لجريدة عمان:
2025-02-07@06:24:01 GMT

الحرب على فلسطين وليست على حماس

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

من المفارقات التي تصل إلى درجة الألم، أننا في الوقت الذي نشاهد فيه المواقف العالمية الشعبية وبعض الرسمية المؤيدة لغزة ومقاومتِها في معظم دول العالم وفي أمريكا نفسها، نجح الكيان الصهيوني في تصوير حربه على غزة وكأنّها حربٌ على فصيل فلسطيني متمرد، وليس على كلّ الفلسطينيين، وصار لدينا أكثر من فلسطين. وقد انطلت الخطة الإسرائيلية على بعض الفلسطينيين، بعدما تابع العالمُ كلّه سجالًا وتراشقًا إعلاميًّا فلسطينيًّا وصل إلى حدّ تجريم المقاومة، التي تواجه حلف شمال الأطلسي بأكمله، في وقت ساندت دولٌ عربيةٌ وإسلاميةٌ الكيان الصهيوني في حربه على غزة بإمداده بكلّ احتياجاته؛ دعمًا للآلة الحربية الإسرائيلية وللمجهود الحربي الإسرائيلي.

أثار تكليف محمد مصطفى بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة، سجالًا بين حركتي «فتح» و«حماس»، إذ ترى حماس أنّ «تعيين حكومة من دون توافق وطني هو خطوةٌ فارغة من المضمون وتُعمِّق الانقسام الفلسطيني أكثر»، وشاركتها في هذا الرأي أيضًا حركة «الجهاد» الفلسطينية، و»الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، وحركة «المبادرة الوطنية الفلسطينية»، ورأت الفصائل أنّ «الأولوية الوطنية القصوى الآن، هي مواجهة العدوان الصهيوني الهمجي وحرب الإبادة والتجويع، وليس تشكيل حكومة جديدة؛ فتشكيلُ هذه الحكومة دون توافق وطني هو تعزيز لسياسة التفرّد، وتعميقٌ للانقسام، في لحظة تاريخيّة فارقة»؛ فيما عبّرت حركة فتح عن استهجانها، وقالت - وفقًا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا): إنّ «مَن تسبّب في إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة وتسبّب بوقوع النكبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، لا يحق له إملاء الأولويات الوطنية». ولم تكتف حركة فتح بذلك، ففي معرض ردِّها، تساءلت «لماذا تعيش معظم قيادات حماس في الخارج؟ ولماذا هربت وعائلاتها وتركت الشعب الفلسطيني يواجه حرب الإبادة الوحشية دون أي حماية؟»، - حسب تعبيرها - والحقيقة التي تعرفها فتح ويعرفها العالم كله أنّ هذه مغالطة يكذّبها الواقع.

لا غبار على أنّ غزة تحمّلت بمفردها الحرب الإسرائيلية عليها، وكانت حركة فتح غائبةً تمامًا عن المشهد؛ لأنّ خطة الكيان هي اتباع سياسة الخطوة خطوة، أو فصيل فصيل، بمعنى أنّ الدور قادم على الكلّ، والأمر ليس سرًّا، فقد ألمح إليه بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي في تصريحات نقلتها هيئة البث الإسرائيلية نهاية العام الماضي، بعدم استبعاده اندلاع حرب موازية في الضفة الغربية ضد قوات السلطة الفلسطينية، وأنّ «سيناريو اندلاع حرب بين الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية، والجيش الإسرائيلي موجود على طاولة الحكومة والأجهزة الأمنية»، وذهب أبعد من ذلك بتوضيحه أنّ «هذا الاحتمال يتم الاستعداد له في حال وقوعه، وأنّ الحكومة والأجهزة الأمنية تناقشه وتستعد له بحيث إذا وقع مثل هذا الحادث، تكون هناك طائرات هليكوبتر في الجو بغضون دقائق قليلة».

