فضاء مفتوح أم مغلق؟
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
(2)
جدلية الثورة ووقف الحرب
ما هي العلاقة بين العملية السياسية ووقف الحرب ووحدة القوى الديمقراطية؟
هل يعود الإسلاميون من نافذة الحرب وما هو مستقبل الجيش؟
هنالك تشابك معقد، ويستحق مراجعة التجارب وقدح زناد الفكر وترك المجرب الذي يورث الندامة، دون تصدير للاتهامات في الإجابة عن أسئلة تطرحها تحديات غير مسبوقة على القوى الوطنية والديمقراطية، في ظل حرب ضروس دمرت المجتمع، وشتت معظم قواه الحية، وأدت إلى انهيار مركز الدولة.
إن الأوليات للغالبية الساحقة من الناس العاديين تتمثل في الأمن والأكل والسكن ووقف الحرب فالإنسانية واحتياجات الإنسان قبل السياسة.
السؤال المركزي؛ كيف يمكن ربط قضايا وقف الحرب بجدل الثورة ووحدة القوى الديمقراطية؟
وكيف ننهي الحرب، ونبقي على الثورة؟
وكيف نكمل الثورة في ظل مهام إنهاء الحرب؟
كل ذلك يحتاج إلى حوار موضوعي عميق بين قوى الثورة والتغيير دون إغفال المصالح الفعلية للقوى التي أشعلت الحرب وما هي مصالح الشعب وقوى الثورة والتغيير؟ ودون إطالة أو ابتسار واختزال لا يوفي بالغرض، ويغبش الرؤية في محاولة للوصول إلى مقاربة من خلال تجارب التفاوض في محادثات السلام المتعددة، والتي لم تفضي جميعها إلى سلام شامل ومستدام، بل أدت إلى اقتسام السلطة وتقسيم السودان، دون أن تستديم الحلول.
فض الاشتباك بين قضيتي وقف الحرب والعملية السياسية التي تفضي إلى إكمال الثورة وتأسيس الدولة وبناء قوات مسلحة مهنية وحلول مستدامة هو الذي يشكل جوهر العملية ومهامها التي لا حياد فيها، وهنالك علاقة عضوية بين كيفية إدارة وتصميم العملية ونتائجها، فالعملية السياسية التي لا تُعَرَّف بدقة وبآليات واضحة وبمراحل أوضح لا يمكن أن تحقق النتائج المطلوبة والحلول المستدامة.
سيطرة الإسلاميين على القطاع العسكري والأمني هي أسّ البلاء وأصل الحكاية، فلا يمكن تحقيق استقرار أو ديمقراطية أو تنمية أو مواطنة بلا تمييز أو تحقيقهما كحزمة متكاملة إلا بإنهاء سيطرة الإسلاميين على القطاع العسكري والأمني، وفي عملية متكافئة وذات كفاءة.
الوضع الحالي به جيشان مملوءان حتى النخاع بالأجندة السياسية، ولا يشكل أي منهما جيش السودان المرتقب، فالقوات المسلحة تعاني سيطرة الإسلاميين والدعم السريع تبدأ إشكالياته باسمه فهو لم يعد يدعم أحداً، بل منظومة عسكرية ذات أطروحات سياسية.
الجيش الغائب الحاضر هو جيش قوى الثورة المكون من كتل الجماهير ذات النشاط السلمي المدني الديمقراطي، وقد تم تشتيته وبعثرته بفضل الحرب ومع سبق الإصرار والترصد من مشعلي الحرب، ورغم مرارة الوضع الحالي فهو لا يستحق أن يقف عند أبواب القوة المسلحة، ويبصم على أجندة اقتسام السلطة، ويأخذ الفتاة مقابل استمرار الأزمة وحلول غير مستدامة وترك الإسلاميين متربعين على ظهر القوات المسلحة وتحقيق أغراض حربهم المتمثلة في القضاء على ثورة ديسمبر التي لم يقض عليها فض اعتصام القيادة وانقلاب ٢٥ أكتوبر، وظلت جذوتها مشتعلة بفضل الجماهير، ولن تشتعل جذوتها مجددا بعد الحرب إلا في عملية سياسية يشارك فيها بفاعلية جيش الجماهير السلمي والمدني في فضاء مفتوح غير مغلق.
تتجه القوى الإقليمية والدولية بكثافة هذه الأيام إلى وقف الحرب وهو مقدم في أجندتها على إكمال الثورة لملابسات داخلية وإقليمية ودولية، ومهام وقف الحرب توحد القوى الديمقراطية مع المجتمعين الإقليمي والدولي وهي نقطة جيدة للعمل المشترك مع العلم أن مهام القوى الديمقراطية أشمل.
العملية السياسية يجب تصميمها على مرحلتين مترابطتين ومنفصلتين، المرحلة الأولى هي بمثابة إجراءات تهيئة المناخ للمرحلة الثانية. علينا الخروج من عقلية وقالب الاتفاقيات التي بنيت على الشراكة مع العسكر بعد ثورة ديسمبر والتعامل الجدي مع قضايا الثورة وجدلية العلاقة بين الثورة والحرب، حتى تُراكم الحركة الجماهيرية قوتها في مواجهة خصومها والابتعاد عن الحلول السريعة التي لا تخاطب الأزمة الحقيقية، ولا تقدم حلول مستدامة.
