قطع رؤوس وتمثيل بالجثث.. الوجه الأكثر قبحا للحرب في السودان
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
في تطور وصفه مختصون بأنه "يتنافى مع القيم الإنسانية وحرمة الموتى"، تصاعدت في السودان حالات التمثيل بالجثث خلال المعارك الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط اتهامات متبادلة من الطرفين بالتورط في تلك الحالات.
وتداول ناشطون مقاطع فيديو تظهر تعرُّض مدنيين ومسلحين لعمليات ذبح وقطع للرؤوس، خلال المواجهات بين الطرفين، بينما كشفت مراصد حقوقية عن "تزايد عمليات تصفية الأسرى وتقطيع جثثهم إلى أجزاء".
بحسب مراصد حقوقية، فإن "عمليات التمثيل بجثث قتلى المعارك الحالية، بدأت مع حادثة مقتل والي ولاية غرب دارفور، خميس أبكر، في يونيو الماضي بمدينة الجنينة".
وأظهر مقطع فيديو جثة الوالي القتيل يجرها بعض الأهالي على الأرض وهي موثقة بالحبال، بينما يقذفها آخرون بالحجارة، في حضور مئات من المواطنين بينهم نساء وأطفال.
وفي حين نفى الناطق باسم قوات الدعم السريع، الاتهام بتورط قواتهم في مقتل الوالي والتمثيل بجثته، يصر الجيش على أن "قوات الدعم السريع ضالعة في الحادثة، لأن الوالي كان يقود عمليات الدفاع عن الولاية بمواجهة هجمات الدعم السريع".
وفي أحدث تعليق عن الفظائع المصاحبة للمعارك، كشفت لجنة محامي الطوارئ السودانية، أنها "تلقت مقطع فيديو يُظهر مجموعة من القوات تقوم بتعليق جثة لشخص يرتدي أزياء قوات الدعم السريع".
وقالت اللجنة في بيان، إن "المنفذين اقتلعوا أطراف الجثة ومزقوا أحشاءها، دون وجود أي دليل على تعرضها للقصف الجوي أو المدفعي، مما يشير بوضوح إلى تعرضها للتعذيب والتمثيل".
وأضاف البيان أن "هذه الأفعال البشعة والمتواصلة من عمليات الإعدام خارج إطار القضاء، وأعمال التعذيب وغيرها، تعد جريمة حرب، وتعكس تطوراً خطيراً، يتنافى مع القيم الإنسانية وحرمة الميت وكرامة الجثة".
وتزامنت الحادثة مع بيان صادر عن لجان المقاومة في ولاية الجزيرة بوسط السودان، يتحدث عن "قيام عدد من مسلحي الدعم السريع، بضرب مجموعات من المدنيين في عدد من قرى الولاية بالسياط، بطريقة مهينة ومذلة، وفيها قدر من التعذيب النفسي والجسدي".
ولفت البيان إلى أن "القرويين الذين تعرضوا للضرب والتعذيب، ليسوا جزءً من العمليات العسكرية والحربية، وإنهم مواطنون يمارسون حياتهم في الزراعة والتجارة".
ويرى الخبير الاستراتيجي، عمر جمال الدين، أن "قوات الدعم السريع كررت في قرى ولاية الجزيرة، ذات الفظائع التي ارتكبتها في دارفور، إذ سرقت ونهبت وروّعت المدنيين، ممن لا علاقة لهم بالحرب".
وقال جمال الدين لموقع الحرة، إن "عمليات التمثيل بجثة والي غرب دارفور خميس أبكر، التي جرت بطريقة لا تحدث حتى في الأفلام السينمائية، تؤكد على صحة موقف الحكومة الداعي لتصنيف مليشيا الدعم السريع كجماعة إرهابية".
وأشار إلى أن "مليشيا الدعم السريع مارست أبشع التعديات على المدنيين والأطفال والنساء، بما في ذلك العنف الجنسي المتصل بالنزاع، على نحو ما أكدته بعض المنظمات في تقارير عالية الصدقية"، وفق قوله.
في المقابل، يشير الباحث السياسي السوداني، عبد الله حمدان، إلى أن "عناصر الجيش قاموا بقطع رؤوس عدد من المدنيين الشباب، ومثلوا بها، بحجة انتمائهم إلى قوات الدعم السريع، قبل أن يثبت أن الضحايا لا علاقة لهم بالدعم السريع".