المشكلة بين حركتي فتح وحماس قديمة، تعود إلى تصاعد نفوذ حماس ورفضها لاتفاقيات أوسلو المهينة، ممّا مثّل مشكلة كبيرة للرئيس ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وقائد حركة فتح، الذي وقّع الاتفاقيات واعترف بموجبها بإسرائيل، مقابل اعتراف الأخيرة بمنظمة التحرير ممثلا للشعب الفلسطيني، ونصّت بنود الاتفاق أن تتخلى منظمة التحرير الفلسطينية عن نهج «الكفاح المسلح» ضد إسرائيل، وأن تُغيَّر بنودٌ في الميثاق الوطني الفلسطيني، تتعلق بهذه العقيدة التي كانت تحكم مسار الفصائل الفلسطينية المنضوية في المنظمة. لكن حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى، أعلنت رفضها لأيّ اتفاق سلام يلغي حق المطالبة بـ «فلسطين التاريخية»، وأصرت على مواصلة العمل العسكري ضد إسرائيل، وهو ما قادها إلى صدام مباشر مع حركة فتح.

هناك نظرتان مختلفتان للأمر إذن؛ مما أدى إلى وقوع صدام بين الطرفين، ورغم أنّ فتح وحماس تجنبتا التراشق في الشهور الأولى من الحرب على غزة، إلا أنّ قرار تشكيل حكومة جديدة أشعل المواجهة الكلامية بين الفصيلين من جديد وأظهر الخلاف للعلن.

في كلّ الأحوال لا يمكن تجاهل حركتي حماس والجهاد الإسلامي وإخراجُهما من المعادلة السياسية؛ فهما يمثلان مكوَّنًا أصيلًا من مكوّنات الشعب الفلسطيني، ولا معنى أن تُشكّل حكومة ولا يؤخذ فيها برأي حماس أو أيّ فصيل فلسطيني آخر، وإلا سيظهر الأمر أنه تشكيلٌ خارج عن الإرادة الوطنية لكلّ الفلسطينيين، في ظلّ حرب طاحنة ومستمرة على غزة.

ويبدو أنّ قرار تشكيل الحكومة الجديدة، اتُخذ «في سياق تفاهمات مع دول عربية وغربية منخرطة في الترتيبات لليوم التالي في غزة»، حسب مصدر في السلطة الفلسطينية لصحيفة «الشرق الأوسط»، وأنّ قرار الرئيس محمود عباس تشكيل الحكومة جاء في سياق أنه «لا حاجة لانتظار أحد، وأنّ الأولويات التي تتحدث عنها حماس مثل إغاثة الناس وإعمار القطاع، تحتّم تشكيل حكومة قادرة على ذلك».

قبل أن يأتي الدور على الكلّ - ويبدو أنه آت لا محالة - فإنّ الفلسطينيين بحاجة إلى تقوية الجبهة الداخلية، وترك الانقسامات والتراشقات بين الفصائل الفلسطينية. والانقسامُ نتيجة متوقعة بسبب اختلافات وجهات نظر من يؤمن بالكفاح المسلح ومن يؤمن بالسلام الزائف، الذي لم يتحقق - رغم مرور سنين طويلة على اتفاقيات أوسلو، وعلى الحكومة الفلسطينية الجديدة العمل على استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الفلسطيني، وألا تكون حكومة شكلية مهمتها تعبئة الفراغ وتسيير الأعمال اليومية. وأظنّ أنّ الوقت قد حان لاتخاذ خطوات تغييرية جذرية ومصيرية، تعيد للنضال والكفاح الفلسطيني ألقَهُمَا، ولا يمكن أن تستمر أحلام السلام دون تبنّي فكر المقاومة، ولعل الخلاف بين حركتي حماس وفتح الذي خرج للعلن بقوة، يفتح الطريق لأجيال جديدة لتتحمل المسؤولية الفلسطينية تحت راية واحدة وهدف واحد؛ فالحربُ في النهاية هي ضد فلسطين وليست ضد حماس أو غزة فقط.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلّف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: تشکیل حکومة حرکة فتح على غزة

إقرأ أيضاً:

حركة حماس: بدء محادثات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

سرايا - أعلنت حركة "حماس" الثلاثاء، بدء محادثات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأشارت الحركة إلى أن اتصالات ومفاوضات المرحلة الثانية بدأت، مؤكدة أنها معنية ومهتمة في المرحلة الحالية بالإيواء والإغاثة والإعمار للشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وكان مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، أن إسرائيل سترسل وفدا إلى قطر "نهاية الأسبوع" لبحث المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان عقب لقاءات بين بنيامين نتنياهو ومستشارين للرئيس الأميركي دونالد ترامب في واشنطن "إسرائيل تستعد لإرسال وفد إلى الدوحة نهاية الأسبوع؛ لمناقشة تفاصيل مرتبطة بمواصلة تنفيذ الاتفاق".





