الجزيرة:
2024-09-09@10:22:44 GMT

لهذه الأسباب حظرت كندا تصدير الأسلحة إلى إسرائيل

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

لهذه الأسباب حظرت كندا تصدير الأسلحة إلى إسرائيل

في قرار لافت، أعلنت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي أن بلادها ستعلق تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، واصفة القرار بالمهم وأنه "ليس تغييرا رمزيا".

تأتي هذه الخطوة بعد موافقة البرلمان على مقترح قرار غير ملزم قدمه الحزب الديمقراطي الجديد، يحث الحكومة على مجموعة من النقاط، منها المطالبة بوقف فوري للنار في قطاع غزة، ووقف المزيد من تصاريح تصدير الأسلحة لإسرائيل، وضمان استمرار دعم وكالة الأونروا والعمل النشط لإنشاء دولة فلسطين كجزء من سلام شامل وعادل بالشرق الأوسط.

ورغم الطبيعة غير الملزمة للقرار فإنه يمثل خطوة تاريخية وفق وصف العديد من المراقبين، ويأتي اتساقاً مع التحول الذي شهده خطاب أوتاوا تجاه الحرب على غزة.

ففي أعقاب عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أصدر رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بيانا داعما لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، قبل أن يعلن لاحقا إدانته للمسيرات المؤيدة للفلسطينيين.

وقد التباين بين أوتاوا وتل أبيب بالوضوح مع تصويت كندا لصالح قرار أممي لوقف إطلاق النار في غزة في ديسمبر/كانون الأول، في حين صرحت لاحقا جولي أن بلادها لم توافق على إصدار تصريح بتصدير منتجات قاتلة عسكرية إلى إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، كما أنها توقفت عن إصدار أي تصاريح على الإطلاق منذ 8 يناير/كانون الثاني.

سياق داخلي ضاغط

يذهب العديد من المحللين السياسيين الكنديين، ومنهم جوردان ليشنتز مديرة برنامج كندا في مؤسسة فريديرك إيبرت، إلى أن مقترح القرار الذي قدمه الحزب الديمقراطي الجديد يمثل محاولة لدفع الحكومة إلى ممارسة المزيد من الضغط نحو تطبيق وقف إطلاق النار.

ولا يمكن فصل هذا الهدف عن التطورات التي شهدها الشارع الكندي في تفاعله مع مجريات الصراع في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي مارست ضغطاً على القوى السياسية ولا سيما الحزب الليبرالي الحاكم وحزب الديمقراطي الجديد.

وفي هذا السياق أعلن جاغميت سينغ رئيس الحزب الديمقراطي الجديد (اليسار التقدمي) عن تلقيهم قرابة نصف مليون رسالة تطالب بمجموعة من الإجراءات منها وقف إطلاق النار.

وأظهر استطلاع رأي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن 71% من الكنديين إما يؤيدون بقوة أو يدعمون إلى حد ما دعوة وقف إطلاق النار، وهي نسبة مقاربة لاستطلاع آخر أجراه معهد أنجوس أظهر أن 65% من المستطلعين يؤيدون وقف إطلاق النار.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي وصلت عريضة إلى البرلمان تطالب بدعوة ترودو لوقف فوري لإطلاق النار، بعد أن حازت على ما يزيد على 280 ألف توقيع، وهو رقم قياسي للالتماسات الإلكترونية.

سياق خارجي ناقد لإسرائيل

ويرى مراقبون أن التحركات الكندية ليست معزولة عن سياق دولي تتصاعد فيه الانتقادات للحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو حتى من داخل المعسكر الغربي.

وأشار الإعلامي الكندي ديفيد كوكرين إلى تزامن إعلان بلاده، وقف تصدير الأسلحة الفتاكة إلى إسرائيل، مع بعض التطورات على الساحة الدولية.

وفي هذا السياق أشار كوكرين إلى الانتقاد الحاد الذي وجهه تشاك شومر زعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ الأميركي للحكومة الإسرائيلية، واتهام مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تل أبيب باستخدام التجويع سلاحاً في الحرب.

