رئيس اتحاد اليونسكو: العالم يمر بحروب معلوماتية وعلى الإعلام التصدي للأخبار المضللة
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
قال الدكتور سامي طايع مستشار الأكاديمية العربية ورئيس الفرع العربي لاتحاد اليونسكو للثقافة الإعلامية، أن العالم يمر بسلسلة من الحروب ومن بينها حرب المعلومات المظلمة التي قد تستهدف دول أو كيانات، لافتا إلى أهمية دور الإعلام القوي في التصدي لهذا النوع من الحروب الحديثة، وأن الإعلام يقع عليه دور كبير في نشر الوعي بين الجمهور وبخطورة حرب الشائعات.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي لمنظمة اليونسكو للثقافة الإعلامية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري ، برئاسة الدكتور اسماعيل عبد الغفار اسماعيل فرج رئيس الأكاديمية وبمشاركة السفير أحمد رشيد خطابي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الوزير مفوض د. رائد علي صالح جبوري مدير ادارة المنظمات والاتحادات العربية بجامعة الدول العربية، ونخبة من أساتذة وخبراء الإعلام في مصر والوطن العربي.
وأضاف طايع أن التشابك بين الاعتماد على وسائل الإعلام والتحديات الجيوسياسية الحالية يؤكد الحاجة إلى الاهتمام بما تنشره وسائل الاعلام ويتعرض له الجمهور وخاصة الشباب وصغار السن، وذلك لفلترة المعلومات المضللة، مضيفا أن منظمة اليونسكو اهتمت بموضوع التوعية والثقافة الإعلامية، حيث دشنت العديد من المؤتمرات الخاصة بالتوعية والثقافة الإعلامية والمعلوماتية.
وأكد طايع أن مقدمو المعلومات من خلال وسائل الإعلام التقليدية والرقمية على حد سواء، لهم تأثيرًا كبيرًا على الهويات الثقافية والمشهد الإعلامي لأي مجتمع، قائلا :" أن وسائل الإعلام لا تزال ضرورية للتواصل وكمصادر رئيسية للمعلومات والاخبار، إلا أن الاعتماد المفرط عليها يتطلب إدارة حذرة ودرجة عالية من الوعى".
وشدد رئيس الفرع العربي لاتحاد اليونسكو للثقافة الإعلامية على أهمية تنمية مهارات التفكير النقدي لدى جيل الشباب واكسابهم العديد من المهارات التي تمكنهم من التعامل مع وسائل الاعلام بالشكل الإيجابي والصحي مما يساعد على الحد من التأثيرات السلبية لوسائل الاعلام ،لا سيما في أوقات النزاعات، أمرًا ضروريًا لتعزيز نهج واعٍ لاستهلاك المعلومات.
جاء المؤتمر الصحفي للإعلان عن إقامة مؤتمر دولي رفيع المستوي بالقاهرة حول دور الثقافة الاعلامية في دعم التفاهم والسلام العالمي، خلال الفترة من ٢٢-٢٤ ابريل ٢٠٢٤، يفتتح المؤتمر أحمد أبو الغيط بمقر جامعة الدول العربية وحضور خبراء واساتذة الجامعات والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني من مصر والدول العربية والولايات المتحدة وكندا والبرازيل واسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفنلندا والهند والصين وروسيا الاتحادية ونيجيريا، علاوة على ممثلي مكاتب اليونسكو بالمنطقة العربية والمدير العام المساعد لمنظمة اليونسكو لقطاع الاتصال والمعلومات من المقر الرئيسي لمنظمة اليونسكو بباريس.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ثقافة الاعلام رشيد خطابي قال الدكتور العديد من المؤتمرات التكنولوجيا مصر مساعد السفير البحر هدف إنطلاق الرقمية إنشاء عامل النقل ادر الشباب ة العربية تنشر ظمأ لمجتمع غال لتحديات لحروب الیونسکو للثقافة
إقرأ أيضاً:
بين الدعاية والتضليل.. كيف يؤثر الإعلام بقضية الاحتلال في حرب الإبادة ضد غزة؟
لم تكن الحملات الإعلامية المسيئة للمقاومة الفلسطينية أمرا طارئا أو جديدا، بل كانت سلوكا متبعا من قبل الجهات المحاربة للمقاومة منذ فترة التسعينيات، في فترة انتفاضة الأقصى، غير أن هذه الحملات لم تحظ بشهرة كبيرة في تلك الحقبة بسبب محدودية وسائل الإعلام، وكان توجهها موجها بشكل أساسي نحو المجتمعات الغربية عبر اللغات الأجنبية.
