قالت السفيرة ليونورا رويدا، سفيرة المكسيك بالقاهرة، إن العلاقات بين مصر وبلادها علاقات متميزة، فالبلدين لديهما حوارا صريحا وتعاون اقتصادي اجتماعي واعد، إلا أن المجال الثقافي التعليمي يعد حجر الزاوية فى العلاقات الثنائية.

وأكدت السفيرة، في أول حوار لها مع صحيفة مصرية، إن تدفق الاستثمارات يعد شهادة على الثقة المتبادلة بين الدولتين، لخلق فرص إقتصادية وإجتماعية فيما بينهما.

وعن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما تشهده المنطقة، قالت السفيرة إن المكسيك صوتت في مختلف المحافل الدولية ضد الكارثة الإنسانية التي تحدث في غزة، مشيرة إلى أن بلادها وتشيلي أحالتا الوضع الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في ارتكاب جرائم حرب.

وأكدت أن مصر دولة محورية في مجريات الأحداث بالمنطقة، كونها حلقة الوصل بين أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، حيث أن الدور الذي لعبته مصر في الصراعات الحالية في غزة والبحر الأحمر والدول المجاورة لها كان أساسيا وجعلها الوسيط الأهم، باعتراف جميع دول العالم، بما في ذلك المكسيك. وإلى نص الحوار..

 

في ضوء الأحداث الأخيرة، ما هو موقف المكسيك من العدوان الإسرائيلي على غزة؟ 

تنتهج المكسيك سياسة خارجية تقوم على مبادئ محورها الأساسي هو الاحترام الشديد للقانون الدولي وحقوق الإنسان على المستوى العالمي والحل السلمي للصراعات. 

ولهذا السبب، صوتت المكسيك في مختلف المحافل الدولية ضد ظروف الكارثة الإنسانية التي وصلت إليها الأعمال العدائية في الصراع، وخاصة مقتل آلاف المدنيين من الفلسطينيين وتدمير البنية التحتية.

ولم تكتفي المكسيك بالتعبير المتكرر عن قلقها في العديد من المناسبات، لكنها قامت أيضا باتخاذ بعض الخطوات فى هذا الاتجاه. 

ما هي الإجراءات أو المبادرات التي اتخذتها المكسيك لمعالجة الوضع الإنساني في غزة ودعم المتضررين؟  

بالإضافة إلى الإدلاء ببيانات ودعم مختلف المبادرات لإغاثة الفلسطينيين في قطاع غزة، نفذت المكسيك بعض المبادرات بنفسها أو بالاشتراك مع بلدان أخرى.

ومن بين الخطوات التي اتخذناها، كان آخرها ما حدث في يناير 2024، حيث أحالت المكسيك وتشيلي الوضع الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في احتمال ارتكاب جرائم حرب، والتي تشكل جزءًا من اختصاصها القضائي.

 

..وما هو تقييمك لمسار المفاوضات لوقف إطلاق النار؟

رحبت المكسيك بالحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن التدابير المؤقتة، فيما يتعلق بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة المقدمة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل.

وفي الوقت نفسه، تؤكد المكسيك دعمها لحل الدولتين، وتعتبره البديل السياسي والشامل والنهائي الوحيد للصراع.

أعتقد اعتقادا راسخا أن استخدام القوة لن يكون أبدا الأساس لسلام دائم ومستدام من أجل تنمية الشعوب وفيما بينها  وقد أظهر التاريخ هذا.

 

ما موقف المكسيك من التوترات التي يشهدها البحر الأحمر؟ وما تقييمها للموقف؟

تتابع المكسيك عن كثب تطور الأحداث، ولا سيما الهجمات واختطاف السفن، بل إن اثنين من أفراد طاقم أحد سفن الشحن المختطفة هما من المكسيكيين، ويتم التفاوض حول الموضوع حاليا عبر القنوات الدبلوماسية.

وستدين المكسيك دائما تلك الأحداث التي تعرض للخطر أمن وحياة المدنيين الذين لا علاقة لهم بالصراعات التي تثيرها الجماعات المعادية للسلام.

برأيك كيف تؤثر الأحداث الأخيرة على الاستقرار الإقليمي؟ 

في رأيي، أعتقد أن الأحداث التي تشهدها المنطقة تؤثر بالتأكيد سلبًا على إمكانات التنمية والنمو في البلدان الموجودة في المنطقة أو في المناطق المحيطة.

وفي حالة مصر على وجه الخصوص، يؤثر عدم الاستقرار في البلدان المجاورة على الاستخدام الكامل، على سبيل المثال، للموارد الاقتصادية التي يجب توفيرها لرعاية السكان النازحين، وإنشاء البنية التحتية، وتوفير الظروف الصحية والتعليمية للآلاف الفارين إلى مصر من الصراعات في بلادهم.