الصادرات الكندية من الأسلحة لإسرائيل عام 2021 تبلغ نحو 27 مليون دولار (الأوروبية) الدوافع وراء المقترح

تعد البرلمانية عن الحزب الديمقراطي الجديد عن دائرة إدمنتون هيذر ماكفرسون راعية المقترح، وقد بينت في مقابلة أجرتها مع برنامج "بوليتكيس أند باور" ذائع الصيت في كندا، أن هذا المقترح نتاج عمل مشترك مع محامين دوليين وخبراء وأعضاء في المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي.

كما تطرقت إلى الدوافع وراء تبنيها لهذا المشروع، والتي يأتي على رأسها الرغبة في إنقاذ المدنيين الأبرياء من القتل بعد أن بلغ عدد القتلى من الفلسطينيين أكثر من 30 ألفاً.

ويستند داعمو حظر تصدير الأسلحة إلى تل أبيب إلى أن القانون الكندي الذي يوجب رفض التصريح بتصدير السلع والتقنيات العسكرية في حال احتمال استخدامها لارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي.

وهذا يتسق مع قرار محكمة العدل الدولية التي ترى أنه من المعقول أن ترقى أفعال إسرائيل إلى الإبادة الجماعية، ومع تقرير خبراء الأمم المتحدة الذي طالب كندا، ضمن دول أخرى، بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل محذراً من وقوع المسؤولين عنها تحت طائلة المسؤولية الجنائية.

وفيما يتعلق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، تطرح ماكفرسون مقاربة تقوم على أن كندا أكدت مراراً اعتمادها حل الدولتين باعتباره المخرج الإستراتيجي لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن ثم فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو السبيل لكي يرى هذا الحل النور.

وبالإضافة إلى ذلك، فهناك 139 بلدا اعترف بالفعل بهذه الدولة، في حين أن هناك بالفعل محاولات في المعسكر الغربي لاتخاذ هذه الخطوة كاقتراح رئيس وزراء إسبانيا على برلمان بلاده فعل ذلك.

لماذا عدّل الحزب الحاكم مسودة المقترح؟

شهدت مرحلة ما قبل تقديم المقترح للتصويت جهوداً مضنية من نواب الحزبين الليبرالي الحاكم والديمقراطي الجديد لتعديل مقترح من الأخير تضمن العديد من النقاط، من أهمها حث الحكومة على الدعوة إلى المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار وتعليق التجارة في جميع السلع والتكنولوجيا العسكرية مع إسرائيل، والاعتراف الرسمي بدولة فلسطين.

وأثمرت هذه الجهود عن تعديلات جوهرية في العديد من البنود، حيث تم الاتفاق على صيغة أكثر مرونة تتضمن "وقف المزيد من التصاريح ونقل صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، والعمل مع الشركاء الدوليين للسعي بنشاط لتحقيق هدف التوصل إلى سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، بما في ذلك إنشاء دولة فلسطين كجزء من حل الدولتين عن طريق التفاوض".

ويعزى تحرك نواب الحزب الحاكم إلى العديد من الأسباب، من أهمها أن التصويت على المقترح بصيغته الأولية، بنعم أو لا، كان سيؤدي إلى تضرر شعبية الحزب بين إحدى الكتلتين سواء الداعمة لإسرائيل أو المعارضة للحرب على غزة.

ويتبين أهمية هذا بالنظر إلى أن الانتخابات العامة ستعقد العام القادم في ظل انخفاض غير مسبوق في شعبية رئيس الوزراء وفقاً لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة ماينستريت للأبحاث، والذي أظهر تخلف ترودو عن حزب المحافظين أكبر منافسيه بأكثر من 15 نقطة. في حين عبر 63% من المستطلعة آراؤهم عن وجهة نظر سلبية إلى حد ما أو غير مؤاتية لترودو.

كما أن وصول الليبراليين والديمقراطيين الجدد إلى صيغة تسوية يعزز الاتفاق بين الحزبين، حيث وقع الطرفان اتفاقاً عام 2022 أتاح لحكومة ترودو إمكانية الاستمرار دون التهديد بحجب الثقة عنها في البرلمان من قبل المعارضين، حيث يمتلك الحزبان 181 نائباً من أصل 338.

