نجاة عبد الرحمن تكتب: سبوبة أولادنا
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
من لديه ابن او ابنة من ذوي القدرات الخاصة حتما تعرض للابتزاز من قبل أشخاص أطلقوا على أنفسهم أخصائيين تخاطب، قاموا بافتتاح دكاكين دون تراخيص أطلقوا عليها مراكز تأهيل ذوي القدرات الخاصة، و سارعوا بعقد دورات تدريب وهمية لا تتجاوز الأسبوع لحاملي الشهادة الإعدادية والدبلومات الفنية و منحهم شهادة تحمل لقب دكتور متخصص في ذوي القدرات الخاصة !!!!!
كيف يصبح الفاشل دراسيا و لا يحمل مؤهلا جامعيا دكتور في علاج التوحد و متلازمة داون، و حالات الشلل الدماغي و غيرها من الإعاقات الذهنية الأخري؟ !
سنوات عدّة تعرضت الأسر التي رزقها الله ملاكا يحمل بعض القدرات الخاصة للابتزاز و النصب و الاستنزاف المادي من قبل هؤلاء النصابين الذين لم يكتفوا بذلك بل يقومون بالمتاجرة بأولادنا و يحصدون تبرعات من أهل الخير و بعض السفارات الأجنبية و البنوك المصرية و الأجنبية باسم أولادنا تحت زعم دعمهم و تدريبهم و الإنفاق عليهم، و كل هذه التبرعات لا تعلم عنها الأسر شيئا.
توسع نشاط المتاجرة بأولادنا و تضاعف عشرات المرات مع بداية اهتمام الدولة المصرية بأصحاب الإعاقات الذهنية و التوحد، و إطلاق عام 2018 عام الإعاقة و تم إصدار القانون رَقَم 10 لسنة 2018، و إصرار القيادة السياسية على دعمهم باستمرار و احتوائهم بالمجتمع، جاءت تلك الاهتمامات لتكون ثغرة و نفق يعبر منه النصابين و المنتفعين و المتاجرين بأولادنا من الفقر للثراء.
بحكم أنني أما لملاك مصاب باضطراب طيف التوحد نحتنا في الصخر معًا حتى وصل إلى مرحلة التعليم الجامعي بعد اجتيازه مرحلة الثانوية العامة بمجموع 98.98% و حصد المركز الأول على مستوى الجمهورية، و تم تكريمه من وزيري التربية و التعليم و الشباب و الرياضة و الأزهر الشريف، ثم تقدم لاختبار قدرات كليات الفنون الثلاث و اجتازها بتفوق و التحق بكلية الفنون الجميلة ليتوج مشوار صعب بدئه منذ نعومة أظافره.
تعرضنا خلال هذا المشوار للعديد من عمليات النصب و الابتزاز و محاولات المتاجرة به، إلا اننى كنت أقف حائط صد لكل من يحاول المتاجرة به، لكننا كنّا نخضع للابتزاز من قبل المدرسة و مراكز التخاطب حتى جاء عام 2018 و إعلان القيادة السياسية انه عام الإعاقة و أصدرت عدة توجيهات، تلك التوجيهات كانت بمنزلة بريق أمل و مشاعل نور أنارت و أفسحت لنا الطريق، لنجد الجميع يتكاتف من أجل دعم أولادنا و إتاحة التعليم بالمجان بعد سنوات استنزاف و ابتزاز من قبل بعض المدارس الخاصة التي كان لا يوجد سواها قبل هذا العام، كنّا ندفع المصروفات مضاعفه تحت زعم أن أولادنا من ذوي القدرات الخاصة، إضافة إلى جِلسة التخاطب الذي لا تتجاوز مدتها 11 دقيقة ب 75 جنيها سعر الجِلسة الواحدة بعدد ثلاث جلسات أسبوعيا، في حين أن راتبي حينها و مرتبات الدولة عمومًا لا تتجاوز الخمسمائة جنيها شهريا، فكان مصدر دخلي بالكامل ينفق على جلسات التخاطب على أمل ان ينطق ابني كلمة ماما أو يعبر عن ذاته بالحديث بدلا من الرسم، إلا ان جميع جلسات التخاطب لم نجن ثمارها و لم ينطق ابني كلمة واحدة.
