بعد خروج فرنسا المهين من النيجر بأمر من المجلس العسكري بقيادة عبد الرحمن تشياني، إثر الانقلاب العسكري على السلطة الفعلية للبلاد برئاسة محمد بازوم في السادس والعشرين من يوليو ٢٠٢٣، ظنت أمريكا أنها خارج حسابات المجلس العسكري، ولم تُعطِ بالًا إلى أن هذا المجلس يسعى منذ اللحظة الأولى إلى تطهير البلاد من الدول التي تحكَّمت في ثروات النيجر، وحرمت سكانه من خيراته، وتدخلت في شئونه السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، إلى درجة وجود قوات وقواعد عسكرية لتلك البلدان في النيجر، وعلى رأسها فرنسا التي نظر إليها المجلس العسكري وشعب النيجر باعتبارها تاريخيًّا قوةً استعماريةً وانتهازيةً تعمل لمصلحتها وليس من أجل مصلحة شعب النيجر.
أما الآن فقد جاء الدور على أمريكا، وذلك بعد إصدار المجلس العسكري الحاكم يوم السبت الماضي الموافق السادس عشر من شهر مارس الجاري قرارًا بإلغاء التعاون العسكري الأمريكي مع النيجر الذي أُبرم عام ٢٠١٢، وذلك من خلال خطاب تلفزيوني للمتحدث العسكري أمادو عبد الرحمن الذي وصف الاتفاق الأمريكي بالمجحف، بعد أن فرضته أمريكا بشكل أحادي بحجة محاربتها للإرهاب، ما قد يسفر عن طرد القوات الأمريكية الموجودة بقاعدة عسكرية كبيرة بالنيجر وقوامها ألف ومائة جندي. وقد برَّر المتحدث العسكري أمادو عبد الرحمن تلك القرارات بأنها ردة فعل لتلبية مصالح وطموحات شعب النيجر، التي تُعَد على رأس أولويات المجلس العسكري، ومنها: إخراج القوات الأجنبية، إلغاء الاتفاق المتعلق بوضع الطاقم العسكري الأمريكي والموظفين المدنيين بوزارة الدفاع الأمريكية الموجودين على أرض النيجر، واعتبار الوجود الأمريكي غيرَ قانوني، لانتهاكه القواعد الدستورية والديمقراطية للنيجر.
وفي هذا الإطار يرى بعض الخبراء والمحللين أن تلك الخطوة الجريئة جاءت نتيجة التصعيد الذي تسببت فيه زيارة وفد أمريكي استغرقت ثلاثة أيام إلى النيجر برئاسة «مولي ڤي» مساعدة وزير الخارجية الأمريكية، التي يرون أنها ووفدها لم يحترموا الأعراف الدبلوماسية، وتعاملوا بتعالٍ وإجحاف مع رئيس الوزراء المكلف من المجلس العسكري بالنيجر «علي الأمين الزين»، ما تسبب في تعكير العلاقات المتوترة أصلًا بين البلدين. ويأتي هذا القرار الجريء للمجلس العسكري بعد أن شهد النيجر تقاربًا في المواقف، وإنشاء قوة لمحاربة الجهاديين مشكَّلة من النيجر ومالي وبوركينا فاسو، إضافة إلى تراجع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا الـ(إيكواس)عن العقوبات التي كانت مفروضة في السابق على النيجر، هذا مع العلاقات الإيجابية القوية بين النيجر وإيران وروسيا والصين، وتأكيد عبد الرحمن تشياني أن النيجر في طريقها إلى العودة إلى الحياة الدستورية الطبيعية في الوقت القريب في إطار حوار وطني.
إن هذا القرار يأتي كضربة موجعة لأمريكا وللقوات الغربية الموجودة بالنيجر. كما يأتي قرار طرد القوات الأمريكية بمثابة هدية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تستعد بلاده لفتح شراكات موسعة -وبخاصة العسكرية والأمنية منها- مع النيجر، وبهذا القرار تكون روسيا ومعها إيران والصين قد كسبوا نفوذًا قويًّا في دول غرب إفريقيا، وذلك بعد أن أصبحت تلك الدول تتطلع إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب في إفريقيا، والتحرر من المستعمرين الغربيين الذين هيمنوا على تلك البلاد.ما يشير إلى إعادة ترتيب چيوسياسي بالمنطقة، ودليل ذلك طرد فرنسا، ثم قرار طرد القوات الأمريكية. لتبقى ألمانيا التي لا تزال تحتفظ بوجود عسكري لها في المركز الجوي بمطار نيامي عاصمة النيجر، ولكن وفقًا لمصادر في السياسة الخارجية الألمانية فإن هذا الوجود الألماني مهدد بالطرد هو الآخر، ما يعني فقدان ألمانيا آخر نقطة ربط لها بمنطقة الساحل بعد طردها من مالي. فهل ستخرج القوات الأمريكية من النيجر في الوقت الذي يرى فيه كبار المسؤولين في البنتاجون أن «وجود القوات العسكرية الأمريكية بالنيجر أمر حيوي لجهود التصدي للإرهاب»- على حد قولهم؟!!
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: القوات الأمریکیة المجلس العسکری عبد الرحمن من النیجر بعد أن
إقرأ أيضاً:
المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى مواجهة التحديات التي تعاني منها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة
دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في بيان أصدره الجمعة، بمناسبة اليوم الوطني للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. إلى ضرورة تظافر الجهود لمواجهة التحديات التي تعاني منها هذه الفئة من المجتمع. مثمنا الآليات القانونية التي كرسها المشرع الجزائري قصد حمايتها و ترقيتها.
وأشاد المجلس بالجهود التي تبذلها الجزائر في المجال التشريعي، انطلاقا من القانون المتعلق بـ”حماية الأشخاص المعوقين. وترقيتهم”ـ الذي كان قد صدر سنة 2002 و وصولا إلى القانون الجديد المتعلق بحماية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. الصادر سنة 2025ـ والرامي إلى تعزيز آليات التكفل والرعاية لفائدة هذه الفئة. و هو ما يجسد الطابع الاجتماعي للدولة المستمد من المرجعية الوطنية.
و في هذا الصدد، حث على “الإسراع بإصدار النصوص التطبيقية لهذا القانون الجديد”. مع تنصيب المجلس الوطني لذوي الاحتياجات الخاصة، والذي من شأنه تقديم الاقتراحات و التوصيات في مجال حماية هذه الفئة.
كما توقف المجلس عند أهم العراقيل التي يعاني منها الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة، داعيا أرباب العمل. إلى “الالتزام بتخصيص نسبة محترمة من مناصب العمل” لهم، كما حث أيضا على “إجراء جرد شامل لكل حالات الإعاقة. وتصنيفها بالطرق العلمية المعتمدة، و تكثيف حملات التوعية والتثقيف لخلق انسجام مجتمعي يدعم إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة”.
وفي سياق ذي صلة، عرج المجلس على أهمية تعزيز الخدمات الصحية، خاصة في مجال الكشف المبكر عن حالات الإعاقة. وبذل جهد خاص في سبيل الوقاية من الحوادث المؤدية إليها، على غرار حوادث الطرقات.
وفي الختام، سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلتزامه بالعمل مع جميع الشركاء لتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات. الخاصة وضمان رفاهيتهم، مجددا دعوته للسلطات العمومية والمجتمع المدني والإعلام من أجل “العمل على كل ما من شأنه. تسهيل حياة هذه الفئة”، و تمكينها من لعب دورها كفاعل في المجتمع مندمج تماما في الحياة الاجتماعية.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور