لهذه الأسباب حظرت كندا تصدير الأسلحة إلى إسرائيل
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
في قرار لافت، أعلنت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي أن بلادها ستعلق تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، واصفة القرار بالمهم وأنه "ليس تغييرا رمزيا".
تأتي هذه الخطوة بعد موافقة البرلمان على مقترح قرار غير ملزم قدمه الحزب الديمقراطي الجديد، يحث الحكومة على مجموعة من النقاط، منها المطالبة بوقف فوري للنار في قطاع غزة، ووقف المزيد من تصاريح تصدير الأسلحة لإسرائيل، وضمان استمرار دعم وكالة الأونروا والعمل النشط لإنشاء دولة فلسطين كجزء من سلام شامل وعادل بالشرق الأوسط.
ورغم الطبيعة غير الملزمة للقرار فإنه يمثل خطوة تاريخية وفق وصف العديد من المراقبين، ويأتي اتساقاً مع التحول الذي شهده خطاب أوتاوا تجاه الحرب على غزة.
ففي أعقاب عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أصدر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بيانا داعما لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، قبل أن يعلن لاحقا إدانته للمسيرات المؤيدة للفلسطينيين.
وقد التباين بين أوتاوا وتل أبيب بالوضوح مع تصويت كندا لصالح قرار أممي لوقف إطلاق النار في غزة في ديسمبر/كانون الأول، في حين صرحت لاحقا جولي أن بلادها لم توافق على إصدار تصريح بتصدير منتجات قاتلة عسكرية إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، كما أنها توقفت عن إصدار أي تصاريح على الإطلاق منذ 8 يناير/كانون الثاني.
سياق داخلي ضاغط
يذهب العديد من المحللين السياسيين الكنديين، ومنهم جوردان ليشنتز مديرة برنامج كندا في مؤسسة فريديرك إيبرت، إلى أن مقترح القرار الذي قدمه الحزب الديمقراطي الجديد يمثل محاولة لدفع الحكومة إلى ممارسة المزيد من الضغط نحو تطبيق وقف إطلاق النار.
ولا يمكن فصل هذا الهدف عن التطورات التي شهدها الشارع الكندي في تفاعله مع مجريات الصراع في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي مارست ضغطاً على القوى السياسية ولا سيما الحزب الليبرالي الحاكم وحزب الديمقراطي الجديد.
وفي هذا السياق أعلن جاغميت سينغ رئيس الحزب الديمقراطي الجديد (اليسار التقدمي) عن تلقيهم قرابة نصف مليون رسالة تطالب بمجموعة من الإجراءات منها وقف إطلاق النار.
وأظهر استطلاع رأي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن 71% من الكنديين إما يؤيدون بقوة أو يدعمون إلى حد ما دعوة وقف إطلاق النار، وهي نسبة مقاربة لاستطلاع آخر أجراه معهد أنجوس أظهر أن 65% من المستطلعين يؤيدون وقف إطلاق النار.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي وصلت عريضة إلى البرلمان تطالب بدعوة ترودو لوقف فوري لإطلاق النار، بعد أن حازت على ما يزيد على 280 ألف توقيع، وهو رقم قياسي للالتماسات الإلكترونية.
سياق خارجي ناقد لإسرائيلويرى مراقبون أن التحركات الكندية ليست معزولة عن سياق دولي تتصاعد فيه الانتقادات للحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو حتى من داخل المعسكر الغربي.
وأشار الإعلامي الكندي ديفيد كوكرين إلى تزامن إعلان بلاده، وقف تصدير الأسلحة الفتاكة إلى إسرائيل، مع بعض التطورات على الساحة الدولية.
وفي هذا السياق أشار كوكرين إلى الانتقاد الحاد الذي وجهه تشاك شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ الأميركي للحكومة الإسرائيلية، واتهام مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تل أبيب باستخدام التجويع سلاحاً في الحرب.
