قالت هيئة الدفاع عن الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، إن “السلطات نقلت البشير وأربعة من معاونيه، من مستشفى علياء بأم درمان إلى موقع جديد”، مستبعدة تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية دعوات لمثوله أمام المحكمة.

وقال عضو هيئة الدفاع، محمد الحسن الأمين، في تصريح خاص لموقع الحرة، إن “البشير نُقل من المستشفى مع نائبه بكري حسن صالح، ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الشباب والرياضة الأسبق، يوسف عبد الفتاح، واللواء بالجيش السوداني الطيب الخنجر”.

ولم يحدد الأمين الموقع الجديد، واكتفى بالقول إن “الموقع يقع في منطقة المهندسين بأم درمان، وإنه محروس بواسطة قوة من الاستخبارات العسكرية ومن قوات منطقة المهندسين العسكرية”.

في مارس 2009، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السابق، بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور. كانت هذه المذكرة هي الأولى التي تصدر ضد رئيس لا يزال في السلطة.

وفي مارس 2012، أصدرت المحكمة المذكورة مذكرة توقيف بحق وزير الدفاع السابق، وأحد أبرز معاونيه، عبد الرحيم محمد حسين، بتهمة ارتكاب جرائم ضد المدنيين في دارفور.

الأمين السابق أشار إلى أنه لا يتوقع تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية، حيث إن القرار ليس بيد البرهان، وإنما يعود للجيش، الذي لن يوافق على تسليم البشير بسبب رتبته العسكرية كمشير، وكذلك لتجنب فتح جبهة جديدة خلال الصراع الحالي مع مليشيا الدعم السريع.

ويُحتجز البشير وعدد من معاونيه بسبب بلاغ يتعلق بتدبير وتنفيذ انقلاب عسكري في عام 1989 ضد حكومة رئيس الوزراء المنتخب الصادق المهدي.

وأثناء اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2015، كان البشير وعدد من معاونيه محتجزين في مستشفى علياء لتلقي العلاج، بسبب القصف الذي تعرضوا له من قوات الدعم السريع.

وأضاف “الثانية حينما كان يؤدي الصلاة مع آخرين، إذ سقطت قذيفة في الجدار الذي كان خلفهم، مما يدلل على أن البشير كان مستهدفا، بالقذائف التي تطلقها قوات الدعم السريع من منصة في مقرن النيلين بالخرطوم، ناحية المستشفى المطل على النيل”.

ولفت الأمين إلى أن “نقل البشير ومعاونيه جاء بسبب تقرير كتبه مدير مستشفى علياء عن عدم توفر الكادر الطبي الذي يسمح بمتابعة حالة المحتجزين الصحية”.

في المقابل، وصف مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، نقل البشير وعدد من معاونيه من مستشفى علياء بأم درمان، بأنه “عملية تهريب مدروسة ومخطط لها”.

وقال طبيق لموقع الحرة، إن “المعلومات التي بحوزة الدعم السريع تشير إلى أن البشير نُقل إلى مسقط رأسه، بولاية نهر النيل في شمال السودان، وليس إلى منطقة المهندسين”.

وأضاف أن “البشير والمجموعة التي معه ليست بعيدة عن المعارك الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهم الخلية أو العقل المدبر الذي ينتج الخطط للجيش حاليا”.

وأشار مستشار قائد قوات الدعم السريع إلى أن “الجيش لن يتعاون مع المحكمة الجنائية ولن يقوم بتسليم البشير وبقية المطلوبين إليها، ليس لأنه مشغول بالحرب، وإنما لأن الجيش أحد أذرع حزب المؤتمر الوطني الذي كان يحكم السودان، ولكونه يرفض مبدأ التسليم بالأساس”.

الحرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الجنائیة الدولیة مستشفى علیاء من معاونیه إلى أن

إقرأ أيضاً:

الانتحار السوداني ... متى يتوقف وكيف؟!

