أخذوا على عاتقهم إرساء مبادئ المحبة والسلام، فتعاونوا جميعا مسلمين ومسيحين، وزينوا شوارعهم لتكون نموذجا يحتذى به في الوحدة الوطنية خلال شهر رمضان، حتى وصل صيتهم إلى دول العالم، من خلال تجهيز أكبر مائدة رمضانية، هم أهالي حي المطرية بمحافظة القاهرة، الذين علقوا زينة رمضان في كل الشوارع بمنطقة عزبة حمادة، مع حلول الشهر الكريم ويستعدون إلى أكبر مائدة رمضانية غدا، فما إن تطأ قدماك الحي تشعر بالمحبة والسكينة.

مائدة المطرية الرمضانية

مجموعة من الشباب بدأوا مبادرة تنظيم أطول مائدة إفطار رمضانية، منذ 10 سنوات، فضلا عن تنظيفهم الشوارع ورسم الرسومات المختلفة، إضافة إلى تعليق الزينة بكل الشوارع، بحسب مصطفى حميد أحد الأهالي: «كنا 10 أشخاص فكرنا في 2013 إننا نزين شوارع المطرية ونعمل مائدة إفطار يشارك فيها كل الأهالي، وحولنا المكان لحاجة تانية في رمضان لحد ما وصلنا للعالمية بتزيين الشوارع وبأطول مائدة رمضانية».

«العيلة الكبيرة، الغالي هيفضل غالي، ويدوم السند والمحبة، وإحنا ولاد المطرية المخلصين، باب السعادة، دكان السعادة، مع بعض دايما»، عبارات رسمها الشباب والأطفال على منازل المطرية، وكل كلمة تعبر عن حال أهالي المطرية على أرض الواقع بحسب مصطفى أمين أحد الأهالي: «الفكرة جت إننا قررنا نفطر مع بعض في يوم وتطورت فكرتنا ليه منعملش مائدة للناس اللي من برة المنطقة، فبدأنا نطرح الفكرة على الأهالي اللي تعانوا بشكل كبير، ستات ورجالة وشيوخ وأطفال، الكل بيمد إيده علشان نزين الشوارع ونجهز للمائدة، لقينا عندنا تراحم وتكافل كبير جدا».

استعدادات مائدة المطرية الرمضانية

أجواء سعيدة وممتعة يشهدها حي المطرية، إذ يتعاون الكبار معه الصغار من أجل أن تظهر الشوارع بمظهر رائع بحسب «حميد»: «فطارنا قدام البيوت بقى ماركة مسجلة ومعروفة للعالم كله، الفنانين تعاونوا معانا متبرعين لتزيين الشوارع بالرسومات اللي بتعبر عن أهل المنطقة، والأسر بتتعاون في تجهيزات الزينة من فوانيس ولمبات وشرايط ملونة».

لم ينسَ أهالي المطرية الذين رحلوا عنهم ممن شاركوا في تزيين الشوارع وتجهيز أكبر مائدة رمضان في مصر، بل حرصوا على إحياء ذكراهم من خلال تذكرهم في رسم صورهم على المنازل، فضلا عن تعليق لافتات تحمل أسمائهم، بحسب «أمين»: «السنة دي عاملين حاجة مختلفة كمان إن الناس اللي كانت مشاركة معانا في عمل الزينة أو تجهيز مائدة رمضان ورحلوا عنا سواء بالوفاة أو السفر للخارج، تذكرناهم خلال تزيين الشوارع فرسمنا صورهم على البيوت وعلقنا لافتات بأسمائهم في الشوارع، بنقولهم عمرنا ما هننساكم ولا هننسى وقفتكم معانا في الخير، إنتم جزء أصيل مننا وبتكملونا حتى لو رحلتوا عننا».

سيدات المطرية يضربن مثالا رائعا في المحبة والتعاون والجدعنة، يجدن بما في منازلهم من مواد غذائية وعصائر وحلوى وأشرطة زينة وبالونات، حتى الأطفال يتبرعون بمصروفهم من أجل المشاركة في تزيين الشوارع وتجهيز مائدة الإفطار، وفق السيدة أم ماجد: «مفيش حد مش بيشارك في التجهيزات، الأطفال بيفتحوا حصالاتهم ويتبرعوا بما فيها في جو مليان محبة وتسامح، وكمان الستات بتطلع الخزين اللي في بيوتها بكل رضا ومحبة علشان تشارك في الفرحة الكبيرة، كلنا عيلة واحدة مش بس عايشين ومتربيين في منطقة واحدة من سنين، لا ده إحنا عيلة كبيرة أوي وانضم لينا عشرات الأشخاص من خارج المنطقة».

