لم تترك الهند أي طريق آخر مفتوحا أمام حزب بنغلاديش الوطني إلا الدعوة لمقاطعة المنتجات الهندية على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجا على دور الهند قبل وبعد انتخابات 7 كانون الثاني/ يناير، وشعر الكثيرون أن الحزب يجب أن يدعم حركة المقاطعة.

اعتقد الكثيرون أن حزب بنغلاديش الوطني لا ينبغي أن يدعم هذه الحركة بشكل مباشر كحزب مسؤول كان في السلطة عدة مرات، لأنه سيتم تصنيفه على أنه موقف مباشر مناهض للهند.

سوف تؤثر الهند على العالم الغربي، بما في ذلك الولايات المتحدة، بالقول إن حزب بنغلاديش الوطني يتعارض بشكل مباشر مع مصالحها، ونتيجة لذلك فإن مصالح الحزب سوف تتقوض إذا وصل إلى السلطة، لذا فإنهم لا يريدون وصول الحزب إلى السلطة في بنغلاديش.

وغني عن القول أن الهند اتخذت بالفعل هذا الموقف ضد حزب بنغلاديش الوطني. والحقيقة هي أنه منذ ما قبل عام 2008، كانت الهند تبذل كل جهد ممكن لإبقاء الحزب خارج السلطة بهذا الموقف، وأوصلت رابطة عوامي إلى السلطة في انتخابات 2014 و2018 و2024 بكل أنواع الدعم.

ورغم أن حزب بنغلاديش الوطني يعتبر حزبا سياسيا مناهضا للهند، إلا أن الهند ليس لديها أي دليل مباشر على ذلك، لقد توصلت إلى هذا الاستنتاج بناء على بعض الافتراضات، إنهم يعتبرون الحزب مناهضا للهند بسبب بعض الدعاية. ومن المثير للاهتمام أن هذه الدعاية يقوم بها الهنود أو أنصارهم، إن جريمة حزب بنغلاديش الوطني كحزب سياسي لتعتبره الهند أكثر من أي شيء يتعارض مع مصالحها الخاصة هي موقفه القومي والوطني وعقلية التحدث مع الهند على قدم المساواة، ولا يحب المسؤولون الهنود والحكومة الهندية هذا الموقف باعتباره تطورا إقليميا.

وفي حين تحالفت الهند حتى الآن مع رابطة عوامي، فليس هناك ما يقنع أو يطمئن الهند من حزب بنغلاديش الوطني، فالهند لا تحتاج إلى الوعد بأن الحزب لن يقوض المصالح الهندية إذا وصل إلى السلطة لأنها استولت على بنغلاديش بالكامل. والموقف الآن هو أنه إذا كان لحزب بنغلاديش الوطني أن يعود إلى السلطة، فسوف يكون لزاما عليه أن يعد بحماية المصالح الهندية أكثر من رابطة عوامي. إذا تم ذلك، فإن الحزب سوف ينتهي من الوجود كحزب سياسي، ويجب التخلي عن جميع مبادئه ومثله العليا، وسوف يبتعد أنصاره. ولن يفعل الحزب ذلك، ونتيجة لهذا فإنه لن يتمكن من الوصول إلى السلطة في بنغلاديش التي تحتلها الهند من خلال العملية الانتخابية العادية، وهذا أصبح الآن واضحا مثل ضوء النهار. وفي هذه الحالة، لن يتمكن العالم الغربي، بما في ذلك الولايات المتحدة، من تقديم أي دعم لحزب بنغلاديش الوطني.

قبل انتخابات 7 كانون الثاني/ يناير، تمكنت الهند بسهولة من تخريب المتنمرين الفارغين والجولات العامة التي يقوم بها الأمريكيون لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وسلمية. وبعد الانتخابات، اعتبر شعب بنغلاديش الولايات المتحدة قوة لصالح مصالح الهند. ونتيجة لذلك، بدأ الناس ينظرون إلى الأمريكيين على أنهم خونة، والدعوة إلى مقاطعة منتجاتهم، واعتبار الهند مركزا لجميع المشاكل في السياسة البنغالية.