وجانب آخر يلقي عليه الضوء روبرت روسو المدير السابق لمكتب الشؤون البرلمانية بهيئة الإذاعة الكندية، حيث يرى أن تصويت نواب إقليم كيبيك لصالح الاعتراف الفوري بدولة فلسطينية مرتبط بالنزعات الانفصالية داخل الإقليم، وأن هذا من الأسباب التي دفعت الحكومة إلى المسارعة على العمل لتعديل المقترح نتيجة مخاوفها من التأثير الخطر للسياسة الخارجية على الداخل الكندي.

وكان إقليم كيبيك الناطق بالفرنسية قد عقد استفتاء عام 1995 للانفصال، وفشل بنتيجة 50.6%، في حين ما تزال النزعة الانفصالية نشطة في الإقليم.

غالبية الكنديين إما يؤيدون بقوة أو يدعمون الدعوة لوقف إطلاق النار (غيتي) تداعيات داخلية

داخلياً خرج الحزب الوطني الديمقراطي كأكبر الرابحين من هذا القرار، حيث أعلن زعيمه جاغميت سينغ أنه استطاع "إجبار الحكومة على التحرك في اتجاه معين" من خلال التعاطي مع مقترح حزبه البرلماني والوصول إلى صيغة تسوية تم إقرارها، وهو ما سيزيد شعبية سينغ وحزبه بين الشرائح الرافضة لاستمرار الحرب.

وفي مقال له، أشار خوان كول أستاذ التاريخ في جامعة ميشيغان إلى أنه من المحتمل أن يكون سينغ مستقبل كندا، وربما شمال جديد متعدد الثقافات، والذي سيكون أقل تعاطفاً مع المشروع القومي الأبيض للصهيونية المسلحة وفق توصيفه.

أما الحزب الليبرالي الحاكم والذي يصفه ألان بيكر السفير الإسرائيلي السابق في كندا بأنه "الصديق تاريخياً لإسرائيل" فيبدو أنه سيتعرض لهزة داخلية نتيجة الخلاف على الموقف من هذا القرار، وقد بدت بوادر ذلك في تصويت 3 نواب ليبراليين ضد القرار، في حين صرح أحدهم وهو أنتوني هاوسفاذر أنه وزملاءه يشعرون بنوع من العزلة، وأنه الآن يفكر في مكانه داخل التجمع الحزبي.

وقد عكست أصداء القرار الداخلية الاستقطاب الذي يعيشه المجتمع الكندي، حيث قال الرئيس التنفيذي لمركز إسرائيل والشؤون اليهودية، شيمون كوفلر فوغل، إن المجتمع الذي يمثله "غاضب ويشعر بخيبة أمل عميقة" في الليبراليين لاختيارهم إسناد السياسة الخارجية إلى من نعتهم بـ"المناهضين لإسرائيل داخل الحزب الوطني الجديد والكتلة الكيبيكية".

من جانبه قال ستيفن براون، الرئيس التنفيذي للمجلس الوطني للمسلمين الكنديين، إن الكنديين يجب أن يشعروا بالفخر بعد هذا التصويت، واصفاً بـ"التاريخي" الاقتراح الذي "يؤكد حقوق الإنسان الفلسطيني ويقف ضد ذبح المدنيين الأبرياء".

تداعيات خارجية

على أهمية هذا القرار الكندي ورمزيته فإنه لن يحمل تغييرات جذرية على سياسة أوتاوا، حيث صرحت وزيرة الخارجية أن بلادها لن تغير سياستها الخارجية بناء على ضغوط من المعارضة.

ورغم أن الصادرات الكندية من الأسلحة إلى إسرائيل لا تتجاوز في رقمها القياسي عام 2021 ما يقارب 27 مليون دولار، فإن أهمية هذه الخطوة تنبع من كون كندا أحد أعضاء الحلف الأطلسي "الناتو" ومن أهم حلفاء إسرائيل الغربيين، حيث تتخوف الأخيرة من أن يكون لخطوة لأوتاوا تأثير الدومينو على حلفاء آخرين.

رفض تل أبيب للقرار الكندي جسدته تغريدات وزير خارجيتها يسرائيل كاتس الذي اعتبره "يقوض حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأن "التاريخ سيحاكم" كندا "بقسوة".

