أشهد لوجه الله أن قيادة رفيعة جداً في الحركة الإسلامية أكدت لي أنهم كلفوا السفيرة سناء حمد لاستقصاء الحقائق من بعض اعضاء اللجنة الامنية حول انقلاب 11 أبريل 2019 الذي أطاح بالبشير . وعلمت أنها التقت من بين من التقت المهندس صلاح قوش والفريق عوض بن عوف . ثم ذهبت للخرطوم وسلمت تقريرها لقيادة الحركة الإسلامية .

وقتها كان المسؤول الأول عن الحركة الإسلامية الأستاذ الزبير أحمد الحسن ( رحمه الله ) وكان على كرتي نائبه . وكان الزبير – حين وصلت سناء الخرطوم – في إقامة جبرية بمنزله .
اكدت لي سناء هذه الإفادة في النصف الأول من عام 2020 . وعلمت منها أن سفرها كان في ديسمبر 2019 . وعلمت أن لقاءها بصلاح قوش كان في 17 ديسمبر 2019 ؛ وبالفريق ابن عوف في 18 ديسمبر 2019. وأن سناء عادت للخرطوم يوم 31 ديسمبر 2020 . ومن المطار ذهبت للاستاذ الزبير في منزله لتقديم تقريرها .

وكان دكتور أمين حسن عمر المرشح للسفر للقاهرة لاستقصاء الحقائق ؛ إلّا أنه جرى العدول عنه حين عُلم أنه محظور من السفر ، وكُلّفت سناء كونها خارج البلاد .

أسوق هذا لمن كتب مشككاً في أصل التكليف ؛ ولمن تجرأ فوصف سناء بالكذب . وحاشاها أن تكون من الكاذبين .

زاملتني السفيرة سناء وأنا وكيل للخارجية ، فعرفتها عن قرب ، ووجدت من طيب أصلها ما يسر القلب ، ولم أعجب فهي سليلة آل البيلي وهم قوم يرفعون للأخلاق والدين ورفيع القيم رايات وبيارق .
والمرءُ يُعرف في الأنامِ بفِعلِهِ
وخصائص المرءِ الكريمِ بأصْلِهِ

وتأكّد لي أنّ الذين سألتهم في القاهرة عن حقائق ما جرى لم يستنكروا أن تسألهم . فهي عندهم موثوقة ، وحَكمٌ تُرضى حُكُومَتهُ ، وهي مبعوثة من قيادة الحركة لتلك المهمة .
واستنكر البعض أن تُكلف لحداثة سنها ؛ هذا علماً أنها حين كُلّفت ذلك التكليف كانت قد تجاوزت سن نُبُوّة . وينسى البعض أن دكتور الترابي قاد الحركة الإسلامية وعمره 34 عاماً ؛ وأصبح على عثمان زعيماً للمعارضة وعمره 33 عاماً ؛ ونفّذ النميري إنقلابه وعمره 39 عاماً ؛ ولعل القذافي كان عمره 29 عاماً . وفتح محمد بن القاسم السِّند وعمره سبعة عشر عاماً . أما محمد الفاتح ففتح اسطنبول وعمره 22 عاما .

ثم أنني علمت أن قيادة الحركة الإسلامية لم تستنكر إفادات السفيرة سناء حمد في لقائها مع الإعلامي الكبير القدير الطاهر التوم . وهذه معلومة .

وانبرى للاستنكار نفرٌ بدؤوا بالتكذيب ، ومضوا حتى الحديث عن ثيابها الأنيقة ، وهذا لا يليق . بل وبلغ البعض حد اتهامها بالتملق . وسناء التي أعرف أنِفَتْها واعتدادها بنفسها ، بعيدة كل البعد عن التملق .

أما اتهامها بانعدام القدرات فباطل . فهي مُفَوّهة ، تُحسِن التعبير عن أفكارها ؛ وما أحسب أن ارتقاءها في السلم القيادي بين الاسلاميين حتى استُوزرت بلغته بالمجاملة . ولها خبرة تراكمية في العمل العام والسياسة والعمل التنظيمي بلغت ربع قرن حين التقت من التقت بالقاهرة .
أما الثغرة التي وجدها شانؤوها في حديثها فهو استخدمها لكلمة ” تحقيق ”
ولو أنها قالت إنها سألتهم أو استفسرتهم لما طالتها سهام نقدهم .

علماً أن الذين اخذت سناء “افاداتهم للتاريخ ” كانوا متقاعدين . والأهم أنهم كانوا أعضاء بالحركة الإسلامية وبالمؤتمر الوطني وهو الذي عينهم في مناصبهم ؛ فلم يستنكفوا أن تبعث قيادتهم مَنْ ” ياخذ افاداتهم للتاريخ ” . بل قبلوه بكل الرضا . فما الذي ” يحرق رز ” الآخرين ؟؟؟!!! .

وحقيقةً يُحْمَد للإسلاميين أنهم استقصوا حقائق ما حدث لنظامهم ؛ ويُحمد لهم أن كشفوا – عبر سناء – تلك الحقائق . وهذه كفيلة بتميزهم على الأحزاب والتنظيمات التي تُخفي نشاطها حتى غدت تعمل بطريقة المافيا الصقليّة المعرفة ب Cosa Nostra ( الشيئ أو الأمر الخاص بنا ) ؛ وتطبق قانون المافيا المعروف بقانون الصمت Omertá Code ، والذي تعاقب المافيا بموجبه من يكشف سِرّاً .

وكثير من أحزابنا وتنظيماتنا تُخفي ما ينبغي أن تُبديه لجماهير الشعب ؛ حتى أصبحت تدير شأننا بطريقة الباطنية . وإن شئت فانظر لسلوك قحت وبعض الأحزاب الأخرى .
وبما كشفته سناء ووافقت عليه القيادة تفوّق الإسلاميون على سواهم .
وحُق للإسلاميين أن يفخروا أن لديهم كوادر شابة كسناء ، تشارك مشاركات باذِخة في ضروب نشاط شتى .

ولست أدرى التوقيت الذي يراه ناقدوها مناسباً ، وقد مضت على الأحداث سنوات خمس . وفي وقت يكتب بعضهم تاريخاً مزوراً عن الحركة الإسلامية ، ويبلغون حد الكذب والافتراء دون حياء أو وازعٍ من ضمير .

وساءني هذا التَنَمّر غير المبرر ، والاستهداف الذي يتصيّد كل كلمة للإساءة والتجريح .
فإلى متى سنسير في طريق الظلمات هذا ؟!

السفير عبد الله الأزرق

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة وتماسكها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقد الجامع الأزهر، اليوم الأحد، جلسة من جلسات ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية، عقب صلاة التراويح بالجامع الأزهر، تحت عنوان «الشائعات»، بحضور نخبة من علماء الأزهر، حيث شارك في الملتقى فضيلة الدكتور محمد أبو زيد الأمير، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وفضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الملتقى فضيلة الدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر.

أكد فضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري، أن الشائعات تمثل خطرًا داهمًا يهدد وحدة الأمة وتماسكها، ولذلك وضعت الشريعة الإسلامية سياجًا حصينًا لمنع انتشارها، وجاء الأمر الإلهي واضحًا في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۭ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوآ﴾، حيث لم تأتِ كلمة أخرى تغني عن «فَتَبَيَّنُوا»، لأن ديننا قائم على التبين والتثبت، ورسولنا ﷺ مكلف بالتبيين، كما قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾. فالشائعة قد تقتل بريئًا، أو تهدم بيتًا، أو تؤجج فتنةً، لذلك كان التثبت أمرًا إلهيا لا يقبل التساهل.

