على المؤمن أن يعيش (عزيزَ النَّفس).. يُكرمُ نفسه عن سؤال الناس والتَّملق إليهم والتَّذلل لهم.. فلا يكون شغوفاً ملهوفاً فى طلب استحسانهم ورضاهم.. ولا يكون شديد الحرص على موافقتهم والانسجام مع ما هم عليه من أقوال وأفكار ومعتقدات لأنه بذلك - أعنى إذا كان عزيز النفس - سيجدُ معنىً ولذة عظيمةً للرُّكوع والسُّجود والتذلل بين يدى الله.
وإذا صار المؤمن (عزيز النفس) فإنَّه سيجد حلاوةً ومعنىً عظيماً إذا قام فى الصلاة وقرأ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) مستشعراً أن المعنى: اللهم إنَّك تعلم أن من شأنى أنِّى لا أرجو أحداً غيرك.. ولا أتذلل إلَّا لك.. ولا أطلب رضا أحد سواك.. ولا أثق ولا أنطرح إلا ببابك.. ولا أستعين ألَّا بك.. اللهم فأعطنى مسألتى.
إذا اعتاد العبد التَّذلل والتَّملق وبذل ماء الوجه لكل من يظن أنه يعينه فى جلب منفعة أو دفع مضرة، فكيف - إذا - يرجو أن يجد لذةً وحلاوةً لعبادة الله و التذلل والتملق إليه؟!
ولذلك كان من أهم وأعظم القيم التى حرص النبى صلى الله عليه وسلم أن يغرسها فى قلب الصبى الصغير، أن قال لابن عباس وهو حينئذٍ غلامٌ: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» أى لا تسأل غير الله، ولا تستعن بغير الله!
وكان - عليه الصلاة والسلام - يُربِّى الصحابة الكرام على هذا المعنى العظيم.. فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لبعض أصحابه يوماً: (مَن يَكْفُلُ لى أن لا يسأل النَّاسَ شيئاً، وأتَكَفَّلُ لَه بالجنَّة؟ فقال ثوبان: أنا، فكان ثوبانُ لا يسألُ أحداً شيئًا) صحيح أبى داود للألبانى.. وفى رواية: (فكان ثوْبان يقع سَوْطُه وهو راكبٌ، فلا يقول لأحدٍ نَاوِلْنِيهِ حتى ينزل هو فَيَتناوَله).
وعن أبى ذر أنه قال: «أمرنى خليلى - يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم - بسبع» فذكر سبع خلال، وذكر منها: «أن لا أسأل الناس شيئاً».
وثبتت مثل هذه الأقوال والأحوال عن جماعة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
عزةُ نفسك وكرامتها - أيُّها المؤمن وأيَّتها المؤمنة - هى أغلى وأثمن ما تملك.. وهى أعظمُ قربانٍ تُقرِّبه بين يدى ربك تشترى به رحمته وجنته.. فحافظ عليها.. ولا تبذلها للناس حتى لا تكون رخيصة عند الله
رُفعت الأقلام وجفَّت الصُحُف!
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
مطار القاهرة.. المفترى عليه
هو السيناريو المعتاد فى هذا التوقيت مع كل نجاح هو نفس الحوار بنفس الأدوات والأقلام الزائفة والوجوه الكالحة والفيديوهات المفبركة والافتراءات التى ليس لها دليل.. نفس الدعاوى المكررة.. نفس الأطماع التى لا تنتهى طالما ما زال الطامعون الباحثون عن مصالحهم الشخصية وأهوائهم الخاصة يتصدرون المشهد.