  • مذبحة هنا .. ومذبحة هناك !
  • تن هاج عن مستقبله مع مانشستر يونايتد: انتظروا فقط.. سوف نصل إلى هناك!
  • تن هاج عن مستقبله مع مانشستر يونايتد: انتظروا فقط.. سوف نصل إلى هناك!!
  • اتحاد الجمعيات الأهلية: إطلاق المرحلة الثانية من «حياة كريمة» خلال شهو
  • لأول مرة.. بايدن يعلق على فكرة ضرب المواقع النووية الإيرانية
  • الوقف السني يحدد يوم الجمعة غرة شهر ربيع الآخر