كما ظهرت ارتدادات القرار الكندي على الساحة الدولية بشكل مباشر، حيث أشاد السيناتور الأميركي البارز بيرني ساندرز بالقرار الكندي داعياً بلاده إلى القيام بنفس الخطوة، وهو ما تكرر في دعوة النائب البريطاني عن حزب العمال ريتشارد بيرغن حكومة بلاده إلى القيام بإجراء مماثل، في حين قام محتجون بتطويق مصانع أسلحة في إنجلترا وأسكتلندا مطالبين بلادهم بالقيام بنفس الفعل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الأسلحة إلى إسرائیل تصدیر الأسلحة إلى وقف إطلاق النار العدید من إلى أن فی حین

إقرأ أيضاً:

تقرير إسرائيلي: الإبداع الإيراني القاتل.. كيف أحاطت إسرائيل بحزام من نار؟

تناول تقرير لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أعدته الصحفية ليئور بن آري، كيفية إحاطة إسرائيل بحزام من النار من الحوثيين في اليمن، إلى حزب الله في لبنان، والميليشيات في سوريا والعراق، وصولاً إلى الجماعات المسلحة في غزة والضفة الغربية، بل وحتى البحر الميت".

وقال التقرير، إنه "على مدى سنوات، حذرت إسرائيل من أذرع إيران المتعددة التي تدير أنشطة إرهابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، ومن المعروف للجميع عمليات تهريب الأسلحة إلى وكلاء طهران، فيما تواصل إسرائيل استهداف شحنات كهذه في سوريا والعراق ضمن ما يعرف بالحرب بين الحروب".

وأضاف، أنه "مع ذلك، وفي حرب "سيوف الحديد"، اتضح للإسرائيليين أن الإيرانيين، رغم هذه الهجمات، تمكنوا من إحاطة إسرائيل بحزام من النار الفعّال، كما أن مسارات التهريب أثبتت فعاليتها الكبيرة، حيث وصلت إلى إسرائيل نفسها".

وعند النظر في طرق تهريب الأسلحة، يتجلى الإبداع الإيراني بشكل لافت: حيث يبدو أن طهران على استعداد للمحاولة بأي وسيلة، مهما بدت خيالية، على أمل أن ينجح شيء ما.

ونقل عن الباحث بني سبتاي من المعهد الوطني لأبحاث الأمن قوله، "الإيرانيون، كما يفعلون في حياتهم الشخصية، يلقون بكل ما لديهم في كل الاتجاهات، ففي برنامجهم النووي، جربوا كل الطرق للوصول إلى المواد المطلوبة، والأمر ذاته يحدث في دعم الإرهاب".

من جانبه قال داني سيتيرينوفيتش، الباحث في البرنامج الإيراني في المعهد الوطني لأبحاث الأمن والقائد السابق لقسم إيران في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن "العقيدة الإيرانية تقوم على استخدام كل الوسائل المتاحة - بحرًا وجوًا وبرًا - لنقل الأسلحة".

وأوضح التقرير أن أنواع الأسلحة التي تهربها إيران متنوعة وتختلف حسب الساحات المختلفة. في الضفة الغربية، يركز الإيرانيون بشكل أساسي على تهريب العبوات الناسفة والمواد المتفجرة والمعرفة اللازمة لتصنيعها.

أما في غزة، فيتم تهريب الصواريخ ذات المدى المختلف والأسلحة المتقدمة المضادة للدبابات، فحزب الله، والحوثيون، والميليشيات في سوريا والعراق يحصلون على صواريخ دقيقة وطويلة المدى بالإضافة إلى الطائرات المسيرة.

وأشار تقرير الصحيفة، إلى أن الشحنات التي تنقلها إيران تمر عبر مسارات متعددة، حيث أن الطرق إلى وكلاء إيران أصبحت معروفة. وأبرز هذه الطرق تمتد من إيران عبر العراق وسوريا وصولاً إلى لبنان، فيما تعتبر الطرق البحرية إلى اليمن الأكثر استخدامًا لنقل الأسلحة إلى الحوثيين.