قررت الدراسة و تقدمت لكلية التربية شعبة علم النفس التربوي تربية خاصة ثم الدراسات العليا في تخصص التوحد و كان من حسن حظي ان أستاذي كان الدكتور محمد عبد الظاهر الطيب أستاذ الصحة النفسية و رئيس رابطة الأخصائيين النفسيين بالوطن العربي، و الدكتور مصطفى كامل أستاذ علم النفس التربوي الذي إستفدت من خبراتهم كثيرا و استطعت العبور بابني من نفق مظلم كنّا لا نعلم نهايته، و بادرت إلى تقديم* يد العون لكل زملائه من نفس حالته و أقمت عدة ورش مجانية تدريب و تأهيل و علاج بالفن بمتحف محمود مختار الذي رحب بأولادنا و فتح لنا أبوابه دون أدنى رسوم و بعض النوادي و مراكز الشباب.
و لكن مع قيام الدولة المصرية بتقديم حزمة إجراءات حماية اجتماعية لأولادنا و منحهم كم كبير من الامتيازات منها تملك أراضي و وحدات سكنية و سيارات إضافة إلى معاش شهري يضمن لهم حياة كريمة و الإعفاء الكامل من المصروفات الدراسية بجميع المراحل، ارتفعت وتيرة النصب بأولادنا و أصبح الكثيرين يبادرون إلى تقديم* تقارير طبية مزورة للحصول على حقوق أولادنا و يستحلون حقوق فئة حرمت من أبسط حق لها فى الحياة.
و أصبح يوجد لوبي متخصص في تزوير تلك التقارير التي تصل تكلفتها لعشرات الآلاف من أجل استخراج بطاقة الخدمات المتكاملة التي تثبت ان حاملها من ذوي القدرات خاصة، و بناء عليه يحصل على كافة الامتيازات و الحقوق الخاصة بأولادنا التي أقرتها الدولة، مما يحمل ميزانية الدولة أعباء جديدة و ينعكس في النهاية على الموازنة العامة للدولة.
فضلا عن التوسع في إنشاء مراكز بير السلم دون تراخيص او تأسيسها كشركة تتبع هيئة الاستثمار ليهربوا من رقابة الدولة و متابعة وزارة التضامن الاجتماعي لهم، القائمين عليها لا يحملون مؤهلات دراسية منهم على سبيل المثال سباك و قهوجي و سآيس جراج و نجار مسلح و عاملة نظافة، مع احترامي الكامل لهذه المهن و لكن هؤلاء غير مؤهلين تماما للتعامل مع أولادنا.
لذلك أناشد الآباء و الأمهات بعدم التعامل مع المراكز الغير تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي لضمان الرقابة عليها و المتابعة من قبل المسئولين و المتخصصين، حيث إن المراكز التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي لها عدة اشتراطات و مواصفات و تخضع للرقابة الدورية، و أيضا المراكز التابعة لوزارة الدفاع فهي مراكز عالمية على مستوى عال من الجودة و التخصص و لكنها للأسف لا تقبل سوى السن الصغير من عمر سنة حتى 8 سنوات فقط.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ذوی القدرات الخاصة من قبل
إقرأ أيضاً:
منال الشرقاوي تكتب: مسلسل «Adolescence» دراما تحاكم المجتمع
كنت أنوي الكتابة عن المسلسل من زاوية فنية خالصة؛ عن الأرقام القياسية التي حققها في نسب المشاهدة خلال وقت وجيز، عن براعة الكاميرا في تقنية الـ"وان شوت" التي خلقت تواصلًا بصريًا حيًا مع المشاهد، عن الأداء التمثيلي الذي تجاوز حدود النص، وعن الإخراج الذي التقط اللحظة قبل أن تنفلت.
لكن قلبي سبق قلمي،
فوجدت نفسي لا أكتب عن "نجاح عمل" فقط، وإنما عن قيمة أبعد من الأرقام.
لا أتوقف عند "مشهد جميل"، وإنما أتتبع أثرًا تركه في الوجدان ولا يزال حاضرًا.
وجدتني أقرأ المسلسل من منظور تربوي، قبل أن أقرأه بعين ناقدة.
رأيت في المراهقين الذين على الشاشة، وجوهًا حقيقية نراها كل يوم في بيوتنا ومدارسنا وشوارعنا.
في زمن تتسابق فيه المسلسلات على اقتناص انتباه المشاهد، نجح هذا العمل في الرهان على الحصان الذي غالبًا ما يخشاه صناع الدراما: المراهقة.
