عربي21:
2025-02-02@06:45:15 GMT

شركة المرعبين اللا محدودة

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

اسمح لي عزيزي القارئ أن أتحامل عليك، فلطالما تحملتني، وأن أتقمص دور الناقد الفني في هذا المقال لمدة دقيقتين فقط، وربما أقل، بحسب سرعة قراءتك، وأن أحكي لك عن سبب اختياري عنوان هذا المقال والمستوحى من فيلم رسوم متحركة أمريكي أُنْتِج من قبل شركة "بيكسار" وتحملت شركة "والت ديزني بيكتشرز" مسئولية توزيعه. الفيلم تم إنتاجه عام 2001، وتمت دبلجته (ترجمته الصوتية) للعديد من اللغات، ومنها العربية، وحقق نجاحا كبيرا في جميع أنحاء العالم، الفيلم كان يحمل اسم "شركة المرعبين المحدودة".



الفيلم يتناول قصة الشخصيتين "سولي" و"مايك" اللذين يعملان في شركة لتوليد الأشباح تُدعى شركة المرعبين المحدودة، حيث يقومون بجمع صرخات الأطفال لإنتاج الطاقة لمدينة الوحوش "مونستروبوليس". يعتمد الفيلم على فكرة أن الوحوش تخاف من البشر مثلما يخاف البشر من الوحوش.

يتميز الفيلم بقصته المبتكرة والمشوقة، بالإضافة إلى تقنيات الرسوم المتقدمة التي كانت رائدة في ذلك الوقت. ثم إنَّه يحمل رسائل مهمة حول قبول الاختلاف والتعاون، إذ يظهر كيف يمكن للأفراد المختلفين العمل معا لتحقيق أهداف مشتركة.

إلى هنا عزيزي القارئ سأعود إلى مهنتي الحقيقية، كاتب سياسي، وأسقط ما أردته من هذه المقدمة على واقعنا المرير، الذي يحمل الكثير من المآسي، في ظل خذلان وضعف غير محدود من الحكومات، وتراجع الرؤى الاستراتيجية لحماية الأمن القومي للأمة؛ يظهر بالنتيجة على سلوك الآخر نحو أفراد هذه الأمة، ويخلف حالة كراهية نحو من ينتمي إلى أمة الإسلام؛ مع كل ظهور لشركة المرعبين غير المحدودة التي تتبنى العنف في العالم، وتترك صورة ذهنية للعالم بأن الإسلام دين عنف واعتداء على الآخر، على خلاف جوهر هذا الدين الذي لم يشرع استخدام العنف إلا على معتدٍ ولرد اعتدائه، أو لإزاحة طاغية يمنع تبليغ دين الله بالحسنى بين الناس، ولهم حق الاختيار بعد الدعوة (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، وهو في ذلك يريد الخير للبشرية بتطبيق العدل والمساواة بين البشر.

أما شركة المرعبين المحدودة فهي شركة تتحدد مسؤولية المساهمين فيها بما يمتلكونه، فداعش ومنذ بداية إعلان دولته المزعومة، التي تنشر الرعب وتولد طاقتها من صرخات وأنات الناس، تستثمر فيه مخابرات الدنيا، بداية من إيران، بعد أن تأسس بموجب القوانين الأمريكية وهو ما تحدث به ترامب، مرورا بكل الأنظمة الديكتاتورية في منطقتنا، بالإضافة إلى الحكومات اليمينية المتطرفة التي تريد صناعة عدو، ووجدت في الإسلام ضالتها بعد الحرب الباردة.

منذ أيام تبنى تنظيم الدولة "داعش" مسئولية الهجوم على قاعة الحفلات الموسيقية في إحدى ضواحي موسكو، الذي راح ضحيته 130 قتيلا من المدنيين، وأظهرت المقاطع المصورة التي نشرها التنظيم مدى بشاعة وسادية منفذي العملية، بعد أن اعترف من تم القبض عليهم بأنهم تم تجنيدهم عبر تطبيق تلجرام قبل شهر تقريبا، وأنهم لا يعرفون الأشخاص الذين زودوهم بالسلاح وبمكافأة خمسة آلاف دولار تم تحويل نصفها عبر حساب بنكي غير معروف صاحبه، على وعد بإرسال الباقي بعد تنفيذ عملية القتل العشوائي المتفق عليه. لكن هذه الاعترافات الأولية تضع علامات استفهام حول مكان وتوقيت العملية وتزامنها مع الحرب في غزة، لا سيما وهي تأتي أعقاب مجازر الاحتلال ضد المدنيين والنازحين الفلسطينيين، ومشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن لوقف إطلاق النار وتسليم الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة للكيان المحتل، دون حل جذري للأزمة، وهو ما جوبه بحق النقض "فيتو" من قبل كل من روسيا والصين. كما أنه يأتي بعد هجوم واسع لروسيا على مدن عدة أوكرانيا في إطار حربها الدائرة منذ ما يقارب العامين، ما جعل روسيا -أحد المساهمين في شركة المرعبين المحدودة- تتهم أوكرانيا بتنفيذ الهجوم، ما يعني استخدام "داعش" في إحدى العمليات التي يستفيد كل مساهم من حصته في الشركة لتحقيق المكاسب.