وقال حمدان لموقع الحرة، إن "التحقيقات الصحفية دللت على أن الضحايا هم من فئة الشباب الذين يعملون في التعدين الأهلي عن الذهب، وإنهم كانوا في طريقهم من مدينة الأبيض بغرب السودان إلى ولاية سنار بوسط السودان، ومع ذلك يعتذر الجيش عن الحادثة".
وأشار الباحث السياسي إلى أن "سلوك عناصر الجيش في كثير من الحالات يكشف عن حالة من التشفي القائمة على أساس عنصري وقبلي وجهوي، إذ جرى قتل عدد من الشباب المدنيين كونهم ينتمون إلى قبائل مساندة للدعم السريع"، بحسب تعبيره.
وكان ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي تداولوا في فبراير الماضي، مقطع فيديو يُظهر عناصر يرتدون أزياء الجيش، وهم يقطعون رؤوس بعض الشباب، قائلين إن "القتلى من مسلحي الدعم السريع".
وعقب تداول مقطع الفيديو، أعلن الناطق باسم الجيش عن لجنة للتحقيق بشأن الحادثة، متوعدا بمحاسبة المتورطين فيها حال ثبوت انتمائهم إلى الجيش، مؤكدا أن "الجيش يتقيد بقوانين وأعراف الحرب وقواعد السلوك أثناء العمليات الحربية".
سلوك إرهابيومع تصاعد المعارك في منطقة الخرطوم بحري، كشف المرصد السوداني، عن "تزايد معدلات التمثيل بالجثث، إذ تداول ناشطون مقاطع فيديو تُظهر عمليات دهس بآليات ثقيلة لعدد من جثث مسلحي الدعم السريع".
وفي المقابل، كشفت منظمات حقوقية عن تعرض دور مساجد وكنائس وأضرحة عدد من مشائخ الطرق الصوفية، إلى تعديات وحرق خلال المواجهات الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ويقول حمدان إن "الجيش لا يراعي حرمة الأسرى وكثيرا ما قام بتصفية عدد من عناصر الدعم السريع الذين يقعون تحت قبضته، كما أن عناصر الجيش يتلذذون بالتمثيل بالجثث، لتعويض خسائرهم المتتالية في المعارك".
وأضاف "سبق أن قام عناصر من هيئة العمليات بجهاز المخابرات، يقاتلون إلى جانب الجيش بوضع عدد من المدنيين في حفرة وأغمضوا أعينهم وفتحوا عليهم النار، دون رحمة".
ولفت المتحدث ذاته، إلى أن "هذا السلوك يشبه سلوك تنظيم داعش الإرهابي الذي اشتهر بقطع الرؤوس، وحرق أضرحة رجالات الطرق الصوفية والتعدي على الكنائس في عدد من الدول".
وأضاف قائلا "كل جرائم قطع الرؤوس والتمثيل بالجثث يقوم بها عناصر نظام البشير وكتيبة البراء بن مالك الذين يقاتلون إلى جانب الجيش".
في المقابل، شكك جمال الدين في الرواية التي ساقها حمدان، وقال إن "اتهام الجيش أو العناصر التي تقاتل معه، بالتورط في عمليات قتل خارج القانون لا يستند إلى حقائق، ويدحضه تاريخ الجيش الطويل في الالتزام بقواعد الاشتباك وحقوق الأسرى".
وأضاف "هذه المليشيا لا أخلاق لها، ولا تراعي حقوق المدنيين والموتى، كما أنها تورطت في انتهكات في عدد من دور العبادة مثل المساجد والكنائس، واستغلتها كمنصات لإطلاق القذائف والصواريخ".
وتابع قائلا "شاهد معظم السودانيين مقاطع فيديو تُظهر عناصر المليشيا وهم يدخلون عرباتهم القتالية إلى داخل عدد من المساجد في أم درمان للاحتماء من ضربات الطيران المسير التابع للجيش".
كان الجيش السوداني اتهم قوات الدعم السريع باستخدام دور العبادة في المعارك الحربية، واستغلالها في إطلاق القذائف.
