بوابة الوفد:
2025-04-18@03:16:48 GMT

لماذا فشلت تجربة محمد على فى التعليم؟

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

ثمة سؤال هام يفرض نفسه على بلادنا كلما دار الحديث عن التقدم هو ما سبب أفول تجربة محمد على الحداثية، ولمَ لم ينجح فى سعيه المحمود للنهضة؟
فى ظنى أن هناك ثلاثة أمور لا يُمكن استبعادها عند استعادة التجربة، أولها أن تجربة محمد على انطلقت من طموحه الشخصى لبناء إمبراطورية له ولأبنائه وليس للمصريين.
الأمر الثانى، أنه ركّز انتصاراته وأمجاده فى المجال العسكرى لا المجال الحضارى، فتوسعت مصر فى السودان والشام والحجاز ولكن هذا التوسع كان توسعا سياسيا فقط، ولم يقدم أى تأثيرات حضارية أو فكرية.


ثالث الأمور أن الرجل كان – ربما أسوأ من معاصريه من الحكام – مستبداً ظالماً غشوماً، لا يتورع عن إراقة الدماء، ولا يحمل أدنى عاطفة لأحد، فما بالك بالمصريين الذين يحكمهم.
واللافت أن هناك مرجعًا مهمًا يحكى قصة التعليم فى عهد محمد على صدر سنة 1938(خلال حكم أسرة محمد علي) كتبه أحمد عزت عبدالكريم، وقدم له الباحث العظيم شفيق غربال. ومؤلف الكتاب كان أستاذا فى علم التاريخ ورحل عن عالمنا سنة 1980.
والمثير فى الكتاب أنه على الرغم من قيام مؤلفه بإهدائه إلى الملك فاروق، مليك البلاد الذى كان محل آمال الناس وقتها، إلا أنه لم يتحرج عن نقد مشروع محمد على فى تجربة التعليم وتحميله أسباب عدم اكتمال التجربة.
وهنا فإننا نجد هذا الباحث الموضوعى لا يرى بأسا أن يشير صراحة إلى أن انفراد محمد على بالرأى، وخوفه الشديد على سلطاته، وإصراره على المركزية الشديدة كانت عاملا أساسيا فى أفول الحلم.
لقد كان التعليم فى مصر قبيل تولى محمد على قاصرا على التعليم الدينى بمستوييه البسيط أى تعلم القراءة والكتابة فى الكتاتيب التقليدية بالقرى والنجوع ومختلف الأنحاء، والعالى والمتمثل فى التعليم بجامع الأزهر الشريف، والذى كان يتم فيه حفظ القرآن الكريم وتعلم الفقه والعلوم الشرعية والبلاغة. وبخلافهما لم يكن هناك تعليم حديث، ولم تكن علوم الرياضيات والكيمياء والهندسة والطب تحظى بأى اهتمام طوال العهد العثمانى.
وعندما أقدم محمد على على إنشاء جيش نظامى مصرى منفصل عن الدولة العثمانية، فقد وجد وقتها الحاجة لازمة للبحث عن معاونين لذلك الجيش من أطباء ومهندسين ومترجمين وكيميائيين، ومحاسبين، وغيرهم. وهكذا بادر بإنشاء عدد من المدارس النظامية الابتدائية والمتخصصة فى القاهرة والمدن الكبرى، مستعينا ببعض المعلمين الأجانب خاصة من الطليان، إلى جانب شيوخ ومعلمين اختارهم بعناية من المعاهد الدينية التقليدية، ولم يكن غريبا وقتها أن تكون اللغة الأولى المعتمدة هى الإيطالية، قبل أن تتحول فيما بعد إلى اللغة الفرنسية.
وكانت إدارة المدارس وتنظيم شئونها فى بداية عهدها من مسئولية ديوان الجهادية، ورأى محمد على لاحقا أن ينظم تلك المدارس على نسق النظام التعليمى نفسه المتبع فى فرنسا، فأصدر فى سنة 1836 لائحة لإنشاء مجلس شورى المدارس المصرية.
ولما كانت تجربة التعليم لدى محمد على مجرد وسيلة لدعم الجيش النظامى الكبير، ومع إجباره على تخفيض عدد جيشه بعد هزيمته وفرض اتفاقية لندن عليه سنة 1840 فإنه صار فى غنى عن الوسيلة الداعمة لذلك الجيش وهى التعليم، بل إنه رأى فى إحدى رسائله إلى ابنه أن يعارض تعميم التعليم الابتدائى للجميع لأنه قد يبغضهم فى بيئاتهم التى نشأوا فيها، ويدفعهم إلى الثورة على المهن التى نشأوا عليها. لكن الأهم فى نظره أنه قد ينقلهم إلى حال من القوة التى قد تمثل مشكلة على سلطة البلاد فى المستقبل، ما يعنى أن تعميم التعليم قد يصنع حالة من النضج السياسى غير المطلوبة لدى حاكم يعتبر نفسه صاحب الرأى الأول والأخير فى كل شىء.
لذا فإن عام 1841 شهد رسمياً وأد التجربة مرة أخرى بإغلاق أكبر عدد من المدارس الابتدائية فى الأقاليم ودمج معظم المدارس المتخصصة معا، لينخفض عدد المدارس تباعا من 67 مدرسة إلى 38 مدرسة تمنح التعليم الابتدائى فقط. ثم تحول ديوان شورى المدارس الذى كان يضم مصريين نجباء وأجانب إلى مجرد كيان شكلى لا تأثير حقيقى له، ما جعله مرتعا للاشيء.
وتلك كانت من الفرص الُمهدرة فى تاريخنا الحديث، وكم من الفرص لدينا مهدرة..
والله أعلم
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد سؤال هام محمد على محمد على

