بوابة الوفد:
2025-01-20@11:07:04 GMT

دبلوماسية الإبادة

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

يرى البعض أن العلاقات الحميمة مع إسرائيل أو العدائية لها، تدخل فى إطار الدبلوماسية وميزان التفاوض تجنباً لويلات الحروب وزعزعة الاستقرار، من هذه الرؤية يكون الوقوف على أرضية المصالح ومعادلات المكاسب والخسائر هو المعيار الأوحد والأشمل والأدق لتقييم تلك العلاقات، ويكون هذا المعيار أيضاً هو مسار الإجابة عن السؤال: من المنتصر ومن المهزوم؟ وبتغيير صيغة السؤال من مفردات الحرب إلى لغة المصالح يصبح: من الرابح ومن الخاسر؟
وبعيداً عن الإجابات التى تنبع من العاطفة أو تخرج من عقليات تخضع لعملية الخوف أحياناً والرقابة الذاتية أحياناً أخرى، يقول ريتشارد نيكسون «يناير 1913 - أبريل 1994» الرئيس السابع والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية إن ما نفعله خارج جلسات التفاوض لا يقل أهمية عما نفعله داخلها، ومن البديهيات أنك لا تستطيع أن تكسب على مائدة المفاوضات أكبر مما تستطيع أن تكسبه فى ساحات المعارك.


وإذا كانت الاختلافات بين روسيا «الاتحاد السوفيتى سابقاً» والولايات المتحدة لا تندرج كما يقول «نيكسون» تحت بند سوء التفاهم الذى تعالجه مواقف وإجراءات تكتيكية، وإنما هى اختلافات جذرية وأساسية فى العقائد والمصالح والنوايا مما يجعل هذا الصراع مستمراً، فإن هذا المفهوم ينطبق تماماً على العداء بيننا كعرب وبين الكيان المحتل، وزد عليه أن هذا العداء ناتج عن احتلال أرض وإبادة شعب وانتهاك سيادة.
هذه الحالة من الاختلافات الجذرية وضع «نيكسون» ثلاث نقاط أساسية للتعامل معها وهى: الردع والمنافسة والتفاوض، لتصبح تلك النقاط ركائز الإجابة عن السؤال البديهى الذى يدخل فى صيغة الماضى المستمر: ما الذى يجب أن نفعله إذن؟
فى استراتيجية التفاوض يرى «نيكسون» أنه: «سنكون بحاجة إلى تطوير القدرة على وضع مقترحات تحقق أهدافنا وتخلق فى الوقت ذاته ضغوطاً سياسية على السوفيت لقبول شروطنا، ويعنى هذا فى الجوهر تقديم عرض لا يريد الجانب الآخر أن يقبله لكنه يشعر بأنه لا يستطيع أن يرفضه، نحن بحاجة لأن نقدم إلى الكرملين خيارات مصاغة بحيث يؤدى رفضها إلى الإضرار بالاتحاد السوفيتى سياسياً، ولكن قبولها يتعارض مع غرائز موسكو، فإن رفضها زعماء الكرملين نحقق مكسباً فى المنافسة السياسية، وإذا قبلوا ما نعرضه فإننا نحقق أهدافنا».
هذا المبدأ تستخدمه إسرائيل والولايات المتحدة ضدنا لكسب المزيد من الوقت وكغطاء لارتكاب المجازر وعمليات الإبادة فى غزة، فنرى ونسمع عن مبادرات وقف إطلاق النار، والحديث عن هدنة وما يرادفها من مفردات، بل وزد عليه ما ذكره «نيكسون» فى تلك الاستراتيجية بأن يكون أسلوب التفاوض هو التحدث بلين والتصرف بخشونة، بعكس ما يفعل الكثيرون الذين يتحدثون بخشونة ويتصرفون بلين! .. علامة التعجب من عندى.
فهل هذا ما يحدث خلف الكاميرات وداخل الغرف المغلقة؟ فنرى بنود استراتيجية التفاوض السابقة هى ركائز دبلوماسية الإبادة الممنهجة فى غزة، فيتم الحديث عن مفاوضات ومساعدات إنسانية لشعب يموت فى صمت، وأطفال نهشهم الجوع فصاروا هياكل عظمية قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة!  
ونتيجة للفقرات السابقة، هل يمكن أن يقول لنا أحدهم: ما هى مكاسب دبلوماسية السلام مع إسرائيل منذ أن تم زرعها فى الشرق الأوسط؟ هل لدى أحدهم  إجابة غير ارتكاب كل يوم مجزرة، وفى كل بلد مجزرة، وفى كل مدينة مجزرة، وفى كل شارع مجزرة، من جنين وطولكرم ونابلس والجليل والناصرة، إلى حيفا وبلدة الشيخ «تل جنان» ودير ياسين وقرية أبوشوشة، مروراً بالطنطورة والقدس وصبرا وشاتيلا  والمسجد الأقصى ومذبحة الحرم الإبراهيمى، وصولاً إلى مراحل الإبادة الجماعية التى تحدث فى غزة الآن.. من لديه إجابة أخرى فليخبرنا بها؟!
فى النهاية.. نحن نتفاوض على حقن دماء وحماية أرواح والحفاظ على أرض وشعب، ولا بد أن يكون التفاوض على قدر الحدث، وعلينا أن نحدد بوضوح ماذا نريد وما هى التدابير اللازمة لإحداث ضغط سياسى لتحقيق ما نريد، وكما يقول «نيكسون» إن الردع والتنافس والتفاوض كلها عناصر متكافئة الأهمية فى استراتيجيتنا الشاملة للوصول إلى السلام الحقيقى.
الخلاصة.. يعلم الحكام العرب قبل شعوبهم أن إسرائيل هى العدو الأول لنا والخطر الحقيقى علينا، فلا تجعلوا من الدعاء الخيار الأوحد ووسيلة الضغط الوحيدة لإنهاء هذا العدوان على غزة، ربما تحتاجون من تلك الشعوب ما هو أكثر من ذلك فى يوم من الأيام.
وأخيراً.. أتحدث بصيغة الجمع، لأن الخطر واحد وعدونا واحد.

