العدوان الإسرائيلي يجبر سكان غزة على شرب المياه الملوثة من أجل البقاء
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
منذ ساعات الصباح الأولى، يبدأ عبد الله الحرازين يومه الشاق في حي الرمال بمدينة غزة، ببحث مستمر عن مصدر للمياه الصالحة للشرب لعائلته. ويتجول الحرازين وبيده "جالون" المياه الفارغ، بين الأحياء والطرقات والأزقة، يتحرك بخطى ثقيلة تحمل عبء البحث المستمر عن مصدر للمياه الصالحة للشرب لعائلته.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، دمرت إسرائيل خلال عدوانها على قطاع غزة غالبية طرقات وآبار المياه؛ وهو ما دفع سكان المدينة لشرب المياه الملوثة، بحسب حسني مهنا، المتحدث باسم بلدية مدينة غزة.
ويعبر الشاب "الحرازين" شوارع المدينة بنظرة حزينة في عيونه بين الركام والطرقات وشبكات الصرف الصحي والآبار المدمرة بفعل الحرب الإسرائيلية على القطاع، للبحث عن مياه حتى تلك المتراكمة بالشوارع.
وتعرض أبناء الحرازين للمرض جراء استهلاكهم مياه الآبار القديمة، التي تكون مالحة وملوثة، ما دفعه إلى البحث لساعات طويلة في محاولة يائسة للعثور على مصدر للمياه النظيفة، ولكن بدون جدوى.
وقال الحرازين لوكالة الأنباء الألمانية: "تعرض أطفالي للإسهال والمغص الشديد جراء شرب المياه المالحة والملوثة التي نستخرجها من بئر مياه سنوات لم يستخدم منذ سنوات".
لون ورائحة كريهة
وأضاف: "مع الأسف، المياه التي نستخرجها من البئر لها لون ورائحة كريهة ولكن نعمل على غليها على نار الخشب قبل أن نشربها ولا يوجد بديل لذلك، نضطر لشربها كي نبقى أحياء".
معاناة نقص المياه لا تقتصر على أسرة واحدة في القطاع، بل تمتد لتلامس حياة العديد من الأسر والسكان في المناطق الشمالية للقطاع ومدينة غزة. ويأتي هذا النقص بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من تلك المناطق، مخلفا وراءه خرابا كبيرا.
وفي أحد الأزقة الضيقة بمدينة غزة، تنتظر سميرة سعدة، البالغة من العمر 33 عاما، دورها في طابور يمتد لمئات الأشخاص، يتجمعون للحصول على "جالون" من مياه البئر التي تم حفره في أحد الشوارع بمبادرة من السكان.
وتقول سعدة لوكالة الأنباء الألمانية: "بعد ساعات طويلة من الانتظار، أحصل على المياه المالحة، وأسخنها حتى تغلي لكي يتم تعقيمها، بعد ذلك، أنتظر لكي تبرد ثم أسقيها لأطفالي أو أحضّر الحساء بها".
وتضيف سعدة والحزن في صوتها: "ببساطة، الحصول على المياه في القطاع أصبح أمرا بالغ الصعوبة بفعل الحرب، وحتى عندما نحصل على مياه، تكون غالبا مياه ملوثة ومالحة".
وتابعت: "لا بديل لنا غير المياه المالحة، رغم أنها تضر بصحتنا وصحة أطفالنا، حيث يعاني الأطفال دائما من المغص والإسهال".
وتحلم سعدة بالحصول على مياه صالحة للشرب، وكذلك على إمكانية الحصول على طعام وحليب لأطفالها الثلاثة.
حكم بالإعدام
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وهو منظمة مستقلة غير ربحية تنشط في جنيف، في بيان له: "مناطق مدينة غزة وشمال القطاع تواجه مأساة مروعة ناتجة عن الشح الكارثي في مصادر المياه الصالحة الشرب، ومنع وصولها، بما يمثل حكما بالإعدام الفعلي".
وأضاف المرصد: "العطش يغزو مناطق مدينة غزة وشمالها بشكل صادم بسبب قطع إمدادات المياه عن قطاع غزة والقصف الإسرائيلي المنهجي والمتعمد لآبار ومصادر المياه، إلى جانب نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات تحويل وتوزيع المياه".
وحذر الأورومتوسطي من أن نقص مياه الشرب في قطاع غزة بات مسألة حياة أو موت، في وقت يجبر السكان على استخدام مياه غير نظيفة من الآبار، وهو ما ساهم في انتشار الأمراض المنقولة والمعدية، خاصة مع انقطاع الكهرباء الذي ساعد في نقص إمدادات المياه.
وبحسب سلطة المياه الفلسطينية، فإن الهجمات العسكرية الإسرائيلية المستمرة دمرت البنية التحتية المائية في قطاع غزة، بما ما لا يقل عن 56% من آبار المياه في مدينة غزة وشمال القطاع، بحسب ما ذكره بيان المرصد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات مدینة غزة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يسوي رفح بالأرض
القاهرة - رويترز
قال سكان إن الجيش الإسرائيلي يسوي بالأرض ما تبقى من أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة فيما يخشون أن يكون جزءا من خطة لمحاصرة الفلسطينيين في معسكر ضخم على الأرض القاحلة.
