كاتبة فلسطينية: مَن عايدة التي تحدت الصواريخ لرعاية أبيها المريض؟
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
كانت أستاذة العلوم السياسية في كندا غادة عجيل -كغيرها ممن لهم أقارب يواجهون المجازر الإسرائيلية في غزة– تأمل أن يتحقق أمل التوصل إلى هدنة أو وقف لإطلاق النار قبل مجيء شهر رمضان الفضيل، كما صرح بذلك الرئيس الأميركي جو بايدن.
لكن جميع الأحلام تبخرت مع استمرار المجازر، واستشهاد أكثر من 32 ألف إنسان، وإصابة عشرات الآلاف ببتر أطراف وجروح خطرة، ناهيك عن تدمير قطاع غزة بشكل شبه كامل.
غادة أستاذة العلوم السياسية بكندا، تؤكد في مقال نشره موقع الجزيرة الإنجليزية أنها وأسرتها ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول يجلسون متسمرين أمام الشاشة يتابعون النشرات الإخبارية حول حرب الإبادة التي تجري في غزة، لعلهم يعيشون ما تعيشه أسرهم وعائلاتهم وجيرانهم، ويعرفون بعضا من أخبارهم.
شهيدة فوق الأرض
وقصت الكاتبة حكاية جارتهم بمخيم خان يونس الفتاة عايدة، وكيف أنها قررت البقاء في المخيم المدمر وعدم مغادرته وذلك لأن لديها أبا مسنا يحتاج لرعاية خاصة، لكونه مصابا بألزهايمر، وفاقدا للقدرة على الحركة.
ونقلت في مقالها استغراب ابن عمها هاني -الذي عاد إلى المخيم ليطلع على بيتهم المدمر- لبقاء عايدة وسط كل هذا الدمار، حيث لا تكاد ترى سوى المباني المهدمة حيثما وليت وجهك.
وتابع هاني في تدوينته أن عايدة لم تكن محظوظة في استكمال تعليمها، وهي التي تنحدر من عائلة فقيرة، لكنها برغم ذلك ضربت المثل في الشجاعة والإقدام، وقد عبر عن استغرابه لقدرتها على البقاء ورعاية والدها برغم القصف ورائحة الموت المنتشرة في كل مكان.
ونقلت الكاتبة عن ابن عمها وصفه لعايدة قائلا "تلك الفتاة هي الأعظم والأشجع والأذكى والأكثر تقوى، عايدة أيقونة.. قلت لنفسي وأنا أتحكم في خطواتي لأتوازن على تلال الركام: من منا يستطيع أن يرقى إلى قوة عايدة؟ لا أحد. إنها شهيدة تعيش على الأرض".
منارة الشجاعة
وتابع مقال الجزيرة الإنجليزية أن عايدة اختارت الوقوف لوحدها في جبهة مناقضة لأولئك الذين اختاروا الوقوف إلى جانب الإبادة الجماعية، ووصفها بأنها "منارة الشجاعة والأمل في أحلك اللحظات" وقالت الكاتبة إن مجرد وجودها يفضح همجية السياسة العالمية وجبن السياسيين الذين اختاروا التسامح مع الإبادة الجماعية، ويرفضون وقفها.
وذكرت الكاتبة الفلسطينية أن من القصص المؤلمة التي عاشتها حكاية اعتقال قوات الاحتلال العديد من أقاربها بمدينة حمد في خان يونس، وكانوا قد عادوا إلى منزلهم المهجور بهدف استعادة بعض الأغراض معتقدين أن جيش الاحتلال انسحب من المنطقة.
وقالت الكاتبة إن حجم الألم لما جرى كان كبيرا، حيث جُرد المعتقلون -وبينهم ثلاثة من أبناء عمومتها- من ملابسهم، وتعرضوا للتحقيق والضرب المبرح قبل نقلهم إلى جهة مجهولة.
