غالانت يبحث في واشنطن بدائل اجتياح رفح
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
يبحث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في واشنطن، مع نظيره الأميركي لويد أوستين وغيره من المسؤولين العسكريين البدائل التي تقترحها الولايات المتحدة للخطة الإسرائيلية لاجتياح مدينة رفح. وتأتي زيارة غالانت بدعوة من واشنطن التي لديها تحفظات على خطة اجتياح رفح بالشكل والتوقيت اللذين تريدهما إسرائيل، ويعدهما المسؤولون الأميركيون مغامرة عسكرية لن تكون مجدية وستتسبب في أضرار أمنية وسياسية لإسرائيل.
وتقترح واشنطن خطة بديلة تعتمد على الاكتفاء بـ«عمليات عينية» تستهدف قادة حركة «حماس» على نار هادئة وبلا عمليات حربية واسعة، وذلك مقابل تزويد واشنطن، إسرائيل، بأسلحة وذخيرة طلبتها تل أبيب. وحسب مصادر إسرائيلية، فإن غالانت ينوي التقدم بمطالب عديدة في هذا المجال.
ويتوجه أيضاً إلى واشنطن وفد إسرائيلي يرأسه وزير الشؤون الاستراتيجية روم ديرمر، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، لتقديم الخطة الإسرائيلية لاجتياح رفح وسماع البدائل الأميركية. وحذر بلينكن خلال اجتماعه مع «كابينيت» الحرب، يوم الجمعة، من أن «أي عملية ضد رفح لن تحقق أهداف إسرائيل وستضر بأمنها، من الضروري وضع خطة لرفح، وهذا ما سنبحثه مع الوفد الإسرائيلي في واشنطن الأسبوع المقبل، لأن الهجوم على رفح يهدد بعزل إسرائيل عن العالم».
إدخال المساعدات
وقالت صحيفة «هآرتس»، يوم الأحد، إن الإدارة الأميركية تضع موضوع العراقيل الإسرائيلية لإنزال مساعدات أميركية من الجو وإقامة رصيف عائم عند شاطئ مدينة غزة على رأس اهتمامها، وتريد من إسرائيل أن توافق على إدخال بضائع من أراضيها إلى شمال القطاع عن طريق معبر إيرز (بيت حانون).
وقال مقرب من غالانت إنه سعيد بموقف الإدارة الأميركية الذي يقول إن فرض قيود على تزويد إسرائيل بالأسلحة الأميركية، كما يطلب مسؤولون في الحزب الديمقراطي وشريحة واسعة من الناخبين الأميركيين «غير مطروح». وسيطلب غالانت تعهدات «لاستمرار المساعدات الأمنية بعيداً عن الخلافات السياسية بين الدولتين، وأن تتسع هذه المساعدات في حال تصعيد القتال في الجبهة اللبنانية».
الضفة الغربية
وقضية أخرى في محادثات غالانت في واشنطن تتعلق بالوضع في الضفة الغربية، حيث تحذر إدارة الرئيس جو بايدن من تصعيد أمني واسع. وحسب الصحيفة، فإن الإدارة تطالب إسرائيل بتنفيذ خطوات لتخفيف معاناة الفلسطينيين في الضفة، خصوصاً من الناحية الاقتصادية. وغالانت يؤيد تنفيذ خطوات كهذه، في مقدمتها إدخال عدد محدود وبشكل انتقائي من العمال الفلسطينيين للعمل في إسرائيل.
وقضية أخرى سيبحثها غالانت في واشنطن تتعلق بلبنان. ويعدُّ غالانت الأكثر تشدداً بين أعضاء مجلس قيادة الحرب بما يتعلق بإبعاد قوات «حزب الله» عن الحدود. وفيما يجري المبعوث الأميركي عاموس هوخشتاين محادثات تتعلق بلبنان وإسرائيل وترسيم الحدود، يسعى غالانت إلى الحصول على دعم أميركي واسع لإسرائيل لتوسيع القتال ضد «حزب الله» عبر إرغامه على سحب مقاتليه من منطقة الحدود مع إسرائيل.
