بوابة الوفد:
2025-01-30@18:13:10 GMT

عوالم وعلماء!

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

لست ممن يتربصون بالمشاهير, وأتعجب من التعامل مع كل تصريح لشخص مشهور باعتباره سببا وجيهًا لمهاجمته عمَّال على بطَّال, المشاهير فى النهاية بشر عاديون من حقهم الضحك والهزار وحتى الخطأ. ليست مشكلتهم أننا نضفى أحيانا عليهم قدسية تعصمهم من وجهة نظرنا من الخطأ, لكن المشكلة الحقيقية فى أن المجتمع بشكل عام أصبح فى حالة تحفز غريب ضد أى مشهور فى مجاله سواء كان لاعب كرة أو مطربا أو فنانا باعتبار هذه الفئات هى الأكثر شهرة حاليًا.

وبدون تمييز أو حتى معرفة سياق الكلام الذى نطق به هذا أو ذاك ترى هجوما رهيبا على هذا الشخص على جميع وسائل السوشيال ميديا فى ظاهرة تشير إلى خلل واضح فى سلوك المجتمع المصرى منذ فترة ليست بالقصيرة ومستمر فى تصاعد غريب ينبئ عن خطر مجتمعى لو لم ننتبه ونعالج أسباب تلك الظاهرة المقيتة.
فى هذا السياق أعترض بشدة على ما يتعرض له المطرب أحمد سعد منذ أيام عندما تحدث عن شقيقه عالم الفيزياء سامح سعد. المطرب تحدث بشكل عفوى عن شقيقه الذى يكن له بالطبع كل احترام وتقدير وقال ضاحكًا إنه الوحيد الذى فشل فى حياته ولم يحقق أمولًا كما حقق هو وشقيقهما الثالث الفنان عمرو سعد. كلنا عندما نقارن بين دخل أى ممثل أو لاعب كرة بدخل أستاذ الجامعة مثلا أو عالم من العلماء نسخر من تلك المفارقة الكبيرة بين مستويات الدخل. جسد ذلك منذ زمن طويل عادل امام فى مسرحية مدرسة المشاغبين عندما سخر من مدرسته الحاصلة على دكتوراه فى المنطق الذى أضاعت عمرها فى تحصيله (حسب رؤية بهجت الأباصيرى) لتحصل على مرتب جنيهات قليلة, فقالت له كلمة حكمة إن العلم لا يقدر بمال، وهى العبارة التى صاغها بهجت بأسلوبه لتصبح العلم لا يكيل بالبتنجان, وهى نفس العبارة التى أعاد صياغتها اللمبى بأسلوبه الخاص عندما قال ان الجنيه غلب الكارنيه. لتصبح قولًا مأثورا يعكس واقعًا أليما يقارن بين سطوة المال التى لا يقف أمامها شيء وبين سطوة العلم التى لم تعد تضمن لصاحبها الحد الأدنى من الحياة الكريمة.
مشكلة المطرب أحمد سعد أنه نكأ دون أن يقصد جرحًا غائرًا لا تعانى منه بلادنا فقط بل وكثير من بلاد العالم خاصة العالم الثالث، بينما تجاوز العالم الأول تلك المعضلة منذ زمن بعيد, بل انه لم يصبح عالمًا أول إلا بتقديره للعلم والعلماء ووضعهم فى المكانة التى يستحقونها، حيث إنهم القاطرة الحقيقية لتقدم أى مجتمع. ولم تقبع مجتمعاتنا فى ذيل الأمم إلا بتلك الآية المعكوسة التى جعلت دخل أى راقصة درجة ثالثة أعلى من دخل أستاذة الجامعة وجعلت دخل المدرس الشهرى لا يصل ولا حتى ربع ما يحصل عليه يوميًا مطرب درجة عاشرة يغنى وراء « عالمة» من عينة زبيدة وجليلة فى ثلاثية نجيب محفوظ الخالدة. ومع ذلك أنا واثق أن عالمًا بحجم سامح سعد بعد كل ما قرأت عنه وعن إنجازاته لن يرضى بغير طريق العلم طريقا حتى لو عاد به الزمن للوراء, كما أننى على ثقة أن الرجل لا يحسد شقيقيه على ما حققه الفن لهما من شهرة وتوابعها من مال وسطوة، فالرجل تتمناه كبريات المؤسسات العلمية فى اليابان وفى الولايات المتحدة ومع ذلك اختار أن يعود لمصر ليحقق حلما كبيرا مع العالم الراحل أحمد زويل والذى توقف مشروعه بعد وفاته لكن حلم سامح سعد لم يتوقف وأصر على البقاء فى مصر مكافحًا لتحقيقه مؤمنًا أنه فى النهاية لن يصح إلا الصحيح حتى وإن طال الزمن.
[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: هشام مبارك طلة عالم ا

إقرأ أيضاً:

سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!

