فوائد القروض ليست ربا.. درس لوزير الأوقاف أمام الملك يثير جدلاً واسعاً
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
زنقة 20 | الرباط
أثار درس ألقاه وزير الاوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، في حضرة الملك محمد السادس خلال الدروس الحسنية ، جدلا واسعا في المجتمع المغربي.
وتحدث التوفيق في الدرس أمام الملك حول تجديد الدين ، منتقدا بعض ” المتكلمين في الدين” بخصوص ربطهم بين الربا والفائدة، مؤكدا أن القروض في العصر الحالي ضرورة أو استثمار وبأن الفوائد التي تمنح هي مجرد ثمن الأجل ومقابل الخدمات، عكس ممارسات استعباد الناس بفرض فوائد مضاعفة عليهم في العصور القديمة.
ورفض التوفيق، وضع “الربا” في نفس كفة “الفوائد على القروض” ، وهو ما أحدث لغطا وجدلا كبيرا خاصة في صفوف التيار الاسلاموي.
وتناول التوفيق بالدرس والتحليل موضوع “تجديد الدين في نظام إمارة المؤمنين “، انطلاقا من الحديث الشريف القائل:”إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها”.
وذكر التوفيق بأن بعض فلاسفة اليونان كانوا قد استنكروا ذلك. ليخلص إلى القول إن الاقتراض في هذا العصر هو في معظمه للضرورة أو الاستثمار، وفي ما عدا ثمن الأجل ومقابل الخدمات فإن الفائدة تقل بقدر نمو الاقتصاد في البلد.
و رأى التوفيق، بأن المرجع في المعاملات البنكية هو “المجلس العلمي الأعلى الذي أصدر إلى حد الآن أكثر من 170 فتوى في الموضوع”.
واعتبر “إحداث معاملات بنكية فيما يسمى بالمالية التشاركية من مظاهر تجديد نظام إمارة المؤمنين في هذا الباب”.
رحيم الطور وهو أستاذ جامعي بجامعة ابن زهر بأكادير قال أن الفؤائد البنكية (غير المبالغ فيها) ليست بحرام ولا علاقة لها بالربا المذكور في القرآن، ذلك الربا الذي كان يجعل من العاجز عن رد الدين مستعبدًاهذا رأي الدكتور أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية الذي عبر عنه من خلال الدرس الافتتاحي للدروس الحسنية الرمضانية الحالية، والذي اعتبر ان معظم القروض تكون للضرورة أو الاستثمار وان الفوائد البنكية تكون مقابلا للخدمات البنكية وثمنا للأجل في ظل التضخم المالي.
واعتبر الطور، أن ما صدر عن التوفيق “رأي قد يثير جدلا بين مناصر ومعارض له، بين محافظ وإصلاحي وبين مفكر مجتهد ونقال وقد ينضاف هذا إلى الجدل الرائج حاليا حول مراجعة مدونة الأسرة… باب الاجتهاد في الفقه لا يغلق والتجديد كعجلة الزمن لا يتوقف إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها”.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
سعد الدين حسن .. الكاتب الذي حادثه الوزير على تليفون المقهى
داخل قرية لا يتأتى اسمها على مسمع الكثير من أبناء الوطن ، كان يسكن كاتبنا رحمه الله ، منزلا صغيرا تخيره بعيدا عن العمار متوسطا جسرا يمر على شريط القطار وارضا زراعية على يساره ،مع اختين لم يتزوجا وكأنهما صاحبوا جميعا الوحدة والعزلة ،وكنت أنا الشاهد على هذا اللقاء الذي مر عليه عقدان ونصف من الزمن ، إذ ذهبت قاصدا تلك القرية "شبشير الحصة " محاولا البحث عنه بسبب تغيبه عن حضور جلسات نادي الأدب بقصر ثقافة طنطا .وقد سولت لي نفسي أني بمجرد السؤال عن اسم كاتبنا سيدلني أول شخص ألتقيه،لكن الواقع كان مناقضا لما ظننت وتوهمت ،فلم يكن أحدا من أهل القرية يعرفه أو يسمع عنه ،دلني بعض الأهالي على شخص يعمل في صحيفة ورقية تهتم بحوادث المحافظة ،قالوا أن هذا هو الكاتب الأشهر في بلدتنا ...ولم نسمع عن كاتب اسمه سعد الدين حسن .
كانت نهاية التسعينيات ومطلع الألفية هي الرواج الفعلي للثقافة داخل الأقاليم التي تبعد عن العاصمة ،فكانت نوادي الأدب هي المقصد الأهم لكل من يبحث عن ري لموهبة الكتابة الإبداعية بمختلف مجالاتها ،شعرية أو نثرية ،حيث كانت هذه الفترة هي الأكثر خصوبة للقصة القصيرة وكتابات أجيال جديدة تعبر عن هموم قضايا لم يكن يحملها كتاب الستينيات أو السبعينيات أو الثمانيينيات ،لم تكن أجهزة الجوال قد ظهرت بعد ولم يكن هناك ثمة عوالم افتراضية لنشر الإبداع الشبابي ،فكانت نوافذ الإبداع التي تفتح لمن هم في مثل حالتي هي نوادي الأدب بقصور الثقافة داخل المحافظات في ربوع الوطن .وحيث كان مقعده مبتعدا أيضا عن الجموع التي تستقبل المنصة والصدارة وجالسا في ركن يجاوره شاب قد أتى لأول مرة ،كان يجلس كاتبنا راهب القصة المصرية القصيرة سعد الدين حسن ،متواضع في جلسته ،مقل في حديثه ،يتدافع الجميع للإدلاء بأرائهم بينما هو يظل صامتا لأن تنتهي الندوة ثم يرحل منصرفا في صمت ،وعقب الندوة تجد الجالسين على المنصة يتدافعون لمصافحته فكانت هذه هي النبضة الأولى بداخلي للتساؤل عن هذا الرجل ،من هذا الرجل .....؟ فكان الجواب من الشاعر طارق بركة :"ده الأستاذ الكبير سعد الدين حسن ،وكان صديق نجيب محفوظ ،وتربطه صلة كبيرة بالوزير فاروق حسني " ..وربما لأمر بساطة مظهر الكاتب ظننت أن الشاعر طارق بركة بالغ في الأمر ونسيت أن بعض الظن إثم .
