صدر تقرير السعادة السنوي عن الأمم المتحدة، يوم 20 مارس الماضي، ورصد درجة سعادة الشعوب بوسائل مختلفة منها تقارير معهد جالوب وتقارير البنك الدولي واستطلاعات رأي من عينات من الناس، وذلك تحت إشراف جامعة إكسفورد ورعاية من الأمم المتحدة، وهدفه التشجيع على تحقيق السعادة والرفاهية للناس.

ولا يوجد تعريف محدد للسعادة، ولكن من المعروف أن المصادر الأساسية لسعادة البشر تكاد تنحصر في أربعة عناصر وهي: الملذات "من الطعام والشراب والجنس ووسائل الرفاهية والنشاطات الممتعة"، والإنجازات، والعلاقات والقيم، وهذه المصادر يختلف ترتيب أهميتها من شخص لآخر، وهناك دول أنشأت وزارات مخصوصة لتحقيق سعادة شعبها ومنها دولة الإمارات العربية.

والسعادة "بمفهومها العميق والشامل ومتعدد المستويات" ليست ترفا، وإنما هي سبب هام جدا للصحة الجسدية والنفسية ودافع رئيس للإنتاج والإبداع، والعلاقات الجيدة بين الحكام والمحكومين وبين المواطنين بعضهم البعض. وتقاس السعادة في هذا التقرير على عدة محاور هي: نصيب الفرد من الدخل القومي، طول العمر في صحة جيدة، محاربة الفساد، حرية الفرد في التعبير عن نفسه واتخاذ قرارات خاصة بحياته، والكرم بين الناس، والمساواة في السعادة بين طبقات المجتمع، والدعم الاجتماعي.

أضف إلى هذه المعايير هذا العام قياس السعادة لدى الشباب على حدة ولدى المسنين بشكل خاص، ووجد تفاوتا بين هذين المستويين من العمر، ففي أمريكا مثلا وجد أن الشباب أقل سعادة من المسنين فهم لا يستطيعون في الوقت الحالي الحصول على مسكن مستقل ودخلهم لا يغطي احتياجاتهم ولا يحقق أحلامهم وطموحاتهم، كما كان لوسائل التواصل الاجتماعي تأثير على مستوى سعادتهم.

وجاءت فنلندا في المركز الأول، وتلتها كل من الدانمارك وأيسلندا والسويد وهولندا والنرويج ولوكسمبورج وسويسرا، بينما حلت أفغانستان في ذيل القائمة يسبقها لبنان وليسوتو وسيراليون، وهذا هو الغريب أن تكون بلد مثل لبنان التي كانت مفعمة بالسعادة وكانت مصدرا للسعادة للدول المحيطة بها، والآن هي في ذيل القائمة على مقياس السعادة بسبب الصراعات الطائفية والفساد المستشري.

وحلت الكويت في المركز 13 عالميا، ثم الإمارات في المركز 22 ثم السعودية 28 والبحرين 62 وليبيا 66 "على الرغم مما فيها من صراعات سياسية وعسكرية"، ثم الجزائر 85، والعراق 92 "ويبدو أن العراق بدأ يتعافى"، والأراضي الفلسطينية 103 "على الرغم مما تعانيه من الاحتلال وويلاته"، وقد انخفضت مرتبة كل من البحرين والإمارات والسعودية، رغم أن مؤشر السعادة في الإمارات لا يزال قريبا من العام الماضي، ويأتي بعد ذلك المغرب في الترتيب 107، وموريتانيا 111، وتونس 115، والأردن 125، ومصر 127، وجزر القمر 132، واليمن 133، ثم لبنان 142.

ويشير التقرير إلى انخفاض طفيف في معدل السعادة على أساس سنوي، ويرجع ذلك إلى الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تضرب دول العالم.

واحتلت فنلندا المركز الأول في السعادة للعام السابع على التوالي، وتسجل دول شمال أوروبا أو الدول الإسكندنافية أعلى معدلات للسعادة والرضا عن الحياة على الرغم من الطقس البارد، وفصول الشتاء الطويلة، وانقطاع ضوء النهار لجزء من العام في أجزاء من البلاد، فقد جاءت الدانمارك وآيسلندا والسويد خلف فنلندا، وجاءت النرويج في المركز السابع، ويرجع تقدم فنلندا إلى أن لديها أنظمة قائمة تجعل جوانب الحياة أقل إرهاقا، فالتعليم مجاني إلى حد كبير، والإجازات من العمل وفيرة، وتغطية الرعاية الصحية ممتازة ومضمونة، بالإضافة إلى قلة عدد السكان مما يجعل هناك نوع من الوفرة والرعاية وسهولة الحياة.