ونشر الجيش على صفحته بموقع فيسبوك، مقطع فيديو يُظهر عربة قتالية داخل أحد المساجد، قال إنها للدعم السريع. كما نشر مقطع فيديو لمنصة إطلاق صواريخ داخل إحدى الكنائس في أم درمان، وقال إنها منصوبة بواسطة قوات الدعم السريع.
بدوره، اتهم القيادي في الحرية والتغيير، صلاح مناع، عناصر نظام الرئيس السابق عمر البشير بحرق عدد من الكنائس والأضرحة في أم درمان".
وقال مناع في منشور على منصة (اكس)، إن "حرق الكنيسة الإنجيلية وتحطيم ضريح الشيخ قريب الله أفعال داعشية".
حرق الكنيسة الإنجيليّة وتحطيم ضريح الشيخ قريب الله افعال داعشية قامت بها الحركة الإسلامية التي قسمت آلوطن في ٢٠١٠ ، والان تضرب نسيجه الاجتماعي والتعايش الديني ، كنت اتمني ان يحمي العطا ابن أمدرمان ذلك الأرث بدلا عن التطاول علي حاكم عبر ببلده الي مصاف الحضارة الانسانية pic.twitter.com/D6xBVCp3pT
— صلاح مناع (@SalahManaa5) March 24, 2024كان ناشطون تداولوا مقطع فيديو يٌظهر تعرض ضريح الشيخ قريب الله، أحد مشايخ الطرق الصوفية في أم درمان إلى الحرق، بينما نُبشت مجموعة من القبور في ذات المدفن.
كما تداول ناشطون مقطع فيديو لتعرُّض الكنيسة الإنجيلية في أم درمان إلى الحرق، بينما اتهم المتحدث في مقطع الفيديو، الجيش بحرق الكنيسة عبر قذيفة صاروخية، من شمال المدينة".
ويرى الباحث الاجتماعي، مرتضى البخيت، أن "عمليات قطع الرؤوس والتمثيل بالجثث، ستؤدي إلى زيادة خطاب الكراهية بين المكونات المجتمعية في السودان".
وقال البخيت لموقع الحرة، إن "تصاعد خطاب الكراهية سيحول الحرب الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى حرب أهلية طاحنة، تستخدم فيها القبائل والمكونات المجتمعية كوقود في المعارك، مما يزيد عدد الضحايا ويصعّب مهمة إنهاء الحرب وإرساء السلام".
ودعا الباحث الاجتماعي طرفي الحرب في السودان إلى "التقيد بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والالتزام بحماية المدنيين وأسرى المعارك، والعمل على إنهاء الحرب بأسرع ما يمكن للحفاظ على البلاد وأرواح وممتلكات المواطنين".
في السادس من مارس الحالي، كشف الأمين العام لمجلس الكنائس السوداني، عبد الله سردار، عن تعرض 153 كنيسة لتعديات خلال الحرب، مؤكدا تدمير 17 كنيسة تدميرا كليا، والاعتداء على أكثر من 3 آلاف شخص خلال ممارستهم العبادة، وفق وكالة السودان للأنباء.
كان رئيس لجنة مجلس الأمن الدولي للعقوبات على السودان، جونكوك هوانغ، أكد "خضوع من يتورطون في انتهاك القانون الدولي الإنساني للعقوبات الموجهة وغيرها من التدابير".
وأشار هوانغ خلال تقديمه تقرير اللجنة أمام مجلس الأمن، الثلاثاء، إلى "تصاعد العنف ضد المدنيين، بما في ذلك حالات العنف الجنسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، على نطاق واسع أثناء النزاع بالسودان".
ووفق أرقام الأمم المتحدة، أدى الصراع بين الجيش والدعم السريع إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص، وأجبر أكثر من 7 ملايين على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.
وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن 5 ملايين سوداني قد يواجهون في غضون بضعة أشهر "انعدام أمن غذائي كارثيا" بسبب الحرب الأهلية الدائرة في البلاد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع مقطع فیدیو ی ظهر مقاطع فیدیو فی أم درمان فی السودان بین الجیش إلى أن عدد من
إقرأ أيضاً:
صحة السودان تتابع المستشفيات التي دمرتها الدعم السريع
زار وفد من وزارة الصحة الاتحادية السودانية، ولاية الخرطوم مستشفيات بحري، برفقه مساعد القائد العام للقوات المسلحة عضو مجلس السيادة الفريق بحري مهندس إبراهيم جابر، وقفوا خلالها على التدمير الممنهج للبنية التحتية للمؤسسات الصحية التي قامت بها المليشيا المتمردة وطالت الكوابل الرئيسية لتوصيلات الكهرباء على وجه الخصوص بالمستشفيات.