عشرات الأشخاص يحلون ضيوفا على أهالي المطرية يوم 15 رمضان من كل عام، يستمتعون بالأجواء الروحانية فضلا عن تناول الإفطار مع الأهالي في الشارع، بعضهم يأتي بالعصائر والبعض الآخر بمأكولات، يأتون إلى المكان ليروا المشهد المفعم بالمحبة والمودة، بحسب حمادة محسن، أحد الأهالي: «إحنا العيلة الكبيرة اللي ميفرقهاش أي حاجة، إحنا اللي بنقعد قبل رمضان في الشوارع قدام البيوت نحط خطة إزاي هنعمل زينة تليق بينا ومائدة يتحاكى بها الجميع داخل مصر وخارجها، إحنا اللي بنخطط ندخل موسوعة جينيس بأطول مائدة رمضانية مليانة خير ومحبة».

ضيوف مائدة المطرية الرمضانية

لم شمل المنطقة وإحياء روح التكافل والتراحم في رمضان، كان الهدف الأسمى لتزيين الشوارع وإقامة أكبر مائدة رمضانية، بحسب علي أمين، أحد أهالي المطرية، لكن الفكرة تحولت إلى لم شمل أبناء مصر والوافدين إليها: «كان هدفنا لم الشمل وإعادة إحياء التكافل والتراحم، لكن بقت أكبر من كدة، وصلنا إلى إننا بقينا المكان اللي لم شمل مصر والوافدين كمان على مائدة واحدة، بيجيلنا ضيوف من كوريا وأماكن كتير برا مصر، وبقينا إحنا نموذج طيب بيتداوله الأصدقاء خارج مصر، السنة دي بنهدف لعمل المائدة لأكبر من 1000 متر بحيث تاخد أكتر من 5 آلاف شخص».

الأهالي لم ينسوا أطفال المنطقة، إذ حرصوا على رسم الشخصيات الكرتونية التي يحبها الصغار في الشوارع وعلى جدران المنازل بحسب علي أمين: «زودنا رسم الشخصيات الكرتونية اللي بيحبها الأطفال على الجدران وفي الشوارع، علشان كمان نلم الأطفال ونشجعهم على الخير ونمي جواهم روح الانتماء للبلد، وبخاصة الشخصيات الرمضانية زي بكار وعملنا كمان كلمات رمضان الشهيرة والأغاني المميزة المرتبطة بأجواء رمضان، بقت المنطقة عبارة عن أجواء كرنفالية رمضانية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المطرية حي المطرية أکبر مائدة رمضان أهالی المطریة مائدة رمضانیة فی الشوارع

إقرأ أيضاً:

صور من الحلة.. صمت الشوارع في آخر أيام حظر التجوال

صور من الحلة.. صمت الشوارع في آخر أيام حظر التجوال

مقالات مشابهة

  • توك توك ومواشي.. أسباب توقف معاش تكافل وكرامة
  • قضايا المرأة تعقد مائدة حوار حول "قانون مدني موحد لكل المصريين والمصريات"
  • سقوط طفل في حفرة مكشوفة يشعل استغاثات الأهالي!
  • "النقد الفني في سبعينيات القرن الماضي.. وجهي العملة" على مائدة القومي للمسرح
  • صور من الحلة.. صمت الشوارع في آخر أيام حظر التجوال
  • بعد موافقة التضامن نهائيا ..مشروع قانون الضمان الاجتماعي صمام أمان لـ"تكافل وكرامة"
  • التعداد باربيل والسليمانية .. تعاون شعبي والتزام بالحظر يصحبها مخاوف من التلاعب بالنتائج (صور)
  • غرب سهيل النوبية تصل للعالمية باختيارها أفضل قرية للسياحة الريفية..شاهد
  • السلطات العراقية توجه بحظر التجوال بعد الساعة 2 فجراً لاكتظاظ الأهالي في الشوارع
  • عضو بلدي تاورغاء: قرار ضم المدينة لمصراتة غير قانوني ومرفوض شعبيًا