في جوانب عميقة من الخشوع والتضرع، تنطلق صلاة التهجد كفرصة رائعة للمسلمين للتواصل مع الله تعالى في الساعات الأخيرة من الليل، وتعتبر هذه الصلاة من النوافل المحببة إلى الله، حيث يمكن للمؤمن أن يجد فيها السكينة والقرب، ويعبر فيها عن اعترافه بعظمة الخالق وضعفه أمامه. 

وتتجلى قيمة صلاة التهجد خاصة في العشر الأواخر من شهر رمضان، حيث ينغمس المسلم في لحظات التضرع والدعاء، مبتهجًا بالفرصة الفريدة للتوبة والاستجابة، فيما تعكس هذه الصلاة روحانية الإسلام وتعطي أفقًا جديدًا للعبادة والتقرب إلى الله بحب وخشوع.

ما هي صلاة التهجد

التهجد في اللغة هو فعل خماسي للمصدر هجد، فيقال: فلان تهجد تهجدا، واسم الفاعل منه متهجد، وهو بمعنى السهر، فيقال: هجد الساهر؛ أي سهر الليل، ويصدق ذلك على صلاة الليل، فيقال: تهجد في ليله، إذا صلى بالليل.

أما التهجد في الاصطلاح فهو الاستيقاظ في الليل لأداء الصلاة، قال تعالى: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك...).
صلاة التهجد هي صلاة التطوع نافلة أثناء الليل.

الفرق بين صلاة التهجد وقيام الليل

الفرق بين صلاة التهجد وقيام الليل هو أن التهجد يكون بعد النوم ليلًا ولو لفترة، ثم الاستيقاظ للصلاة فقط دون غيرها من العبادات، أما قيام الليل فيكون بالصلاة، والذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، وغير ذلك من العبادات في أي ساعة من ساعات الليل، وعليه فإن التهجد نوع من قيام الليل، يكون بالنوم ثم الاستيقاظ لأداء الصلاة، وقد ورد عن الصحابي الجليل الحجاج بن غزية رضي الله عنه ما يدل على هذا الفرق، حيث قال: (يحسب أحدكم إذا قام من الليل يصلي حتى يصبح أنه قد تهجد، إنما التهجد المرء يصلي الصلاة بعد رقدة، ثم الصلاة بعد رقدة، وتلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم له).

وقت صلاة التهجد

يبدأ وقت صلاة التهجد بعد الانتهاء من صلاة العشاء، ويستمر وقتها إلى آخر الليل، فيكون الليل كله من بعد العشاء إلى الفجر وقتا للتهجد، إلا أن أفضل وقت لصلاة التهجد هو آخر الليل أو ما قارب الفجر ودخل في الثلث الأخير من الليل؛ حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل)، فيدل هذا الحديث على أن أفضل صلاة الليل هي ما كانت في آخر الليل، مع جواز التهجد أول الليل لمن خشي أن ينام فيفوته فضلها، وعنه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة، حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى السماء الدنيا، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرني فأغفر له؟ من يسألني فأعطيه؟).

حكم صلاة التهجد

صلاة التهجد سُنة؛ حيث ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه).

كيفية صلاة التهجد

بما أن صلاة التهجد هي ذاتها صلاة قيام الليل باختلاف كون مصلي التهجد يقوم إلى الصلاة بعد أن ينام نومة يسيرة كما مر آنفا، فإن طريقة صلاة التهجد هي ذاتها طريقة أداء صلاة قيام الليل، أما طريقة أداء صلاة التهجد فلها العديد من الطرق والحالات التي يجوز أداؤها بها، ومن تلك الطرق أن ينام من أراد أداء صلاة التهجد ولو نومة يسيرة، ثم يقوم في منتصف الليل فيصلي ركعتين خفيفتين، ثم يصلي بعد ذلك ما شاء من ركعات، ويجب أن تكون صلاته ركعتين ركعتين؛ فيسلم بعد كل ركعتين، وبعد أن يتم ما أراد من صلاة التهجد يوتر بركعة واحدة كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويجوز له كذلك أن يوتر بثلاث ركعات، أو بخمس.

وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة؛ يوتر من ذلك بخمس لا يجلس إلا في آخرهن، وكحديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليما يسمعناه، ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة، فلما أسن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذه اللحم، أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنعه في الأولى، وفي لفظ عنها: فلما أسن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذه اللحم أوتر بسبع ركعات لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلم إلا في السابعة، وفي لفظ: صلى سبع ركعات، لا يقعد إلا في آخرهن).