من قال لك إن الهدف هو تهجير الفلسطينيين إلى سيناء فقط، لقد قلنا مرارًا وتكرارًا، أن الهدف هو مصر الدولة والمؤسسات، وأن الطريق إلى ذلك هو الطابور الخامس الذى لا يعرف للوطن حدودًا يقاتل من أجلها، ولكنه يريد الوصول إلى السلطة بأية طريق تمهد لجماعة الإخوان الإرهابية حكم مصر لمدة خمسمائة عام كما كانوا يقولون ويعتقدون!
لا تنس أن صفقة التهجير تم تسويقها فى عهد جماعة الإخوان كان مقابلها هو الصعود إلى قمة الهرم فى الدولة، والسيطرة على مقدرات هذا الشعب الذى قام بتصحيح مساره فأطاح بهم بعد عامٍ واحد فقط، ليصبح المخطط الذى كان سيتم تنفيذه رضاءً مع الجماعة لا يمكن تحقيقه إلا غصبًا وقهرًا مع غيرهم، ولذلك فالولايات المتحدة ومن قبلها إسرائيل تعلم أن مُخطط التهجير لن ينجح مع السيسى، ولن تقبله الدولة المصرية، ولن يسمح به الجيش المصرى، فالشعب الصامد والذى خاض أربع حروب للحفاظ على ترابه يُدرك أن هذا الخطر الكامن فى مصطلحات مثل الإنسانية والعطف على الشعب الذى تتم إبادته فى غزة، ما هو إلا حصان طروادة سيتم استخدامه للقضاء على القضية الفلسطينية والاستيلاء على سيناء للأبد، وبعدها ستتهم إسرائيل سكان سيناء (الغزاوية) بأنهم يخضعون لسيطرة حماس التى طردتها إسرائيل من غزة، وسيكون هذا هو مبررها بعد عشرة أوعشرين عامًا لسرقة سيناء من جديد، عندها ستقول لنا أمريكا «يجب نقل سكان سيناء التى أصبحت مركزًا للإرهاب إلى مدن القناة أو باقى المحافظات المصرية لحمايتهم من هجمات الجيش الإسرائيلي»، وتستمر اللعبة إلى أن نجد الضفة الأخرى من النيل يُرفع عليها علم إسرائيل ليتحقق حلم الدولة اليهودية التى تأسست سنة 1948 بكيان يمتد من النيل للفرات!
قد تقول لى.. هذا سيناريو من وحى الخيال.. لا يا عزيزى المواطن.. هذا سيناريو مستوحى من الأدبيات الإسرائيلية المكتوبة، وكنا نقاومه منذ كنا طلابًا فى جامعة القاهرة فى نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات.. وكنا نتحدث مع زملائنا حول فلسفة إصرار إسرائيل على اختيار مبنى مجاور للجامعة فى الجيزة ويطل على نهر النيل كمقرٍ لسفارتها التى تم افتتاحها فى مصر عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد، بأنه اختيار يتسق مع فكرها، فقد اختارت موقع السفارة على النيل فى الجيزة وليس العاصمة، لأن القاهرة طبقًا للبروتوكولات والخطة الاستراتيجية الإسرائيلية تقع فى شرق النيل وليس غربها، وشرق النيل هو جزء من دولة إسرائيل التى تمتد من النيل للفرات، وبالتالى لا يجوز للدولة أن تفتتح سفارة لنفسها فوق أرضها، أما الجيزة فهى غرب النهر الذى لن تعبره إسرائيل.
وقد تقول لى.. ولكن سفارة إسرائيل الآن موجودة فى المعادى بالقاهرة؟ نعم يا عزيزى.. هذا صحيح.. لأنها اضطرت مع ضغوط المتظاهرين قبل 14 عامًا على الرحيل والتراجع إلى شرق النيل مثلما تراجعت تاركة سيناء فى 1973 وما بعدها!
ثم إنك «مش واخد بالك» بأن إسرائيل تقترب من الفرات، وفى نفس الوقت تقترب من النيل بعد إبادة غزة، وهى تحركات تشبه حركة «البَرجلْ» الذى تزداد مساحة قدميه شرقًا وغربًا فى وقت واحد، فهى تتحرك نحو الشرق بنفس مقدار تحركها نحو الغرب، فقد دمرت غزة وطردت سكانها، وتحركت فى ذات الوقت للسيطرة على جنوب لبنان، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضى السورية دون أن تواجه أية مقاومة من الجيش السورى المنهار، كما أن دخولها لسوريا تم بعد اتفاق مع (محمد الجولانى الذى أصبح اسمه أحمد الشرع) الرجل يرفض مصافحة النساء ولكنه يقبل ترك أرض بلاده فى سوريا والتى يحكمها الآن تُسرق وتنهب، ليتضح لنا أن مُخطط تمكين الجماعات الدينية المتطرفة هو مشروع يحظى برضًا إسرائيلى واضح!
