الأمين العام للأمم المتحدة يجتمع بلاجئين سودانيين في القاهرة ويؤكد على أهمية السلام
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
التقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش اليوم بالقاهرة مع مجموعة من اللاجئين السودانيين الذين فروا مؤخرًا من العنف في بلادهم.
وجاء اللقاء خلال إفطار رمضاني أقيم يوم السبت 23 مارس، حيث أكد جوتيريش على أهمية السلام والاستقرار، خاصة خلال شهر رمضان المبارك، وحث جميع أطراف النزاع في السودان على الالتزام بوقف أعمال العنف.
وقال جوتيريش: "في هذه اللحظة، يجب على المجتمع الدولي أن يعبر للشعب السوداني عن نفس التضامن الذي قدمه السودانيون دائمًا لأولئك الذين كانوا لطالما يبحثون عن الحماية والأمان بداخل السودان."
وأشار جوتيريش إلى أن السودان كان يستضيف قبل النزاع أكثر من مليون لاجئ، اضطر الكثير منهم إلى العودة إلى بلدانهم الأصلية قبل الأوان في ظل أوضاع متردية.
وأجبرت الحرب حتى الآن أكثر من 1.5 مليون شخص على الفرار إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك مصر، مما فرض ضغوطًا على الموارد المنهكة بالأساس.
وتأتي زيارة جوتيريش قبل أسابيع قليلة من دخول الصراع في السودان عامه الأول، اعتبارًا من 17 مارس 2024.
ووفقًا لأرقام وزارة الخارجية المصرية، فر أكثر من 500 ألف سوداني من الصراع في السودان إلى مصر، مما جعل مصر ثاني أكبر مضيف للسودانيين الفارين من الصراع القائم، تليها تشاد.
وفي خلال 11 شهرًا، مارس عدد اللاجئين السودانيين المسجلين لدى المفوضية في مصر بمقدار خمسة أضعاف تقريبًا.
وتوفر لهم المفوضية التسجيل وخدمات الحماية بالإضافة إلى الرعاية الصحية والتعليم والمساعدة النقدية للفئات الأكثر احتياجا.
ومع ذلك، مع تلبية 22 في المائة فقط من نداء التمويل حتى الآن، فإن استدامة هذه الخدمات معرضة للخطر.
وقالت الدكتورة حنان حمدان، ممثلة مفوضية اللاجئين لدى الحكومة المصرية ولدى جامعة الدول العربية، "يظل الدعم الإضافي للمفوضية والحكومة المصرية، على المستويين المركزي والمحلي، ضروريًا، خاصة لمواصلة ضمان الوصول الشامل إلى الخدمات العامة للجميع. لا يمكن للأزمة السودانية أن تصبح أزمة أخرى منسية."
وتأتي زيارة جوتيريش إلى مصر كجزء من التقليد الذي بدأه عندما كان يشغل منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتسليط الضوء على المجتمعات المسلمة التي تعاني من محنة.
وخلال زيارته التي استمرت يومين، كرر جوتيريش دعواته العاجلة لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية ووقف العنف، لا سيما في غزة والسودان.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: جوتيريش اللاجئين السودانيين القاهرة العنف السلام الشعب السوداني مصر
إقرأ أيضاً:
خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
شهد السودان بعد انقلاب الجيش في أكتوبر 2021 انحدارًا غير مسبوق في مستوى الخطاب السياسي، حيث لم تقتصر التفاهة والانحدار اللغوي على الإسلاميين فحسب، بل شملت أيضًا القوى المدنية بمختلف تياراتها، إضافة إلى المؤسسة العسكرية التي حاولت تبرير استحواذها على السلطة عبر خطاب يقوم على التخويف والتبرير السياسي المراوغ. يعكس هذا التدهور أزمة أعمق في الفكر السياسي السوداني، حيث أصبح الخطاب أداةً للتعبئة العاطفية والتخوين بدلًا من أن يكون وسيلةً للحوار العقلاني وبناء التوافق الوطني.
