هنا رمضان.. أسيوط تُجمّل شوارعها بالزينة والفوانيس: «ورق وعجين وخيط»
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
مجموعة من الكبار والأطفال والشباب، اجتمعت فيهم براءة الصغار وحنكة الشباب وخبرة الكبار، حملوا على عاتقهم تزيين الشوارع ابتهاجاً بحلول شهر رمضان الكريم، تولى كل منهم مهمة محدّدة، إذ جهّز الشباب أدوات الزينة من لمبات إضاءة والأشرطة الملونة، بينما حرص الأطفال على تجميع الكتب المدرسية للسنوات السابقة وقصها بأشكال هندسية وتلوينها، فيما اقتصر دور الرجال الذين تخطت أعمارهم الـ50 و60 عاماً، على التوجيه والإرشاد.
عندما تطأ قدماك شارع نقرة العسيرات بمدينة أبنوب التابعة لمحافظة أسيوط، تشعر وكأنك فى السيدة زينب أو منطقة الحسين أو أحد الأماكن الأثرية التاريخية، تجد الأطفال والنساء يصطفون أمام المنازل فى شوارع المنطقة، يعرف كل واحد فيهم مهامه جيداً، إذ يعكف الأطفال على قص أوراق الكتب القديمة على هيئة أشكال هندسية مفرغة من المنتصف، بينما تُعد السيدات العجين، وهو عبارة عن ماء ودقيق ونشا، وذلك للصق الزينة فى الشوارع باستخدام الصمغ، فيما يقوم الشباب بتجهيز أشرطة الزينة والإضاءات المختلفة، بحسب الدكتور محمد جمال حسين، طبيب بيطرى ومهتم بتوثيق حياة الصعيد: «كل واحد له دور وبيتقنه، وسط فرحة الكل».
قبل حلول شهر رمضان المعظم بنحو 30 يوماً، يجتمع مجموعة من شباب المنطقة، يتولون مهمة جمع الأموال من الأهالى لشراء أدوات الزينة، يعلمونهم بمواعيد تركيبها ليشترك الجميع فى الفرحة، يهدفون إلى إدخال البهجة على الناس ويحافظون على التراث، حسب «جمال»: «الزينة الورقية هى طقوس كانت بتتعمل فى الصعيد من طفولتنا، بنشوفها فى الشوارع قبل الزينة البلاستيك والفوانيس وغيرها، عبارة عن قصاصات ورق الكتب والناس بتتجمع، وبيتم قصها بأشكال معينة وتتخرم وتتلزق بالعجين، الأطفال بيجمعوا الكتب بتاعة السنوات الماضية وبنعملها بأشكال هندسية وتتلزق على الخيوط البلاستيك أو الخيط، وكانوا بيلونوه بعلم مصر أو ألوان مختلفة وبعدين تنشف وتتعلق، الشباب بيركبوا الزينة على البيوت».
شراء أنواع الزينة المختلفة، يتولاها الشقيقان عمر ونادر كمال الشيمى، إذ يشتريان أفرع النور ولمبات الإضاءة بألوانها المبهجة، ويقومان بمساعدة آخرين بتعليقها: «بنجمع الفلوس من كل السكان، ونشترى كل أنواع الزينة، وبقينا نعمل الفانوس الكبير بورق الكتب ونعلق فروع الزينة والإضاءة بنوصلها على الكهرباء، وسط فرحة كبيرة من النساء والأطفال والكبار».
لم تمنعه إصابته وجلوسه على كرسى متحرك من المشاركة فى إعداد زينة رمضان مع الأطفال والشباب، هو الشاب محمد حمادة عبود، الذى حرص على تعليق الزينة فى الشوارع: «فرحة ولازم نشارك فيها، ورثناها عن أجدادنا، وحتى لو تعبانين لازم يكون لينا بصمة، الكل هنا كبير وصغير لازم يشارك، الفرحة بتبقى طالعة من القلب وبتمحى أى تعب».
أمام أحد الشوارع يقف كل من حمادة حنفى عايد، ومحمد مصطفى عنتر، يساعدان الأطفال فى لصق الأوراق وتلوينها بعد قصها على هيئة أشكال هندسية، ويلونان الزينة بألوان علم مصر والخيامية واستحدثا هذا العام ألوان علم فلسطين تضامناً مع أهالى غزة: «لونا الزينة بعلم فلسطين تضامنا مع أهالينا فى غزة وعلشان نقول لهم إحنا فاكرينكم فى كل وقت».
بطبلة المسحراتى، شارك العم أحمد عايد، أقدم مسحراتى فى المنطقة، الأهالى فى تركيب زينة رمضان، حيث ساعدهم على قضاء أوقات ممتعة خلال تجهيز زينة رمضان: «شغال من 32 سنة باصحى الناس للسحور لكن ده مامنعنيش إنى أشاركهم فرحة تجهيز وتعليق الزينة، بقيت أغنى ليهم أغانى رمضان علشان يتحمّسوا وبافرح الأطفال كمان، وكلنا اتصورنا مع زينة رمضان اللى عملناها من صُنع إيدينا، بجانب الزينة الجاهزة وفوانيس جريد النخل اللى بنلونها بجلاد الكراريس».
لم تكن منطقة العسيرات وحدها التى استقبلت شهر رمضان بالزينة التقليدية التى صنعها الأهالى، بل حرص سكان قرية كودية الإسلام التابعة لمركز ديروط بأسيوط، على استقبال شهر الصوم بزينة وفوانيس ورقية من صنع الأطفال والشباب، حسب مصطفى فتحى أبوليلة: «موضوع زينة رمضان ده من عاداتنا الأصيلة، مانقدرش نتخلى عنه، كبرنا لقينا أهالينا حريصين على تعليقها على البيوت، خاصة الفوانيس الورق الأبيض والملونة، وكمان النساء يشاركن فى إعدادها وبيكون الأطفال أول الحاضرين، وإحنا بنساعد تدعيماً لأواصر الود والمحبة ولتعليمهم الانتماء والعادات والتقاليد».