الحملات الإعلامية للمقاومة الفلسطينيةوفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن القيم السياسية والأيديولوجية تلعب دورا كبيرا في تشكيل تغطية وسائل الإعلام للأحداث في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل الحرب الحالية، وتتضح معايير مزدوجة تؤثر في تقديم الصورة الإعلامية للأحداث. يمكن تصنيف وسائل الإعلام الأمريكية إلى ثلاثة أصناف رئيسية.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد": "الصنف الأول يتضمن وسائل الإعلام المتخصصة، مثل المواقع الاقتصادية والصحف الرصينة، التي تهدف إلى تقديم رؤية موضوعية للأحداث في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من مصداقية هذه الوسائل، إلا أن تأثيرها يبقى محدودا في ظل سيطرة المنظمات اليهودية الكبرى، مثل "إيباك"، على الإعلام الأمريكي وتوجيهه لأهداف سياسية. هذا التأثير ينعكس في الطريقة التي يتم بها تناول المجازر والجرائم الإسرائيلية".
وتابع: " أما الصنف الثاني، الذي أطلق عليه "النمط الأمريكي"، فيشمل وسائل الإعلام التي تتبنى أيديولوجيات متنوعة لكنها تلتزم بمهنية معينة مع تلوين الحقائق، وهذه الوسائل تمزج بين الأخبار الصحيحة والمعلومات المغلوطة، مما يبرز التباين بين المعلومة الواضحة والخبر الذي قد يكون دقيقا أو مشوها".
ولم تتغير منهجية الماكينة الإعلامية العربية والمحلية في مهاجمة المقاومة الفلسطينية منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، بل ازدادت هذه المنهجية حدةً وتعقيدا، وأصبحت أكثر تقاربا مع رواية الاحتلال بشكل أو بآخر.
وتعتبر الرسالة الإعلامية من الروافد الهامة للمعركة بين المقاومة والاحتلال، وقد تحولت مع مرور الوقت إلى معركة قائمة بذاتها تشمل صراعا على الرواية والهوية، والحرب النفسية، وصناعة وتصدير الصورة.
لطالما تفاخر الاحتلال بإتقانه لهذه المعركة الإعلامية على مدار عقود، إلا أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من كسر هذه الهيمنة من خلال إعلامها العسكري والرسائل التي نقلتها إلى جمهورها داخل فلسطين وخارجها، خصوصا في ذروة معركة "طوفان الأقصى".
ولكن مع تصاعد المعركة، تعرضت المقاومة لحملات إعلامية مضللة مماثلة لتلك التي يقودها الاحتلال، ولكنها جاءت هذه المرة من وسائل إعلام عربية ومنصات محلية. كيف تم ذلك؟
صفة "الإرهاب".. ما قبل الإبادةومنذ تأسيس السلطة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية عام 1994، انطلقت حملات مهاجمة العمل العسكري المقاوم، الذي استمرت فيه حركتا حماس والجهاد الإسلامي بعد الانتفاضة الأولى.
وبموجب اتفاق أوسلو وشروطه، قامت أجهزة أمن السلطة بملاحقة مجموعات المقاومة واعتقالها، في مرحلة شهدت ذروة التنسيق الأمني مع الاحتلال.
كما قامت السلطة بتنفيذ حملات إعلامية لتشويه صورة المطاردين، وهو ما تجلى في حادثة استشهاد محيي الدين الشريف عام 1998، حيث تم اتهام مجموعة من الشخصيات في حركة حماس، على رأسهم الشهيد عادل عوض الله، باغتياله.
وكان الهدف من ذلك تشويه صورة عوض الله، الذي كان مطلوبا للاحتلال وللسلطة في تلك الفترة، وذلك بتهمة قيادته لكتائب القسام.
وروجت السلطة الفلسطينية باستمرار لفكرة "الإرهاب المتطرف"، وهو الوصف الذي استخدمته للإشارة إلى المقاومة الفلسطينية، من خلال الصحف الرسمية وتصريحات قادتها.
وقد ظهر قائد جهاز الشرطة الفلسطيني في عام 1996 أثناء اقتحام الجامعة الإسلامية في غزة قائلاً: "كل مكان يوجد به جهات تطرف من حماس والجهاد سنداهمه.. سنجتث جذورهم".
وقد أخذت وسائل الإعلام الخارجية هذه الروايات وأكملتها في تشويه صورة المقاومة.
وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، تم ربط العمليات الاستشهادية الفلسطينية التي قامت بها فصائل المقاومة بالإرهاب العالمي، مما عزز موقف السلطة الذي أدان العديد من العمليات واصفا إياها بالإرهاب.