نفس ما حدث فى سوريا.. يُدرس تنفيذه فى مصر.. ولكن لأن مصر دولة كبيرة– كما قال الرئيس فى الكاتدرائية يوم 6 يناير– فإن السيناريو من وجهة نظرى سيكون مختلفًا.. فالجيش المصرى قوى ومواجهته لن تكون سهلة.. والدولة المصرية تعمل بشكل علمى ومنظم وخداعها مستحيل.. ولذلك فإن الخطة سوف تختلف عن سيناريو سوريا وسيكون الهدف هو اختراق المؤسسات السياسية من الداخل.. وأطلب منك يا عزيزى أن تراجع ما قاله السيد وزير الداخلية منذ أيام قليلة فى خطابه أمام السيد رئيس الجمهورية خلال الاحتفال بعيد الشرطة.. فقد قال نصًا: «تسعى جماعة الإخوان الإرهابية.. لإحياء نشاطها عبر التوسع فى ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسئولة أملًا فى زعزعة الأمن والاستقرار، فضلًا عن التنسيق مع عدد من ذوى التوجهات الفكرية الأخرى من منطلق المصالح المشتركة لتبنى الدعوة لإعادة دمجها فى النسيج المجتمعى الذى لفظها لفكرها القائم على العنف والتخريب».
الكلام واضح.. وقلته لحضراتكم مرارًا فى مقالات عديدة.. جماعة الإخوان تحاول الاندماج عبر عناصر إخوانية ممتازة داخل المجتمع السياسى من خلال اختراق الأحزاب، عبر تمويل ضخم جدًا يستهدف الاستيلاء على هذه الأحزاب، ومن ثم خوض انتخابات مجلسى النواب والشيوخ القادمتين تحت ألوية هذه الأحزاب وشعاراتها– حدث بالفعل فى التسعينات وقامت الجماعة بالاستيلاء على حزب العمل– وبعدها ستجد كوادر إخوانية ممتازة تتوغل داخل الأحزاب والمجلسين التشريعيين، وقد يستطيع أحدهم التسرب إلى منصب تنفيذى مهم– حدث بالفعل فى نهايات عهد مبارك هشام قنديل رئيس وزراء الإخوان كان عضوًا فى الجهاز الإدارى للجنة السياسات– ومن بعدها ننتظر انتخابات رئاسة الجمهورية لنجد أحد الأحزاب– التى تم اختراقها– يدفع بمرشحٍ إخوانى يرتدى ثوب الليبرالية، مدعومًا بأموال الجماعة ومساندة مخابرات دول أجنبية، لتكتشف فى النهاية أن نموذج (الجولاني) تم زرعه فى مصر خلال سنوات قليلة، لنواجه مصيرًا مُعدلًا- لما حدث فى سوريا- لن تُدرك مخاطره إلا عندما تقع «الفاس فى الراس»!!
للمرة الرابعة أو الخامسة احذر من اختراق التنظيمات للأحزاب والمؤسسات السياسية.. ورغم إدراكى ليقظة وصحيان مؤسسات الدولة.. إلا أن دافعى فى التكرار هو أن الذكرى تنفع المؤمنين.
الموضوع كبير.. والخطة جُهنمية.. ونحن يقظون.. ولن تمر هذه المخططات الشيطانية مهما فات الزمن.. وسنقاوم أجيالًا بعد أجيال خطط تهجير سكان غزة نحو سيناء.. ومخططات الاستيلاء على أحزابنا.. وسيناريوهات اختراق مؤسساتنا.
اللهم احفظ بلدنا.. تحيا مصر.. وعاش الجيش المصرى العظيم.

مقالات مشابهة

  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى
  • أصبحت أفعالكم لا تليق بمقام أم الدنيا
  • الرئيس المقاول
  • «الجارديان»: «ترامب» يهدد آمال «غزة» فى إعادة الإعمار
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • قضية القضايا
  • عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب
  • سيناء الغزاوية وسوريا الداعشية والأحزاب الإخوانية!
  • البابا تواضروس وحديث الوحدة الوطنية
  • الفن.. والتحريض على القتل!