وبين أن الأسلحة الإيرانية تلعب دورا رئيسيا في الحرب الروسية الأوكرانية، لكن نفوذ إيران يمتد بشكل أكبر إلى وكلائها في المنطقة، وصولا إلى المنظمات الفلسطينية المسلحة، حيث يتم تهريب هذه الأسلحة عبر عدد من الطرق الرئيسية.

الطريق إلى وكلاء الإرهاب
وقال التقرير، إن "اليوم نجد الأسلحة الإيرانية الفعّالة في لبنان، العراق، سوريا، اليمن، السودان، الأردن، الضفة الغربية، وبالطبع في قطاع غزة".

وأضاف، أن "الطريق إلى الدول المجاورة لإيران، ومنها إلى حزب الله، يعتبر سهلا نسبيا، الطريق من إيران إلى العراق، ثم إلى سوريا ولبنان الذي لا يُعيق تهريب الأسلحة".

ويقول سبتاي: "هذا المسار مخصص لحزب الله، فهو الطريق الشمالي الأكثر سهولة بالنسبة لهم. نظام الأسد، سواء الأب أو الابن، يتعاون مع الإيرانيين وحزب الله. منذ الحرب الأهلية في سوريا، أصبحت البلاد شبه تابعة لإيران".

ويضيف سبتاي أن إيران تنظر إلى سوريا كإقليم إيراني، كما عبر عن ذلك رجل الدين الإيراني مهدي طائب قبل أكثر من عشر سنوات، عندما قال إن سوريا هي "إقليم إيراني" أكثر أهمية من منطقة الأهواز. هذا الواقع تحقق الآن، حيث أصبحت سوريا أقل قدرة على العمل كدولة مستقلة.

وأشار إلى أن العراق وسوريا هما حجر الأساس بالنسبة لإيران، سواء فيما يتعلق بسيطرتها على المنطقة أو كمسارات تهريب للأسلحة. بالإضافة إلى ذلك، توفر إيران الأسلحة والقيادة للميليشيات الموالية لها في تلك الدول. ويصل السلاح من هناك إلى لبنان، الأردن، ومن ثم إلى الضفة الغربية.

الطريق إلى غزة والجماعات الفلسطينية
وقال تقرير الصحيفة، على مر السنين، حاولت إيران مراراً تهريب الأسلحة إلى لبنان أو قطاع غزة عبر السفن، وتم إحباط العديد من هذه المحاولات. من أشهر هذه المحاولات، قصة سفينة "كارين A" التي تم ضبطها خلال الانتفاضة الثانية في عام 2002، حيث كانت تحاول نقل كميات كبيرة من الأسلحة إلى السلطة الفلسطينية.

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، اعترضت البحرية الإسرائيلية سفينة أخرى محملة بالأسلحة كانت متجهة إلى حزب الله. وفي مارس 2014، قامت البحرية الإسرائيلية بالسيطرة على سفينة KLOS C التي كانت تحمل أسلحة متطورة لصالح غزة.

وتابعت، أن إيران حاولت أيضا تهريب الأسلحة عبر مسارات أخرى، مثل إفريقيا. ويقول سبتاي: "وجدوا محطات للنقل مثل جيبوتي والسودان، لنقل الأسلحة إلى سيناء ومنها إلى غزة." وكان يتم تهريب الأسلحة إما عبر الأنفاق أو الطرق الأرضية عبر سيناء.

في الأشهر الأخيرة، انتشرت تقارير عن استخدام الطائرات المسيرة الإيرانية في الحرب الأهلية السودانية، وهو ما يعكس مدى تورط إيران في تلك المناطق.

وقال سبتاي إنه في مرحلة ما، لم يعد الإيرانيون بحاجة لتهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى غزة، بل اكتفوا بنقل المعرفة إلى المنظمات الإرهابية.

ويشرح سبتاي: "جميع المعدات والمخارط التي سمعنا عنها هي نتيجة للمعرفة الإيرانية التي وصلت هناك. قامت المنظمات الإرهابية ببناء مصانع وصنعت كل شيء بنفسها. لم تعد هناك حاجة لنقل الأسلحة الإيرانية، فقد وصل حماس إلى مستويات متقدمة من التصنيع، وأصبح الإنتاج جيدا. استخدم حماس المعرفة الإيرانية لإنتاج أسلحة محلية مثل الصواريخ قصيرة المدى، وRPG والمتفجرات".

