مفتي الجمهورية: لا يجوز للمرأة أن تَؤُمَّ الرجال في الصلاة ويجوز لها إمامة النساء
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
قال الأستاذ الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن المتأمل في النصوص الشرعيَّة والسيرة النبوية وتاريخ الأمة يجد أن هناك علاقةً وثيقةً بين شهر رمضان وبين العمل والحث على إتقانه، وذلك من خلال ما اختص الله تعالى به هذا الشهر الفضيل من نفحات، أهمها عبادة الصوم التي ترسخ في المسلم التعلق بالله تعالى ومراقبته على الدوام، وفي ذات الوقت تحث الصائمين على ترك العجز وأسباب الكسل والتهاون، بل ترشدهم إلى العمل وإتقانه والتحقق بأسباب القوة وعلو الهمة والانتصار على شهوات النفس التي تميل دائمًا إلى التواني والراحة.
جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، مضيفًا أنه لم يَرِد أن النبي صلى الله عليه وسلم أو المسلمين كانوا يتركون فيه أعمالهم وأمور معاشهم للتفرغ للعبادة، سواء كانت الصيام أو القيام، بل يجمعون بين ذلك كله في توازن وانسجام وفق نظام مُحكم يضمن أداء العبد ما افترضه الله تعالى من عبادات واستقرار العمل واستمرار الإنتاج وسلامته بطريقة وسطى لا إفراط فيها ولا تفريط.
وأردف مفتي الجمهورية قائلًا: إن الصوم يرتقي بطبع الصائم -الذي قد يكون عاملًا أو صاحب جهة عمل- إلى جماع الكمالات المحمودة كمراقبة الله تعالى، وانضباط الباطن كما هو في الظاهر، والحلم، والعدل، والعفو والصفح، وحسن المعاملة، وجميل العِشرة، والوقار، والأمانة، بل استجابة الدعوة فضلًا عن تحقيق مظاهر احترام الآخر، والمحافظة على الوقت، مما يفيد إنجاز الأعمال وشيوع الحب والاحترام بين جميع العاملين، لأن الصوم الحقيقي هو الـمُـحَلَّى بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة التي تحمل المسلم على مجانبة اللغو والكلام فيما لا يفيد والفحش من القول ومنكر العمل.
وردًّا على سؤال عن حكم تعارض العمل مع العبادة قال فضيلته: إذا تعارض فرض كالعمل مع فرض كالصلاة فيجوز جمع الصلوات في بداية الوقت، أو جمعها جمع تأخير، وإذا كان العمل لا يجوز تأخيره لأنَّ أداءه مطلوب على الفور، والصلاة وقتها متَّسع فعليه المواءمة بين الأمرين، حيث إن إتقان العمل المكلَّف به الموظف وأداءه فرض، والتقصير فيه يجعل الموظفَ آثمًا عند الله حتى لو كان في حال طاعة، وعلى المسلم الموازنة بين النوافل والفروض.
وفي رده على سؤال عن جواز إمامة المرأة لبناتها في الصلاة في البيت قال يجوز للمرأة أنْ تَؤُمَّ غيرَها مِن النساء في صلاة الفرض، ويكون وقوفها للإمامة معهنَّ في وسط الصف، فإنْ تقدَّمَت عليهنَّ صَحَّت صلاتهنَّ مع الكراهة، ولكن لا يجوز إمامتها للرجال.
وعن حكم مخالفة إشارة المرور أثناء الصيام قال فضيلته: لا يجوز السير المخالف في الطرق العامة أو مخالفة إشارة المرور لا في رمضان أو غيره، لما يترتب عليه من تلف الأنفس والأموال، ولمخالفة التعليمات والقوانين التي قررها ولي الأمر، ومن يفعل ذلك أثناء الصيام تنقص من ثوابه وتمامه على الوجه الأمثل.
وفي معرض رده على سؤال عن حكم الطلاق في نهار رمضان قال فضيلته: إن حكم الطلاق في نهار رمضان كغيره في باقي الأيام والشهور، والجزم بوقوعه ينبغي أن يتم بعد جلوس الزوج أمامنا، حيث إن علماء دار الإفتاء يقومون بالتحقيق مع الزوج لمعرفة هل كان مدركًا لهذه المسألة والكلمة وما يترتب عليها، وهل صدرت عن رضا حقيقي عنده وقصد، فإنه حينها يقع الطلاق، كما أن الطلاق هو علاج إذا ما استحالت الحياة الزوجية، وينبغي أن يوضع في هذا الموضع والمكان ولا يتعداه إلى أماكن أخرى لأن الطلاق إنما جاء لحل مشكلات معينة.