إقرأ أيضاً:

التعليم العالي: تعاون مصري ألماني لتطوير شبكة المدارس المنتسبة لليونسكو

أكد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي ورئيس اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، أهمية الدور الذي تقوم به اللجنة الوطنية في تنفيذ مشروعات وطنية وإقليمية ودولية، بالتعاون مع منظمات اليونسكو، والألكسو، والإيسيسكو، موضحًا أن هذه الجهود تسهم في تحقيق رؤية مصر 2030، وتعزز التمثيل المصري في المحافل الدولية المعنية بالتعليم والثقافة والعلوم، إلى جانب دعم التعاون مع هذه المنظمات في مجالات التعليم العالي، والبحث العلمي، والابتكار، وتعزيز تبادل الخبرات على المستويات العربية والإفريقية والدولية.

وفي هذا الإطار، التقى الدكتور أيمن فريد، مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي والتدريب والتأهيل لسوق العمل، ورئيس قطاع الشؤون الثقافية والبعثات، والمشرف على اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، بالدكتور رومان لاكشتير، الأمين العام للجنة الوطنية الألمانية لليونسكو، وذلك بحضور الدكتورة هالة عبد الجواد، مساعد الأمين العام للجنة الوطنية لشؤون اليونسكو، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين اللجنتين فيما يخص شبكة المدارس المنتسبة لليونسكو، وحفظ التراث، وكراسي اليونسكو.

في مستهل اللقاء، نقل الدكتور أيمن فريد تحيات الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، رئيس اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو، مؤكدًا عمق علاقات التعاون التي تجمع بين مصر وألمانيا، ومشيدًا بتاريخ العلاقات المتميزة بين البلدين، والتي أثمرت عن العديد من المؤسسات التعليمية، والبرامج الدراسية، وبروتوكولات التعاون الناجحة في مختلف مجالات التعليم العالي والبحث العلمي. وأشار إلى أهمية محاور الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي 2030، موضحًا نقاط الالتقاء بينها وبين برامج ومشروعات اليونسكو المتعلقة بالتعليم، والبحث العلمي، وتمكين الشباب، ونشر المعرفة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

من جانبه، أشاد الدكتور رومان لاكشتير، الأمين العام للجنة الوطنية الألمانية، بأنشطة اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو في كافة المجالات، خاصة شبكة المدارس المنتسبة لليونسكو، وحفظ التراث، وكراسي اليونسكو، مشيرًا إلى اعتزاز اللجنة الألمانية بالتعاون مع نظيرتها المصرية، وتقديم الدعم، وتشجيع التبادل الطلابي بين البلدين، خاصة في مجال المدارس المنتسبة لليونسكو.

كما أكد دعم بلاده لترشيح الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، لمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، معربًا عن ثقته في أن يسهم الدكتور عناني، بخبراته الأكاديمية والثقافية، في دعم رسالة المنظمة الأممية وتطوير آليات عملها.

من جانبها، أكدت الدكتورة هالة عبد الجواد، أن جمهورية مصر العربية تضم ما يقرب من 160 مدرسة منتسبة لليونسكو، وما يقرب من 350 مدرسة مرشحة للانتساب بمحافظات الجمهورية المختلفة، موضحة أن باب الانضمام إلى عضوية شبكة المدارس المنتسبة لليونسكو مفتوح أمام جميع المدارس، وذلك من خلال المنسق الوطني للمدارس والنوادي المنتسبة لليونسكو، وهو أحد أعضاء اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو، سواء كانت مدارس حكومية أو خاصة، أو مؤسسات إعداد المعلمين، ومؤسسات التعليم النظامي وغير النظامي، بدءًا من مرحلة رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية بشقيها العام والفني. ونوهت إلى أن منظمة اليونسكو قد أشادت بالتجربة المصرية الرائدة في مجال المدارس المنتسبة لليونسكو.

مقالات مشابهة

  • ترامب يعد بإعادة التعليم إلى سلطة الولايات المتحدة
  • إنطلاق ورشة تحسين التعليم والتكوين في المدارس الوطنية العليا
  • "التعليم" تشدد على تنظيم التدريب داخل المدارس ومنع خروج الكوادر دون موافقة
  • "EDGEx".. تجربة سعودية تضع التعليم في قلب التحوّل التقني
  • جامعة صحار تشارك في الملتقى التعريفي بمؤسسات التعليم العالي في ظفار
  • معرض التعليم الدولي”EDGEx”.. تجربة سعودية تضع التعليم في قلب التحوّل التقني
  • التعليم العالي: تعاون مصري ألماني لتطوير شبكة المدارس المنتسبة لليونسكو
  • ندوة تثقيفية بعنوان «لماذا جامعة طنطا» لتسليط الضوء على ريادتها في التعليم وخدمة المجتمع
  • قرارات عاجلة من التعليم بشأن طلاب المدارس الفنية .. تفاصيل
  • محافظ أسيوط يوجه مديري المدارس: طبقوا أفكارًا مبتكرة لجذب الطلاب وتحسين التعليم