الصادرات الكندية من الأسلحة لإسرائيل عام 2021 تبلغ نحو 27 مليون دولار (الأوروبية) الدوافع وراء المقترحتعد البرلمانية عن الحزب الديمقراطي الجديد عن دائرة إدمنتون هيذر ماكفرسون راعية المقترح، وقد بينت في مقابلة أجرتها مع برنامج "بوليتكيس أند باور" ذائع الصيت في كندا، أن هذا المقترح نتاج عمل مشترك مع محامين دوليين وخبراء وأعضاء في المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي.
كما تطرقت إلى الدوافع وراء تبنيها لهذا المشروع، والتي يأتي على رأسها الرغبة في إنقاذ المدنيين الأبرياء من القتل بعد أن بلغ عدد القتلى من الفلسطينيين أكثر من 30 ألفاً.
ويستند داعمو حظر تصدير الأسلحة إلى تل أبيب إلى أن القانون الكندي الذي يوجب رفض التصريح بتصدير السلع والتقنيات العسكرية في حال احتمال استخدامها لارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي.
وهذا يتسق مع قرار محكمة العدل الدولية التي ترى أنه من المعقول أن ترقى أفعال إسرائيل إلى الإبادة الجماعية، ومع تقرير خبراء الأمم المتحدة الذي طالب كندا، ضمن دول أخرى، بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل محذراً من وقوع المسؤولين عنها تحت طائلة المسؤولية الجنائية.
وفيما يتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، تطرح ماكفرسون مقاربة تقوم على أن كندا أكدت مراراً اعتمادها حل الدولتين باعتباره المخرج الإستراتيجي لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن ثم فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو السبيل لكي يرى هذا الحل النور.
وبالإضافة إلى ذلك، فهناك 139 بلدا اعترف بالفعل بهذه الدولة، في حين أن هناك بالفعل محاولات في المعسكر الغربي لاتخاذ هذه الخطوة كاقتراح رئيس وزراء إسبانيا على برلمان بلاده فعل ذلك.
لماذا عدّل الحزب الحاكم مسودة المقترح؟شهدت مرحلة ما قبل تقديم المقترح للتصويت جهوداً مضنية من نواب الحزبين الليبرالي الحاكم والديمقراطي الجديد لتعديل مقترح من الأخير تضمن العديد من النقاط، من أهمها حث الحكومة على الدعوة إلى المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وتعليق التجارة في جميع السلع والتكنولوجيا العسكرية مع إسرائيل، والاعتراف الرسمي بدولة فلسطين.
وأثمرت هذه الجهود عن تعديلات جوهرية في العديد من البنود، حيث تم الاتفاق على صيغة أكثر مرونة تتضمن "وقف المزيد من التصاريح ونقل صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، والعمل مع الشركاء الدوليين للسعي بنشاط لتحقيق هدف التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، بما في ذلك إنشاء دولة فلسطين كجزء من حل الدولتين عن طريق التفاوض".
ويعزى تحرك نواب الحزب الحاكم إلى العديد من الأسباب، من أهمها أن التصويت على المقترح بصيغته الأولية، بنعم أو لا، كان سيؤدي إلى تضرر شعبية الحزب بين إحدى الكتلتين سواء الداعمة لإسرائيل أو المعارضة للحرب على غزة.
ويتبين أهمية هذا بالنظر إلى أن الانتخابات العامة ستعقد العام القادم في ظل انخفاض غير مسبوق في شعبية رئيس الوزراء وفقاً لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة ماينستريت للأبحاث، والذي أظهر تخلف ترودو عن حزب المحافظين أكبر منافسيه بأكثر من 15 نقطة. في حين عبر 63% من المستطلعة آراؤهم عن وجهة نظر سلبية إلى حد ما أو غير مؤاتية لترودو.
كما أن وصول الليبراليين والديمقراطيين الجدد إلى صيغة تسوية يعزز الاتفاق بين الحزبين، حيث وقع الطرفان اتفاقاً عام 2022 أتاح لحكومة ترودو إمكانية الاستمرار دون التهديد بحجب الثقة عنها في البرلمان من قبل المعارضين، حيث يمتلك الحزبان 181 نائباً من أصل 338.
