شهدت الضفة الغربية أكبر عملية مصادرة أراضي من جانب إسرائيل منذ توقيع اتفاقات أوسلو قبل 31 عاما، في خطوة تتعارض مع القانون الدولي، وتهدد بحسب مراقبين، بتقويض أي فرصة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين.

وأعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، الجمعة، 800 هكتار في الضفة الغربية "أراضي دولة"، مما يسهل تخصيص هذه الأراضي لبناء بلدات إسرائيلية.

وأكدت منظمة "السلام الآن" في بيان لها أن مصادرة أراضي غور الأردن في المنطقة الواقعة على السفوح الشرقية للضفة الغربية هي الأكبر منذ توقيع اتفاقات أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.

تشكيك وتحذير

وتثير الخطوة الإسرائيلية ردود فعل متباينة، إذ يُشكك أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، عضو اللجنة المركزية لحزب العمل مئير مصري في دقة تقديرات منظمة "السلام الآن"، قائلا لموقع "الحرة": "لا أظن هذا التقدير دقيقا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عدد سكان إسرائيل اليوم، وكذلك حجم الإعمار والنمو السكاني في مناطق الحكم الذاتي".

من جانبه، حذر المتحدث باسم حركة فتح، عضو المجلس الثوري أسامة القواسمي في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة" من تبعات القرار، وقال إنه يمثل "انقلابا يؤدي إلى انغلاق كامل في العملية السياسية المغلقة أساسا".

ويضيف القواسمي: "لا شك أن الوضع في الضفة الغربية على برميل من البارود، وهذه الخطوات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية، قد تؤدي إلى تفجير الأوضاع".

في المقابل، دافع المحلل السياسي الإسرائيلي مردخاي كيدار عن قرار وزير المالية، قائلا في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة": "ليس هناك أي علاقة بين ضم أراض والعنف الفلسطيني. وقد شهدنا انعدام هذه العلاقة في السابع من أكتوبر".

ويضيف: "ما نقوم به في غور الأردن ليس له تأثير على أي شيء إطلاقا، لأن فكرة إقامة دولة فلسطينية أمر مرفوض لأنها ستتحول لا محالة إلى دولة حماس".

إسرائيل توافق على "مقترح أميركي" بشأن صفقة الرهائن.. وحماس "لم ترد بعد" قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلا عن مسؤول إسرائيلي كبير لم تسمه، إن وفد المفاوضات الإسرائيلي في قطر وافق على الاقتراح الأميركي بشأن نسبة السجناء الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم مقابل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، لافتة إلى أن "حماس لم ترد بعد".

ويأتي الإعلان الإسرائيلي في ظل تصاعد التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية.

ومنذ اندلاع الحرب في غزة قبل 6 أشهر، كثفت إسرائيل مداهماتها في مناطق عدة بالضفة الغربية، وتقول إنها لملاحقة "إرهابيين".

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني عصمت منصور أن "التسارع في وتيرة الاستيطان لا يرتبط فقط بدوافع (أيدولوجية)، لكن هناك دوافع سياسية، إذ إن الحكومة تؤمن بالاستيطان وتستند على أصوات المواطنين في الانتخابات البرلمانية لإرساء ذلك".

ويضيف منصور لموقع "الحرة": "اليوم هناك وزراء متطرفون في أهم وزارات الحكومة الإسرائيلية، وهو ما أدى إلى تسارع الوتيرة، واختصر الإجراءات البيروقراطية"، لافتا إلى أن "قرارات الاستيطان تتولاها دائرة مغلقة من الحكومة وهي من تتخذ أي قرار لتحويل أي أراض إلى أراضي دولة كما حدث في غور الأردن".

ويتفق مع هذا الرأي المحلل السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن، الذي يقول لموقع "الحرة" إن "وزير المالية لا يخفي خططه الاستيطانية، وهو يمثل الحركة الاستيطانية إلى جانب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير".

ويضيف شتيرن: "سموتريتش طالب قبل مسبقا بفصل الإدارة المدنية للفلسطينيين داخل وزارة الدفاع وأن يكون مسؤول عنها بدلا من الترتيبات السابقة، وذلك بهدف توسيع المستوطنات".

"رفض دولي"

ويمثل غور الأردن حوالي 30 في المئة من أراضي الضفة الغربية، وهو يضم نصف أراضيها الصالحة للزراعة، ويعيش في هذه المنطقة 65 ألف مواطن و11 ألف مستوطن، وفقا لقناة "فلسطين" الرسمية.

ويقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس: "غور الأردن واقع تحت سيطرة إسرائيل وفقا لاتفاقيات أوسلو التي تسمح لها بالبناء في المناطق (ج). والبلدات الإسرائيلية في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) تشهد ازديادا سكانيا وطفرة معمارية، كما هو الحال بالنسبة للسكان العرب في مناطق الحكم الذاتي (أ،ب) الذين تضاعفت أعدادهم منذ عام 1993".