وبحسب سيتيرينوفيتش، فإن الأمر الأكثر أهمية الذي نقله الإيرانيون إلى غزة هو المعرفة، وليس الأسلحة نفسها.

ويضيف: "خرج أشخاص من غزة عبر مصر إلى إيران، حيث تدربوا هناك ثم عادوا بالمعرفة. وبفضل هذه المعلومات، تمكنوا من بناء قدراتهم باستخدام ما كان متاحًا في غزة. نظرًا للصعوبات اللوجستية في التهريب، خاصة بعد سقوط السودان، كانت المعرفة هي المكسب الرئيسي".

وفي آب/ أغسطس، كشفت شبكة "فوكس نيوز" عن وثيقة عثر عليها الجيش الإسرائيلي في غزة، توضح خطة حركة حماس لتطوير قوة جوية باستخدام الطائرات الشراعية.

ويوضح سبتاي أن هذا كله جزء من نقل المعرفة فقبل سنوات، نشرت تقارير علنية باللغة الفارسية تفيد بأن عناصر من حماس تلقوا تدريبًا في إيران على الطائرات الشراعية، والتي شاهدناها في السابع من أكتوبر. ذهب بعض الأشخاص إلى إيران، تدربوا، وبعد اكتسابهم للمعرفة، اختفت هذه التقارير من المواقع الإلكترونية وأصبحت هذه المعرفة متاحة لحماس. لم يعد هناك حاجة مستمرة لإرسال أشخاص للتدريب. فقد استوعبوا الطريقة، ولا يجب أن ننسى أن السلامة ليست في مقدمة اهتماماتهم. إنهم يحاولون دائمًا".

وتشير يديعوت أحرنوت، أن التهريب لم يقتصر على السفن والأنفاق، ففي حادثة غير مسبوقة في مارس 2022، تم الكشف عن أن طائرات "إف-35" الإسرائيلية أسقطت طائرات مسيرة إيرانية كانت تحمل مسدسات في طريقها إلى غزة. وتم الاعتقاد بأن هذه كانت تجربة إيرانية لتهريب أسلحة إلى غزة باستخدام هذه الوسائل.



التهريب إلى الضفة الغربية ودور البحر الميت
ويضيف التقرير: تم الكشف عن إبداع الإيرانيين في حادثة أخرى عام 2018، في محاولة لتهريب أسلحة إلى الضفة الغربية، ما أدى إلى سلسلة من الأحداث كان أبرزها إسقاط طائرة إسرائيلية من طراز "إف-16" بصواريخ دفاع جوي سورية.

وبدأت القصة عندما اخترقت طائرة مسيرة إيرانية من طراز "شاهد 141" المجال الجوي الإسرائيلي، وتم إسقاطها بواسطة مروحية "أباتشي".

ردًا على ذلك، شنت إسرائيل غارات على أهداف إيرانية في سوريا، حيث أطلقت عشرات صواريخ الدفاع الجوي نحو الطائرات، واضطر طيارو إحدى الطائرات إلى التخلي عنها.

بعد حوالي أربع سنوات، كشف بيني غانتس أن الطائرة المسيرة كانت متجهة إلى مكان ما في الضفة الغربية، وكان من المفترض أن يتم جمعها بواسطة حماس.

ويقول: "الطائرة المسيرة انطلقت من قاعدة T4 الجوية في سوريا، وكانت تحمل متفجرات من نوع TNT."

ويجب التأكيد أن هذه التطورات تأتي في وقت شديد التوتر في الضفة الغربية، بعد سلسلة من التفجيرات والهجمات بالمتفجرات التي تعيد إلى الأذهان أيام الانتفاضة، وفق التقرير.

ورغم أن إيران تلعب دورًا في هذا التصعيد، إلا أنها ليست المشكلة الرئيسية لإسرائيل في الضفة.

وكما يقول سيتيرينوفيتش: "إيران ليست سوى واحدة من المشاكل. في النهاية، ليس كل عنصر في فتح أو الجهاد يعمل لصالح الشيعة. ربما يستفيد من إيران، لكن لا ينبغي تجاهل الخلفية الفلسطينية للأحداث".

