4 تساؤلات حول الحرب الأهلية في السودان.. الأخير عن تأثيرها
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
طرحت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير لها، أربعة تساؤلات حول الحرب الأهلية في السودان، واستعرضت أسباب اندلاعها وتحولها إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وأكدت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21" أنه من الصراعات القبلية والسياسية والاقتصادية إلى الانفصال الجنوبي، كل هذه العوامل لعبت دورا في تصاعد التوترات وتفاقم الوضع الإنساني.
كيف بدأ الصراع الحالي؟
وقالت الصحيفة إن القتال في الخرطوم اندلع في 15 نيسان/أبريل 2023؛ حيث تحول الصراع المتصاعد على السلطة بين الفصيلين الرئيسيين في النظام العسكري إلى صراع مميت.
فمن ناحية؛ هناك القوات المسلحة السودانية التي لا تزال موالية على نطاق واسع للجنرال عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد، وتواجهه القوات شبه العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع، وهي مجموعة من الميليشيات التي تتبع أمير الحرب السابق الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.
وقد تأسست قوات الدعم السريع على يد الحاكم الديكتاتوري السابق عمر البشير كميليشيا لمكافحة التمرد حين أراد البشير سحق التمرد في منطقة دارفور الذي بدأ قبل أكثر من 20 سنة بسبب التهميش السياسي والاقتصادي للسكان المحليين.
وأضافت الصحيفة أنه سرعان ما أصبحت قوات الدعم السريع، التي كانت تُعرف في البداية باسم الجنجويد، مرادفة للفظائع واسعة النطاق، وفي سنة 2013، حول البشير الجماعة إلى قوة شبه عسكرية شبه منظمة ومنح قادتها رتبًا عسكرية قبل نشرهم لسحق تمرد جديد في جنوب دارفور.
ويمكن إرجاع صراع حميدتي الحالي على السلطة مع البرهان إلى سنة 2019 عندما تعاونت قوات الدعم السريع والقوات العسكرية النظامية للإطاحة بالبشير من السلطة، وعندما تعثرت محاولات الانتقال إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية، شعر العديد من المحللين أن المواجهة النهائية بين البرهان وحميدتي كانت حتمية.
لماذا تقع دارفور في مركز الصراع؟
أوضحت الصحيفة أن منطقة دارفور، التي يقطنها حوالي 9 ملايين شخص، تقع في قلب الصراع المستمر إلى حد كبير لأنها لا تزال معقل زعيم قوات الدعم السريع حميدتي، ويأتي العديد من مجندي قوات الدعم السريع من المنطقة ومن قبيلة الرزيقات التي ينتمي إليها حميدتي.
قامت قوات الدعم السريع بترويع المجتمعات المحلية في دارفور لسنوات، وتشهد معظم المنطقة حالة من الفوضى؛ فالميليشيات والجماعات المسلحة الأخرى تهاجم المدنيين مع الإفلات من العقاب، وتشير الأدلة الأخيرة إلى أن قوات الدعم السريع متورطة في أعمال عنف عرقية داخل دارفور
وفي السنوات الأخيرة، استثمرت قوات الدعم السريع موارد كبيرة في دارفور في محاولة للسيطرة على أصولها الاستراتيجية، مثل مهابط الطائرات والمناجم ومصادر المياه والطرق الرئيسية، وإذا سار الصراع بشكل سيئ بالنسبة لحميدتي في أماكن أخرى من السودان فمن المرجح أن ينسحب إلى دارفور، ومع قوته المكونة من عشرات الآلاف من المقاتلين المتمرسين، ستكون المنطقة منيعة فعلياً.
ما هي التكلفة البشرية؟
أكدت الصحيفة أن الصراع أدى إلى دخول السودان في "واحدة من أسوأ الكوابيس الإنسانية في التاريخ الحديث"، وفقًا لمسؤولي الأمم المتحدة، الذين حذروا أيضًا من أنه قد يؤدي إلى أكبر أزمة جوع في العالم، وبحسب اليونيسيف، فإن بعض المجتمعات في السودان قد دفعت إلى حافة المجاعة.
وأدى الصراع في السودان إلى خلق أسوأ أزمة نزوح في العالم؛ حيث أدى إلى تشتيت أكثر من 8 ملايين شخص داخليًا وعبر حدود السودان، وقد فر ما يقرب من مليوني شخص إلى البلدان المجاورة مثل تشاد وجنوب السودان.
وأضافت الصحيفة أن نقص الأموال في جنوب السودان يعني أن ثلاثة ملايين شخص يعانون من الجوع الشديد لا يتلقون أي مساعدة من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، وفي تشاد، يعني نقص مماثل أنه سيتعين عليها إنهاء الدعم لجميع اللاجئين البالغ عددهم 1.2 مليون لاجئ داخل البلاد في نيسان/أبريل.