*المرحلة الأولى *
تتكون من وقف إطلاق نار إنساني ومراقب على الأرض إقليمياً ودولياً وطويل الأمد لمدة عام قابل للتجديد، ويحل القضايا الآتية؛
١/ فتح الممرات الإنسانية الآمنة وإيصال الإغاثة والمساعدات الإنسانية.
٢/ وقف انتهاكات حقوق الإنسان وحماية المدنيين.
٣/ عودة النازحين والراغبين من اللاجئين إلى مدنهم وقراهم.
٤/ عودة النشاط المدني الديمقراطي في الريف والمدن وحمايته.
يلعب طرفا الحرب الدور المقدم في هذا الاتفاق للمرحلة الأولى وبمشاركة ومراقبة القوى المدنية التي تقف ضد الحرب. قضايا المرحلة الأولى هي المدخل لاتفاق قوى الثورة والتغيير التي لا يجمعها تصور مشترك حول المرحلة الثانية ولذا فإن فصل المرحلتين هو مدخل لوحدة قوى الثورة.
*المرحلة الثانية *
بعد عودة النازحين والراغبين من اللاجئين وفق القانون الإنساني الدولي، وفي فضاء مفتوح للعمل السياسي يستعيد ألق وشعارات ثورة ديسمبر وبمشاركة واسعة من القوى الحية، لا سيما النساء والشباب يبدأ الجزء الثاني من العملية السياسية بشكل متكافي وبكفاءة، وتلعب القوى المدنية الديمقراطية في جبهة وقف الحرب الدور المقدم في المرحلة الثانية مع مشاركة ومراقبة طرفي الحرب؛ مما يؤدي إلى تأسيس الدولة وبناء قطاع عسكري وأمني مهني وقومي.
إن مشاركة الإسلاميين والمؤتمر الوطني مشعلي الحرب مستحيلة، دون أن تحل بجلاء قضية اختطاف القطاع العسكري والأمني والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، والتلاعب في هذه القضية يعني تخريب العملية السياسية وعدم استدامة الحلول والعودة إلى سودان الحرب.
الوسومياسر عرمانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: ياسر عرمان القوى الدیمقراطیة العملیة السیاسیة قوى الثورة وقف الحرب التی لا
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. رئيس المحكمة الدستورية يحاضر في لقاء مفتوح
زنقة 20 | متابعة
شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال الرباط أمس الأربعاء ، حدثا لا يتكرر كثيرا.
المناسبة كانت لقاء علمي و محاضرة غير مسبوقة لرئيس المحكمة الدستورية محمد أمين بنعبد الله، الذي ترأس درسا افتتاحيا بالكلية المذكورة بحضور عدد كبير من الطلبة والأساتذة الباحثين والفاعلين السياسيين، إضافة إلى المسؤولين العموميين وأعضاء المحكمة الدستورية.
ما ميز هذا اللقاء هو كونه الأول من نوعه في تاريخ القضاء الدستوري، حيث يشهد لأول مرة في 30 عامًا من عمر القضاء الدستوري في المغرب، منذ تأسيس الغرفة الدستورية في المجلس الأعلى، بموجب القانون التنظيمي رقم 93-18، الذي صدر في 1993، والتي كانت تشكل سابقة لنظام القضاء الدستوري في المغرب مرورا بإقرار المجلس الدستوري بموجب دستور 1992، وصولا إلى المحكمة الدستورية بموجب دستور 2011 أن يتحدث رئيس هذه المؤسسة الدستورية المحورية أمام جمهور واسع ومتنوع في لقاء مفتوح خارج مقر المحكمة.
و تناول محمد امين بنعبد الله بالنقد والتحليل تطور مهام الرقابة الدستورية في التاريخ السياسي الدستوري المغربي، مشيرًا إلى أن هذه المهام تعود إلى بدايات القرن العشرين، وتحديدًا سنة 1908، حينما كانت أولى المحاولات لتأسيس مفهوم الرقابة الدستورية في عهد مولاي عبد الحفيظ، من خلال مبادرة مجموعة من رجال القانون.
وقد اعتبر هذه المبادرة سابقة تاريخية أسست لتجذير فكرة الرقابة الدستورية في الفكر السياسي المغربي، مؤكداً على أن تطور هذه الفكرة كان مرتبطًا بالتحولات الدستورية التي شهدها المغرب.
كما استعرض بنعبد الله التحديات التي واجهت الرقابة الدستورية منذ إنشائها، مشيرًا إلى محدودية أفقها الدستوري في البداية، إلا أن هذه الرقابة قد شهدت تطورًا ملحوظًا مع إنشاء المجلس الدستوري، ثم المحكمة الدستورية بموجب دستور 2011.
في هذا السياق، دعا إلى أهمية تعزيز الوعي القانوني بين أفراد المجتمع، مؤكدًا أن اللجوء إلى القضاء الدستوري ليس فقط حقًا دستوريًا، بل هو أيضا تعبير عن وعي قانوني متقدم يسهم في ضمان استقرار الدولة وحماية القانون الأسمى.
كما شدد على أن الدور المحوري للمحكمة الدستورية يظل أساسيًا في ضمان العدالة الدستورية، مشيرًا إلى أن الرقابة الدستورية تشكل حماية أساسية لأجيال المستقبل وللمجتمع ككل، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات.