وقفة.. إعلانات وبرامج الاستفزاز والتدمير
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
وقفتنا هذا الأسبوع، يظهر ستكون فقرة ثابتة سنويًا عن بعض إعلانات وبرامج الاستفزاز للطبقة الوسطى، والبسيطة من المصريين وبرامج التدمير الأخلاقى ولعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة التى كانت متوارثة، وتحفظ لنا قيمنا وأصولنا الثمينة.
فبعض الإعلانات كثير من المصريين يشاهدونها، وكأنهم يشاهدون بنى آدميين آخرين على كوكب آخر غير الكوكب المصرى، لشقق وفيلات وقصور بالتجمع والساحل الشمالي شكلها لوحده بيستفز المصريين، وخاصة من الطبقتين المتوسطة والفقيرة أو البسيطة.
ما هذا يا ناس، الناس دخل عليها رمضان، وهم متعثرون فى شراء أبسط ما يمكن أن يأكلونه على الإفطار والسحور، فما بالهم وهم فى مرحلة التفكير كيف سيدبرون أبسط موائد الطعام ليسدوا جوعهم، ومنهم من رضا بقسمته بعد أن شاهد ما يفعله الكيان الصهيوني بأشقائنا الفلسطينيين فى غزة، والكل ما بين محاصر وعاجز على إيصال المساعدات المطلوبة اليومية ليعيشوا بعد أن طال الموت جوعًا أشقاءنا رجالاً ونساءً، وأطفالاً بالإضافة للموت من صواريخ، وقنابل إبليس، واسم شهرته الكيان الصهيونى، ليخرج الناس من كابوس ما يحدث فى غزة، ليسقط فى كابوس جزر الأحلام بالتجمع بفيلله وقصوره وشققه والساحل الشمالى بأبحره، وبيسيناته الفاخرة، وكثير من المواطنين أصلاً كبيره عايش فى مستنقع المجارى.
ولم نكتف بذلك بل وجدنا برامج منها برامج تطل علينا منذ سنوات بنفس الفكرة والأسلوب، ويمكن نفس الأشخاص، لا جديد فيها إلا زيادة الإسفاف والتجرؤ على مريدينه بشكل يعاقب عليه القانون لو لزم الأمر، ما هذا يا ناس؟ وأي عصر وصلنا له؟ وأين المسلسلات الدينية الراقية القديمة؟ وأين "ممثلين زمان" وأين "مخرجين زمان"، وأين رقابة زمان؟ وأين ناس زمان؟ بجد أنا حزين، حزين على حال الناس، وعلى حالنا جميعًا، واكتفى بما كتبته لأني لو كتبت ما أشعر به بحق لن تكفينى صفحات الجريدة جميعها، وربنا يصلح الحال.
وقفة على السريع (حريق استوديو الأهرام)
فوجئنا الأسبوع الماضى باحتراق استوديو الأهرام من أقدم استديوهات مصر وأشهرها، وأيضًا بعض العقارات المجاورة للاستديو، وإلى وقت كتابة المقال لم يعلن بشكل رسمى سبب الحريق، ولكن أبحث وراء صواريخ، ومفرقعات رمضان التى هلت علينا هذا العام قبل حتى أن يعلن ثبوت هلال رمضان كل عام وحضراتكم بخير.
ولكن هذه الآفة التى تقتحم علينا بيوتنا جميعًا خاصة فى مساء رمضان، وكأننا فى حرب أوكرانيا وروسيا، ولا أجد أى عذر لبعض مسئولى الأمن المتهاونين فى محاربة تلك الظاهرة التى ينتج، وسينتج عنها كوارث هائلة سواء للطفل الذى يلعب بها، أو لأسرته، أو للمنشآت التى حوله.
هذا جرس إنذار قبل أن تحول تلك الظاهرة حياتنا إلى جحيم أكبر من جحيم نار الغلاء التى نعيشها، أما إذا كان الحريق لسبب آخر فابحث عن الإهمال والتقصير فى فرض قواعد التأمين والحماية لضمان سلامة جميع أنواع العقارات، أصبحنا نعيش فى عصر اللامبالاة.
إلى هنا انتهت وقفتنا لهذا الأسبوع أدعو الله أن أكون بها من المقبولين، وإلى وقفة أخرى الأسبوع القادم إذا أحيانا الله وأحياكم إن شاء الله.