عندما اندلعت المواجهات المسلحة بين قوات الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان قائد مجلس السيادة السوداني، وبين قوات الدعم السريع بقيادة نائبه اللواء، محمد حمدان دقلو حميدتي، في منتصف أبريل من العام الماضي على خلفية شروط دمج قوات الجيش وقوات الدعم السريع معا تحت قيادة واحدة وبعض خلافات أخرى نالت من الثقة بينهما، خاصة وأن الظروف السودانية المحلية والإقليمية لا تتحمل خسائر وتبعات مواجهات مسلحة تتجأوز قدرات وإمكانيات السودان وظروفه، فإن الواقع هو أن الحرب في السودان وجدت من يغذيها - يغذي طرفيها، بالمال والسلاح لخدمة مصالح ذاتية لتلك الأطراف في المقام الأول بغض النظر عن أية ادعاءات لا يمكن أن تخدم مصالح الشعب والمجتمع والمصلحة الوطنية السودانية وعلى نحو حافظ على استمرار المواجهات بل وتوسيع نطاقها لتمتد إلى معظم أقاليم السودان الشقيق ولتتحول المواجهات المسلحة إلى اقرب ما يكون إلى الانتحار الذاتي بسبب ازدياد أعداد الضحايا بين المدنيين بشكل تجأوز بالفعل كل التوقعات حتى الآن. وبينما ادى القتال إلى خسائر مادية تتجأوز 12 مليار دولار ونهب نحو مائة بنك فقد انهارت العملة السودانية وانخفضت الإيرادات الحكومية بنحو 80 % حسبما أشار وزير المالية السوداني جبريل إبراهيمن ومن جانب آخر فقد قتل أكثر من 15 ألف سوداني ونزح أكثر من 4.6 مليون شخص وفقا لوكالة الأمم المتحدة للهجرة منهم 3.6 مليون نازح في الدول المجأورة وحوالي مليون نازح في داخل السودان. وقد حذر مارتن جريفيث منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مؤخرا من أن نحو خمسة ملايين سوداني يعانون من جوع كارثي، وأن نحو 250 ألف طفل يهددهم الجوع بشكل يفوق أية حالة أخرى في العالم، وانه بسبب معاناة الأطفال السودانيين تم إدراج كل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ضمن قائمة العار الدولية في الأمم المتحدة بسبب الممارسات التي يتعرض لها الأطفال وهو ما يزيد من الإساءة التي تتعرض لها الأطراف السودانية المتورطة في عمليات القتال والتدمير المتعمد التي يتعرض لها السودان الشقيق منذ اكثر من أربعة عشر شهرا مضت.

وإذا كانت قد ضاعت أكثر من فرصة لوقف القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وآخرها ما تم الحديث والتحرك بشأنه في شهر رمضان الماضي وهو ما يتجدد الآن سودانيا وإفريقيا ودوليا، ولعله ينجح، فإنه يمكن الإشارة باختصار شديد إلى عدد من الجوانب لعل من أهمها: أولا، أنه ليس من المبالغة في شيء القول بأن بيئة الحرب في السودان هي بيئة معقدة إلى حد كبير ليس فقط بسبب تقاطع مصالح الأطراف السودانية الداخلية والأطراف المنتفعة من الحرب واستمرارها سواء كانت إفريقية آو دولية بدا لها إمكانية توسيع مصالحها المباشرة وغير المباشرة في منطقة جنوب البحر الأحمر الاستراتيجية والوصول منها إلى عدة دوائر متقاطعة ومؤثرة في السودان ومصر والمحيط الهندي ووسط وشرق إفريقيا وانتعاش اطماع وتطلعات بعض الأطراف الإقليمية والدولية في فترة تتسم بالتقلب وعدم الاستقرار السياسي وفورة الأطماع الإقليمية على مستويات متعددة. ومما يزيد من عبء ذلك ومخاطره أن أطرافا إقليمية عدة دخلت أو تحأول دخول ساحة النفوذ والتأثير الإقليمي حديثا، بل وحديثا جدا اعتمادا على الأرجح على عكاز واحد فقط لا يكفي بالتأكيد وهو التمويل المالي والإمداد بالسلاح بشكل أو بآخر وافتقاد تلك الأطراف في الواقع إلى الرؤية الاستراتيجية أو عدم القدرة على امتلاكها يجعل تحركاتها أقرب إلى العاب الطاولة منها إلى خطط التحرك الاستراتيجي المدروسة وهو ما يجعلها تتسم بالتقلب والتغير السريع ورد الفعل والانتقال من جانب إلى آخر بين الأطراف المتصارعة وللأسف هناك أمثلة محددة في هذا المجال. من جانب آخر فإن هذه السمات للصراعات الداخلية ومنها الصراع في السودان وليبيا وعدد من دول المنطقة المنكوبة للأسف ببعض قياداتها يجعل من الممكن استمرار الصراعات وتضخم الخسائر المادية والبشرية وتبريرها للأسف بأنها تضحيات ضرورية لمصلحة الشعب ومستقبله وهي لا تخدم إلا قيادات تعمل أولا على خدمة مصالحها الخاصة بغض النظر عن أية ادعاءات كاذبة حولت دولة السودان من سلة غذاء للمنطقة إلى دولة تعاني من أسوأ صور المجاعة في العالم في هذه الفترة وخلال الأشهر القادمة. من جانب آخر فإن من أهم أسباب التدهور الداخلي هو أن حالة الصراع المسلح جعلت اليد العليا لتلك التي تحتكم بالفعل إلى السلاح أو تستطيع تأمين الحصول عليه بأية طريقة ولو بالتحالف مع الشْيطان بشكل ما وبالتخلي عن المصالح الوطنية للدولة والشعب بمبررات مزعومة وهو ما يضر بالدولة وحاضرها ومستقبلها مهما كانت المبررات براقة وهو ما لن يعفي القيادات المتورطة من مسؤوليتها الوطنية ومحاسبتها في النهاية حتى لو طال الزمن، ومن هذا فإن ادعاء أي طرف الانتصار على الطرف الآخر لن يغطي ولن يقلل من حجم الخسائر في المجالات المختلفة والتي يدفع الشعب ثمنها اليوم وغدا وبعد غد كذلك.