وعلى مدار السنوات التي تلت انتفاضة الأقصى، لم تتوقف الحملات الإعلامية العربية والمحلية عن مهاجمة المقاومة في قطاع غزة، وتوجيه اتهامات لها، والتشكيك في مواقفها، بل حتى الاتهام بتقديم تنازلات للاحتلال، وارتباط وجودها بالمنحة القطرية التي كانت تدخل القطاع المحاصر.
وكان تطور وسائل التواصل الاجتماعي قد ساهم في انتشار هذه الحملات بشكل أكبر.
طوفان الأقصى واستكمال المعركةمنذ بداية معركة "طوفان الأقصى"، ومع مرور الشهور الأولى للمعركة، بدأ الإعلام العربي يتخذ مواقف أكثر خطورة، حيث كان يسير على خطى الاحتلال في دعم روايته، مما جعله إعلاما مضادا لرواية المقاومة الفلسطينية.
وتصدرت وسائل الإعلام التابعة للأنظمة التي اتخذت مسار التطبيع العلني هذا الميدان، وانخرطت في أجندات التحالف العالمي ضد المقاومة الفلسطينية، وروجت الأكاذيب عنها، بل حتى هاجمت الشهداء بشكل مباشر.
ولم يقتصر الإعلام العربي على تبني موقف معادٍ للمقاومة فحسب، بل برزت أيضا وسائل إعلام عربية تتخذ موقفًا رماديًا، بين الإعلام المقاوم والإعلام التطبيعي، وهذه الوسائل الإعلامية تتأرجح بين الدعم والمناهضة، حسب سير الأحداث وتغير مواقف الدول المالكة لهذه الوسائل. كانت هذه الوسائل تتبع سياسة متغيرة وفقًا للمتغيرات السياسية.
أما الإعلام المصري فقد لعب دورا مختلفا خلال الحرب، حيث اتسم بالرمادية، محاولا تلميع صورة النظام والموقف الرسمي المصري. وقد أدانت وسائل الإعلام المصرية مجازر الاحتلال في غزة، لكن تغطيتها اختلفت في بعض التفاصيل الدقيقة.
وفقا للتحليلات السياسية، كان الرئيس السيسي بحاجة إلى دعم قوي لتشكيل تفويض قوي لاتخاذ قرارات صعبة تتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية للبلاد.
لذا، حاول الإعلام المصري تصوير الرئيس السيسي كـ "المدافع عن الشعب الفلسطيني" من خلال التركيز على رفضه السماح بنقل سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء، وهو ما كان يسعى إليه الاحتلال.
إعلام السلطة.. الطعنة من القريبفيما يتعلق بالإعلام المحلي الرسمي التابع للسلطة الفلسطينية، فإنه لم يختلف عن الإعلام العربي في مهاجمة المقاومة، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، بل بذل الإعلام الرسمي جهودا كبيرة في تشويه صورة المطاردين وكسر رمزية المطارد الفلسطيني، عبر إطلاق توصيفات مثل "الخارجين عن القانون" و"الجاسوس" و"سارقين الأموال".
كما كان هناك زعم بأن المسار المقاوم مرتبط بأجندات خارجية، على رأسها إيران.
وقد تواصلت هذه الحملة الإعلامية ضد المقاومة، حتى بعد استشهاد قادتها في قطاع غزة، حيث تم تحميل المقاومة مسؤولية الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال. وكان الإعلام الرسمي للسلطة الفلسطينية يساهم في نشر هذه الروايات.
مع استئناف جيش الاحتلال ارتكاب المجازر في قطاع غزة، انطلقت وسائل الإعلام العربية والمحلية مجددًا في مهاجمة المقاومة وتحميلها مسؤولية الإجرام الإسرائيلي، تجلى ذلك في بيان الرئاسة الفلسطينية الذي نشرته وسائل الإعلام الرسمية التابعة للسلطة، حيث اتهمت حماس بالمسؤولية عن المجازر في قطاع غزة.
وبذلك، استمر الإعلام العربي والإعلام الرسمي الفلسطيني في تبني نفس المنهج منذ بداية الحرب على قطاع غزة، في معركة الوعي والحقيقة التي تواجه بها المقاومة الفلسطينية العالم.
والخطاب الإعلامي المعادي للمقاومة الفلسطينية الذي توجهه وسائل الإعلام العربية والمحلية لا يقتصر على الاختلافات السياسية أو الأيديولوجية فقط، بل يسير في اتجاه منحاز بشكل كامل لرواية الاحتلال، مما يبرر القتل والإبادة، ويدخل في نطاق مشاريع تصفية القضية الفلسطينية.