الخطاب السياسي كأداة للهيمنة والإقصاء
لم يعد الخطاب السياسي في السودان وسيلةً لنقل الأفكار أو النقاش الموضوعي، بل تحول إلى سلاح لإقصاء الخصوم وإحكام السيطرة السياسية. الإسلاميون، الذين وجدوا أنفسهم خارج السلطة بعد ثورة ديسمبر 2019، استخدموا خطابًا دينيًا متشددًا، متهمين القوى المدنية بالعمالة للخارج والسعي لتدمير هوية البلاد الإسلامية. في المقابل، لم يكن خطاب القوى المدنية أكثر نضجًا؛ إذ لجأت إلى التخوين المتبادل وانقسمت بين مناصري الانقلاب ومعارضيه، مما أضعف موقفها وسهّل على العسكر الاحتفاظ بالسلطة.
الكتلة الديمقراطية التناقض بين الخطاب والممارسة
برزت الكتلة الديمقراطية، التي ضمت قوى سياسية وحركات مسلحة مثل حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، كلاعب رئيسي في المشهد السياسي بعد الانقلاب. هذه الكتلة سعت في البداية إلى تبرير الانقلاب واتهام قوى الثورة بالفشل في الحكم، لكنها عادت لاحقًا لتبني خطابًا مدنيًا يطالب بعودة الديمقراطية، رغم دعمها السابق للحكم العسكري. هذه الازدواجية أضعفت موقفها السياسي وكشفت عن غياب رؤية واضحة، حيث بدت مواقفها محكومة بالمصالح المرحلية أكثر من المبادئ الديمقراطية.
خطاب العسكر التخويف والتبرير السياسي
من جهته، لجأ الجيش إلى خطاب يركز على حماية الأمن القومي والاستقرار، محاولًا تصوير الانقلاب كخطوة ضرورية لإنقاذ البلاد من الفوضى. استخدم القادة العسكريون لغة التخويف من "الفراغ السياسي" و"الانزلاق نحو الفوضى" لتبرير بقائهم في السلطة. كما عمل الإعلام الرسمي على الترويج لرواية مفادها أن الجيش هو الضامن الوحيد لوحدة السودان، متجاهلًا حقيقة أن الانقلاب هو الذي أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية.
مقارنة بين خطاب الإسلاميين، القوى المدنية، والعسكر
الفاعل السياسي
أبرز سمات الخطاب
الإسلاميون خطاب ديني متشدد، تخوين الخصوم، تصوير المدنيين كعملاء للغرب
القوى المدنية (الكتلة الديمقراطية) تناقض في المواقف، خطاب مزدوج بين دعم الانقلاب والمطالبة بالديمقراطية
المؤسسة العسكرية خطاب التخويف، تبرير الانقلاب، احتكار الوطنية
تأثير الخطاب السياسي على المشهد العام
ساهم هذا الخطاب المشوه في عدة نتائج خطيرة-
إضعاف فرص التحول الديمقراطي - لا يمكن بناء دولة مدنية في ظل خطاب يقوم على التخوين والإقصاء.
تعميق الانقسامات داخل القوى المدنية- التشرذم أضعف موقف القوى المناهضة للانقلاب وأطال أمد الأزمة.
إفقاد الجماهير الثقة في النخب السياسية- عندما يصبح الخطاب السياسي مجرد شعارات خاوية، يفقد المواطنون إيمانهم بالعملية السياسية برمتها.
كيف يمكن تصحيح المسار؟
لإصلاح الخطاب السياسي، لا بد من -وقف حملات التشويه المتبادل: الحوار بين القوى المختلفة ضرورة لإنهاء حالة الاستقطاب.
إعادة تعريف الأولويات - التركيز على القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد والأمن بدلاً من الصراعات الأيديولوجية.
ضبط الإعلام السياسي- يجب أن يكون الإعلام منصة توعوية بدلاً من أداة للتحريض والتضليل.
إن تفاهة الخطاب السياسي في السودان اليوم ليست مجرد أزمة لغوية، بل انعكاس لأزمة سياسية وفكرية أعمق. وكلما استمر هذا الانحدار، زادت صعوبة الوصول إلى حل سياسي حقيقي يعيد الاستقرار إلى البلاد.
المطلوب اليوم هو خطاب سياسي مسؤول، يعكس التحديات الحقيقية التي تواجه السودان، بدلاً من الاكتفاء بإعادة إنتاج نفس المفردات التخوينية والمواقف المتناقضة.
zuhair.osman@aol.com