‏[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب إطار الدبلوماسية التفاوض

إقرأ أيضاً:

بين التجويع والإقصاء.. وثائق تكشف مجزرة حوثية تعمّق معاناة عشرات آلاف التربويين

كشفت وثائق عن ارتكاب مجزرة حوثية بحق عشرات الآلاف من الموظفين التربويين في ست محافظات فقط، من خلال إسقاط أسمائهم من كشوف "نصف الراتب"، بينهم 18 ألف موظف في صنعاء، وعمران، وإب، مما يعكس عمق الكارثة في بقية المحافظات.

يأتي ذلك وسط دعوات نقابية للموظفين الحكوميين لتنظيم وقفات احتجاجية والإضراب عن العمل حتى استعادة حقوقهم القانونية، إضافة إلى إدانات واسعة لمخطط حوثي يهدف إلى تقسيم موظفي الدولة إلى ثلاث فئات، في خطوة تمهيدية لاستكمال السيطرة على مؤسسات الدولة.

وأعلنت مليشيا الحوثي صرف نصف راتب بدءًا من يناير الجاري للموظفين الحكوميين، مع تقسيمهم إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى تتسلم نصف راتب شهريًا، الثانية نصف راتب كل ستة أشهر، والثالثة كل ثلاثة أشهر. تقارير عديدة أكدت استبعاد 250 ألف موظف من قوائم الرواتب بالكامل.

وثائق مُسربة

الوثائق تضمنت مذكرات وجهها مديرو مكاتب التربية في محافظات إب، وعمران، وصنعاء، والحديدة، والبيضاء، إلى وزير التربية في حكومة مليشيا الحوثي غير المعترف بها دولياً، حسن الصعدي، يطالبون فيها بإعادة صرف رواتب الموظفين الذين تم إسقاط أسمائهم.

في محافظة إب، أوضح مدير مكتب التربية، محمد الغزالي، في مذكرة رسمية إسقاط 5780 موظفاً من كشوف الرواتب، مشيراً إلى أن هذا الإجراء سيؤدي إلى اختلال كبير في العملية التعليمية.

وفي عمران، كشف مدير التربية، زيد رطاس، عن استبعاد 4773 موظفاً من الكشوف، وهو ما ألقى بظلاله السلبية على استقرار العملية التربوية.