وجانب آخر يلقي عليه الضوء روبرت روسو المدير السابق لمكتب الشؤون البرلمانية بهيئة الإذاعة الكندية، حيث يرى أن تصويت نواب إقليم كيبيك لصالح الاعتراف الفوري بدولة فلسطينية مرتبط بالنزعات الانفصالية داخل الإقليم، وأن هذا من الأسباب التي دفعت الحكومة إلى المسارعة على العمل لتعديل المقترح نتيجة مخاوفها من التأثير الخطر للسياسة الخارجية على الداخل الكندي.
وكان إقليم كيبيك الناطق بالفرنسية قد عقد استفتاء عام 1995 للانفصال، وفشل بنتيجة 50.6%، في حين ما تزال النزعة الانفصالية نشطة في الإقليم.
غالبية الكنديين إما يؤيدون بقوة أو يدعمون الدعوة لوقف إطلاق النار (غيتي) تداعيات داخليةداخلياً خرج الحزب الوطني الديمقراطي كأكبر الرابحين من هذا القرار، حيث أعلن زعيمه جاغميت سينغ أنه استطاع "إجبار الحكومة على التحرك في اتجاه معين" من خلال التعاطي مع مقترح حزبه البرلماني والوصول إلى صيغة تسوية تم إقرارها، وهو ما سيزيد شعبية سينغ وحزبه بين الشرائح الرافضة لاستمرار الحرب.
وفي مقال له، أشار خوان كول أستاذ التاريخ في جامعة ميشيغان إلى أنه من المحتمل أن يكون سينغ مستقبل كندا، وربما شمال جديد متعدد الثقافات، والذي سيكون أقل تعاطفاً مع المشروع القومي الأبيض للصهيونية المسلحة وفق توصيفه.
أما الحزب الليبرالي الحاكم والذي يصفه ألان بيكر السفير الإسرائيلي السابق في كندا بأنه "الصديق تاريخياً لإسرائيل" فيبدو أنه سيتعرض لهزة داخلية نتيجة الخلاف على الموقف من هذا القرار، وقد بدت بوادر ذلك في تصويت 3 نواب ليبراليين ضد القرار، في حين صرح أحدهم وهو أنتوني هاوسفاذر أنه وزملاءه يشعرون بنوع من العزلة، وأنه الآن يفكر في مكانه داخل التجمع الحزبي.
وقد عكست أصداء القرار الداخلية الاستقطاب الذي يعيشه المجتمع الكندي، حيث قال الرئيس التنفيذي لمركز إسرائيل والشؤون اليهودية، شيمون كوفلر فوغل، إن المجتمع الذي يمثله "غاضب ويشعر بخيبة أمل عميقة" في الليبراليين لاختيارهم إسناد السياسة الخارجية إلى من نعتهم بـ"المناهضين لإسرائيل داخل الحزب الوطني الجديد والكتلة الكيبيكية".
من جانبه قال ستيفن براون، الرئيس التنفيذي للمجلس الوطني للمسلمين الكنديين، إن الكنديين يجب أن يشعروا بالفخر بعد هذا التصويت، واصفاً بـ"التاريخي" الاقتراح الذي "يؤكد حقوق الإنسان الفلسطيني ويقف ضد ذبح المدنيين الأبرياء".
تداعيات خارجيةعلى أهمية هذا القرار الكندي ورمزيته فإنه لن يحمل تغييرات جذرية على سياسة أوتاوا، حيث صرحت وزيرة الخارجية أن بلادها لن تغير سياستها الخارجية بناء على ضغوط من المعارضة.
ورغم أن الصادرات الكندية من الأسلحة إلى إسرائيل لا تتجاوز في رقمها القياسي عام 2021 ما يقارب 27 مليون دولار، فإن أهمية هذه الخطوة تنبع من كون كندا أحد أعضاء الحلف الأطلسي "الناتو" ومن أهم حلفاء إسرائيل الغربيين، حيث تتخوف الأخيرة من أن يكون لخطوة لأوتاوا تأثير الدومينو على حلفاء آخرين.
رفض تل أبيب للقرار الكندي جسدته تغريدات وزير خارجيتها يسرائيل كاتس الذي اعتبره "يقوض حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأن "التاريخ سيحاكم" كندا "بقسوة".