ويضيف: "ليس كل عبوة متفجرة إيرانية. لا ينبغي تمجيدهم. صحيح أن هناك محاولات، ويمكننا رؤية بصمات، ولكنهم لا ينجحون دائمًا".

الطريق إلى الأردن والتهديد المتزايد
وأشار التقرير إلى أن إيران زادت من عمليات التهريب عبر الأردن بتمويل كبير، في السنوات الأخيرة، ما جعل هذا المسار أكثر شيوعا.

ويشير سبتاي إلى أن الإيرانيين يعتبرون هذا المسار "نقطة ضعف" لإسرائيل، حيث لا توجد سياج حدودي، وهناك بنية تحتية مهمة للتهريب.

ويضيف سبتاي: "الإيرانيون يبحثون دائمًا عن المعارضين للنظام الهاشمي ليعبروا الحدود، وهي حدود طويلة ومفتوحة".

ويشير تقرير الصحيفة، إلى أنه "بالإضافة إلى تقدم الإيرانيين في نقل المعرفة إلى المنظمات الإرهابية، يمثل المسار الأردني تهديدا كبيرا وغير مسبوق، ومن المفاجئ أن جفاف البحر الميت ساهم في تعزيز هذا المسار.

ويشرح سبتاي: "لقد تحول الطريق إلى طريق بري. لم يلاحظ أحد هذا الأمر هنا. الجفاف يخلق اتصالاً لم يكن موجودًا، وهو اتصال مفتوح. يجب أن نستخدم الخيال لتخيل مثل هذه الخطط، لكن الإيرانيين يتخيلون باستمرار كيفية استغلال أي ثغرة. إنهم يتصورون سيناريوهات لم يتخيلها أحد".

ويضيف: "هم يحبون التفكير في ما يمكن أن يسوء، وما سيفعلونه عندما يحدث ذلك. إنهم ينقلون الأسلحة، ويقوم الآخرون بالعمل نيابة عنهم – وهذا صحيح في كل الجبهات. فالصحارى في الشرق الأوسط تخلق إمكانية التهريب".

وبينت يديعوت أحرنوت، أن عمليات التهريب عبر البحر الميت، التي استمرت لفترة طويلة باستخدام وسائل مختلفة وعلى مسارات متعددة، تتفق مع الوضع الحالي في المنطقة.

وفي الواقع، يتربح العديد من تجار الأسلحة – سواء كانوا أردنيين أو فلسطينيين – من الحدود الأردنية، ويعملون أيضًا لصالح المنظمات الإرهابية. وتعمل القوات الأمنية الإسرائيلية على تشديد قبضتها في المنطقة ومنع عمليات التهريب من خلال الاستجابة العملياتية المحلية، وكذلك باستخدام وسائل أخرى مثل أجهزة الاستشعار.



الوجود الإيراني في الأردن
في الوقت الحالي، يبدو أن الوجود الإيراني في الأردن قائم بالفعل، وإسرائيل تدرك أن هذا تطور خطير.

ليس فقط يتم تهريب الأسلحة، بل يتم أيضا تهريب ما يُعرف بـ"ممكنات الإرهاب" مثل الأموال النقدية المباشرة للمنظمات في الضفة الغربية.

وتعتبر هذه الجهود، التي ازدادت خلال حرب "سيوف الحديدية"، بمثابة الوقود الذي يغذي الإرهاب في مخيمات اللاجئين مثل نور شمس وجنين وقلقيلية وتعتبر العملية التي شنها الجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية جزءًا من جهود إحباط الاتصال بين تلك المناطق، وفقا للتقرير.

وأوضح، أن المحاولات الإيرانية للعمل من الحدود الأردنية قوية مثل المحاولات من الحدود السورية واللبنانية، ولكن بخلاف ما هو الحال في هاتين الدولتين، فإن الأردن دولة مستقرة. في يونيو الماضي، تم الكشف عن مستودعات أسلحة في الأردن.

واتهمت السلطات الإيرانية بأنها كانت تحاول زعزعة استقرار المملكة. وفي مايو، تم إحباط محاولة تهريب أسلحة إلى الأردن، وكان من بين المتهمين فلسطينيون تم تجنيدهم من قبل أحد كبار قادة حماس قبل اغتياله في لبنان.