 

ما تقييمك للدور الذي تلعبه مصر في تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط؟

إن موقع مصر الجغرافي الاستراتيجي يجعلها دولة محورية في مجريات الأحداث بالمنطقة، كونها حلقة الوصل بين أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا.

وفي هذا الإطار، أعتقد أن الدور الذي لعبته مصر كان أساسيا في تهيئة الظروف المناسبة لإبقاء قنوات الحوار والتفاوض من أجل السلام مفتوحة. 

وقد سمحت هذه الظروف بالاعتراف في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المكسيك، بدور مصر كوسيط هام بالمنطقة.

كيف تصفين الوضع الحالي للعلاقات المصرية المكسيكية؟ 

العلاقات بين المكسيك ومصر علاقات متميزة، فالبلدين لديهما حوارا صريحا وتعاون اقتصادي اجتماعي واعد، إلا أن المجال الثقافي التعليمي يعد حجر الزاوية فى العلاقات الثنائية.

ويعد تدفق الاستثمارات فى كلا الجانبين شهادة على الثقة المتبادلة بين لدولتينا، لخلق فرص إقتصادية وإجتماعية بين البلدين.

 

.. وما هي مجالات التعاون الرئيسية بين البلدين؟

من أبرز أنشطة التعاون فى هذا المجال، نجد الأعمال التي قامت بها البعثة الأثرية المكسيكية على مدى 20 عاما فى مقبرة تيبانا 39 بالأقصر، والتى من المتوقع الانتهاء من أعمالها فى العام الجارى 2024.

 

ما حجم التبادل التجاري والاستثماري الحالي بين مصر والمكسيك؟

يسجل التبادل التجارى معدلات متواضعة (130 مليون دولار عام 2023)، لكننا نعمل من أجل تهيئة الظروف من تنشيط التجارة.

من بين أهم الصادرات المكسيكية لمصر نجد مواسير الألومنيوم، المواد الخام لصناعة البلاستيك، تليفونات الموبايل، قطع غيار السيارات، بين منتجات أخرى.

ومن بين الواردات المكسيكية القادمة من مصر نجد الملابس القطنية والمواد الخام للأسمدة.

ما هي القطاعات أو الصناعات الرئيسية للاستثمارات المتبادلة بين البلدين؟

تفتخر المكسيك بكونها المستثمر الرئيسى فى مصر من أمريكا اللاتينية والكاريبى، تقود شركة سيمكس مصر الاستثمارات المكسيكية بمشاركاتها فى العديد من مشروعات البنية التحتية فى نفس الوقت الذى  تقوم بالعديد من الأنشطة كجزء من المسؤولية المجتمعية، بالتعاون مع الجهات المصرية والمجتمع المدنى في مشاريع مثل إعادة تدوير القمامة بنهر النيل. 

كما نجد أيضا شركة بوليميروس مخيكانوس في مجال صناعة البلاستيك، والتى تعمل على تعزيز مصنعها فى الاسكندرية، وهناك شركات  مكسيكية أخرى ذات استثمار مشترك مثل روهربومبن، كيدزانيا وأكواليا. 

كما أن عدد الشركات المصرية بالمكسيك فى تزايد مستمر، فنجد مثلا شركة بيكو-كايرون، وهي استثمار بين القطاع الخاص والقطاع العام بالمكسيك ممثلا فى شركة بيميكس، بالإضافة إلى شركة السويدي إلكتروميتر.

 

وماذا عن السياحة بين مصر والمكسيك؟ هل عادت كما كانت في السابق؟

لدينا تطلعات كبيرة للتعاون فى قطاع السياحة مع مصر، دليل على ذلك الاجتماع الأخير، الذى انعقد بين الدكتور أحمد عيسى وزير السياحة والآثار المصري، مع نظيره وزير السياحة المكسيكي ميجيل توروكو، في معرض برلين الدولي للسياحة.

وتجدر الإشارة إلى أنه في عام 2023، زار مصر 30 ألف سائح مكسيكي، بينما زار المكسيك 3 آلاف مصري، كثير منهم يقيمون خارج مصر.

ولهذا السبب، فإننا نسعى جاهدين لمساعدة المجتمع المصري على معرفة المزيد عن المكسيك، البلد الذي سيندهشون عند اكتشافهم أوجه التشابه الكبيرة الموجودة بين حضارتينا القديمتين العظيمتين.

هل يمكنك تسليط الضوء على أي تطورات أو معالم حديثة في التبادل بين البلدين؟

على صعيد التعاون، كما أشرت سابقًا، تبرز مشاركة بعثة أثرية مكسيكية، والتي سيساهم عملها في إثراء التراث الثقافي المصري إلى حد ما.

كما تساهم المكسيك في برامج التعاون مع مصر من خلال الوكالات المتخصصة في المنظمات الدولية.

 

هل تولي المكسيك اهتماما بتعزيز الشراكة مع الدول الإفريقية؟

المكسيك مهتمة للغاية بتعزيز علاقاتها مع البلدان الأفريقية بما يسهم في التعزيز المتبادل لظروف التنمية في مجتمعاتنا.