ولم تدخل أي إمدادات غذائية أو طبية إلى سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة منذ ما يقرب من شهرين حين فرضت إسرائيل ما أصبح منذ ذلك الحين أطول حصار شامل لها على الإطلاق على القطاع، في أعقاب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع.
واستأنفت إسرائيل حملتها العسكرية في منتصف مارس آذار، واستولت منذ ذلك الحين على مساحات واسعة من الأراضي وأمرت السكان بإخلاء ما تطلق عليها "مناطق عازلة" حول أطراف غزة، بما في ذلك مدينة رفح بأكملها والتي تشكل نحو 20 بالمئة من مساحة القطاع.
وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية (كان) يوم السبت أن الجيش بصدد إنشاء "منطقة إنسانية" جديدة في رفح حيث سيتم نقل المدنيين بعد إجراء تفتيش أمني لمنع مقاتلي حماس من دخولها. وستتولى شركات خاصة توزيع المساعدات.
لم يعلق الجيش الإسرائيلي على التقرير بعد، ولم يستجب حتى الآن لطلب رويترز للتعقيب.
وقال سكان إن دوي انفجارات هائلة يُسمع الآن بلا انقطاع من المنطقة المدمرة التي كان يقطنها سابقا 300 ألف نسمة.
وقال تامر، وهو من سكان مدينة غزة نزح إلى دير البلح شمالا لرويترز عبر رسالة نصية "الانفجارات ما بتتوقفش لا نهار ولا ليل، كل ما الأرض تهز بتعرف أنهم بينسفوا بيوتا في رفح، رفح انمسحت".
وأضاف أنه يتلقى مكالمات هاتفية من أصدقاء في مصر على الحدود مع قطاع غزة، حيث لم يتمكن أطفالهم من النوم بسبب الانفجارات.
وقال أبو محمد، وهو نازح آخر في غزة، لرويترز عبر رسالة نصية "إحنا الخوف عنا إنه يجبرونا ننزح هناك ويسكروا علينا زي القفص أو معسكر نزوح كبير معزولين عن العالم".
وتقول إسرائيل، التي تفرض حصارا مطبقا على غزة منذ الثاني من مارس آذار، إن إمدادات كافية وصلت إلى القطاع خلال فترة وقف إطلاق النار التي استمرت ستة أسابيع، ومن ثم فإنها لا تعتقد أن السكان في خطر. وتؤكد أنها لا يمكنها السماح بدخول الغذاء أو الدواء خشية أن يستغلها مقاتلو حماس.
وتقول وكالات الأمم المتحدة إن سكان غزة على شفا تفش واسع للمجاعة والمرض، وأن الظروف الآن في أسوأ حالاتها منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 عندما هاجم مقاتلو حماس تجمعات سكنية إسرائيلية.
وأعلن مسؤولو الصحة في غزة اليوم الاثنين مقتل 23 شخصا على الأقل في أحدث الضربات الإسرائيلية على القطاع.
وقُتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص بينهم أطفال في غارة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا شمال القطاع، إلى جانب ستة آخرين في غارة جوية على مقهى بجنوب القطاع. وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الضحايا مصابين بجروح خطيرة حول طاولة بالمقهى.
* يأكلون العشب والسلاحف
لم تفلح المحادثات التي توسطت فيها قطر ومصر حتى الآن في تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أطلقت حماس خلاله سراح 38 رهينة فيما أفرجت إسرائيل عن مئات المعتقلين.
ولا يزال 59 رهينة إسرائيليا محتجزين في غزة ويُعتقد أن أقل من نصفهم على قيد الحياة. وتقول حماس إنها لن تفرج عنهم إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب بينما تقول إسرائيل إنها لن توافق إلا على هدن مؤقتة ما لم يتم نزع سلاح حماس بالكامل، وهو ما يرفضه مقاتلو الحركة.
وفي الدوحة، قال رئيس الوزراء القطري أمس السبت إن الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد في غزة أحرزت بعض التقدم.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي يوم الجمعة نفاد مخزوناته الغذائية في غزة بعد أطول حصار يفرض على القطاع على الإطلاق.
وجاب بعض السكان الشوارع بحثا عن الأعشاب التي تنمو طبيعيا على الأرض، بينما جمع آخرون أوراق الأشجار اليابسة. وفي ظل اليأس، لجأ صيادون إلى صيد السلاحف وسلخها وبيع لحومها.
وقالت امرأة من مدينة غزة لرويترز طالبة عدم نشر اسمها خشية الانتقام "المرة الماضية رحت على الدكتور قال لي عندك حصاوي في الكلى ولازم عملية جراحية بتكلف حوالي 300 دولار، أنا أحسن لي آخد مسكنات وأخلي المصاري لأولادي أطعميهم فيهم".
وأضافت "باختصار الوضع في غزة لا أكل ولا غاز للطبخ ولا طحين ولا حياة".
واندلعت حرب غزة بعد هجوم قادته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 على إسرائيل، والذي أسفر حسبما تشير الإحصاءات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. ويقول مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع منذ ذلك الحين أدت إلى مقتل أكثر من 51400 فلسطيني.