ويحذر مسؤولون من برنامج الأغذية العالمي من أن ما يقرب من 28 مليون شخص في جميع أنحاء المنطقة يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، منهم 18 مليون في السودان، و7 ملايين في جنوب السودان، وحوالي 3 ملايين في تشاد.
ما هو التأثير على المنطقة الأوسع؟
أشارت الصحيفة إلى أن السودان يقع في منطقة مضطربة على الحدود مع البحر الأحمر ومنطقة الساحل والقرن الأفريقي، وقد اجتذب موقعه الاستراتيجي وثرواته الزراعية قوى إقليمية، مما أدى إلى تعقيد فرص الانتقال الناجح إلى حكومة يقودها المدنيون.
لقد تأثر العديد من جيران السودان بالاضطرابات السياسية والصراعات؛ حيث فرت أعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين من القتال إلى الدول المجاورة للبلاد، بما في ذلك مئات الآلاف الذين عبروا الحدود إلى تشاد.
وأوضحت أن التوترات المتصاعدة تشكل الأبعاد الجيوسياسية الرئيسية المؤثرة، وتعد روسيا والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومؤخراً إيران، من بين القوى التي تتصارع على النفوذ في السودان.
فقد رأت السعودية والإمارات في محاولة السودان الانتقال إلى حكومة يقودها مدنيون فرصة لصد النفوذ الإسلامي في المنطقة، ويشكل هؤلاء، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا، "الرباعية"، التي رعت الوساطة في السودان إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
وتخشى القوى الغربية من احتمال إقامة قاعدة روسية على البحر الأحمر، وهو الأمر الذي أعرب القادة العسكريون السودانيون عن انفتاحهم عليه، وفي الآونة الأخيرة، يبدو أن إيران ضغطت على السودان ــ دون جدوى حتى الآن ــ للسماح لها ببناء قاعدة بحرية دائمة على سواحله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحرب الأهلية السودان حميدتي السودان الحرب الأهلية الجيش الأسباب حميدتي سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع الصحیفة أن فی السودان
إقرأ أيضاً:
أوضاع مأسوية في الفاشر بسبب حصار الدعم السريع.. شبه مجاعة (شاهد)
تعيش مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، التي شنت قوات الدعم السريع هجوما عنيفا عليها قبل أيام وتمكنت من حصارها، أوضاعا مأسوية.
وأظهرت فيديوهات أن النازحين في مخيمات الفاشر، وأبرزها زمزم، وأبوشك، وأبوجا، يعانون شحا شديدا في الغذاء والدواء.
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن المصابين داخل الفاشر يضطرون لمعالجة أنفسهم بطرق بدائية، ويضمدون جراحهم بقطع قماش بسبب عدم وجود مستلزمات إسعافات أولية.
يقول عيسى سعيد (27 عاما) والد محمد لوكالة فرانس برس، في اتصال عبر الأقمار الصناعية ستارلينك، في ظل انقطاع الاتصالات في المنطقة بشكل كامل: "بمساعدة جارتنا التي كانت سابقا تعمل في مجال التمريض، أوقفنا النزيف لكن اليد فيها تورّم ولا ينام (محمد) ليلا من الألم".
وكما هو حال سكان آخرين في مدينة الفاشر المحاصرة من قوات الدعم السريع منذ أيار/ مايو 2024، فإنّ عيسى لا يمكنه نقل ابنه إلى غرفة الطوارئ في أي مستشفى.
وقد أدّت الهجمات المتكرّرة التي شنّتها قوات الدعم السريع على العاصمة الإقليمية لمنطقة دارفور الشاسعة، إلى جعل أي تحرّك للمدنيين محفوفا بالمخاطر.
فضلا عن ذلك، تعرّضت جميع المرافق الصحية فيها لقصف أو لهجوم.
ويقول محمد وهو منسّق مساعدات إنسانية نزح إلى الفاشر هذا الأسبوع، إنّ مئات الجرحى يجدون أنفسهم محاصرين حاليا في المدينة.
هذا الفيدو يوثق معاناة النازحين الفارين من الفاشر ومعسكراتها ابوشوك وأبوجا وزمزم للنازحين للحصول علي المياه الصالحة للشرب ١٩ ابريل ٢٠٢٥م، تناشد منظمتي مناصرة ضحايا دارفور و الملاذ الآمن جميع المنظمات للتدخل العاجل لتوفير مياه الشرب، علما بأن هناك عدد من النازحين ماتوا في الطريق… pic.twitter.com/czshVxS1TQ — Darfur Victims Support (@DVSorg) April 19, 2025
"العلاج بما هو موجود"
وكان هو نفسه قد أُصيب في فخذه خلال الهجوم الدامي الذي نفذته قوات الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين الواقع على بعد 15 كيلومترا جنوبي الفاشر.