ولم تتوقف المأساة عند هذا الحد، بل إن ما جرى أصاب طفلا من أقاربها (من ذوي الاحتياجات الخاصة يبلغ من العمر 9 سنوات) بنوبة تشنج حادة لم يعرف جنود الاحتلال كيف يتعاملون معها، فأطلقوا سراحه مع أمه بعد ساعات من احتجازهما بالشارع، وطلبوا منها التحرك وعدم الالتفات خلفها تحت تهديد القتل.
كما تحدثت الكاتبة في مقالها عن عمها فتحي وزوجته وأبنائه وأفراد العائلة الذين نزحوا إلى رفح بعد اجتياح الجيش الإسرائيلي خان يونس، وقصت كيف نجوا من موت محقق بعد قصف الاحتلال برج المصري في رفح حيث كانوا يقطنون.
واختتمت مقالها بأن عمها كان قد عمل لسنوات طويلة بالسعودية قبل أن يعود لغزة ليعمل مدرسا لدى الأمم المتحدة بمخيم للاجئين، وقد نشر على حسابه بفيسبوك لمنزله المدمر قائلا "هذا هو بيتنا الحبيب الذي تبخر، ثمرة العمل المضني والكدح 40 عاما أبيدت على يد الجيش الذي يدعي أنه أخلاقي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات
إقرأ أيضاً:
ما هي منظمة حاباد اليهودية التي اختفى أحد حاخاماتها في الإمارات؟
أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، أن حاخاما يهوديا من منظمة "حاباد" اختفى في الإمارات منذ أربعة أيام في ظروف غامضة.
وتشتبه السلطات الإسرائيلية بأن الحاخام زفي كوغان، والذي ذكرت وسائل إعلام أنه ضابط في الجيش أيضا، تعرض للاختطاف أو القتل من قبل "جهة معادية" خلال وجوده في الإمارات.
وبحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" فإن كوغان كان يقيم في الإمارات بشكل رسمي بصفته مساعدا للحاخام اليهودي الأكبر في أبو ظبي.
وينتمي كوغان إلى منظمة "حاباد" أو "شاباد" اليهودية، والتي برزت خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وفي تموز/ يوليو ظهر علم "حاباد" باللون الأصفر على إحدى دبابات الاحتلال، التي دمرها مقاتل من كتائب القسام، بواسطة عبوة ناسفة في تل السلطان برفح.
ويظهر على العلم الملون بالأصفر، تاج أزرق، وتحته بالعبرية عبارة "مشيح" أو مسيح، ويقصد بها المسيح المخلص وفقا للاعتقاد اليهودي الذي سيأتي في آخر الزمان ليقود اليهود.
وترفع هذا العلم منظمة حاباد أو "حاباد لوبافيتش"، وهي من أشهر المنظمات اليهودية الأرثوذكسية الحسيدية، حول العالم، والتي تمتلك علاقات واسعة على مستوى السياسيين، وتنفتح على العلمانيين لتحقيق أهدافها.
والحسيديون هم اليهود المتدينون الغربيون، القادمون من دول أوروبا الشرقية، ونسبة انفتاحهم أكبر من الحريديم، وهم اليهود الشرقيون والذين يبقون منغلقين على أنفسهم، وخاصة على الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال، والتي حرموها مؤخرا.
تأسيس المنظمة
يعود تأسيس الحاباد إلى عام 1775 على يد الحاخام شنيور زلمان ليادي واشتق اسمها من اختصار الكلمات العبرية الثلاث "دآت، بيناه، حوكماه"، وتعني "الحكمة والفهم والمعرفة"، وفي الثلاثينيات نقل أحد حاخاماتها مركزها من مدينة لوبافيتش بروسيا إلى بولندا، ثم مع الحرب العالمية الثانية والعلاقة السيئة مع النازيين انتقلوا إلى الولايات المتحدة.
وخلال العقود التي تلت الخمسينيات، باتت منظمة حاباد، واحدة من أكثر المنظمات اليهودية انتشارا حول العالم، وتشعبت في العديد من القطاعات مستهدفة اليهود في العالم، وكان يتزعمها آنذاك، الحاخام، مناحيم مندل شنايرسون، والذي وصل تقديس أتباعه له إلى حد أن يطلقوا عليه لقب المسيح.