وحسب غالانت، سيبحث أيضاً في موضوع إيران، إذ قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن «إسرائيل قلقة مما يجري في سوريا والعراق واليمن، والقاسم المشترك بينها هو إيران. وسيحاول غالانت حضّ الأميركيين على تصعيد الضغط على طهران من أجل لجم (حزب الله)، رغم أن احتمالات أن تخاطر إدارة بايدن بمواجهة مع طهران خلال سنة الانتخابات ضئيلة جداً».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: اجتياح رفح واشنطن فی واشنطن
إقرأ أيضاً:
الشاي المر… عندما يصبح الرزق تهمة
في شوارع الخرطوم ومدن السودان المختلفة، تقف “ستات الشاي” كأيقونة صبر ومقاومة، يسعين خلف لقمة العيش في بلد أثقلته الأزمات والحروب. ومع أن ما يقمن به لا يتجاوز إعداد كوب شاي أو قهوة، إلا أنهن كثيرًا ما وجدن أنفسهن في مواجهة تُهم جاهزة، ووصم مجتمعي لا يستند إلى دليل. لطالما ارتبط اسم “ستات الشاي” في أذهان البعض بمخاوف أمنية أو مخالفات قانونية، دون أن تُضبط إحداهن متلبسة بجريمة تخل بالأمن العام أو تستحق العقوبة الجنائية إلا فيما ندر. جل ما يُسجل عليهن هو مخالفة أوامر المحليات، وهي في الغالب ترتبط بعدم الترخيص أو الجلوس في أماكن غير مصرح بها.
لكن السؤال الأهم هنا: هل وفرت الدولة لهن بيئة قانونية أو بدائل آمنة للعمل؟ أم أننا نمارس عليهن تضييقًا دون أن نفتح لهن أبوابًا للرزق المشروع؟ لسنا ضد تنظيم العمل أو فرض ضوابط تشغيلية تحافظ على المظهر العام وتراعي مقتضيات الأمن، والصحة. نعم، يمكن حصر العاملات، وتحديد مواقع مناسبة، وضمان شروط النظافة والسلامة. لكن ما لا يجب أن يحدث هو أن يصبح التنظيم مرادفًا للإقصاء، أو أن تُقطع أرزاق الناس دون بدائل تحفظ كرامتهم. هناك فارق كبير بين الحفاظ على النظام، وبين القسوة غير المبررة.
ولفهم هذا التوتر بين الأمن والرزق، نحتاج إلى التوقف عند مفهومي “الأمننة” (Securitization) و”اللامننة” (Desecuritization) في تناول القضايا الاجتماعية. حين تُدرج قضية اجتماعية، كعمل ستات الشاي، في خطاب أمني وتُقدَّم كتهديد للنظام العام، تُصبح “مؤمننة” (Securitized)، وتُعالج عبر آليات الردع والملاحقة، لا عبر الفهم والمعالجة. أما “اللامننة” (Desecuritization)، فهي النظر إلى هذه القضايا كظواهر مجتمعية تستوجب حلولًا تنموية وحقوقية. والتحدي الحقيقي يكمن في المزاوجة بين الأمرين: أن نحمي الأمن دون أن نضرب الإنسان في لقمة عيشه. يمكن تحقيق ذلك بتحليل دقيق لطبيعة الظاهرة، وتقنينها بدل تجريمها، وإشراك المجتمع المدني والجهات التنموية مع الأجهزة الأمنية، وتوفير بدائل حقيقية قبل أي تدخل زجري. كما أن للخطاب الإعلامي دورًا محوريًا في خلق بيئة تفهم هذه التوازنات، لا تذكي نار الشك والتخوين.
في الحديث الشريف، دخلت امرأة النار في هرة، لا هي أطعمتها، ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض. فكيف إذًا بعشرات النساء اللواتي يطاردن في أرزاقهن دون أن نوفر لهن سندًا أو نترك لهن فسحة للعيش؟ أليس في ذلك ظلم نخشى أن نحاسب عليه؟
ولنا في سيدنا عمر بن الخطاب أسوة حسنة، وهو القائل: “إن هذا الأمر لا يصلحه إلا لين في غير ضعف، وشدة في غير عنف.” وقد كان مزيجًا فريدًا من الحزم والرحمة، والقوة واللين، فقد عُرف بالشدة في الحق، لكنه كان أيضًا رقيق القلب، وكان يقول: “لو أن بغلة عثرت في العراق، لكنت مسؤولًا عنها لمَ لمْ أُمهّد لها الطريق؟” — تعبير عميق عن الإحساس بالمسؤولية والشفقة على كل مخلوق. وهي الروح التي يجب أن تسود في تعاملنا مع قضايا الهشاشة، لا سيما حين يتعلق الأمر بأرزاق من لا سند لهم.
ستات الشاي لسن مجرمات، بل ضحايا ظرف قاسٍ، نساء يحملن عبء أسرهن فوق رؤوسهن، في صبر لا يُضاهى. ومن واجب الدولة والمجتمع أن يحتوِيَهن لا أن يطردهن، أن يُقنِّن لهن لا أن يُجرّمهن، أن يُنصفهن لا أن يُخَوِّنهن. قبل أن نضيق عليهن أكثر، فلنسأل أنفسنا: ماذا تركنا لهن من خيارات؟ وماذا نقول حين نحاسب على أرزاق قطعناها دون حق؟
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢٥ أبريل ٢٠٢٥م