المطرية حي مصري شعبي وصل للعالمية بأطول مائدة رمضانية: «تكافل ومحبة»
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
أخذوا على عاتقهم إرساء مبادئ المحبة والسلام، فتعاونوا جميعا مسلمين ومسيحين، وزينوا شوارعهم لتكون نموذجا يحتذى به في الوحدة الوطنية خلال شهر رمضان، حتى وصل صيتهم إلى دول العالم، من خلال تجهيز أكبر مائدة رمضانية، هم أهالي حي المطرية بمحافظة القاهرة، الذين علقوا زينة رمضان في كل الشوارع بمنطقة عزبة حمادة، مع حلول الشهر الكريم ويستعدون إلى أكبر مائدة رمضانية غدا، فما إن تطأ قدماك الحي تشعر بالمحبة والسكينة.
مجموعة من الشباب بدأوا مبادرة تنظيم أطول مائدة إفطار رمضانية، منذ 10 سنوات، فضلا عن تنظيفهم الشوارع ورسم الرسومات المختلفة، إضافة إلى تعليق الزينة بكل الشوارع، بحسب مصطفى حميد أحد الأهالي: «كنا 10 أشخاص فكرنا في 2013 إننا نزين شوارع المطرية ونعمل مائدة إفطار يشارك فيها كل الأهالي، وحولنا المكان لحاجة تانية في رمضان لحد ما وصلنا للعالمية بتزيين الشوارع وبأطول مائدة رمضانية».
«العيلة الكبيرة، الغالي هيفضل غالي، ويدوم السند والمحبة، وإحنا ولاد المطرية المخلصين، باب السعادة، دكان السعادة، مع بعض دايما»، عبارات رسمها الشباب والأطفال على منازل المطرية، وكل كلمة تعبر عن حال أهالي المطرية على أرض الواقع بحسب مصطفى أمين أحد الأهالي: «الفكرة جت إننا قررنا نفطر مع بعض في يوم وتطورت فكرتنا ليه منعملش مائدة للناس اللي من برة المنطقة، فبدأنا نطرح الفكرة على الأهالي اللي تعانوا بشكل كبير، ستات ورجالة وشيوخ وأطفال، الكل بيمد إيده علشان نزين الشوارع ونجهز للمائدة، لقينا عندنا تراحم وتكافل كبير جدا».
أجواء سعيدة وممتعة يشهدها حي المطرية، إذ يتعاون الكبار معه الصغار من أجل أن تظهر الشوارع بمظهر رائع بحسب «حميد»: «فطارنا قدام البيوت بقى ماركة مسجلة ومعروفة للعالم كله، الفنانين تعاونوا معانا متبرعين لتزيين الشوارع بالرسومات اللي بتعبر عن أهل المنطقة، والأسر بتتعاون في تجهيزات الزينة من فوانيس ولمبات وشرايط ملونة».
لم ينسَ أهالي المطرية الذين رحلوا عنهم ممن شاركوا في تزيين الشوارع وتجهيز أكبر مائدة رمضان في مصر، بل حرصوا على إحياء ذكراهم من خلال تذكرهم في رسم صورهم على المنازل، فضلا عن تعليق لافتات تحمل أسمائهم، بحسب «أمين»: «السنة دي عاملين حاجة مختلفة كمان إن الناس اللي كانت مشاركة معانا في عمل الزينة أو تجهيز مائدة رمضان ورحلوا عنا سواء بالوفاة أو السفر للخارج، تذكرناهم خلال تزيين الشوارع فرسمنا صورهم على البيوت وعلقنا لافتات بأسمائهم في الشوارع، بنقولهم عمرنا ما هننساكم ولا هننسى وقفتكم معانا في الخير، إنتم جزء أصيل مننا وبتكملونا حتى لو رحلتوا عننا».
سيدات المطرية يضربن مثالا رائعا في المحبة والتعاون والجدعنة، يجدن بما في منازلهم من مواد غذائية وعصائر وحلوى وأشرطة زينة وبالونات، حتى الأطفال يتبرعون بمصروفهم من أجل المشاركة في تزيين الشوارع وتجهيز مائدة الإفطار، وفق السيدة أم ماجد: «مفيش حد مش بيشارك في التجهيزات، الأطفال بيفتحوا حصالاتهم ويتبرعوا بما فيها في جو مليان محبة وتسامح، وكمان الستات بتطلع الخزين اللي في بيوتها بكل رضا ومحبة علشان تشارك في الفرحة الكبيرة، كلنا عيلة واحدة مش بس عايشين ومتربيين في منطقة واحدة من سنين، لا ده إحنا عيلة كبيرة أوي وانضم لينا عشرات الأشخاص من خارج المنطقة».