ويجب القول إن حزب بنغلاديش الوطني قد لعب أخيرا دوره الصحيح من خلال دعم برنامج مقاطعة المنتجات هذا. ومع ذلك، ينبغي للحزب أن يكون حذرا بشأن هذا الأمر، لأنه باعتباره حزب المعارضة الرئيسي، أصبح هدفا للحكومة والهند لسنوات عديدة. ولم يقتصر الأمر على قيام الحكومة والهند بمحاصرة الحزب من خلال القمع، بل إن المصالح الحكومية والهندية اخترقت الحزب استراتيجيا. إنهم يقومون باستمرار بتخريب برامج حزب بنغلاديش الوطني، ومصالح الهند يتم الاعتناء بها من داخل الحزب، وبعد دعم برنامج مقاطعة المنتجات ستكون أكثر نشاطا في تخريب البرنامج.

يجب أن يتذكر حزب بنغلاديش الوطني أن هذا البرنامج ليس أمرا مرئيا، وليست هناك حاجة لفعل أي شيء مختلف حيال ذلك، وسيستمر النشطاء دون شراء المنتجات الهندية. ليست هناك حاجة لموكب اجتماع لهذا البرنامج، إن إيصال الرسالة إلى الناس مهمة كبيرة، وفي هذا العمل يمكن القيام بشيء قد يتم استغلاله من قبل الحكومة أو تخريبه من قبل الأعضاء الموالين للهند الموجودين داخل الحزب.

لقد لعبت الهند كل أوراقها ضد حزب بنغلاديش الوطني، ومن خلال انتخابات 7 كانون الثاني/ يناير أبلغت أخيرا بأنها لا تريد السماح للحزب بالعودة إلى السلطة بأي شكل من الأشكال. وفي هذه الحالة، ليس أمام الحزب أي خيار آخر سوى التحدث بشكل مباشر ضد الهيمنة الهندية الكامنة داخل البلاد. ولكن عندما يبدأ حزب بنغلاديش الوطني الحديث، فإن وسائل الإعلام البنغالية المدعومة من الهند ستحاول إلقاء صبغة طائفية عليه، وستُبذل محاولات للتسبب في صراع هندوسي إسلامي عن طريق الاستفزاز، وستُبذل محاولات لتأجيج الإسلاميين وصبغهم بوسم الإسلاميين المتشددين. لذا يتعين على حزب بنغلاديش الوطني أن يتعامل بحذر، وبادئ ذي بدء، ينبغي تنفيذ حملة تطهير ضد الموالين للهند الذين تسللوا إلى الحزب.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الهند بنغلاديش انتخابات الهند انتخابات بنغلاديش أحزاب مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مقاطعة المنتجات إلى السلطة من خلال

إقرأ أيضاً:

هل القارئ العراقيّ في سبات؟

آخر تحديث: 9 يناير 2025 - 11:33 صصفاء ذياب لم يعد شارع المتنبي في قلب بغداد شارعاً للكتاب ولقاء القرّاء والمثقفين فحسب، بل تحوّل- بحسب ما يؤكّد أغلب روّاده- بعد إعادة إعماره إلى شارع سياحي، ملأته بسطات العصائر و(الدولمة)، حتَّى أنَّ أسعار المحال تضاعفت بشكل مجنون بسبب تزاحم أصحاب المطاعم والمقاهي مع المكتبات.ربَّما أدّى التحوّل الذي طرأ على شارع المتنبي إلى انحسار الكثير من القرّاء، وهذا حسب ما يؤكّده أغلب الكتبيين ودور النشر، الأمر نفسه أثَّر بشكل ملحوظ على معارض الكتب التي تتجاوز في العام الواحد ستة معارض دولية، اثنان في بغداد، والنجف وكربلاء والسليمانية وأربيل وأقيم أخيراً في الموصل، وسابقاً في البصرة. عدد المعارض دفع الكثير من دور النشر العربية عدم المشاركة خلال السنوات السابقة بسبب قلّة المبيعات ما أدّى إلى خسائر كبيرة لديها بسبب المصروفات التي تدفعها دور النشر للمشاركة.وهذا ما دعا الكثير من دور النشر والقرّاء أكثر من مرّة إلى مطالبة الحكومة العراقية متمثلة بوزارة الثقافة لمعالجة هذا الأمر وعدم ترك المؤسسات الخاصة إقامة هذه المعارض..فهل هناك انحسار حقيقي في أعداد القرّاء العراقيين؟ أو أنَّ هناك تفاصيل أخرى ربّما سيكشفها ناشرون عرب وعراقيون وقرّاء.. يقول الناشر محمد البعلي، مدير دار صفصافة من مصر، إنَّه لم يلحظ عزوفاً عن القراءة خلال زيارته الأخيرة للعراق، ولكنه يلخص ملاحظاته في عدّة نقاط: الأولى هي وجود ضغوط على مستويات الدخل للمواطن العراقي تقابلها ضغوط تضخمية ترفع أسعار الكتب، حيث قابلنا العديد والعديد من القراء الذين يعجبون بكتاب ويجدونه فوق مستوى قدراتهم أو غالياً بالنسبة لموازنة المعرض التي قدموا بها.. الثانية: هناك تأثير كبير للأحداث الإقليمية على توجّهات القراءة وعلى التوازن بينها وبين متابعة الأخبار المتلاحقة، سواء عبر القنوات والمواقع الإلكترونية أو عبر السوشيال ميديا، وأحد هذه الأحداث- سقوط نظام البعث في سوريا- الذي ألقى بظلاله على معرض العراق الدولي للكتاب، حيث بدأت الأحداث قبل انطلاق المعرض بأيام قليلة، ما تسبب في حالة من القلق بين الجماهير البغدادية عموماً، وجمهور القرّاء بينهم بشكل خاص، ونرى أنَّ هذه الأحداث وقبلها الحرب على غزة أثّرت وستؤثّر على المعارض العربية كلّها. أخيراً، هناك ملاحظة سمعناها من العديد من العاملين في مجال الكتب ببغداد، وهي أنَّ تعدّد المعارض الدولية وتقارب مواعيدها في العراق يؤثّر كذلك على سوق الكتاب العراقي، فالقارئ المتابع والملتزم بشراء الكتب غير المقرصنة سيجد نفسه أمام تحدي ملاحقة ستّة أو سبعة معارض دولية تقام سنوياً في العراق من شماله إلى جنوبه، وكذلك المكتبات والموزّعون العراقيون، فلا يكاد يمر شهران على معرض دولي حتَّى يقام آخر، ويؤدّي ذلك أحياناً إلى إغراق السوق بالطبعات الرديئة وغير القانونية أحياناً… ونظنُّ أنَّ هذا الوضع يحتاج لتنظيم وإعادة نظر.. معرض دائم ويرى الناشر يوسف كرماح، مدير دار أكورا من الغرب، أنَّ الشعب العراقي قارئ ومثقف بصدق، وقد لمس الأمر من خلال حواره مع مجموعة من زوار المعارض بمختلف الأعمار والاهتمامات، طلبة الجامعة