هند عصام تكتب: ملكة أطعمها اليمام
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
لا مصرية ولا يونانية ولكنها آشورية من طفلة في البراري أطعمها اليمام إلى أشهر ملكات الشرق القديم ملكة الحب صاحبة تمثال الجمال والحكمة إنها سميراميس قصتها وظروف نشأتها منذ ولادتها ألهمت عقولا كثيرة من الأدباء والفنانين والمؤرخين الأوروبيين، وفرضت حضورها في الأدب والفن والتاريخ، ملكة بلاد الرافدين التي قيل عنها أنها كانت شديدة الجمال، ذات حسن رموشها طويلة و كثيفة ونظراتها جذابة ودودة، عُرف عنها الجمال والحكمة وحدّة الذكاء، كما تميزت بالقوّة والغموض انها الأسطورة سميراميس.
وقيل عن الأسطورة سميراميس إنه منذ قديم الزمان عندما فاضت منابع نهر الفرات، وأشتد فيضان النهر حتي خرجت الأسماك إلى الشاطئ وكانت هناك سمكتان كبيرتان اتجهتا إلى وسط النهر، ثم قامتا بدفع بيضة كبيره نحو الشاطئ، وعندها سقطت حمامة بيضاء كبيرة احتضنت هذه البيضة وأخذتها بعيداً عن مجرى النهر ومخاطرة ، واهتمت بها واحتضنتها حتى فقست لتخرج منها طفلة رائعة الجمال تحيط بها أسراب الحمام لتحيطها بالعناية والحماية من مخاطر الحر والبرد والبيئة المحيطة .
عاشت تلك الطفلة مع الحمام حياة هنيئة يهتم بها مخلوق رقيق أليف حياة لم تعرف فيها الشقاء، واهتم بها الحمام حتى اكتشف مكاناً يخزن فيه الرعاة ما تنتج أغنامهم من حليب وما يصنعون من جبن، فكانت الحمائم تحمل منه ما تقدر عليه بمناقيرها إلى الطفلة حتي تتغذي وكأنها أبنتهم .
واكتشف الرعاة سرقة الطيور للحليب والجبن، فراقبوها حتى عرفوا مكان الطفلة، التي كانت تشرب حليبهم وأجبانهم المسروقة وعقابا لها أخذوها إلى خيامهم، ثم قرروا بيعها في"سوق نيموي " الكبير ، عندما أخذ الرعاة الفتاة التى أطلقوا عليها اسم سميراميس والتي تعني "الحمامة" في اللغة الآشورية إلى سوق نينوى رغبة فى بيعها صادف أن يكون ذلك اليوم موسماً للزواج الذى يقام فى كل عام، حيث يجتمع الشباب والشابات من كل أنحاء البلاد ليختار كل شاب فتاة أو أن يأخذ صبية إلى بيته فيربيها حتى يزوجها لأحد أبنائه.
دخل الرعاة ومعهم الجميلة ذات الحسن سميراميس إلى سوق نينوى وعندما كانت سميراميس في السوق في انتظار من سوف يشتريها وكان قد لمحهم فى أول الصف ناظر مرابط خيول الملك واسمه (سيما) أعجب إعجاباً شديداً بالفتاة وقد كان عقيماً لا ولد له، فساوم الرعاة على أن يتبناها، فما كان من الرعاة إلا أن وافقوا على الصفقة المربحة ، فعاد سيما بسميراميس إلى بيته وفرحت زوجته بها، وربتها كابنتها حتى كبرت واشتد عودها وصارت من أجمل النساء في البلاد .
وذات يوما عندما كان مستشار الملك (أونس) يتفقد جمهور الرعيّة لمح سميراميس بالصدفة بين الحشود فانبهر بجمالها و حسنها وبراءتها ووقع في حبها من أول نظرة وعلي الفور طلبها للزواج ، وافقت سميراميس علي الزواج ثم أخذها إلى نينوى وتزوجها هناك وأنجبا طفلين يقال إنهما توأمين واسمهما (هيفاته) و(هيداسغه) وكانت حياة العائلة سعيدة وعاشت سميراميس مرة أخرى حياة هادئة بجوار زوجها "أوناس"، وكانت بمثابة مستشار له، وعندما سافر زوجها بأوامر من الملك للعاصمة ليتابع إحدى معاركه أخذها معه، وهناك قامت بالإشراف على المعركة ووضع الخطط الحربية.