اقرأ أيضاًالعادات والتقاليد الرمضانية لشهر رمضان في الهند
المظاهر الاحتفالية لشهر رمضان بالفلبين
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الاحتلال حريق شهر رمضان غزة صواريخ برامج إعلانات برامج رمضان مفرقعات ستوديو الأهرام
إقرأ أيضاً:
فى وداع العالم الدكتور محمد المرتضى مصطفى
نقل لى الصديق العزيز الأستاذ سيف الدين عبد الحميد النبأ الحزين جدا عن إنتقال الدكتور محمد المرتضى مصطفى إلى جوار ربه اليوم الأربعاء بمدينة سان ريمون بولاية كاليفورنيا .
رحم الله الأستاذ الدكتور الفاضل ، محمد المرتضى مصطفى وانزله منازل المصطفين المكرمين وجعل البركة فى أبنائه وأحفاده وزوجته الراحلة السيدة منى عز الدين فى برزخها العامر البهى والتى سبقته إلى دار البقاء قبل أربعة أعوام ،وكل أسرته الكبيرة وكل عارفى فضله واحسن عزائهم فيه والزمهم الصبر الجميل ..
الدكتور محمد المرتضى من علماء البلد الأفذاذ والتكنقراط النادرين جدا.. وهو واحد من قلة من السودانيين من ذلك الجيل تلقوا دراساتهم العليا بجامعة هارفارد الأمريكية المرموقة .
شغل منصب وكيل أول وزارة العمل لسنوات إبان حكم الرئيس نميرى وبعض من فترة حكومة الصادق المهدى الذى اقاله بعد أن اختلفا فى التصورات على خطط إصلاحات الخدمة المدنية وقد رأى فيه رئيس الوزراء وقتها نموذجا للتكنقراطي المحترف صعب القياد .
بعد يومين من إقالته تلقى إتصالا من منظمة العمل الدولية بجنيف تطلب منه الحضور إلى مقرها بسويسرا فورا وقامت بتعيننه خبيرا بها ومديرا لمكتبها بإقليم جنوب إفريقيا مقيما فى هرارى عاصمة زيمبابوي وخلال فترة عمله هناك وضع واشرف على خطة إنتقال الخدمة المدنية ونظام العمل فى جنوب إفريقيا من نظام الفصل العنصرى إلى النظام الديمقراطى .وحينما كان يعمل بهرارى لعب دورا مهما فى إلتحاق الدكتور عبد الله حمدوك بالعمل فى اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة .
وبعد أن ساءت العلاقة بين نظام الإنقاذ ومصر فى النصف الأول من التسعينيات إثر تورط نظام الإنقاذ فى عملية إغتيال الرئيس المصرى وقتها حسني مبارك ووصلت إلى الحضيض تم نقله من هرارى إلى القاهرة مديرا لمكتب منظمة العمل الدولية لإقليم شمال إفريقيا وليمثل قناة خلفية لتخفيف التوتر فى العلاقة بين البلدين .
ربطتنى بالرجل محبة كبيرة وخالصة لوجه الله منذ أن تعرفت عليه أوائل الألفين فى زياراته لمقر صحيفتنا "الصحافي الدولي" والتى كان تجمعه صداقة برئيس مجلس إدارتها الدكتور محمد محجوب هارون .
كان يفرح جدا بزياراتنا المسائية له معا انا والاخ والزميل العزيز سيف الدين عبد الحميد مترجم الصحيفة او ايا منا بمفرده منذ أن كان بمنزل الأسرة فى الخرطوم (3) ثم بعد إنتقاله إلى منزله الفخيم بحى قاردن سيتى ويكرمنا غاية الكرم .. وكان يهدينى كتبا واشياء اخرى قيمة كلما عاد إلى السودان من اسفاره بالخارج وقبل كل ذلك كان ينفعنا بعلمه الغزير وتجربته وخبرته الثرة الحياتية والعملية فى السودان وخارجه ويصحح بلطف الكثير من المفاهيم والمعلومات الخاطئة عندى حينما يرى جنوحا من أثر فورة وحماس الشباب وقتها ويبقى على جوهرها الإنسانى . كما كان يلهمنى كثير من الأفكار النيرة التى استفدت منها فى اعمالى الصحافية وفى حياتى الخاصة . كان يفعل كل ذلك بتواضع جم ومحبة توصيل الخير إلى الناس .
