السفير عبد الله الأزرق: ????فإنّ القولَ ما قالتْ سناءُ
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
أشهد لوجه الله أن قيادة رفيعة جداً في الحركة الإسلامية أكدت لي أنهم كلفوا السفيرة سناء حمد لاستقصاء الحقائق من بعض اعضاء اللجنة الامنية حول انقلاب 11 أبريل 2019 الذي أطاح بالبشير . وعلمت أنها التقت من بين من التقت المهندس صلاح قوش والفريق عوض بن عوف . ثم ذهبت للخرطوم وسلمت تقريرها لقيادة الحركة الإسلامية .
وقتها كان المسؤول الأول عن الحركة الإسلامية الأستاذ الزبير أحمد الحسن ( رحمه الله ) وكان على كرتي نائبه . وكان الزبير – حين وصلت سناء الخرطوم – في إقامة جبرية بمنزله .
اكدت لي سناء هذه الإفادة في النصف الأول من عام 2020 . وعلمت منها أن سفرها كان في ديسمبر 2019 . وعلمت أن لقاءها بصلاح قوش كان في 17 ديسمبر 2019 ؛ وبالفريق ابن عوف في 18 ديسمبر 2019. وأن سناء عادت للخرطوم يوم 31 ديسمبر 2020 . ومن المطار ذهبت للاستاذ الزبير في منزله لتقديم تقريرها .
وكان دكتور أمين حسن عمر المرشح للسفر للقاهرة لاستقصاء الحقائق ؛ إلّا أنه جرى العدول عنه حين عُلم أنه محظور من السفر ، وكُلّفت سناء كونها خارج البلاد .
أسوق هذا لمن كتب مشككاً في أصل التكليف ؛ ولمن تجرأ فوصف سناء بالكذب . وحاشاها أن تكون من الكاذبين .
زاملتني السفيرة سناء وأنا وكيل للخارجية ، فعرفتها عن قرب ، ووجدت من طيب أصلها ما يسر القلب ، ولم أعجب فهي سليلة آل البيلي وهم قوم يرفعون للأخلاق والدين ورفيع القيم رايات وبيارق .
والمرءُ يُعرف في الأنامِ بفِعلِهِ
وخصائص المرءِ الكريمِ بأصْلِهِ
وتأكّد لي أنّ الذين سألتهم في القاهرة عن حقائق ما جرى لم يستنكروا أن تسألهم . فهي عندهم موثوقة ، وحَكمٌ تُرضى حُكُومَتهُ ، وهي مبعوثة من قيادة الحركة لتلك المهمة .
واستنكر البعض أن تُكلف لحداثة سنها ؛ هذا علماً أنها حين كُلّفت ذلك التكليف كانت قد تجاوزت سن نُبُوّة . وينسى البعض أن دكتور الترابي قاد الحركة الإسلامية وعمره 34 عاماً ؛ وأصبح على عثمان زعيماً للمعارضة وعمره 33 عاماً ؛ ونفّذ النميري إنقلابه وعمره 39 عاماً ؛ ولعل القذافي كان عمره 29 عاماً . وفتح محمد بن القاسم السِّند وعمره سبعة عشر عاماً . أما محمد الفاتح ففتح اسطنبول وعمره 22 عاما .
ثم أنني علمت أن قيادة الحركة الإسلامية لم تستنكر إفادات السفيرة سناء حمد في لقائها مع الإعلامي الكبير القدير الطاهر التوم . وهذه معلومة .
وانبرى للاستنكار نفرٌ بدؤوا بالتكذيب ، ومضوا حتى الحديث عن ثيابها الأنيقة ، وهذا لا يليق . بل وبلغ البعض حد اتهامها بالتملق . وسناء التي أعرف أنِفَتْها واعتدادها بنفسها ، بعيدة كل البعد عن التملق .
أما اتهامها بانعدام القدرات فباطل . فهي مُفَوّهة ، تُحسِن التعبير عن أفكارها ؛ وما أحسب أن ارتقاءها في السلم القيادي بين الاسلاميين حتى استُوزرت بلغته بالمجاملة . ولها خبرة تراكمية في العمل العام والسياسة والعمل التنظيمي بلغت ربع قرن حين التقت من التقت بالقاهرة .
أما الثغرة التي وجدها شانؤوها في حديثها فهو استخدمها لكلمة ” تحقيق ”
ولو أنها قالت إنها سألتهم أو استفسرتهم لما طالتها سهام نقدهم .
علماً أن الذين اخذت سناء “افاداتهم للتاريخ ” كانوا متقاعدين . والأهم أنهم كانوا أعضاء بالحركة الإسلامية وبالمؤتمر الوطني وهو الذي عينهم في مناصبهم ؛ فلم يستنكفوا أن تبعث قيادتهم مَنْ ” ياخذ افاداتهم للتاريخ ” . بل قبلوه بكل الرضا . فما الذي ” يحرق رز ” الآخرين ؟؟؟!!! .
وحقيقةً يُحْمَد للإسلاميين أنهم استقصوا حقائق ما حدث لنظامهم ؛ ويُحمد لهم أن كشفوا – عبر سناء – تلك الحقائق . وهذه كفيلة بتميزهم على الأحزاب والتنظيمات التي تُخفي نشاطها حتى غدت تعمل بطريقة المافيا الصقليّة المعرفة ب Cosa Nostra ( الشيئ أو الأمر الخاص بنا ) ؛ وتطبق قانون المافيا المعروف بقانون الصمت Omertá Code ، والذي تعاقب المافيا بموجبه من يكشف سِرّاً .
وكثير من أحزابنا وتنظيماتنا تُخفي ما ينبغي أن تُبديه لجماهير الشعب ؛ حتى أصبحت تدير شأننا بطريقة الباطنية . وإن شئت فانظر لسلوك قحت وبعض الأحزاب الأخرى .
وبما كشفته سناء ووافقت عليه القيادة تفوّق الإسلاميون على سواهم .
وحُق للإسلاميين أن يفخروا أن لديهم كوادر شابة كسناء ، تشارك مشاركات باذِخة في ضروب نشاط شتى .
ولست أدرى التوقيت الذي يراه ناقدوها مناسباً ، وقد مضت على الأحداث سنوات خمس . وفي وقت يكتب بعضهم تاريخاً مزوراً عن الحركة الإسلامية ، ويبلغون حد الكذب والافتراء دون حياء أو وازعٍ من ضمير .
وساءني هذا التَنَمّر غير المبرر ، والاستهداف الذي يتصيّد كل كلمة للإساءة والتجريح .
فإلى متى سنسير في طريق الظلمات هذا ؟!
السفير عبد الله الأزرق
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: التلاعب بالمسميات الجديدة من أسباب الفساد الذي ملأ الأرض
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل أراد من خلقه الامتثال إلى أوامره والابتعاد عن نواهيه، لما في هذه الأوامر من خير عميم يعود على العباد والبلاد، ولما في هذه النواهي من شر وبلاء يفسد الأرض، فالله ليس بحاجة لنا، فهو يأمرنا بما ينفعنا، وينهانا عما يضرنا.
فماذا أراد الله من عباده ؟ أراد منهم الخير والنفع لهم والصلاح والإصلاح، وتأكيدًا لهذا المعنى نبدأ الحديث في سلسلة تساهم في تشييد بناء الإنسان، ألا وهي سلسلة مراد الله من عباده، ولتكن أولى حلقات تلك السلسلة هي (عدم التلاعب بالألفاظ).
فلعل التلاعب باللغة وألفاظها من أهم أسباب الفساد الذي ملأ الأرض، وضج منه جميع الصالحون، بل والعقلاء من كل دين ومذهب، فإن التلاعب باللغة يفتح علينا أبواب شر كبيرة، حيث يُستحل الحرام، ويُحرم الحلال، ويُأمر بالمنكر ويُنهى عن المعروف، وذلك كله عكس مراد الله من خلقه، يقول النبي ﷺ: (إن ناسًا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها) [أخرجه الحاكم في المستدرك].
فرسول الله ﷺ في ذلك البيان النبوي لا يريد أن يشير إلى تلك الكبيرة وهي شرب الخمر فحسب، بل إنه يتكلم عن تلك الصفة التي ستظهر في آخر الزمان وهي التلاعب بالألفاظ، والتي يترتب عليها تضييع الأحكام الشرعية، فيستحل الناس الذنوب والكبائر، فالخمر تسمى مشروبات روحية مثلاً، والزنا يسمى حرية الحياة الخاصة، أو حرية الممارسة الجنسية، ولذلك يظن الناس أن أحكام الله عز وجل لا تنطبق على تلك المسميات الجديدة، رغم أن الحقائق ثابتة.
إن الأساس الفكري الذي نؤكد عليه دائمًا هو ضرورة أن تقوم اللغة بوظائفها التي تبرر وجودها أصلا، فإن للغة ثلاث وظائف أساسية، أولى تلك الوظائف هي : "الوضع" بمعنى جعل الألفاظ بإزاء المعاني، فهو أمر لا بد منه حتى يتم التفاهم بين البشر.
وثاني تلك الوظائف هي "الاستعمال" : وذلك أن المتكلم يستخدم تلك الأصوات المشتملة على حروف لينقل المعاني التي قامت في ذهنه إلى السامع.
وهنا تأتي الوظيفة الثالثة والأخيرة وهي "الحمل" : والتي تعني حمل تلك الألفاظ على مقابلها من المعاني التي سبق للواضع أن تواضع عليها، وقد قرر العلماء عبارة موجزة توضح ما ذكرناه، فقالوا : (إن الاستعمال من صفات المتكلم، والحمل من صفات السامع، والوضع قبلهما).
وينبغي أن يسود ذلك الأساس الفكري في التعامل مع اللغة ليواجه أساسًا فكريًا آخر أصّل الفساد عن طريق التلاعب بالألفاظ، ولعل ما ظهر من مدارس ما بعد الحداثة الفكرية تأصيلاً لذلك الأساس الذي يقرر التلاعب بالألفاظ