وهذه كلها طرق أداء صلاة التهجد والأفضل على الإطلاق والأكمل أن يصلي العبد كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي، أما إذا صلى بطريقة أخرى فلا حرج عليه؛ كأن يوتر بواحدة فقط بعد الانتهاء من صلاة التهجد، أو صلى الوتر خمس ركعات سردها كاملة ولم يجلس إلا في الركعة الأخيرة، وينبغي عليه أن يخشع في صلاته ويؤديها بحقها فلا ينقرها نقرا، أما من حيث الجهر والإسرار بـ صلاة التهجد فذلك متروك لتقدير المصلي، فإن رأى الأفضل في رفع صوته والجهر بالصلاة جهر بها، وإن رأى الإسرار بها وخفض صوته في القراءة أفضل له أسرّ بها.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: التهجد فضل صلاة التهجد صلى الله علیه وسلم صلاة التهجد قیام اللیل آخر اللیل أداء صلاة إلى الله من اللیل إلا فی

إقرأ أيضاً:

حكم قضاء الصلاة الفائتة .. دار الإفتاء توضح

كشفت دار الإفتاء  عبر موقعها الرسمي عن حكم قضاء الصلوات التي فاتت المسلم قبل توبته إلى الله تعالى، مؤكدة وجوب قضاء جميع الصلوات الفائتة باتفاق الأئمة الأربعة.

 واستدلت الدار بما رواه الإمام البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اقضوا الله الذي له، فإن الله أحق بالوفاء»، وكذلك بما رواه الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك».

وأوضحت الإفتاء أن من وجب عليه القضاء لعذر النسيان مع سقوط الإثم عنه، فالعامد الذي ترك الصلاة عمدًا يكون أولى بالقضاء، مع استمرار بقاء الإثم عليه حتى يتوب ويقضي ما فاته. 

وأشارت إلى ما ذكره الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" بأن من قال بعدم وجوب القضاء بغير عذر قد شذ عن جماعة العلماء، واصفًا هذا القول بالخطأ والجهل، محذرة من الانسياق وراء الأقوال الشاذة التي تخالف صريح النصوص الشرعية وإجماع الأمة.

تعليمات الحج 2025 ونصيحة دار الإفتاء لضيوف الرحمنأقلها اثنتان.. دار الإفتاء تكشف الحد الأقصى لعدد ركعات صلاة الضحىما حكم المرور أمام المصلين أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيبهل تُشترط الإقامة قبل الصلاة لمن يؤدها منفردًا؟.. دار الإفتاء توضح

وأضافت الدار أن على من فاته أداء الصلاة، سواء كانت المدة قليلة أو طويلة، أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، ويبدأ فورًا في قضاء ما فاته. 

ونصحت دار الإفتاء بأن يحرص المسلم على أداء صلاة قضاء مع كل صلاة حاضرة، أي أن يصلي فرض الحاضر ومعه قضاء فرض آخر، كما يمكن أن يكتفي بذلك عن أداء السنن الرواتب، حيث إن أداء الفريضة له ثواب أعظم من أداء النوافل.

وشددت الدار على ضرورة الصبر والمثابرة في قضاء الفوائت، وعدم التهاون أو التكاسل، موضحة أن الالتزام بذلك يعكس صدق التوبة وإخلاص العبد في العودة إلى طريق الله.

واستشهدت الدار بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحا فليقض معها مثلها»، رواه أبو داود عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، موضحة أن هذا الحديث يدل على استحباب قضاء الفائتة مع الحاضرة للاستفادة من فضيلة الوقت.

وأكدت دار الإفتاء أن المسلم يستمر في قضاء الفوائت حتى يغلب على ظنه أنه أتم ما عليه، وفي حال أدركه الموت قبل إتمام القضاء، فإن الله عز وجل يعفو عنه برحمته وفضله إن شاء الله تعالى، مشيرة إلى أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

طباعة شارك الرئيس السيسي وزير الأوقاف جنازة البابا فرنسيس الصلاة الفائتة حكم قضاء الصلاة الفائتة دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • أفضل وقت لـ صلاة الضحى.. لا تفوت ثوابها العظيم
  • كيفية صلاة الفجر وقت الضحى.. انتبه لـ9 حقائق
  • حكم الصلاة على النبي لطلب الشفاء من الأمراض.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز إضافة لفظ سيدنا عند ترديد الصلاة على النبي؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم قضاء الصلاة الفائتة .. دار الإفتاء توضح
  • إذا حدث له طاري .. كيفية خروج المأموم من صلاة الجماعة
  • ماذا أصلي بعد طلوع الشمس الفجر أم الصبح؟.. لا تخالف السنة
  • ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • هل الحج يغني عن الصلاة الفائتة لشخص كان لا يصلي؟.. الإفتاء ترد
  • حكم تأخير الصلاة عن أول وقتها بسبب الانشغال بالعمل.. الإفتاء توضح