ويحاول علماء النفس والاجتماع فهم سبب تمتع الشعب الفنلندي بمعايير أعلى في السعادة فوجدوا بعض العوامل، ومنها أنهم لا يكذبون بشأن مشاعرهم إرضاءً لأحد، فهناك أقل قدر من الإيجابية الإجبارية، وهذا الصدق الوجداني والعاطفي يساهم إلى حد كبير في شعورهم بالسعادة، ولديهم توازنا كبيرا بين العمل الجاد لأوقات معقولة والاستمتاع بالحياة، فهناك أوقاتا كافية للقيام بأنشطة أخرى غير العمل، وليس لديهم الروح التنافسية المنهكة ليسبقوا في الإنتاج أو التسليح، ولا يدخلون في صراعات سياسية. وللطبيعة الخلابة دور مهم في سعادة الشعب الفنلندي، والبلاد لديها قواعد تعرف باسم "حق كل إنسان"، والتي تسمح للناس في فنلندا باستخدام كل غابة وبحيرة ومنطقة ساحلية مجانا.

كما أن مستويات الثقة بين الأفراد في فنلندا مرتفعة للغاية، وأيضا الثقة في الحكومة أنها تعمل لصالحهم وتنشط لرعايتهم، والشبكات الاتماعية ممتازة، وهذا مايطلق عليه "رأس المال الاجتماعي"، وهذا لعب دورا كبيرا في منحهم السعادة والرضا عن الحياة.

ومن المفارقات تراجع ألمانيا من المركز 16 في العام الماضي إلى المركز 24، ولم تصل أي من الدول الكبرى إلى المراكز ال 20 الأولى، حيث تراجعت الولايات المتحدة إلى المركز 23 من المرتبة 15 في العام الماضي.

وبناءً على اهتمام العالم كله بالسعادة، فقد نشأ علم جديد يسمى "علم السعادة"، يبحث في العوامل البيولوجية "مراكز المخ وكيمياء المخ التي تساهم في حدوث السعادة" والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات السعادة.

وأخيرا هل تشعر عزيزي القارئ بالسعادة والرضا عن حياتك؟ وماذا تقترح للوصول إل السعادة؟ فالسعادة لا تأتي إلينا بل نذهب نحن إليها ونصنع أسبابها.

رئيس فسم الطب النفسي جامعة الأزهر

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مؤشر السعادة فی المرکز

إقرأ أيضاً:

إدارة ترامب تباحثت مع دولتين إحداهما عربية لترحيل مهاجرين إليها

كشفت شبكة "سي أن أن"، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحثت مع دولتين، إحداهما عربية، إمكانية ترحيل مهاجرين لديهم سجلات جنائية في الولايات المتحدة إليهما.

ووقع ترامب أمرا تنفيذيا في كانون الثاني/ يوجه فيه كبار المسؤولين لتسهيل التعاون الدولي واتفاقيات إرسال طالبي اللجوء إلى دول أخرى.

وبالإضافة إلى إرسال المهاجرين ذوي السجلات الجنائية، يأمل مسؤولو ترامب أيضا في الدخول في مفاوضات رسمية مع ليبيا لإبرام ما يسمى باتفاقية "الدولة الثالثة الآمنة"، والتي من شأنها أن تسمح للولايات المتحدة بإرسال طالبي اللجوء الذين يتم القبض عليهم على الحدود الأمريكية إلى ليبيا، وفقا لأحد المصادر.

وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأنهم لا يناقشون تفاصيل الاتصالات الدبلوماسية، وأضاف المتحدث أن الوزارة "تعمل عالميا لتطبيق سياسات إدارة ترامب المتعلقة بالهجرة".