على دراية بتخصّصاتهم ضبطاً دقيقاً ربَّما أفضل من الأساتذة، و”قد كنتُ أمزح مع سيّدة نتحاور في مجال اللسانيات وأخبرتها أنّها شرحت لي التداولية أفضل من أستاذ درّسني لم يكن هو نفسه يفهم ويجيد تطبيق النظريات على النصوص.. ناهيك على القُراء الذين تعرّفت عليهم وتفاجأت بدرايتهم بالتاريخ، سيّما تاريخ بلدي، يعرفون متّى حصلنا على الاستقلال والحكومات المتعاقبة والأحداث السياسية التي مرَّ بها البلد، هذا الأمر لم ألمسه في بلد آخر”. فضلاً عن أنَّ القارئ العراقي يعرف المفكّر والفيلسوف المغربي عابد الجابري، وعبد الفتاح كيليطو وعبد الإله بلقزيز أكثر من القارئ المغربي.. وقد استنتجت أنَّ الأمر راجع إلى كون القارئ العراقي في حاجة إلى مؤطرين وأكاديميين في الفلسفة… كانت معظم الأسئلة تتمحور حول السُّؤال عن كتب فكرية تتعلّق بالحداثة وكتب حول تاريخ المغرب… وهذا السؤال جعلني أفكّر في مراجعة استراتيجية النشر والخط التحريري للدار.. أمّا بخصوص تراجع القراءة فأعتقد أنّه ليس دقيقاً، ولكنَّ الظروف الاجتماعية والاقتصادية تنعكس على القدرة الشرائية.. ومن ثمَّ فلدى العراقي معرض دائم وهو شارع المتنبي.. ثانياً وهذا هو بيت القصيد، فالعراق ربَّما البلد العربي الوحيد الذي ينظّم ستة معارض دولية في السنة، في بغداد وحدها معرضان، في هذه الحالة فالقارئ رحيم بدور النشر التي لا تخلف الموعد، لو أنَّه هناك أزمة قراءة لتخلّف العديد من دور النشر… وبالعودة إلى قائمة دور النشر والمشاركة سيتبيّن حجم الدور الكبيرة المشاركة، فنحن مثلاً قدمنا من أقصى المغرب العربي. للمشاركة وإن كانت تكاليف النقل والشحن مكلفة، ولكنَّ العزاء الجميل هو كرم العراقيين وحفاوة استقبالهم، الشعب الكريم والشعب الحضاري العريق… ناشرون عراقيون البحث عن حلول يؤكد الناشر حسين مايع، مدير دار قناديل، أنَّ الكتاب الورقي بالرغم من متعة اقتنائه وتصفّحه، فقد تراجع كثيراً في السنوات الأخيرة ولأسباب عدّة، لعلَّ في مقدّمتها: التطوّر التكنولوجي السريع الذي جعل كثيراً من القرّاء يفضّلون المواد المرئية المجّانية، الجاهزة والقصيرة بدلاً من الكتاب الورقي، كما أنَّ كثرة معارض الكتاب في البلد الواحد والمدينة الواحدة أضرَّ كثيراً بالكتاب وعمل المكتبات، فمعرض العراق الأخير سبقه معرض بغداد بشهرين وسبقه معرض العراق بدورته السابقة بعشرة أشهر، وهذه المعارض استنزفت جيوب القرّاء وأوقاتهم، فالقارئ قبل أن يكمل قراءة ما اشتراه من معرض ما حتَّى دخل عليه معرض آخر.كما أنَّ الوضع الاقتصادي للفرد بشكل عام قد تراجع كثيراً عن السابق؛ لزيادة احتياجات الإنسان الضرورية، فصار الكتاب من الكماليات لدى الكثير، وإذا تحدّثنا أيضاً عن أسباب تراجع اقتناء الكتاب الورقي فيجب أن نذكر موضوع قرصنة الكتب من قبل عدد من المكتبات ودور النشر التي تمارس هذه المهنة الدنيئة علناً، بل وتتصدّر أجنحة بعضهم معارض الكتاب! وهذا ما يدعو للأسف والأسى.