ليست كل جريمة نهاية قصة، أحيانًا، تكون الجريمة بداية لأسئلة أكبر بكثير من القاتل والمقتول، هكذا يفتتح مسلسل Adolescence حكايته، بجريمة مروعة يرتكبها فتى في الثالثة عشرة من عمره، لكنها ليست سوى البوابة إلى عوالم داخلية معقدة.
فقد يبدو للوهلة الأولى أن المسلسل يقدم دراما ذات طابع بوليسي، لكن سرعان ما يتضح أن ما يُروى ليس عن الجريمة، وإنما عن السياقات التي سمحت لها أن تحدث.
الثيمة الأعمق هنا هي العزلة الرقمية، وكيف يمكن لطفل أن يضيع أمام أعين الجميع وهو متصل دائمًا، كيف أصبح الإنترنت وطنًا بديلًا للمراهقين حين غابت الأسرة والمدرسة عن احتضانهم.
يعالج المسلسل ببراعة مفهوم "الذكورة السامة"، ليس من خلال الخطاب المباشر أو التلقين، وإنما عبر تتبع التغير التدريجي في شخصية البطل "جيمي".
فتى يعاني من قلق داخلي، يبحث عن صورة لذاته في مرآة معطوبة، ويتلقى وابلًا من الرسائل الرقمية التي تشكل وعيه دون رقابة أو حوار.
جيمي ليس شريرًا، لكنه ضحية لفجوة بين الواقع والواقع الافتراضي؛ حيث تتحول مفاهيم القوة والقبول إلى معايير مشوهة تفرض عبر ضغط الأقران الرقمي.
المسلسل يدين فشل الأسرة والمدرسة في لعب دور الحامي والموجه، فرغم أن جيمي ينشأ في بيت محب، إلا أن الحوار الحقيقي غائب، واليقظة العاطفية مؤجلة.
المدرسة، بدورها، تبدو مشغولة بالإدارة اليومية، غافلة عن مراهقين يتشكل وعيهم في أماكن أخرى لا يراها الكبار.
هذا الإخفاق المؤسسي لا يقدم بتجريم مباشر، وإنما كصورة متكررة لأب يحاول، لكن لا يرى، ومدرسة تحاول، لكن لا تسمع.
وكأن الرسالة تقول إن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي حين تكون أدوات التواصل مفقودة.
يتعمق المسلسل أكثر من خلال اعتماده على أسلوب السرد المتعدد؛ إذ تروى كل حلقة من منظور مختلف: الأسرة، الشرطة، الطبيب النفسي، والأصدقاء، هذا التنوع يقدم رؤية فسيفسائية دقيقة لأثر العزلة الرقمية، حيث تتكامل الأصوات لتشكل صورة شاملة لأزمة جيل بأكمله.
فنحن لا نرى جريمة، وإنما سلسلة من الفراغات، كل واحدة منها تساهم في صنع النتيجة النهائية.
من أبرز ما يميز مسلسل Adolescence هو تسليطه الضوء على التناقض العميق بين الارتباط الرقمي والانفصال الاجتماعي.
فالمراهقون في هذا العمل لا يفتقرون إلى الاتصال؛ على العكس تمامًا، فهم يغرقون فيه، لكنهم يفتقرون إلى الحضور الحقيقي، إلى من يُصغي، لا من يراقب.
"Adolescence" مسلسل يخلخل يقيننا اليومي ويعيد توجيه البوصلة نحو جيل يعيش في عزلة مزدحمة بالضجيج الرقمي.
هو تذكير صارخ بأن الاتصال الدائم لا يعني الحضور، وأن المراقبة لا تعني الرعاية.
في كل مشهد نواجه حقيقة مريرة، هناك مراهقون يتشكل وعيهم في فراغ، تعيد صياغتهم خوارزميات بلا قلب، وتهملهم مؤسسات فقدت قدرتها على الإصغاء.
حتى أدوات الإخراج لم تكن عبثية؛ فـتقنية الـ"وان شوت" تجاوزت حدود الإبهار البصري، ونجحت في إيصال عزلة جيمي إلى المشاهد بصدق مباشر، دون فواصل أو فلاتر.
المسلسل لا يُنهي الحكاية، وإنما يفتح نقاشًا نحتاجه بشدة.
لأن السؤال الأصعب لم يعد: ماذا فعل الطفل؟
بل: أين كنا نحن حين كان يبحث عمن يسمعه؟