كما ظهرت ارتدادات القرار الكندي على الساحة الدولية بشكل مباشر، حيث أشاد السيناتور الأميركي البارز بيرني ساندرز بالقرار الكندي داعياً بلاده إلى القيام بنفس الخطوة، وهو ما تكرر في دعوة النائب البريطاني عن حزب العمال ريتشارد بيرغن حكومة بلاده إلى القيام بإجراء مماثل، في حين قام محتجون بتطويق مصانع أسلحة في إنجلترا وأسكتلندا مطالبين بلادهم بالقيام بنفس الفعل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الأسلحة إلى إسرائیل تصدیر الأسلحة إلى وقف إطلاق النار العدید من إلى أن فی حین
إقرأ أيضاً:
وزير الصناعة والنقل يبحث مع السفير الكندي بالقاهرة التعاون في مجال صناعة السيارات
استقبل الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، اولريك شانون سفير كندا بالقاهرة، وذلك لبحث زيادة التعاون بين الجانبين في مجالي الصناعة والنقل، وحضر اللقاء قيادتي وزارة الصناعة والنقل.
في بداية اللقاء اشاد الوزير بعمق العلاقات المصرية الكندية، مؤكداً إلى التطلع إلى زيادة حجم التعاون بين الجانبين لزيادة حجم التعاون بين البلدين الصديقين في مجالي الصناعة والنقل مشيرا الى انه في مجال الصناعة فهناك فرصا استثمارية واعدة يمكن من خلالها تحقيق انطلاقة كبيرة للتعاون بين الجانبين منها التعاون في مجال صناعة السيارات والصناعات وكافة المغذية لها بالإضافة إلى صناعات الطاقة المتجددة " طاقة الرياح والطاقة الشمسية و ..." خاصة مع قيام وزارة الصناعة المصرية بتنفيذ خطة شاملة لتطوير هذا القطاع الهام لتحويل مصر إلى مركز صناعي اقليمي تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.
وأضاف أن مصر منفتحة على التعاون مع كل دول العالم في مجال الصناعة و هناك توجيهات رئاسية بتعظيم التعاون مع القطاع الخاص الدولي و المحلي كما نصت وثيقة " سياسة ملكية الدولة" على تعظيم التعاون مع شركات القطاع الخاص .
كما أكد الوزير أن المناخ الاستثماري في مصر مناخ واعد وإن مصر تتمتع بالعديد من المميزات التي تؤهلها لتصبح مركزاً صناعياً كبيراً مثل توافر العمالة المدربة الماهرة وتوافر شبكات النقل والبنية التحتية اللازمة للتصدير عبر الموانئ المصرية المختلفة ولاسيما الموانئ المصرية المطلة على البحر الاحمر مثل موانئ سفاجا و السخنة والتي تنطلق منها البضائع والحاويات إلى كافة الدول الإفريقية، بالإضافة إلى اتفاقيات الكوميسا واتفاقيات التجارة الحرة الموقعة عليها مصر والتي تدعم حركة التجارة بين مصر وكافة الدول الأفريقية وهو ما يجسد أهمية التعاون في مجال الصناعة بين البلدين وفق ما سيتم الانفاق عليه وذلك لتلبية احتياجات السوق المحلي ثم الانطلاق للتصدير للأسواق الأفريقية.
ودعا الوزير كافة الشركات الكندية للاستثمار في مصر وإن وزارة الصناعة المصرية على استعداد لتقديم كافة التسهيلات والإجراءات السريعة التي تشجع كافة المصنعين، لافتاً الى أن مصر تتعاون حالياً مع عدد كبير من الشركات العالمية في مجالي الصناعة والنقل مثل شركة هاتشسيون العالمية في موانئ العين السخنة والإسكندرية والدخيلة وأبو قير ويوروجيت الألمانية في دمياط CMA-CGM بمحطة تحيا مصر متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية.
وتم الاتفاق على تكثيف اللقاءات بين الجانبين خلال الفترة القادمة لوضع أطر التعاون مع الشركات الكندية لضخ استثمارات في مصر وتوطين عدد من الصناعات بها.