عرض المشاكل من دون وضع الحلول لا فائدة منه، فالحلول كثيرة إذا أردنا رفعة الكتاب الورقي وانتشاره، منها الحصول على دعم المؤسّسات الحكومية والخاصة عن طريق توزيع الكوبونات للقرّاء، وهذا ما معمول به في كثير من المعارض، كما يمكن لوزارة التجارة منح أرض المعرض بشكل مجاني أو بسعر رمزي لإدارة معرض الكتاب، وقبل هذا يجب تقليص عدد المعارض عن طريق التعاون بين إدارات المعارض المختلفة والنظر إلى سمعة العراق ووضع الناشر والقارئ، فالناشر ليس مستعدّاً لخسائر قادمة، وجيوب القرّاء لا تستطيع تسديد ثمن الخلافات… الدعم المفقود من جهته، لا يرى الناشر إياد حسن، مدير دار نصوص، تراجعاً في نسبة المبيعات، بل يرى تفوّقاً في المبيعات عن طريق صفحات المكتبات ودور النشر، لهذا قد تكون الغاية من وجود معارض بهذا العدد الكبير منتفية. فكثرة المعارض هي السبب في نقصان حصة الدار الواحدة من المبيعات، بالتالي صارت أقل، والضغط على دار النشر أكثر وأكثر.. ومن ثمَّ فالصرفيات لخلق عناوين جديدة تناسب كلّ معرض أو مجموعة محدّدة من المعارض يضغط على إمكانات الدار وهي محدودة أصلاً… ولا ننسى ابتعاد الحكومة عن دعم هذه المهنة التي أصبحت في خطر بالفعل، فأغلب الدول المجاورة والتي هي أقل موازنة وثروات من العراق تدعم الدور المحلية في سبيل وقوفها أمام التحديات الكثيرة التي تواجهها. فلا يمكن أن تستقيم مهنة النشر المكلّفة من دون القروض المتوسطة الحجم التي تمنح للمؤسسات ومنظمات غير منتجة بمبالغ مهولة، وتحجب أي دعم عن دور النشر.. ولا ننسى التزوير الذي تقوم به مكتبات كبيرة ودور نشر معروفة من دون أية قوانين رادعة من الحكومة العراقية. قرّاء منهجية قديمة وللوقوف فعلاً على هذا الأمر، استطلعنا آراء قرّاء معنيون بزيارة دور معارض الكتاب بشكل دائم، فيحدثّنا القارئ جابر حجاب قائلاً: أتحدّث لكوني قارئ وزائر دائم لمعارض الكتاب العراقية ولسنوات عدّة، أوّل ما يمكن أن أقوله عن مراقبة، هناك انحدار مستمر على مستوى جودة المعارض من حيث عدد الدور المشاركة ونوعيتها. البعض يتحدّث عن التنظيم الجيّد، لكنَّ معارض الكتب لا تقام بالتنظيم فقط، هناك مقوّمات كثيرة على المنظّمين التفكير بها.مبيناً أنَّ معارض الكتب لا تنجح بدون نجاح سوق الكتاب، وللكتب دور نشر وعاملون، هبوط الكتاب العراقي عموماً لا ينفصل عن الهبوط الدائم لمعارض الكتب العراقية، التي تعاني من سوء إدارة، لا أتحدّث عن قلة الدعم الذي لا يرقى إلى المستوى المرجو، ولكن أتحدّث عن دعم دور نشر حكومية وعدم الالتفات إلى دور النشر الخاصة. يتداول في الوسط الثقافي العراقي عن الدعم المالي الكبير الذي نالته دور نشر وزارة الثقافة، لكن عندما تنظر إلى النتيجة، لا شيء هناك هدر هائل إذ إنَّ ما يتمُّ طباعته من خلالها غالباً لا ينفع القارئ ولا سوق الكتاب العراقي، لا بجودة طباعتها ولا بنوعية المحتوى، وهذا ما أقصده بسوء الإدارة. ومن جهة أخرى، ما زالت إدارة الدولة في دعمها للكتاب العراقي على قلته تعمل على المنوال نفسه الذي كانت تعمل عليه وزارة الثقافة في زمن النظام السابق، التفكير ذاته والمنهجية ذاتها، سوق الكتاب العراقي لا ينجح بدعم الكتاب الحكومي الصادر عن وزارة الثقافة فقط من دون دعم دور النشر المحلّية والخاصة فهي المحرّك الرئيس، بل إنَّ هناك محاربة وإقصاء متعمّد لدور النشر من خارج القطّاع الحكومي. فضلاً عن أنَّ هناك حالة تساهم في ركود الكتاب وهي أنَّ المؤسّسات الثقافية العراقية من مكتبات الجامعات والكليات والمكتبات العامة- وهذه الأخيرة لم تعد موجودة فعلياً- لا ترفد بالكتب والمصادر المنشورة من خلال دور النشر العراقية والمؤسّسات التربوية لا ترفد المكتبات بمنشورتها، وهذه الجزئية المهملة تساهم بشكل فعّال ورئيس في عملية الدعم.