فيما كانت صحة الخرطوم، قد تسلمت الاسبوع الماضي معظم المستشفيات بمحلية بحري بعد دحر المليشيا ورصدت كل مواضع الخراب وشرعت في الترتيبات لأعادة المستشفيات للخدمة.
وشملت الجولة التي تمت برفقة وفد وزارة الصحة الاتحادية ورئاسة دكتور احمد البشير فضل الله مدير الإدارة العامة للطب العلاجي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم برفقته مدير الإدارة العامة للطواريء د.محمد التجاني ومدير الإدارة العامة للمنظمات والشركات د.هشام عبدالله، شملت مستشفى حاج الصافي ومستشفى احمد قاسم ومستشفى بحري.
واوضح دكتور المغيرة الأمين أنه والوفد المرافق له بحضور د. محي الدين حسن مدير الوكالة القومية للرعاية الطارئة والإسعاف ممثل لوزارة الصحة الاتحادية جاءوا في معية الفريق ابراهيم جابر عضو مجلس السيادة في زيارة تفقدية للمستشفيات، مبينا أن جولة اليوم اظهرت التخريب الممنهج للبني التحتية للمرافق الصحية.
ولفت إلى أن مستشفى احمد قاسم له أهمية خاصة لتقديم الخدمات المتخصصة وهي القلب والكلى والأطفال ويعمل بأجهزة طبيبة كبيرة وحساسة ذات أهمية في النواحي التشخيصية والعلاجية تعتمد بشكل اساسي على الطاقة الكهربائية، كاشفا عن نهب وحرق الكيبولات واتلاف عدد مقدر من الأجهزة والمعدات والإثاثاث، وبشر المواطنين بإعادة تشغيل المستشفيات وإعادة الخدمات الصحية بشكل كامل في محليات ام درمان الكبرى وبحري والخرطوم قريبا، فضلا عن إعادة الطاقة الكهربائية بالتنسيق مع منسوبي وزارة الطاقة المتواجدين حاليا بولاية الخرطوم.
ومن جهته اكد دكتور احمد البشير فضل الله مدير الإدارة العامة للطب العلاجي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم على وقوف الوزارة على الترتيبات الأولى وحصر الضرر بالمستشفيات التي تسلمتها ببحري حتى تستطيع أن تقدم الخدمة بأسرع ما يمكن وحسب المتاح بعد وصول الكهرباء والمياه وحتى تستعيد المؤسسات الصحية خدماتها
وأبان أن زيارة الوفد الاتحادي تأتي لمزيد من التنسيق لتوفير الحوجة العاجلة لإعادة تشغيل المستشفيات، وأشار مدير الطب العلاجي إلى تلقي الوزارة وعود من المستوى الاتحادي باتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة التشغيل عاجلا، وطمأن مواطنين محلية بحري بتقديم الخدمة عبر المراكز الصحية من المستوى الاول وحتى المرجعي.
وفي الوقت ذاته نبه فضل الله إلى أن الوزارة باشرت تشغيل عيادات جوالة تغطي الخدمات المطلوبة من المواطنين، معلنا عن تشغيل مستشفى حاج الصافي والكباشي في غضون الثلاثة أيام القادمة.
واكد لمواطني بحري وكل ولاية الخرطوم بأن الجيش الأبيض ممثلا في وزارة الصحة سيظل (كتف بكتف) مع الجيش الأخضر وسيصل جميع مواقع الخدمات الصحية وسيعيدها للخدمة كمرحلة أولى سماها بمرحلة التعافي ومن ثم مرحلة الاعمار.
واعرب عن أمله في الاستفادة من الازمة السابقة لتقديم الخدمة بمعايير الخدمات الصحية عالميا للمواطن السوداني الذي ظل صابرا طيلة الفترة الماضية، واضاف الصحة بالجميع وللجميع بولاية الخرطوم .