أما في صنعاء، فقد أوضحت المذكرات إسقاط 7118 موظفًا، بينهم موجّهون ومفتشون ماليون، مشددين على أن غياب هؤلاء سيؤدي إلى عرقلة الإشراف والمتابعة في المدارس على العملية التعليمية.

من جانبهما، طالبا مديرا مكتبي التربية بمحافظتي الحديدة وحجة، عمر محمد بحر وعلي عبدالله القطيب، بإعادة النظر في صرف رواتب الإداريين المستبعدين، محذرين من تداعيات ذلك على معيشتهم.

وفي البيضاء، أكدت مذكرات الإدارات التربوية في مديريات رداع استثناء الإداريين من صرف نصف الراتب، واصفة الإجراء بأنه ظلم وإجحاف بحقهم.

دعوات للاحتجاج

دعا نادي المعلمين والمعلمات في اليمن عبر سلسلة تغريدات على حسابه في موقع "إكس"، إلى تصعيد الاحتجاجات وتنظيم وقفات جماعية للضغط من أجل استعادة الحقوق المسلوبة.

وأشار النادي إلى أن الإقصاءات طالت معلمين بشكل واسع، سيما في ظل فرض مديري بعض المديريات جبايات على الحوافز المالية للمرضى والمتغيبين بعذر، ما يعكس نهجاً ممنهجاً لاستنزاف حقوق العاملين.

تجريف ممنهج

قال مصدر مسؤول في وزارة المالية التابعة للحوثيين، إن تقسيم الموظفين إلى ثلاث فئات هو إجراء غير قانوني، يهدف إلى "تطفيش" الموظفين الحاليين واستبدالهم بعناصر موالية للمليشيا، مؤكداً أن منهجية الحوثيين تستهدف استقطاب العاطلين عن العمل لتجنيدهم في صفوفها.

ووفقا للمصدر، كشفت هذه المساعي وزارة المالية الخاضعة للحوثيين، الذي كشفته -دون قصد- في بيان لمصدر مسؤول برر الاسقاطات إلى وجود تضخم وظيفي، مشيرا إلى أنه سيتم إعادة توزيع الكادر الإداري لتغطية فجوة الاحتياج في المعلمين.

وتعليقاً على ذلك، حذر نادي المعلمين من مساعي التجريف الممنهج للمؤسسة التعليمية وآثارها الخطيرة على مستقبل التعليم والتحصيل العلمي.

دعوى قضائية

ورفعت نقابة المهن التعليمية والتربوية دعوى قضائية ضد وزارة المالية الحوثية، مؤكدة أن استبعاد الموظفين التربويين من كشوف الرواتب مخالف للقانون. وطالبت النقابة المحكمة بإنصاف الموظفين الذين كرّسوا حياتهم في خدمة التعليم.

وأشارت تقارير اقتصادية إلى أن مليشيا الحوثي تجمع مئات المليارات سنوياً من إيرادات الجمارك، والضرائب، وفوارق أسعار المشتقات النفطية، إضافة إلى المساعدات الدولية التي تُستغل في تمويل أنشطتهم القتالية.

مقالات مشابهة

  • جدل في ألمانيا بسبب تسريب وثيقة دبلوماسية تهاجم ترامب عشية تنصيبه
  • تركيا.. مظاهرة في تقسيم ضد إسرائيل
  • هل ستلتزم إسرائيل بوقف الإبادة الجماعية بعد الاتفاق؟
  • ترامب يقول إنه “على الأرجح” سيمنح تيك توك تمديدًا لتجنب الحظر
  • حمدوك تجاوز مجزرة ود النورة والسريحة وود العشا والهلالية، وتدوين الفاشر المستمر
  • حركة فتح: إسرائيل تستمر في القصف على غزة في حالة وجود أهداف أو عدمها
  • في مجزرة جديدة .. الدعم السريع يقتل 20 مواطنًا بعضهم ذبحًا
  • ترامب يقول إنه أجرى مكالمة “جيدة” مع الرئيس الصيني شي بشأن تيك توك والتجارة
  • الإمارات.. دبلوماسية رائدة في مواجهة انتهاكات الحوثي
  • بين التجويع والإقصاء.. وثائق تكشف مجزرة حوثية تعمّق معاناة عشرات آلاف التربويين