وعندما نجحت حملة الملك واستطاع اجتياح العاصمة، وأعجب الملك بها أعجاب شديد و بشجاعتها ومهارتها فى التخطيط وجمالها الساحر . وطلب من زوجها أن يتركها له ، فساوم مستشاره لكى يترك سميراميس ويتزوج ابنة الملك إلا أن المستشار أونس رفض ذلك، حتى هدده الملك بقلع عينيه فخضع لأمره بسبب التهديد ، وبالفعل اضطر زوجها للتنازل عن سميراميس للملك بسبب خوفه، ومات فور زواجها من الملك، ويعتقد انه مات منتحراً او قهراً علي سميراميس . تزوجت سميراميس من الملك وأنجبت منه "نيناس"، وحكمت سميراميس مع الملك حتى توفي، ويُقال إنها قتلته عن طريق الخطأ فى الظلام ظناً منها أنها قتلت عدوّه وأصبحت حاكمة بلاد ما بين النهرين.
حسب الأسطورة الرائجة، يقال ان حكم الملكة سميراميس قد دام لمدة 42 عاما، لكن الواقع انها كانت تحكم سوية مع زوجها الملك، وحكمت السنوات الخمس الأخيرة فقط بمفردها بعد وفاة زوجها. وقد بدأت حكمها ببناء ضريح فخم في نينوى تمجيدا لزوجها الملك (نينوس).
وتذكر الاسطورة ان الملكة سميراميس بعد وفاة زوجها كانت تتخذ خليلا شابا في كل ليلة وتقتله في صباح اليوم التالي لكن لا توجد مصادر مؤكدة عن هذه المعلومة.
لم تكتف هذه المرأة العظيمة بالسلطة السياسية وإدارة شؤون البلاد بل تعدتها إلى التأثير في الحياة الدينية والفكرية والاجتماعية.
فأضفت نوعا من الرقة والروحانية الجنوبية على المذهب الآشوري الذي كان يتسم أكثر بنوعا من تقديس الفحولة المتمثل بالاله آشور وكذلك الميل إلى منطق القوة الحرب
وقامت بمشاريع عمرانية واسعة وأهمها بناء مدينة آشور بمعابدها وقصورها الضخمة وإحاطتها بالأسوار العالية.
وقعت سميراميس في حب الملك الأرمني الوسيم آرا بعد وفاة زوجها وكان هذا الملك شديد الوسامة ولشدة أعجابها به ، طلبت منه الزواج . ولكنه رفض طلبها . فقادت جيشاً عظيماً من العراق إليّ أرمينيا لمقاتلة ذلك الملك وجيشه بسبب رفضه الزواج منها .
قتل الملك أثناء المعركة فحزنت الملكة عليه حزناً شديداً .
وجلبت جسده إليّ قصرها في مملكة آشور و وضعته وسط قصرها لمدة شهر وهي تنظر إليه يومياً وتبكي ندماً وتندبه حزناً علي فتيلها الملك وعلي حبها له .
ويقال أنها في النهاية لقت مصرعها على يد ابنها بسبب الصراع علي الحكم .
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
ريهام العادلي تكتب: نصر العاشر من رمضان .. عندما حطم الصائمون أسطورة جيش إسرائيل
يرتبط شهر رمضان المبارك بذكريات عظيمة لدي جميع المصريين ، لكن أعظمها علي الإطلاق شهر عبور الصائمين قناة السويس وتحقيق النصر علي العدو الاسرائيلي وتحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر .
ففي يوم العاشر من رمضان عام 1393 هـ، الموافق السادس من أكتوبر 1973، أحد أعظم الأيام في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، تمكنت القوات المسلحة المصرية من تحقيق نصر عسكري استراتيجي على العدو الإسرائيلي في معركة أعادت للأمة كرامتها وعزتها. كان هذا النصر بمثابة رد قوي على نكسة 1967، إذ استطاع الجيش المصري عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف المنيع، محدثًا تحولًا جذريًا في موازين القوى في المنطقة.
بعد نكسة يونيو 1967، احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء، مما شكل صدمة كبيرة للمصريين والعرب. ومع ذلك، لم يكن هذا الاحتلال نهاية المطاف، حيث بدأ الجيش المصري مباشرة في إعادة بناء قواته واستعادة قدراته العسكرية من خلال حرب الاستنزاف (1967-1970)، والتي استهدفت إنهاك العدو وإجباره على البقاء في حالة استنفار دائم.
في عام 1970، تولى الرئيس محمد أنور السادات قيادة مصر، وبدأ التخطيط لاستعادة الأراضي المحتلة. عملت القيادة المصرية على وضع استراتيجية دقيقة لتحقيق النصر، من خلال الإعداد الجيد للجيش، والتنسيق مع الحلفاء العرب، واستغلال عنصر المفاجأة.
جاء يوم العاشر من رمضان ليشهد أكبر عملية عسكرية في تاريخ الحروب العربية-الإسرائيلية. في تمام الساعة الثانية ظهرًا، انطلقت القوات المصرية نحو قناة السويس، مدعومة بسلاح الجو المصري الذي شن ضربات جوية مكثفة على مواقع العدو، مما أدى إلى إرباك القوات الإسرائيلية.
نجحت القوات المصرية في عبور القناة خلال وقت قياسي، مستخدمة خراطيم المياه الضخمة لهدم الساتر الترابي لخط بارليف، الذي كان يُعتبر من أقوى الخطوط الدفاعية في التاريخ العسكري. وبعد العبور، توغلت القوات المصرية داخل سيناء، مدمرة حصون العدو، مما شكل صدمة كبيرة للقيادة الإسرائيلية.
كان للقوات الجوية المصرية دور بارز في تحقيق النصر، حيث نفذت الطائرات المصرية غارات جوية ناجحة على مراكز القيادة والتحصينات الإسرائيلية، مما مهد الطريق أمام القوات البرية. كما لعبت قوات الدفاع الجوي دورًا حاسمًا في التصدي للطائرات الإسرائيلية، باستخدام صواريخ سام التي حرمت العدو من التفوق الجوي الذي اعتمد عليه في الحروب السابقة.
لم يكن هذا النصر مصريًا فقط، بل كان نصرًا عربيًا بامتياز، حيث قدمت العديد من الدول العربية دعمًا كبيرًا لمصر وسوريا. قامت المملكة العربية السعودية ودول الخليج بفرض حظر نفطي على الدول الداعمة لإسرائيل، مما أثر بشكل كبير على الاقتصاد الغربي. كما قدمت العراق، الجزائر، وليبيا مساعدات عسكرية ولوجستية لدعم الجبهتين المصرية والسورية.
أثبتت حرب العاشر من رمضان أن الإرادة القوية والتخطيط السليم قادران على تحقيق المستحيل. فقد أعادت الحرب الثقة للأمة العربية، وأجبرت إسرائيل على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، مما أدى لاحقًا إلى توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979. كما عززت الحرب مكانة الجيش المصري كقوة عسكرية إقليمية لا يُستهان بها.
ليبقى يوم العاشر من رمضان يومًا خالدًا في تاريخ مصر، حيث جسد شجاعة وبسالة القوات المسلحة المصرية، وأكد أن النصر لا يتحقق إلا بالعزيمة والتخطيط السليم. إن هذا الانتصار العظيم ليس مجرد ذكرى، بل هو درس في الإرادة والتحدي يجب أن يستلهمه كل مصري وعربي في مواجهة التحديات المستقبلية .