عشرات الأشخاص يحلون ضيوفا على أهالي المطرية يوم 15 رمضان من كل عام، يستمتعون بالأجواء الروحانية فضلا عن تناول الإفطار مع الأهالي في الشارع، بعضهم يأتي بالعصائر والبعض الآخر بمأكولات، يأتون إلى المكان ليروا المشهد المفعم بالمحبة والمودة، بحسب حمادة محسن، أحد الأهالي: «إحنا العيلة الكبيرة اللي ميفرقهاش أي حاجة، إحنا اللي بنقعد قبل رمضان في الشوارع قدام البيوت نحط خطة إزاي هنعمل زينة تليق بينا ومائدة يتحاكى بها الجميع داخل مصر وخارجها، إحنا اللي بنخطط ندخل موسوعة جينيس بأطول مائدة رمضانية مليانة خير ومحبة».
لم شمل المنطقة وإحياء روح التكافل والتراحم في رمضان، كان الهدف الأسمى لتزيين الشوارع وإقامة أكبر مائدة رمضانية، بحسب علي أمين، أحد أهالي المطرية، لكن الفكرة تحولت إلى لم شمل أبناء مصر والوافدين إليها: «كان هدفنا لم الشمل وإعادة إحياء التكافل والتراحم، لكن بقت أكبر من كدة، وصلنا إلى إننا بقينا المكان اللي لم شمل مصر والوافدين كمان على مائدة واحدة، بيجيلنا ضيوف من كوريا وأماكن كتير برا مصر، وبقينا إحنا نموذج طيب بيتداوله الأصدقاء خارج مصر، السنة دي بنهدف لعمل المائدة لأكبر من 1000 متر بحيث تاخد أكتر من 5 آلاف شخص».
الأهالي لم ينسوا أطفال المنطقة، إذ حرصوا على رسم الشخصيات الكرتونية التي يحبها الصغار في الشوارع وعلى جدران المنازل بحسب علي أمين: «زودنا رسم الشخصيات الكرتونية اللي بيحبها الأطفال على الجدران وفي الشوارع، علشان كمان نلم الأطفال ونشجعهم على الخير ونمي جواهم روح الانتماء للبلد، وبخاصة الشخصيات الرمضانية زي بكار وعملنا كمان كلمات رمضان الشهيرة والأغاني المميزة المرتبطة بأجواء رمضان، بقت المنطقة عبارة عن أجواء كرنفالية رمضانية».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المطرية حي المطرية أکبر مائدة رمضان أهالی المطریة مائدة رمضانیة فی الشوارع
إقرأ أيضاً:
خواطر رمضانية
#خواطر_رمضانية
د. #هاشم_غرايبه
وانقضى شهر الرحمات والمغفرة، ومرت أيامه سريعة كما كل الأوقات الجميلة، فهنيئا لمن اغتنم الفرصة ففاز الفوز العظيم بالعتق من النار.
كان هذا الشهر موسم حصاد الأرباح، إذ يضاعف فيه أجر الأعمال الصالحة، ولعل أكثر ما يقبل المؤمنون عليه فيه هو تلاوة القرآن.
حقيقة أنها من اجل الأعمال الصالحة، وقد حضنا عليه نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم، لما يعلمه من جزيل نفع ذلك لحياة الأمة وصلاح أمرها، قبل نفع الفرد بأجر عند الله عندما يجد القرآن شفيعا له يوم لا ينفع المرء مال ولا بنون.
القرآن ليس مجرد كتاب هداية يفصل شؤون الدين فقط، بل هو أعظم نعمة منّ الله بها على عباده المؤمنين، فهو مصدر موثوق للمعرفة الكاملة والعلم الصحيح، ومرجع صادق لأحوال الأمم السابقة، ودليل شامل لكل ما ينفع المرء ويسعده، ولكل ما يضره ويشقيه، لذلك فهو منهاج حياة الأفراد والأمم.