وسبق أن حاول مسؤولو إدارة ترامب إبرام اتفاقيات آمنة مع دول في نصف الكرة الغربي لتخفيف العبء على نظام اللجوء الأمريكي ووقف الهجرة إلى الولايات المتحدة، كما تحركت الإدارة لتوسيع نطاق التعاون ليشمل العمل مع دول لاحتجاز الأشخاص المرحلين من الولايات المتحدة، بما في ذلك مؤخرا مع السلفادور.

وأفادت بأن وزارة الخارجية الأمريكية تجري محادثات مع دول أخرى بشأن استقبال المهاجرين، بالإضافة إلى ليبيا ورواندا.



وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في اجتماع لمجلس الوزراء، الأربعاء: "أقول هذا دون أي اعتذار، نحن نبحث بنشاط عن دول أخرى لاستقبال أشخاص من دول ثالثة".

وأضاف: "نعمل مع دول أخرى لنقول: نريد أن نرسل إليكم بعضا من أكثر البشر دناءة إلى بلدانكم هل ستفعلون ذلك كخدمة لنا؟ وكلما ابتعدتم عن أمريكا، كان ذلك أفضل، حتى لا يتمكنوا من العودة عبر الحدود".

ووفقا لأحد المصادر، التقى، خلال هذا الأسبوع، مسؤولون كبار في وزارة الخارجية الأمريكية بمسؤولين ليبيين وناقشوا مقترح إرسال مهاجرين إلى ليبيا.


ومن بين أدوات الضغط المحتملة للولايات المتحدة في أي محادثات احتمال فرض حظر سفر آخر على الزوار من عدة دول، وهو ما لم تعلن عنه إدارة ترامب بعد، وقد شملت الحظر ليبيا خلال ولاية ترامب الأولى.

وأشار تقرير للأمم المتحدة صدر 2024 إلى سنوات من انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا، ومخاوف بشأن غياب المساءلة عن هذه الانتهاكات، كما وثقت جماعات حقوق الإنسان ووكالات الأمم المتحدة لسنوات انتهاكات منهجية للمهاجرين في ليبيا، بما في ذلك مزاعم العمل القسري والضرب والاغتصاب والتعذيب.

وأفادت مصادر مطلعة أن محادثات جرت هذا الأسبوع بين الولايات المتحدة ورواندا للدفع بخطة لاستخدام البلاد لترحيل المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة.

وتناقش رواندا والولايات المتحدة اتفاقية محتملة تقبل بموجبها رواندا المهاجرين ذوي السجلات الجنائية الذين قضوا عقوبتهم في الولايات المتحدة بالفعل.

ولا تزال هيكلية التكلفة قيد الدراسة، على الرغم من أن مصادر أشارت إلى أنها ستكون على الأرجح أعلى من التكلفة الإجمالية لكل شخص من المرحلين إلى السلفادور، لأن رواندا لن تسجنهم.

وأفادت مصادر أن رواندا ستدمجهم في المجتمع وتقدم لهم بعض الدعم الاجتماعي، مثل راتب ومساعدة في إيجاد عمل محليا.

وفي مارس/آذار، رحل شخص واحد من الولايات المتحدة إلى رواندا، وهي عملية نقل اعتبرت نموذجا يمكن أن ينجح على نطاق أوسع، وفقا لمصادر، وكان هذا الشخص لاجئا من العراق، يدعى عمر عبدالستار أمين.

مقالات مشابهة

  • مها الحملي تحقق المركز الثالث في فئتها في رالي جميل 2025
  • إدارة ترامب تباحثت مع دولتين إحداهما عربية لترحيل مهاجرين إليها
  • قانون جديد في فنلندا يقيّد استخدام الهواتف الذكية في المدارس
  • إدارة ترامب تبحث مع ليبيا ترحيل مهاجرين إليها
  • 230 مليون درهم تسلمها 18 ألف عامل عبر محكمة أبوظبي العمالية العام الماضي
  • 1.6 مليون نزيل بفنادق الشارقة العام الماضي بنمو 11%
  • محافظ الدقهلية يكلف ألسكرتير العام بمهلة 48 ساعة لتوفيق أوضاع المركز التكنولوجي بأجا
  • ضعف عضلة القلب..ما أسبابها وعلاجاتها؟
  • عناية المملكة بقضية السلامة والصحة المهنية تأتي انطلاقاً من مسؤوليتها تجاه الإنسان
  • وهج الزهد.. حين تضيء القناعة طريق الحياة الزوجية