ثانيا، أنه إذا كانت السودان من أكثر الدول العربية المعروفة بثقافتها وديناميكيتها السياسية، ومن ثم حيوية القوى المدنية السودانية التي حاولت التأثير بشكل يقلل قدر الإمكان من دور القوات المسلحة وقوات الدعم السريع اللتي تمتلك السلاح بحكم دورها الوطني المفترض في حماية الدولة ومؤسساتها ومواردها الوطنية وهو ما أدى إلى تشكيل حكومة عبدالله حمدوك المدنية والتي لم تستطع أن تكمل مهامها في بناء سلطة مدنية كمخرج من حالة الصراع أو بالأحرى بين البرهان وحميدتي، كشخصيتين متنافستين على قيادة السودان، خاصة وأن البرهان اتهم حميدتي علنا قبل عدة أيام بالرغبة والعمل من أجل السيطرة على السودان، ورد حميدتي على ذلك باتهام البرهان بنشر الكراهية والانسحاب من المفاوضات. وإن قوات الدعم السريع مستعدة للتفاوض كما أعلنت من قبل ودون شروط مسبقة. ومع أن الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السوداني السابق يؤيد قيام القوى المدنية السودانية بدور رئيس إلى جانب مختلف القوى السودانية، وأنه عمل على تشكيل «تنسيقية تقدم» المدنية للقوى التي تتعاون مع مختلف القوى السودانية القادرة والراغبة في العمل في هذا الاتجاه، إلا أن استمرار القتال بين قوات الجيش والدعم السريع من ناحية، وتعدد الخلافات بين القوى السودانية حول أنسب سبل الحل وامتداد ذلك إلى قيادات عليا داخل الجيش وكذلك تعدد وزيادة أعداد التشكيلات المسلحة من ناحية ثانية، هذا فضلا عن اتساع وتنوع التدخلات الخارجية الإفريقية وغير الإفريقية قد أضعف في الواقع بشكل أو آخر دور القوى المدنية بوجه عام وتنسيقية تقدم بوجه خاص برغم أنها تحظى بتأييد ملموس بين السودانيين والمؤسسات السودانية التي بات لها مآخذ عديدة حول ممارسات القوى المتصارعة والخسائر التي تسببها للسودان مع كل يوم، بما في ذلك ما تردد حول لجوء قوات الدعم السريع إلى استخدام جمهورية إفريقيا الوسطى لتجنيد مرتزقة يعملون في صفوفها حيث يستغل حميدتي علاقاته مع قادة إفريقيا الوسطى لتجنيد قوات يستعين بها في القتال في دارفور وفي مناطق وولايات سودانية أخرى مما يفاقم الصراع ويطيل أمد الحرب. وفي الأيام الأخيرة احتدمت المعارك بيت الدعم السريع وقوات الجيش حول سلاح المدرعات وفي الخرطوم وأم درمان وفي الفاشر في دارفور. وبينما اتهمت قوات الدعم السريع قوات الجيش بقصف محطة كهرباء «بحري» الحرارية مما أدى إلى احتراقها، فإن قوات حميدتي أعلنت قبل أيام قليلة سيطرتها على مدينة « سنجة» في ولاية «سنار» جنوب شرق السودان، غير أن ذلك يدخل على الأرجح في إطار الحرب الإعلامية بينهما ومحاولة قوات الدعم السريع إظهار قدر من القدرة على التماسك أمام قوات الجيش التي تعزز قواتها بالاستعانة بمسيرات إيرانية في الأسابيع الأخيرة.