إناء كبير من الصاج يملأه الأطفال بالدقيق والماء والنشا، يتجمّعون حوله، كل منهم يحاول لف يديه داخل الخليط حتى الحصول على قوام متماسك للصق الزينة الورقية، حسب «مصطفى»: «منظر الأطفال يفرّح، خاصة هما اللى بيعجنوا العجين اللى هيلزقوا بيه أشكال الزينة اللى عملوها، وكمان الستات بيكون ليها دور كبير، إنها بتعلم أولادها يحافظوا على إرث الأجداد وثقافتهم، حتى لو بسيطة».
السير وراء المسحراتى فى الشوارع كل ليلة، عادة أصيلة وطقس من طقوس أهالى أسيوط، خاصة الأطفال، حسب «أبوليلة»: «المسحراتى لسه موجود والأطفال بيشاركوه فى إيقاظ الناس لتناول السحور، وبنحدّد يوم لأهالى المنطقة لتناول السحور مع بعض، كل واحد بيجيب أكل من بيته ونعمل سحور مجمع والأطفال كمان بتشارك حتى اللى مش هيصوم، بنعلمهم إزاى يصوموا، وإن فيه عادات لازم يتبعوها لما يكبروا».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: شوارع أسيوط رمضان في أسيوط فى الشوارع زینة رمضان شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
"طفل كبير" يفسد أخلاق الصغار.. !!
قبل حلول شهر رمضان في كل عام يكثُرُ الحديث عن برامج التليفزيون، ومسلسلاته التي ستذاع في هذا الشهر الفضيل.
قلائلٌ هم مَن يتساءلون عما يتعلَّق بالصيام والعبادة، والأكثرية ينتظرون الأعمال الفنية. والتي يحظى منها برنامج تافه لطفلٍ كبير بالاهتمام الأكبر، والحرص على مشاهدته، وغالبًا ما يضطر الأهل أن يشاهدوه استجابةً لرغبة أطفالهم. أليس ذلك محزناً؟!
نعم هو يجْذُبُ الأطفال بأغنيتي المقدمة والنهاية بكلماتهما الصِّبيانية التافهة ولحنيهما الطفولي، والذي يُردده الصغار طوال شهر رمضان، وربما بعده بقليل. ومن خلال البرنامج يسمع المشاهد تعليقات (الطفل مقدم البرنامج) السخيفة علاوة علي سُخريتهِ من هيئة ضيف الحلقة، وملابسه والتَّنمُر عليه بحركاتٍ صِبيانيةٍ مُستفِزَّة ومُقزِّزة.. وما يجعل البرنامج إضاعة للوقت خُلُوّه من أي معلومة مفيدة بل هو فقرات من الضحك المتواصل للمذيع بأسلوب ذميم، وظلٍ ثقيل في إجابته على الأسئلة التي يطرحها أحد المساعدين، أو المساعدات إلى ضيوفِ البرنامج. ثم يَظْهَر مُتنكراً بزيٍ غريب، أو بهيئةِ حيوانٍ مُتوحِّش، ليمارس أكبرَ قدرٍ من الرَّخامة والوَضاعة مع الضيوف الذين يقبَلون الإهانة، ويفرِّطون في احترام أنفسهم- رياضيين كانوا، أو منتمين إلى الوسط الفني كبارًا، أو صغارًا- خاصة النساء- حين يتعرضون لِما يُفزِعَهم (علموا بذلك مقدمًا، أو لم يعلموا).. فهو معهم يؤدون عرضًا سخيفًا تُهْدَرُ فيه الكرامة، ويُظهِرُ ضعف بعض النفوس أمام المال.. .
وتتمثل خطورة البرنامج في نقله إلى الأطفال سلوكًا عدوانيًّا ودرسًا في التَّنمُّرِ، وإهانة الغير، وترويعه وهو فِعلٌ مُحرَّم.. .
وأتعجَّبُ من موقف المسئولين في مصر بمطالبة بلد إنتاج البرنامج بمنع عرضه لاسيما أن البرنامج يستعين أحياناً بنجوم أجانب فيُظْهِر انبهار أقرانهم المصريين بهم في وضع مزرٍ مهين وعبارات لا تليق بمكانة الفنان المصري.
أما العجب الأكبر فهو من مواقف المؤسسات الدينية والتعليمية، وكذلك مجالس حقوق الإنسان. وحقوق الطفل، وباقي المؤسسات المَعنيَّة بعلم الاجتماع والصحة النفسية. أين هم من ذلك السَفَه والتفاهة؟ ونحن دائماً ننادي بالعناية بتربية النشء على الأخلاق الحميدة، والتَحلِّى بصفات الرجولة والجِدية، فالوطن بحاجة ماسة إلى هذه الصِفات في المرحلة الحالية الهامة من تاريخ أمنهِ القومي.
أما عن المسلسلات فحَدِّث ولا حرج، ولا أدري لماذا يَخُصُ القائمون عليها شهر رمضان بما فيها من سلوكيات غير أخلاقية، وأفكار مسمومة تُهَدد الترابط الأسري والمجتمعي وتحُضُ على نَشْر الرذائل.
أما السؤال الأهم:
إلى متى سيظل إعلامنا بعضه يَهْدِم ولا يبني؟