ولعل ما يؤكد الفكرة هو إعلان أمريكا علمها المسبق بالتحضير للعملية، ثم موقف الصحف الروسية من العلمية وإطلاق كثير منها في تحليلها للهجوم؛ تأكيدات بأن بلادها لا عداوة لها مع الإسلام والمسلمين، وأن العملية أبعد ما تكون عن المسلمين، بل زادت إحدى الصحف بأن وضعت استطلاعا للرأي على موقعها الإلكتروني؛ كانت الخيارات فيه تتجه إلى أوكرانيا وأمريكا.

لكن هناك سؤالا كبيرا بكبر الجرائم التي ترتكب باسم الإسلام، التي توجه في الغالب ضد الأبرياء سواء في بلادنا العربية والإسلامية أو في الغرب: لماذا لم يغضب ذلك التنظيم أو أخوه الأكبر لأكثر من 30 ألف فلسطيني قتلوا خلال الأشهر الخمسة الماضية؟ ولماذا لم يغضبوا للنساء اللاتي اغتصبن خلال الأيام الثلاثة التي سبقت عملية موسكو؟ ولماذا لم يغضبوا ويوجهوا طاقتهم لإنقاذ الإيجور أو الروهينجيا، ولماذا لم يتحركوا لمسلمي الهند؟ ولماذا كانت بنادقهم موجهة للثوار في سوريا ومن قبلها العراق، وفي ليبيا لاحقا قبل أن يقضي عليهم الثوار؟ ولماذا لا يتحركون لإنقاذ الأسرى في سجون الطغاة؟ أسئلة كبيرة لا تجد إجابة في ظل سكوت وخنوع وذلة ضربها الله على قلوبهم، ولم يتحرروا من قبضة مخابرات وأنظمة معادية لكل حركة أو أيديولوجية تحررية تريد للعالم العدالة والسلام.

فيلم "شركة المرعبين المحدودة" أكد على فكرة عدمية، مفادها أن الوحوش تخاف من البشر؛ مثلما يخاف البشر من الوحوش، وأنه يجب إخراج البشر من عالم الوحوش حتى يتسنى لهم استغلال البشر لا سيما الأطفال من خلال إرعابهم لتوليد الطاقة من صرخاتهم، في حين ينتهي الفيلم باكتشاف الوحوش بأنه يمكن توليد الطاقة من ضحكات الأطفال والناس، مع ذلك تستمر شركة الوحوش في النموذج الذي اختارت لتوليد الطاقة من صرخات البشر، فلا سلام، ولا عدل سيعم هذا العالم ما دامت تقنية استخراج الطاقة مبنية على آهات الناس وأوجاعهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الرعب داعش روسيا روسيا داعش هجمات الرعب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

«التواصل الاجتماعي مخاطر وضوابط وأحكام» ندوة لخريجي الأزهر بالغربية

شاركت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف فرع الغربية، في فعاليات المحاضرة الثانية من سلسلة المحاضرات التثقيفية التي يتم تنفيذها بالتعاون مع الجمعية الشرعية بالمحلة، بإشراف فضيلة الدكتور سيف رجب قزامل رئيس فرع المنظمة بالغربية والعميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بطنطا وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وفضيلة الدكتور محمود عثمان نائب رئيس فرع المنظمة بالغربية، والعميد الأسبق لكلية الشريعة والقانون بطنطا، والدكتور حاتم عبدالرحمن رئيس الجمعية الشريعة والأستاذ بجامعة الملك عبدالعزيز بالسعودية، وذلك بالقاعة الرئيسية بمركز القدس الطبي بالمحلة.

وقدم اللقاء الدكتور أحمد العطفي أستاذ الحديث بجامعة الأزهر، وحاضر بالندوة الأستاذ الدكتور ياسر الفقي أستاذ الفقه بكلية التربية بجامعة الأزهر الشريف

وأشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي الاتصال بين البشر، ووفّرت فرص التعليم والعمل عن بعد، لكنها أيضًا سيطرت على البشر وهزت كيان الأسر ، وساعدت على تصدّر التفهات، وغياب الهوية وانحراف الفكر والعقيدة، وانتشار الأمراض النفسية والعصبية، فبات من واجب أرباب الأسر أن يستعيدوا دورهم التربوي، ويعيدوا الدفء والمودة إلى البيوت فالأسرة هي البنيان الأساسي للمجتمع، وتحظى بالمكانة العالية في الإسلام، وحرص الإسلام على تعزيز العلاقة الزوجية وتوفير المودة والرحمة بين الزوجين، قال تعالى: ﴿‌وَمِنْ ‌آيَاتِهِ ‌أَنْ ‌خَلَقَ ‌لَكُمْ ‌مِنْ ‌أَنْفُسِكُمْ ‌أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾

وأضاف أن التواصل بين البشر غاية منشودة، لتحقيق إعمار الأرض وتعزيز التعارف بين البشر، واكتساب المعرفة، وتبادل الخبرات والمعلومات: ﴿يَا أَيُّهَا ‌النَّاسُ ‌إِنَّا ‌خَلَقْنَاكُمْ ‌مِنْ ‌ذَكَرٍ ‌وَأُنْثَى ‌وَجَعَلْنَاكُمْ ‌شُعُوبًا ‌وَقَبَائِلَ ‌لِتَعَارَفُوا﴾ وتوسعت آفاق الاتصال بين البشر، وظهرت مواقع للتواصل الاجتماعي مع بداية القرن الحادي والعشرين، و عجزت عن التوحد حول هدف يجمعهم إلا أن استخدام هذه الشبكات والتفاعل عليها كان شيئًا توحدوا حوله من الشرق إلى الغرب، وكان له أثرٌ كبير على البشريةِ، وجزءًا من حياتنا،

واستطاع البعض الصمود دون أن تنالَ من عقيدته وثوابته، لكن آخرين جرفتهم الرياح في طريقها وبدلت أحوالهم، ولا يمكن إنكار أن بعضًا من آثار وسائل التواصل كانت بمثابة خير ومنافع وتحقيق التواصل الثقافي والفكري والسياسي بين الأفراد من شتى البقاع، وتوجيه الرأي العام العالمي تجاه الكثير من القضايا الدولية التي كانت غائبة أو مُغيبة قسرًا عن الإعلام لعقود وأبرزها القضية الفلسطينية.

وشبكات التواصل الاجتماعي تهدد بنيان الأسرة  وتستهلك الجزء الأكبر من وقت كل فرد في الأسرة، وتؤدى الي ارتفاع نسب الطلاق والإدمان وتفكك الأسر والشعور بعدم الاكتفاء الزوجي الأمر الذي قد يزيد وتيرة المشاكل الزوجية ويرفع من احتمالات الطلاق بالاضافة الى تحوله أحياناً الي هدم القيم الإجتماعية والهوية وو سيلة للإبتزاز والإنحرفات السلوكية في ظل صمت أسري كارثي وغياب الحوار بين أفراد الأسرة، والعنف وغياب الوازع الديني والأخلاقي لدى الأبناء، وفقدان الهوية الثقافية والدينية، وهذا يؤدي إلى ضعف الهوية الثقافية والاندماج الضعيف في المجتمع و تشويش الرؤية والتفكير النقدي، ما يجعل من الصعب على الأشخاص التمييز بين الحقائق والأكاذيب، وهذا يؤثر على فهمهم الصحيح للعقيدة والهوية، وتسلل ظواهر سلبية إلى المجتمع كالإلحاد والعلمانية والمثلية والتحول الجنسي 
والسلوكيات المضطربة والعدوانية والتنمر  والتطرف السلوكي والتشيع العزله الاجتماعية والأكتئاب والقلق واليأس وانعدام الثقة وضعف الهمةوخطوات العلاج هو خفض ساعات استخدام تلك المواقع تدريجيًا، وكذا ينصح الخبراء بغلق إشعارات التطبيقات للتخلص من القلق الاضطراب وخلق جو أسري دافئ والدين والأخلاق  هي السياج الواقي الذي يحافظ على بنيان الأسرة المسلمة من التفكك، لذا فإن من الأولويات المحافظة عليها وعدم تخطيها بأي حال من الأحوال.

مقالات مشابهة

  • وسط اللا مكان.. كوخ عمره 200 عام يحصل على نجمة ميشلان بأيرلندا
  • بعد تفشية في تنزانيا .. حقيقة تحويل فيروس ماربورج المرضي إلى أشباح
  • «التواصل الاجتماعي مخاطر وضوابط وأحكام» ندوة لخريجي الأزهر بالغربية
  • مدير مكتبة الإسكندرية: عصابات الإتجار فى البشر تقف وراء "متلازمة الهجرة غير الشرعية"
  • اعتقال زعيم طائفة يهودية بتهمة الاغتصاب وتجارة البشر
  • موظف في "أوبن إيه آي" يحذر من نهاية البشرية على يد الذكاء الاصطناعي
  • اقتراح إدراج نوع جديد من البشر على شجرة العائلة البشرية
  • موظف في أوبن إيه آي يحذر من نهاية البشرية على يد الذكاء الاصطناعي
  • أيها الإنسان.. أنت في ذمة الله.. لا في ذمة البشر
  • كيف تسافر بميزانية محدودة؟.. نصائح للتخطيط لرحلة سفر ممتعة واقتصادية