وبحسب مصادر إنسانية، فإنّ مئات آلاف الأشخاص فرّوا من مخيّم زمزم الذي أعلنت الأمم المتحدة أنّه يعاني من مجاعة، وذلك للجوء إلى مدينة الفاشر.
ويضيف محمد الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل لأسباب أمنية، إنّ "الناس فاتحة بيوتها وكلّ الناس يتلقّون العلاج بشكل خصوصي في البيوت".
في الفاشر، يحاول الناس تقديم الإسعافات الأولية وعلاج الحروق أو الجروح الناجمة عن الرصاص وشظايا القذائف، بالاعتماد على مواد بدائية للإسعافات الأولية وباستخدام نباتات طبية.
ويروي محمد أبكر (29 عاما) أنه كان يحاول إحضار الماء لأسرته عندما أُصيب بطلق ناري في رجله.
ويقول: "حملني جيراني إلى داخل المنزل واستدعوا جارنا الذي لديه خبرة في معالجة الكسور بالجبيرة وهو نوع من العلاج الشعبي... باستخدام أخشاب وقطع قماش".
ويضيف: "المشكلة أنّه حتى لو تعالج الكسر، فما زالت الرصاصة في رجلي".
وفيما أصبح وجود المعدّات الصحية محدودا للغاية في المدينة، يشير محمد إلى أنّه لو كان هناك مال لكان من "الممكن إرسال من يشتري شاشا أو مسكّنا، هذا إن كان موجودا ولكن بشكل عام لا توجد مستلزمات، يتم العلاج بما هو موجود".
الملح كمطهّر
أسفرت الهجمات الأخيرة التي شنّتها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ومخيّمات النازحين المحيطة بها، عن مقتل أكثر من 400 شخص، بحسب ما أفادت به الأمم المتحدة الاثنين.
ويمكن لأي هجوم واسع النطاق قد تشنّه قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة، أن يترك آثارا تدميرية عليها.
وفي السياق، تتزايد التحذيرات من مخاطر مثل هذه العملية في منطقة الفاشر حيث يجد 825 ألف طفل على الأقل أنفسهم محاصرين في "جحيم"، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
وبعد 11 شهرا من الحصار وعامين من الحرب، بنى الكثير من سكان الفاشر ملاجئ مرتجلة وكثيرا ما حفروا على عجل حفرا غطوها بأكياس رمل لحماية أنفسهم من القصف.
ولكن لا يتمكّن الجميع من الوصول إلى الأمان في الوقت المناسب.
الأربعاء، سقطت قذيفة على منزل هناء حماد، ما أدى إلى إصابة زوجها في بطنه.
وتقول المرأة البالغة 34 عاما لـ"فرانس برس": "حاولنا بمساعدة جارنا إيقاف النزيف ومعالجة الجرح باستخدام ملح الطعام كمطهّر".. لكنّه "في الصباح التالي، توفي".
من جانبه، يناشد محمد الذي يجد نفسه طريح الفراش "التدخّل العاجل من كل من يستطيع إنقاذ الناس".
والجمعة، دعت منظمة أطباء بلا حدود إلى إرسال مساعدات إنسانية.
وقال رئيس البعثة راسماني كابوري: "رغم إغلاق الطرق المؤدية إلى الفاشر، فإنه يجب إطلاق عمليات جوية لإيصال الغذاء والدواء إلى مليون شخص محاصرين هناك ويعانون الجوع".
هذا الفيدو يوثق توافد النازحين من الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك بأعداد كبيرة إلى منطقة الطويلة حيث الأمان، لكن التحدي الأكبر يتمثل في نقص الخدمات الأساسية.
Displaced people from El Fasher and the Zamzam and Abu Shouk camps are flocking to the Tawila area en masse, where there is… pic.twitter.com/CrL5qiW1Gw
تتواصل عمليات توافد المدنين من الفاشر ومعسكراتها ابوشوك وأبوجا وزمزم إلي وحدة ادارية كورما معسكر سلك للنازحين ولاية شمال دارفور الفاشر ١٨ ابريل ٢٠٢٥م، تطلق منظمة مناصرة ضحايا دارفور نداء إنساني عاجل لكل المنظمات وصول ٧٠٠ أسرة معظمهم من النساء والاطفال وكبار السن حوالي ٦٠ ألف شخص… pic.twitter.com/eaiVOjfGLs
— Darfur Victims Support (@DVSorg) April 19, 2025