واختتم مفتي الجمهورية حواره بالرد على سؤال عن حكم من يفطر جهرًا أمام الناس في نهار رمضان، قائلًا: إنَّ مَن أكل أو شرب في نهار رمضان عامدًا عالمًا بوجوب الصوم عليه من غير عذرٍ ولا ضرورةٍ من سفرٍ أو مرضٍ أو نحوهما، فقد ظلم نفسَهَ باقترافِ كبيرة من كبائر الذنوب، والواجب عليه في هذه الحالة أن يتوب إلى اللهِ تعالى منها بالاستغفار والندم، مع وجوب قضاء الصوم، ولكن ينبغي للناس ألا يفتشوا عن النوايا أو يسيئوا الظن ببعض المفطرين لعل عندهم عذرًا، ولكن أيضًا ينبغي على من أفطر لعذر ألا يجهر بذلك إن استطاع.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإعلامي حمدي رزق الطرق العامة المفتي حكم الطلاق شهر رمضان لقاء رمضاني مفتي الجمهورية مفتی الجمهوریة فی نهار رمضان على سؤال عن الله تعالى لا یجوز عن حکم
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: القرآن الكريم أولى عناية كبرى بما يحقق مصالح الناس
عبر فضيلة الدكتور نظير محمد عيّاد- مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في بداية كلمته خلال مسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم عن خالص تحيَّته وتقديره لمن كان سببًا في هذا اللقاء المبارك ومع هذا الجمع المبارك والحدث المبارك، وخصَّ بالذكر بشكل عام أسرة محافظة بورسعيد بشكل عام، وبشكل خاص معالي السيد اللواء/ محب حبشي -محافظ بورسعيد- سائلًا المولى لهذا الملتقى دوام الاستمرارية والبقاء، وأن يحقق هدفه، وأن يعود خيره على البشرية جمعاء.
وأشار فضيلته في البداية إلى أن الله تعالى أيد رسله بالمعجزات الباهرات والآيات البينات التي تدل على صدق نبوتهم ورسالتهم، وكانت معجزة كل نبي من جنس ما اشتهر به قومه، فلما جاءت رسالة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وخاتم النبيين كانت رسالة عامة وخاتمة فكانت معجزتها خالدة باقية بخلود وبقاء رسالته صلى الله عليه وسلم ألا وهي القرآن الكريم.
وقال فضيلته مبيِّنا منزلة القرآن الكريم من المعجزات الإلهية: لقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم معجزات حسية عديدة كغيره من إخوانه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ومع ذلك كان لا بد لهذه الرسالة من معجزة تلائم طبيعتهم، فتتعدد وجوه إعجازها لتقيم الحجة على الخلق كافة وتستمر وتتجدد على مر الأيام لتظل شاهدة على الأجيال المتلاحقة بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وربانية رسالته.
وأكد فضيلة المفتي أن القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى الدائمة للمصطفى صلى الله عليه وسلم لم يكن معجزة حسية كمعجزات غيره من الأنبياء من قبله؛ لأن المعجزة المادية لا تؤدي هذا الدور ولا تصلح لهذه المهمة، وإنما كانت معجزته معنوية خالدة؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "ما من الأنبياء من نبي، إلا وقد أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة".
وبين فضيلته اختصاص القرآن الكريم وتفرده بأمور عديدة دون غيره من المعجزات، ومن هذه الأمور: أنه معجزة عقلية جاءت موافقة لطور الكمال البشري ونضوج الإدراك العقلي والعلمي الذي وافق عصر النبوة وما تلاه، كما أنه حجة على كل من بلغته آیات هذا القرآن ووعى ما جاء فيه من دعوة إلى الله، فهو رسول في الناس إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، كما اختص بتعهد الله تعالى بحفظه وصيانته من التحريف والتغيير والتبديل قال تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9].. ثم هو بعد كل ذلك مهيمن ومتضمن لما في الكتب السابقة من دون أن تتصادم حقائقه مع عقل صحيح ولا علم ثابت بيقين.
ثم انتقل فضيلته إلى بيان أن القرآن الكريم قد أولى عناية كبرى بكل ما من شأنه تحقيق مصالح البشر؛ فسن ما يحفظ على البرية كلياتها الخمس: نفسها، ودينها، وعقلها، وعرضها، ومالها، كما جاء بأمهات الفضائل وجوامع الأخلاق والآداب، وقرر المسؤولية الفردية ومسؤولية المجتمع كذلك، ومع أن القرآن قد أقر سنة التعدد والاختلاف بين الناس لكنه دعاهم للتعارف والتعاون فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: ١٣].
وأشار فضيلة المفتي إلى أن القرآن الكريم قد حرر المرأة، وأعاد لها ما صادرته عليها أنظمة المجتمعات في ذلكم الوقت من حقوق لا يتسع المقام لتعدادها وبيانها، وجاء بفلسفة جديدة تقوم على العدل والمساواة والشورى والاحترام، كما وجه العباد إلى كل خير، فأمرهم بأحسن الأخلاق، وأرشدهم إلى أقوم القيم، وأفضل المبادئ.
وفي الختام أكد فضيلته استحسانه لما فعلته محافظة بورسعيد عندما حرصت على إقامة مسابقة للقرآن الكريم تذكيرًا بفضله، وتأكيدًا على واجب الأمة نحوه، وتنبيها على خطورة هجره، وقبح الإعراض عنه، الأمر الذي يؤكد على أهمية التنافس في حفظه، والتسابق في القيام بأمره، والعمل بما فيه.