لهذا كله أراد الله تعالى لعباده المداومة على قراءة القرآن في رمضان وفي غيره، لكننا للأسف نجد من المسلمين كثير تلاوة وقليل تدبر وتفكر فيما تلوه.
هنالك مقولة لـ “علي عزت بيغوفيتش”: المسلمون هذه الأيام يقدسون القرآن كمصحف، فيبجلونه ويزينونه، لكنهم لا يقدسونه كمنهج”.
الحقيقة أنه مصيب فيما قاله، فاستعماله يقتصر على تلاوته في رمضان بقصد كسب الحسنات، ويتنافسون في عدد الختمات، لكنك لا تجد من يتوقف عند كل آية محاولا اسقاط المضمون على الواقع، ولا التدبر في أحوال الأشخاص والأقوام اللذين أورد الله قصصهم، لأجل أخذ العظة مما جرى معهم.
هم يعظمون القرآن، لكنهم يريدونه طقوسيا وليس منهاجا يتبع، يحتفظون به في المساجد ودور التحفيظ، ويفتتحون به المؤتمرات، ويتنافس قراؤه على جمال تجويده، ويذيعونه على مكبرات الصوت في بيوت العزاء، لكنهم لا يتفكرون في مضمون ما يسمعونه أو يتلونه، ولا يطبقونه في حياتهم اليومية ولا يعتمدون منهجه كدستور ناظم لشؤون حياتهم، بل يعتمدون دساتير الغرب ، ويلتزمون بتعليمات المستعمر ومقررات هيئاته ويطبقون مبادئ فلاسفته ومنظريه.
وهذا هو هجران القرآن: “وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا” [الفرقان:30].
قد يقول قائل: ها هم الأمم المتقدمة لا يقرؤون القرآن، بل لا يعترفون به، ومع ذلك فهم يحققون النجاح والازدهار والتقدم، فيما نحن نلتقط من ورائهم فتاتهم.
غير المؤمنين اعتمدوا على التجربة والخطأ في تدبير شؤون حياتهم، وعانوا كثيرا من تنكبهم لمنهج الله القويم، فظلموا غيرهم وأنفسهم كثيرا وعدلوا قليلا، وسبب شقائهم أنهم خالفوا فطرة الخير والاحسان الكامنة في كل نفوس البشر مؤمنهم وكافرهم، أكثر مما اتبعوها، لذلك فحياتهم ضنكة لأنها تشبه حياة الأنعام: تعيش ليومها ولمتعها الآنية تأكل وتشرب وتتمتع بالجنس.
كيف يطمئن المرء ويهنأ باله إن كان يعلم يقينا أنه سيموت حتما، وبلا انذار، وسيترك كل ما حازه من علم وجاه وأموال وبنين وراءه، ويمضي الى واقع مجهول لا يعلم مصيره فيه، ولكي يعزي نفسه يحاول أن يقنع نفسه أنه ماض الى الفناء وليس الى دار حياة أخرى، يحدد مصيره فيها من نعيم أوشقاء بناء على محصلة أعماله الدنيوية، لكنه يفشل في اقناع نفسه قبل اقناع غيره بصحة ظنه هذا، فليس له دليل واحد على صحته، فلم يحدث أن عاد أحد بعد الموت لينبئ بما وجده، بل كل الأدلة المنطقية توحي بالعكس.
واولها أنه لو كان وجود البشر بالصدفة وبلا خالق، لوجدت احتمالات كثيرة لنماذج متعددة لمخلوقات بشرية وغيرها، لكنك لا تجد إلا صورة واحدة محددة لكل مخلوق منذ الأزل رغم مروره بمراحل تطور، لكنها جميعها في الاتجاه ذاته.
ولا يمكن لمتفكر في الطبيعة البشرية المتحكمة في سائر المخلوقات التي سخرت جميعها لنفعها، لا يمكن أن يتصور أن ذلك بلا تكليف ولا مسؤولية، فكل ما في الواقع ينبئ أنه على قدر ما يتحقق من تميز أو نفع لمخلوق، كلما كانت المتطلبات اكثر، ومسؤوليته أكبر.
لذلك من المنطقي لمن تتاح له فرصة للسيادة والتميز على غيره أن يكون وراءه حساب.
السعادة تحققها الطمأنينة، لذلك: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا” [طه:124].
كل عام وانتم بخير، ونلتقي ان شاء الله بعد إجازة العيد.