كان الدكتور مرتضى شاهدا على العصر وعارفا باقدار الرجال فى بلادنا ومحيطها العربى و الافريقى يختزن مئات القصص والحكايات لاشخاص واحداث ومواقف عاصرها او كان جزءا منها او قرأ عنها فى مظان لا تتوفر ببلادنا خاصة تلك التى تكون قد شاعت بسردية معينة ورسخت فهما بعينه فى تاريخنا الحديث او القديم نسبيا وحينما تسمعها منه بوقائعها الدقيقة وحواشيها ومقدماتها تغير لك كل معرفتك عنها .
كان محبا جدا للاستاذ محمود ويرى فيه عالما ومصلحا دينيا كبيرا عاش فى واقع جاهل وحوكم بواسطة قضاة وفقهاء وحكام ليس لديهم من علمه ولا قلامة ظفر .
يدعونى كتيرا عنده حينما يكون عنده ضيوف مهمين عازمهم عشاء او غداء وخاصة فى رمضان ..
التقيت عنده بشخصيات مهمة سودانية وأجنبية خاصة من مصر وإثيوبيا وارتريا ومن ضمن عرفتهم عنده السياسى الارتري حروى تدلا بايرو الذى يقيم فى السويد وكان والده تدلا بايرو من كبار الزعماء السياسيين فى ارتريا .. عرفه دكتور مرتضى بعلاقتى الفكرية بالاستاذ محمود فتحولت جلستنا كلها للحديث عنه حيث أشار لى للعلاقة القوية التى ربطت قادة جبهة التحرير الارترية بالاستاذ محمود وكيف انهم كانوا يتلقون منه الأفكار والنصائح العميقة المضيئة والاكرام حينما كانوا يزورونه بمكتبه فى عمارة إبن عوف بالخرطوم .
وأذكر من ضمن الكتب التى اهدانى اياها د. مرتضى الترجمة العربية لكتاب البروفيسور عبد الله النعيم (نحو تطوير التشريع الاسلامى) الذى ترجمه وقدم له المفكر المصرى الدكتور حسين أحمد أمين وحدثنى مطولا عن المترجم وأسرته فقد كان د. مرتضى عارفا دقيقا بالحياة والثقافة المصرية وتاريخها ونخبها .
من ضمن زملاء د. مرتضى فى مرحلة الدراسة الثانوية بمدرسة خور طقت كان الدكتور فرانسيس دينق وحكى لنا كيف انه ولمكانة والده سلطان دينكا نقوك، دينق مجوك وعلاقته المميزة بناظر المسيرية بابو نمر تم استيعابه بالمدرسة المرموقة بعد أن انتهت فترة القبول وذكر لنا أنه استضافه فى غرفته بداخليات المدرسة لقرابة العام .
عندما يكون الدكتور مرتضى موجودا بالسودان وانقطع منه لأسبوعين يتصل بي ليسأل عن صحتى وأسباب غيابي .
عاش الدكتور مرتضى حياته باستقامة وطنية ومع انه لم يكن منتميا سياسيا لحزب ولكنه كان وطنيا غيورا فحينما كانت تغضبه اقوال وتصريحات مسؤولى نظام الإنقاذ وما أكثرها كان يتصل بى ويطلب منى الحضور إليه ويُملينى مقالا كاملا عالما فى نقد وتصويب مقولات ذلك المسؤول .
وكما كان الرجل متواضعا كان أيضا ضحوكا يطرب للطرفة ويحكى كثيرا من المواقف والأحداث الطريفة ويضحك لها بصوت مجلجل محبب إلى النفس.
استضفناه فى منبر صحيفة "الصحافة" عام 2007 تقريبا فى محاضرة عن جذور فشل الدولة السودانية وقد وجدت الأفكار التى اذاعها أصداء واسعة فى ذلك الوقت ولم ترق المسؤولين فى الدولة وقتها ولا زال يتم تدوير الرصد المنشور فى الصحيفة و الذى قام به الزميل قرشى عوض فى السوشيال ميديا كل حين وآخر وكانما كان الدكتور الراحل يحذرنا ويتنبأ لنا بهذا المآل الحزين الان .
الا رحم الله العالم الدكتور الفاضل ، محمد المرتضى مصطفى برحمة الرحيم وجزاه عنا المقامات العُلى عنده ..
لا حول ولا قوة إلاّ بالله
إنا لله وإنا إليه راجعون
علاء الدين بشير - الشارقة
20 نوفمبر