ثالثا، إنه برغم تعدد محاولات التدخل الإقليمي والدولي والعربي لمحاولة التوصل إلى أسس تحافظ على وحدة وسلامة السودان التي أصبحت مهددة أكثر من ذي قبل، والتوصل بالفعل إلى اكثر من مقترح يتم العمل في إطاره منها مقترحات جدة في 11 مايو 2023 وخارطة الطريق الإفريقية في العام الماضي أيضا، وأكثر من قرار لمجلس الأمن الدولي، ومحاولات منظمة «الإيجاد»، ومجلس السلم والأمن الإفريقي فضلا غن جهود ثنائية مع أطراف الصراع، إلا أنه من المؤسف أنها تعثرت في الوصول إلى نتائج عملية لضعف اهتمام الأطراف المعنية أو لانشغالها بصراعات أخرى في المنطقة أو في محاولة منها لإلقاء مسؤولية الفشل على عاتق أطراف الصراع التي انشغلت بدورها في البحث عن مصادر تمويل وإمدادات سلاح وافتقدت لأرادة الحل بسبب تركيزها على المصالح الضيقة لها. وبينما بحث مجلس الأمن الدولي الوضع في السودان في 25 يونيو الماضي حيث قدم أكثر من مسؤول دولي إحاطات للمجلس فإن هناك شعورا متزايدا بخطورة ترك الأوضاع في السودان لحالة أقرب إلى الانتحار الذاتي بكل تبعاته، والمأمول أن تنجح محاولات الاتحاد الإفريقي في الجمع بين البرهان وحميدتي من خلال اللجنة التي تم تشكيلها برئاسة الرئيس الأوغندي موسيفيتي قبل أيام ولعل تلويح المبعوث الأمريكي في السودان بإمكانية التدخل يساعد على الاستجابة ولكن المؤكد أن النجاح يتطلب إرادة سياسية ورغبة حقيقية في الحل بعيدا عن المحاصصة والتقسيم ... فهل تنجح القوى المدنية والمخلصون السودانيون في انتشال السودان من حالة الانتحار الذاتي ووضعه على طريق الحل؟.

د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري

مقالات مشابهة

  • من كواليس اقتحام الدعم السريع لمدينة الدندر: (أحد أعيان الدندر استقبل عناصر المليشيا بمنزله ونحر لهم خروف “دعول” وبعد الاجهاز على الوليمة نهبوا سيارته وغادروا) وساخرون: (يستاهل.. يكونوا عاوزين يجيبوا بيها الديمقراطية)
  • الجيش السوداني يحدد 4 شروط للتفاوض مع الدعم السريع
  • “إلا بعزة”.. البرهان يحدد شروط التفاوض مع الدعم السريع
  • سعيٌ صهيوني لفتح تحقيق جنائي بحق بن غفير؛ فهل هي محاولة لإرضاء “الجنائية الدولية”؟
  • أفريكا إنتليجنس: شخصيات رئيسية في نظام البشير انضمت لحميدتي لأسباب مناطقية
  • الانتحار السوداني ... متى يتوقف وكيف؟!
  • اتهامات متبادلة بين الجيش والدعم السريع بتفجير جسر في الخرطوم وقتلى بالفاشر
  • الدعم السريع يحاصر مدينة”الميرم” وموجة نزوح جماعي للسكان
  • تدمير جسر الحلفايا الرابط بين بحري وأم درمان .. الجيش والدعم السريع يتبادلان الاتهامات
  • ولاية سنار.. معركة حاسمة في حرب السودان