ويقدر عدد أتباع الحاباد، من الحسيديم بنحو 95 ألف شخص، أي ما يمثل قرابة 13 بالمئة من الحسيديم حول العالم، ولها نفوذ واسع في الولايات المتحدة.
التخلص من الفلسطينيين
تعد منظمة حاباد، من المنظمات المتطرفة، التي لا تؤمن بوجود الفلسطينيين، وتدعو للتخلص منهم وطردهم من فلسطين المحتلة، وتعارض أي اتفاق يمكن أن يمنحهم جزءا من أراضيهم.
ونشطت منذ بدء العدوان على غزة، عبر دعم جيش الاحتلال، بالتجهيزات اللوجستية للجنود، وجمع التبرعات لتوفير احتياجاته، والحضور بشكل واضح باسمها خلال العدوان.
ونظمت العديد من الفعاليات، ورفعت لافتات، تدعو فيها بصراحة إلى عودة الاستيطانية إلى قطاع غزة، فضلا عن توسيع التهام الأراضي في الضفة الغربية لصالح الاستيطان.
وقام عدد من جنود الاحتلال، في بداية العدوان، برفع لافتة على أحد منازل بيت حانون شمال غزة، وأطلقوا عليه اسم "أول بيت حاباد" في غزة، وأقاموا فيه احتفالا بعيد الحانوكاه اليهودي، قبل أن ينسحبوا على وقع ضربات المقاومة ويدمروا المنطقة.
وخلال المعارك في غزة، رفعت رايات ولافتات منظمة حاباد، وشعار المسيح كرايات وعلى الدبابات التي فجرتها المقاومة وظهر ذلك على الأقل في توثيقين مصورين لكتائب القسام.
كما قامت المنظمة بنصب شمعدان يهودي للاحتفال بعيد الحانوكاه في قطاع غزة، قبل أن ينسحبوا من المنطقة التي جرى فيها الاحتلال بدايات العدوان.
السيطرة على الجيش
كشفت تقارير عبرية، أن 80 بالمئة من الفعاليات التربوية الدينية، لجنود جيش الاحتلال، والتي يشارك فيها ضباط من قادة السرايا والرتب الأكبر، ويطلق عليها "أيام السبت التربوية"، تنفذها منظمات يمينية استيطانية، تخضع جميعها لحركة حاباد اليهودية.
وقالت صحيفة معاريف العبرية، إن الجيش تخلى عن المجال التربوي للجنود لصالح منظمات يهودية لها أجندة مثل حاباد، وهو ما يعتبره ضباط خطرا على خطاب الهوية الإسرائيلية.
وتمكنت حاباد من التسلل إلى القطاع التربوي في جيش الاحتلال، عبر بند التمويل، والذي يشترط فيه الجيش، أن تنظيم الفعاليات من أية جهة، يجب أن تموله المنظمة بنفسها عبر التبرعات، وحاباد من أقوى المنظمات التي يمكنها جمع التبرعات من اليهود المتطرفين، لإقامة فعاليات توراتية داخل الجيش.
مناطق التواجد
تسيطر منظمة حاباد على منطقة تدعى كفار حاباد، وهي الضاحية الملاصقة لمطار بن غوريون على أراضي يافا المحتلة، والتي يقدر عدد قاطنيها بأكثر من 7 آلاف نسمة، وهم من أتباعها، كما أن لهم وجودا في صفد، منذ تسلل اليهود من أوروبا الشرقية إلى فلسطين المحتلة، ما بين 1777- 1840، وقاموا بإنشاء مجتمع خاص بهم، ومعابد ومحاولات استيطانية مبكرة عبر الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.
كما أن لهم تواجدا بعشرات الآلاف في كل من فرنسا وكندا، إضافة إلى الإمارات، والتي أنشأوا فيها المركز المجتمعي اليهودي والذي يحوي كنيسا ولفائف من التوراة، ويوفر الدواجن الحلال وفقا للشريعة اليهودية "الطعام الكوشير"، لأتباع المنظمة في الإمارات، ويترأس مركز الحاباد الحاخام ليفي دوشمان.