ويشير مصري إلى ارتفاع سكان قطاع غزة خلال العقود الماضية، قائلا: "قطاع غزة كان عدد سكانه 300 ألف نسمة وفقا لإحصاء عام 1970، ثم 700 ألف نسمة عام 1992، ليصل إلى 2.3 مليون اليوم وفقا للأمم المتحدة".

وبحسب منتدى السياسة الإسرائيلية للدراسات والأبحاث، يبلغ عدد المستوطنات القانونية بموجب القانون الإسرائيلي في الضفة الغربية 132 مستوطنة يعيش فيها نحو 465 ألف إسرائيلي، إلى جانب نحو 20 ألف يعيشون في "البؤر الاستيطانية" غير القانونية.

بينما يعيش في الضفة الغربية نحو 3 ملايين فلسطيني، وفق فرانس برس.

ما هو تاريخ العلاقة بين قطر وحماس؟ في تقرير نشرته، الخميس، تحدث شبكة "سي أن أن" الإخبارية عن أن وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، وجه رسالة صارمة إلى قطر في وقت سابق هذا الشهر، طالبها فيها بالضغط على قادة حماس من أجل التوصل لاتفاق أو المخاطرة بطردهم من العاصمة الدوحة.

ويقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس لموقع "الحرة": "اليهود شأنهم شأن بقية شعوب الأرض، ينجبون ويتنفسون، حتى أولئك الذين يعيشون في المناطق المتنازع عليها".

في المقابل، يقول المتحدث باسم حركة فتح إن "ما يحدث رسالة واضحة بأن الحكومة الإسرائيلية ترفض النداءات الدولية الداعية إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو من عام 1967".

وتعارض الولايات المتحدة توسع إسرائيل في المستوطنات وخطط الاستيطان الجديدة بالضفة الغربية، إذ وصف وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، إعلان سابق لوزير المالية الإسرائيلي في فبراير الماضي بالمضي قدما في خطط الاستيطان، بأنها "لا تتوافق مع القانون الدولي".

وقال بلينكن: "يجب أن أقول إننا نشعر بخيبة أمل إزاء هذا الإعلان"، مضيفا: "كانت السياسة الأميركية طويلة الأمد في ظل الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء، أن المستوطنات الجديدة تؤدي إلى نتائج عكسية في التوصل إلى سلام دائم".

وفي بيان صدر الأحد، دان الاتحاد الأوروبي إعلان وزير المالية الإسرائيلي بضم "الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وحث زعماء الاتحاد الأوروبي إسرائيل على التراجع عن هذه القرارات.

وقال البيان: "يسير هذا الموقف جنبا إلى جنب مع التزام الاتحاد الأوروبي بأمن إسرائيل وضمان عدم تكرار الهجمات المروعة على المدنيين الإسرائيليين في 7 أكتوبر".

واندلعت الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر، نتيجة هجوم غير مسبوق شنه مسلحو حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) من قطاع غزة على إسرائيل، أودى بحياة ما لا يقل عن 1160 شخصا، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، حسب أرقام إسرائيلية رسمية.

وردا على ذلك، تشن إسرائيل عمليات عسكرية متواصلة، أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 32 ألف شخص في قطاع غزة، معظمهم نساء وأطفال، وفقا لوزارة الصحة في القطاع.

هل من فرصة لحل الدولتين؟

تتزايد الضغوط الدولية من أجل استئناف الجهود للتوصل إلى حل الدولتين، المتمثل في قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، في ظل الجهود المبذولة لإنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة 6 أشهر في غزة.

ولم يتم إحراز تقدم يذكر فيما يتعلق بقيام دولة فلسطينية منذ توقيع اتفاقيات أوسلو في أوائل التسعينيات. ومن بين العقبات التي تعوق ذلك التوسع في المستوطنات الإسرائيلية.

وتشير وكالة "رويترز" إلى أن مصادرة الأراضي في وادي الأردن يأتي في أعقاب تصنيف مشابه لمساحة 300 هكتار (740 فدانا) في منطقة معاليه أدوميم بالضفة الغربية.

ويؤكد المتحدث باسم حركة فتح لموقع "الحرة" على أن الحكومة الإسرائيلية ترفض النداءات الدولية الداعية إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود يونيو 1967، مضيفًا: "طالما لم يكن هناك أمل في حرية الشعب الفلسطيني، فالضفة الغربية قابلة للانفجار".

ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن أن حكومة إسرائيل الحالية ليست معنية بحل الدولتين، قائلا: "هذا الاتجاه لا يمثلها مع الإصرار على استمرار الاستيطان في الضفة الغربية بغض النظر عن ما يعتقده الطرف الفلسطيني أو المجتمع الدولي".

4 دول أوروبية تتفق على العمل من أجل الاعتراف بدولة فلسطينية اتفقت 4 دول أوروبية على العمل سويا من أجل الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، حسبما ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

ويضيف المحلل السياسي عصمت منصور أن "الاستيطان يخنق الفلسطينيين، ويخنق الأراضي الزراعية، والشوارع والأحياء والحركة، وهو يقضي كليا على حل الدولتين".

ردا على هذا الرأي، يتساءل أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس مئير مصري: "أين هي عملية السلام؟ هل تدعمها حماس، التي تمثل القوة الرئيسية اليوم في الشارع الفلسطيني، وفقا لجميع استطلاعات الرأي؟ وهل دانت السلطة جرائم حماس واحترمت ما وقعت عليه من اتفاقيات؟"، معتبرا أن "القيادات الفلسطينية خدعت إسرائيل ولم تبق بندا من اتفاقيات أوسلو إلا وخرقته".

ويؤكد هذا أيضا المحلل السياسي مردخاي كيدار، الذي يقول إن "إقامة دولة فلسطينية بالنسبة لإسرائيل قرار خاطئ لأن هذه الدول ستسيطر عليها حماس بالفعل كما حدث في عام 2006 من خلال الفوز بالانتخابات. وحتى اليوم المجلس التشريعي الفلسطيني أغلبيته من الحركة".

ويضيف: "ما حدث في الماضي على الأرجح سيحدث في المستقبل، وسنكون قد وافقنا على إنشاء دولة حماس باعتراف دولي، وما حدث في قطاع غزة يوم 7 أكتوبر سيحدث مجددا في الضفة الغربية أيضا".

وتابع كيدار بالقول: "لذلك كل إسرائيل سواء من اليسار أو اليمين تفهم هذه المشكلة، وهناك معارضة واسعة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار لإقامة دولة فلسطينية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الحکومة الإسرائیلیة إقامة دولة فلسطینیة فی الضفة الغربیة المحلل السیاسی الإسرائیلی فی وزیر المالیة غور الأردن ما حدث فی قطاع غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

مبعوث أممي: إضفاء الشريعة على مستوطنات جديدة بالضفة يثير القلق

نيويورك - صفا

قال المبعوث الأممي للشرق الأوسط تور وينيسلاند، إن قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بإضفاء الشرعية على 5 مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة "مثير للقلق بشدة".

وشدد وينيسلاند عبر منصة "إكس"، على أن السلوك الإسرائيلي يؤدي إلى تفاقم التوترات ويقلل من جدوى تحقيق السلام عن طريق التفاوض على أساس حل الدولتين.

وأشار وينيسلاند إلى أن المستوطنات تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية قالت، إن المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" صادق الخميس، على خطة لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش تشمل "شرعنة 5 بؤر استيطانية في الضفة الغربية ونشر عطاءات لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات"، وفق بيان لمكتب سموتريتش.

وأوضحت هيئة البث الإسرائيلية أن الإجراءات المصادق عليها تشمل "إلغاء تصاريح ومزايا مختلفة لكبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية، وسحب صلاحيات تنفيذية من السلطة في جنوب الضفة الغربية، وتطبيق القانون ضد البناء غير القانوني هناك، وتطبيق القانون في المناطق (ب)، ضد المساس بالمواقع التراثية والمخاطر البيئية".

والبؤر الاستيطانية؛ مستوطنات صغيرة أقامها مستوطنون على أراض فلسطينية خاصة دون موافقة حكومة  الاحتلال الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تحبط عملية تهريب أسلحة من الأردن للضفة الغربية
  • مؤرخ إسرائيلي يطالب بإعلان الأردن دولة للفلسطينيين بديلا عن حل الدولتين
  • مصر: شرعنة إسرائيل 5 بؤر استيطانية جديدة بالضفة انتهاك القانون الدولي
  • إسرائيل تمدد فترة التعاون بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية
  • مبعوث أممي: إضفاء الشرعية على مستوطنات جديدة بالضفة يثير القلق
  • مبعوث أممي: إضفاء الشريعة على مستوطنات جديدة بالضفة يثير القلق
  • موندويس: مخطط إسرائيل المسرّب لضم الضفة الغربية يحدث بالفعل
  • مصر تدين قرار الاحتلال شرعنة خمس بؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية
  • مصر تدين قرار الحكومة الإسرائيلية شرعنة خمس بؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية
  • بالفيديو .. إسرائيل تهدد الدول التي تعترف بفلسطين ببناء مستوطنات باسمها في الضفة الغربية