وأوضح أن الشائعات لها آثار مدمرة لا يمكن الاستهانة بها، فقد تسببت عبر التاريخ في إزهاق أرواح وسفك دماء دون وجه حق. ويكفي أن نرى كيف تنتشر بعض الأخبار الكاذبة فتثير الفوضى والاضطراب، مما يؤكد أن الشائعة ليست مجرد كلمة تُقال، بل سهم قاتل يُطلق بلا تفكير. فالمسلم مسؤول عن الكلمة التي ينطق بها، وعليه أن يكون عونًا على نشر الحق لا وسيلةً لترويج الباطل والفتن.

من جانبه، شدد فضيلة الدكتور محمد أبو زيد الأمير على أن الشائعة جريمة ضد الإنسانية، فهي تهدد أمن المجتمع، وتزعزع استقرار الأسرة، وتثير الفتن بين الأفراد. ومروجها مجرم في حق دينه وأمته، إذ يسهم في نشر الفوضى وبث الرعب وإشاعة الفساد. ولذا حذرنا الله سبحانه من أمثال هؤلاء بقوله: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُۥ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِى قَلْبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِى ٱلْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلْفَسَادَ﴾. فالشائعات قد تكون مغلفة بكلام معسول، لكن حقيقتها مريرة ومدمرة.

وأضاف أن مروج الشائعة شخص ضعيف الدين، خبيث النفس، منحرف التفكير، عديم المروءة، تتقاطر من كلماته الخسة والدناءة. فتراه ينشر الأخبار المغلوطة دون وازع من ضمير، متلذذًا بتخريب العلاقات وإثارة البلبلة. ولذا علينا جميعًا أن نكون حائط صد ضد الشائعات، فلا نردد كل ما نسمع، بل نتحرى الدقة ونتثبت قبل نشر أي خبر، حمايةً للمجتمع من الفتن والمخاطر.

بدوره، أوضح فضيلة الدكتور عبد المنعم فؤاد أن الشائعات سلاح خطير يهدد استقرار المجتمعات، فقد تسببت في القطيعة بين الأحبة، وأثارت الفتن بين الأشقاء، بل وزعزعت استقرار الدول والأسر. ولذا عالجها الإسلام بحكمة من خلال صيدلية التثبت، حيث أمرنا الله سبحانه بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌۭ بِنَبَإٍۢ فَتَبَيَّنُوآ﴾. فالمسلم لا يأخذ الأمور بالظن، لأن الظن أكذب الحديث، ومن ينشر الشائعات دون تحقق يقطع أواصر المحبة ويشيع الفوضى في المجتمع.

وأشار إلى أن الشائعات طالت حتى النبي ﷺ في حادثة الإفك، لكنه واجهها بالصبر والحكمة، حتى أنزل الله القرآن ليبرئ السيدة عائشة رضي الله عنها ويضع منهجًا للتعامل مع الأخبار الكاذبة. لذلك، على كل مسلم أن يكون مسؤولًا عن كلمته، فلا ينشر إلا ما تأكد من صحته، حتى نحفظ مجتمعاتنا من الانقسام والاضطراب.

مقالات مشابهة

  • «الشؤون الإسلامية» تطلق حملة «زكاتك من المجتمع إلى المجتمع»
  • القارئ الطبيب صلاح الجمل لـ«الأسبوع»: أنا العربي الوحيد الذي سُمح له أن يسجل القرآن في الحرمين النبوي والمكي
  • الطبق الذي كان يفضله الرسول عليه الصلاة والسلام
  • ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة
  • ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة وتماسكها
  • عبد الله: ودعنا اليوم رفيقنا علي عويدات الذي تشهد له الساحات والمواقف
  • بث مباشر.. صلاتي العشاء والتراويح من الجامع الأزهر ليلة 3 رمضان
  • الشيخ مصطفى ثابت: الرحمة جوهر الحضارة الإسلامية (فيديو)
  • محمد يسري يكتب: العلوم الإسلامية كلها جاءت لبيان فضائل كتاب الله والحفاظ على سنته
  • معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضان.. ومن الذي يوسوس لنا ؟