ودفعني تواضع الرجل للتقرب منه لمحاولة فهمه وايجاد اسباب ترفعه وابتعاده عن الوسط ،مقلا لا زال في حديثه يأتي اسبوع ثم يتغيب عدة أشهر ،لأواصل البحث عنه لعلي أرضى شغف فضولي واكتشافه ،ثم كان اللقاء فطلب مني ان نلتقي صبيحة اليوم الثاني بمقهى بسيط في شارع البورصة بمدينة طنطا ..
مقهى بسيط ، يتعاملون مع الكاتب كونه شخصا وافدا من عالم آخر ، اقتربت من منضدته وكانت الساعة لم تقر بالعاشرة بعد من صباح هذا اليوم ،كان بيده كتاب الفتوحات المكية وقد تلصصت على الكتاب من عنوانه الذي كان باديا جليا . سحبت مقعدا وفي يدي عملي الأدبي الذي سيعرض على الكاتب ، وإذ بصاحب المقهي يأتي مسرعا لكاتبنا ويتحدث بلهجة متعثرة :"يا أستاذ تلفون لسعادتك بيوقولوا مكتب وزير الثقافة ..." قام كاتبنا في فتور ، متوجها لموضع الهاتف ليرد ، وإذ بصاحب المقهي يسألني هو مين الأستاذ :"فأجابته انه كاتب كبير زي يوسف ادريس ونجيب محفوظ لكنه متواضع بزيادة "..عاد كاتبنا ،فسألته ،هل الأمور خير :فأجاب مافيش كان فيه ميعاد بس اعتذرت عنه ..فسألته ميعاد مهم ؟...قالي وزير الثقافة فاروق حسني ..فكانت اجابته كفيلة بصمتي .
بضعة أشهر مرت على رحيل الكاتب سعد الدين حسن رحمه الله ،الكاتب الذي دون الوزير فاروق حسني في خانة المهنة لديه "كاتب قصة قصيرة " وكان يعتز ويخلص لهذا الفن الأدبي لم يحد عنه ولم يتخطاه أو يتعداه لكتابة الرواية إلا محاولة واحدة من اصدارات اتحاد الكتاب بل كانت كتابته أشبه بقصاصات متوسطة الحجم تحمل لغة شاعرية ،الامر الذي دفع الأستاذ الدكتور أسامة البحيري رئيس قسم اللغة العربية بآداب طنطا لأن يبادر ويشجع باحثا لعمل أطروحة للماجستير تتولى وتكشف عن ابداع سعد الدين حسن .
الندوة التي أقامها فرع اتحاد الكتاب بالغربية لتأبين سعد الدين حسن ،جمعت رفاقه الذين كانوا بصحبته ،الكاتب محمد حمزة العزوني ،الذي تحدث عن كاتبنا الراحل موضحا أنه كان مكتفيا بوظيفة كاتب القصة القصيرة ، ورغم محاولات الوزير فاروق حسني في توظيفه بأكثر من إصدار ينتمي لوزارة الثقافة ليكفل قوت يومه ، كان سعد رحمه الله يتحجج ولا يستمر إلا شهرين ثم يعتذر ، عائدا إلى بيته غير مخالط لأحد ولا يتحدث مع أحد .
بينما أوضح الشاعر طارق بركة أن سعدا كان مقربا له متداخلا معه في مشكلاته الروحية والحياتية ،فهو الدرويش سعد الدين حسن وهو الزاهد سعد الدين حسن الذي كانت كرامته وكبريائه فوق رأسه ، لدرجة أنه طلب من الشاعر أن يشيع إشاعة أن سعد الدين حسن قد ورث إرثا ماليا كبيرا حتى لا يعرض أحد مساعدة مادية عليه تخدش من كرامته أو تنال من اعتزازه بنفسه ، فلم يكن سعد يتاجر بصدافته لوزير الثقافة السابق بل كان يتأخر عن المنصة ويقدم غيره ، كان متيما بكتابات كبار المتصوفة وربما كان واحدا منهم دون أن نعلم .
وهو بتعبير الناقد صبري قنديل حالة الكاتب الذي يمسك بعين القاريء لا يتركها حتى ينتهي مما يكتب سعد الدين حسن ، فعلي الرغم من صداقته وعلاقته الطيبة بالكاتب الراحل يحيي الطاهر عبد الله إلا أن سعد الدين حسن كان ينتمي لمدرسة القصة التلغرافية وموسيقى الفظ التي تظن لوهلة أنك امام قصيدة نثر لا قصة قصيرة من عذوبة ما يكتب سعد الدين حسن .