ولا يعتقد حجاب بأنَّ هناك انحساراً في عدد القراء، فالقرّاء ذاتهم، بل إنَّ معارض الكتاب العراقية تعاني من “الانفلات” وهذا ما يمكن أن أصفه فيها، هناك انفلات وعدم انضباط في عددها، من غير المعقول يقام كلّ ثلاثة أو أربعة أشهر معرض دولي للكتاب!، ولا يخفى على القارئ أيضاً حالة التناحر بين الجهات القائمة عليها، فالقارئ عموما لا يملك من المال والوقت الكافي لزيارة أربعة معارض وحتّى خمسة في السنة الواحدة، وهناك دول مجاورة لا تتعدّى المعرض الواحد في العام، لكنَّها معارض كبيرة في الحجم والنوع تليق بمستوى الدولة ومنظميها. مؤسسات شفاهية ويشير الدكتور صلاح محسن إلى أنَّ هناك أسباباً عديدة ومتشابكة لانخفاض وتراجع مستوى المبيعات في معارض الكتب في السنوات الأخيرة، منها فنية بسبب سوء التنظيم والفشل في الإعلان عنه بشكل جيّد، بل وكثرة المعارض وتضارب مواعيدها مع المعارض الدولية الأخرى ممَّا سبَّب ضيق الوقت للدور المشاركة، فكان من الأفضل تكاتف الجهود وتدخل وزارة الثقافة في إقامة معرض واحد شامل في السنة وتقديم التسهيلات لدور النشر بتقليص التكاليف والأعباء المالية عليهم، هذا من جهة ومن جهة أخرى، فإنَّ المعروض من الكتب أغلبه متوفّر في شارع المتنبي، ذلك لأنَّ القارئ يبحث في هذه المعارض عن العناوين والإصدارات الجديدة، ليتفاجأ في أنَّ الدور العربية المهمّة في الغالب تعطي وكالات من دون حضور بنفسها، إلى جانب تراجع مستوى القرّاءة الفادح، وقرصنة الكتب الالكترونية وعدم احترام حقوق النشر التي لها أثار مدمّرة على صناعة الكتاب، وشيوع ثقافة البودكاست الشفاهية، وغياب القارئ النوعي الجاد، والفشل في استقطاب القرّاء المحتملين، إذ كان للصحافة الورقية والمجلّات الرصينة دور في استقطابهم، فعدد القرّاء وروّاد هذه المعارض بقي نفسه من دون توسّع في قاعدته، والغريب أنَّ الجامعات والمؤسّسات الثقافية نفسها التي هي من المفروض منارات للمعرفة لا تعير أيّ اهتمام للكتاب الورقي وعدم مواكبتها في رفد مكتباتها بالمصادر الحديثة في الحقول العلمية والمعرفية المتنوعة، ذلك كلّه ساهم بشكل عام في تراجع مستوى القراءة.

مقالات مشابهة

  • لماذا يخشون قناة الجزيرة؟
  • حماس: استمرار حملة السلطة على مخيم جنين تنذر بعواقب وخيمة
  • الضباب الدخاني يشل حركة الطيران في الهند
  • ضباب دخاني كثيف يعطل رحلات الطيران بالعاصمة الهندية
  • ضباب دخاني كثيف يعطل رحلات الطيران في العاصمة الهندية
  • عصام عبدالعال رئيسًا لهيئة المعارض خلفًا لـ"الماوردي"
  • هل القارئ العراقيّ في سبات؟
  • بسبب حملة مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل.. كارفور تعلن إغلاق فروعها في سلطنة عُمان
  • حاكم كاليفورنيا ينشر أفراد الحرس الوطني للمساعدة في جهود مكافحة الحرائق
  • أهالي مخيم جنين يشتكون من عقوبات جماعية مع استمرار حملة السلطة الأمنية