في أواخر آب/ أغسطس، أعلنت السلطات الأردنية أنها أحبطت محاولتي تهريب مخدرات باستخدام طائرات مسيرة، وأصبحت الأردن تنفذ هجمات جوية على سوريا للتصدي لعمليات التهريب. ولكن، بعض الأسلحة والمخدرات لا تزال تصل إلى الأردن، ومن هناك تصل بعضها إلى الضفة الغربية.

التهديد المتزايد
يقول سيتيرينوفيتش: "لعدة سنوات، حاول حزب الله وإيران تنفيذ هجمات من الضفة الغربية، وهذا ليس شيئًا جديدا. الجديد هو القدرة على استخدام الأردن، عبر سوريا، كمنصة لنقل الأسلحة".

ويضيف أن هذا المسار أصبح أكثر قوة لعدة أسباب، ليس فقط بسبب ضعف السلطة الفلسطينية، بل لأن الحدود الأردنية الشمالية أصبحت أكثر هشاشة نتيجة للاستثمارات الإيرانية الكبيرة في محاولة اختراقها. هذا الوضع الجغرافي المعقد يضع إسرائيل في موقف حساس، حيث يعتمد أمنها على استقرار الأردن والسودان، ويجب ألا تسمح لهما بالسقوط في أيدي الإيرانيين.

التحديات الأمنية
وبينت الصحيفة، أن أهمية التعاون الأمني مع الأردن تزداد في ظل التحديات الأمنية المتزايدة.

وتشير التقارير إلى أن الحدود بين العراق والأردن تمثل نقطة حساسة جدًا، حيث يمكن أن تكون ممرا لتهريب الأسلحة وتعزيز الميليشيات الشيعية في العراق، مما يهدد استقرار الأردن.

ويؤكد سبتاي أن الأسلحة الإيرانية يمكن أن تدخل الأردن من سوريا أو العراق، وأن المناطق الصحراوية المفتوحة توفر بيئة مناسبة للتهريب مقابل المال.



المعارضة الإيرانية
ويشير سبتاي إلى أن الشعب الإيراني يعارض بشدة دعم النظام للإرهاب الخارجي، حيث يقول: "هناك احتجاجات تحت شعار 'لا لغزة ولا لبنان، قلبي فقط مع إيران'، وهذا يعكس معارضة الشعب لدعم النظام للمقاتلين الأجانب." ومع ذلك، يؤكد سبتاي أن الحل للتخلص من النظام الإيراني هو إثارة الاضطرابات الداخلية في إيران وإضعاف النظام من الداخل.

في النهاية، يشدد سبتاي على أهمية الحفاظ على استقرار الأردن، قائلاً: "إذا لم تركز إسرائيل على ما يحدث في الأردن، فإن الوضع سيتفاقم. نحن والأردن نعتمد على بعضنا البعض، وإذا تضررت الأردن، ستتضرر إسرائيل بعدها مباشرة".

مقالات مشابهة

  • لهذه الأسباب وغيرها لا يريد الغرب الاعتراف بجرائم الصهاينة
  • الاعلام العبري: إسرائيل ليست جاهزة للحرب في لبنان لهذه الأسباب
  • لهذه الأسباب خفضت المصارف الحكومية السورية حجم قروضها
  • خبير عسكري: لهذه الأسباب يفضل جيش الاحتلال وقف الحرب حتى لو بقيت حماس بالسلطة
  • بريطانيا: على الولايات المتحدة والشركاء الأوروبيين وقف مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل
  • عضو بالبرلمان البريطاني: نرحب بتشكيل تحالف جديد لحظر بيع الأسلحة إلى إسرائيل
  • لهذه الأسباب.. إحالة 4 أطباء ومدير مناوب ومعاون مستشفى للتحقيق بأسيوط
  • تقرير إسرائيلي: الإبداع الإيراني القاتل.. كيف أحاطت إسرائيل بحزام من نار؟
  • من سيدعم إسرائيل أكثر: هاريس أم ترامب؟
  • فئات محتمل حذفها من بطاقة التموين لهذه الأسباب