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1419  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 04-02-2025 05:48 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
اعتدى على زوجته بوحشية ومزق شعرها .. فيديو يثير الغضب عبر منصات التواصل تضحية يقابلها خيانة .. أقنعته ببيع كليته لتهرب بالمال مع عشيقها لأول مرة منذ 100 عام .. روسيا تسمح للمسلم بالزواج من 4 نساء دراسة جديدة: جميع القطط ( مختلة عقليًا ) أردني يشرب حليب الحمير .. ويعلق: "يعطيني قوة... فضيحة جديدة مدوية .. فتح تحقيق جنائي ضدَّ سارة... بالفيديو .. وزير الداخلية السوري الأسبق اللواء... الهجرة الأمريكية تضع 1660 مواطنا أردنيا ضمن قوائم... بالفيديو .. شاهد لحظة تدهور صهريج نضح بجبل المنارة... تنمية غزة: 9630 شاحنة دخلت غزة حتى اليوم الـ 15 من...الخارجية الروسية تؤكد وجود خطط إسرائيلية لضم الضفة...معاناة الفلسطينيين تحوّل باحثا يهوديا إلى معاد...بالفيديو .. وزير الداخلية السوري الأسبق اللواء...جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل اثنين من جنوده...ترامب يحسمها: ماسك لا يمكنه اتخاذ أي قرار بدون موافقتيلافروف: "إسرائيل" تخطط للبقاء في لبنان...الصحة العالمية: "الأولوية في غزة تلبية...غضب سوري من تصريحات مسؤولة كردية عن... حمادة هلال يشعل حماس الجمهور بمليون جنيه .. ما القصة؟ فنان مصري يعلن الاعتزال بشكل مفاجئ .. ونجم وحيد قد... مفاجأة في واقعة دهس نجل فنان شهير .. عينة المخدرات... بيونسيه تفوز أخيرًا بجائزة ألبوم العام في الـ... 50 عامًا على رحيل أم كلثوم وحضور متجدد فى الفن... لقطة طريفة .. مشجع يطرح حارس ميسي أرضاً العين ينهي تعاقده مع جارديم .. ويعلن مدربه الجديد مدرب النشامى: التعمري قدوة وتوقف الدوري جاء لأجل المنتخب سيرجيو راموس ينتظره كأس العالم للأندية بالفيديو .. "بعد فوز الحسين" رئيس نادي الوحدات: أنا ضغطي واصل ألف هذا ما حصل لرجل عاش في البحر 25 عاماً بسبب بكتيريا .. رحلة تخييم تتحول إلى كابوس دائم قهوة بسكر أم بدونه .. تأثير مدهش للكافيين مع المحليات مع بعض الناس علماء يطورون خرسانة يمكنها إذابة الثلوج من تلقاء نفسها تنتقم من طليقها بطريقة بشعة .. "ست الحبايب" عذبت طفلتها بالماء المغلي فيديو خطف الأطفال وسرقة أعضائهم في القاهرة .. المتهم يعترف رمضان 29 يوما .. والسبت 1 آذار أول أيامه فلكيا - (تفاصيل) أميركا .. عطلت أجهزة الإنذار وأشعلت النار في أطفالها الثلاثة فيديو .. مركبة فضائية تلتقط مشهدا غير مسبوق للقمر والأرض دهسه حتى الموت .. جريمة مروعة تهز لبنان بسبب خلاف مروري

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • سفير فلسطين السابق: كل التحية لموقف مصر الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني
  • الرئاسة الفلسطينية: أراضينا ليست للبيع وليست مشروعا استثماريا
  • المرشد الإيراني: "فلسطين كلها من النهر إلى البحر للشعب الفلسطيني"
  • رسائل حركة حماس خلال عمليات تسليم الأسرى!
  • حركة حماس ترد على ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة
  • هل يخشى ترامب من ضغوط حكومة نتنياهو لاستمرار الحرب؟.. محلل سياسي يوضح
  • هل يخشى ترامب من ضغوط حكومة نتنياهو لاستمرار الحرب؟.. محمد مصطفى أبو شامة يوضح
  • حركة حماس: بدء محادثات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • حركة فتح تدعو حماس لتسليم الحكم في غزة إلى السلطة الفلسطينية
  • دعوة إسرائيلية لتجديد الحرب ضد حركة حماس.. عرشها قائم على 4 أرجل