وبهذا الصدد، أريد أن أسلط الضوء على أن جزءًا مهمًا من المكون الاجتماعي المكسيكي الموجود في البلاد  الأن ذو جذور أفريقية، وهذا ما يدفع إلى ترسيخ أواصر الاتحاد التي تساهم في الاستفادة من الفرص المتاحة مع إفريقيا.

 

ماذا عن التعاون الثقافي والتعليمي بين مصر والمكسيك؟ 

يعد برنامج الأنشطة الثقافية لسفارتنا جزءًا أساسيًا من العلاقة الثنائية بين المكسيك ومصر، وتتبلور هذه الأجندة من خلال برنامج سنوي للأنشطة والترويج الثقافي الذي يغطي التخصصات الفنية الأكثر تنوعًا.

حتى الآن، خلال هذه الأشهر الخمسة الأخيرة، منذ أن بدأت مهمتي في مصر، أقمنا معرضين، الأول في عام 2023 عن الحرف المكسيكية في المتحف الإسلامي بالقاهرة، والآخر عن مخطوطات ما قبل الغزو الإسباني في معهد سرفانتس الإسباني بالقاهرة، والذي سيكون مفتوحًا أمام الجمهور حتى 30 مارس من العام الجاري.

كما هو الحال في كل عام، سندعو الجمهور المصري في شهر نوفمبر القادم إلى احتفالية يوم الموتى، وهو تقليد مكسيكي مبدع يشكل جزءًا من التراث الثقافي غير المادي لليونسكو.

ومن ناحية أخرى، شاركنا في المهرجان السنوي للسينما الأيبيرية الأمريكية بفيلم مكسيكي ومعرض فوتوغرافي عن تقاليدنا وتنوعنا البيولوجي، والذي أقيمت نسخته الأخيرة بمكتبة الإسكندرية.

وتعمل المكسيك ومصر حاليًا على توقيع اتفاقيتين مهمتين للغاية، الأول هو برنامج تنفيذي للتعاون الثقافي الذي يوسع مساحات وطرق ومجالات التعاون حيث يمكن لبلدينا أن يتعاونا لتحقيق تبادل ثقافي أكبر، والثاني هو اتفاق للحماية والحفاظ على الممتلكات الثقافية واستعادتها واستردادها، وهى التي تعرضت للسرقة أو الإدخال أو الاستخراج غير المشروع.

ما هي المبادرات أو البرامج القائمة لتعزيز التبادل الثقافي والتعليمي بين البلدين ؟

وبالمثل، تطلق حكومة المكسيك، من خلال الوكالة المكسيكية للتعاون الإنمائي الدولي، كل عام دعوة لتقديم منح دراسية للأجانب المهتمين بالدراسة في المكسيك، على مستويات التخصص ودرجة الماجستير والدكتوراه وأبحاث الدراسات العليا، بالإضافة إلى المرحلة الجامعية والدراسات العليا، تتيح انتقال الجامعيين والدراسات العليا. 

ومن خلال هذا البرنامج، حصل مئات المصريين على منح دراسية من الحكومة المكسيكية للمشاركة في برامج تعليمية مختلفة، خاصة في الأدب الإسباني والهندسة والطب.

كما تطلق وزارة الخارجية المكسيكية عامًا بعد عام الدعوة للمشاركة فى مسابقة رسم الأطفال "هذه هي حبيبتى المكسيك" للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 عامًا، وتدعو الأولاد والبنات من جميع أنحاء العالم إلى تخيل دولة المكسيك ورسم انطباعاتهم عنها، ويتم إرسال الرسومات كل عام إلى المكسيك، ويتم دعوة الفائز بالجائزة الأولى لرحلة إلى مكسيكو سيتي. 

لقد فاز طفل مصرى بهذه المسابقة فى أحد المرات ونأمل أن يحصل المزيد من الأطفال المصريين على المزيد من الجوائز. 

كما قامت السفارة بمسابقة لترجمة ​​كتابين لكتاب مكسيكيين إلى اللغة العربية، الأول “الكتاب البري” للكاتب المكسيكي خوان فيورو، الصادر عن المركز الوطني للترجمة، والثاني رواية عن استعادة القطع الأثرية لحضارة المايا بعنوان “زمن الاسترداد”  للمؤلف خوسيه لويس إيبارا جيري.

وأقيمت هذا العام مسابقة الترجمة من الأدب المكسيكي إلى اللغة العربية للمرة الثانية، والتي لاقت في نسختها الأولى قبولًا كبيرًا بين المترجمين الشباب المصريين، حيث بلغ عدد المشاركين فيها أكثر من 200 مشارك. 

وتسعى هذه المسابقة المقامة مع المركز القومي للترجمة إلى تعزيز مواهب قطاع الترجمة التحريرية والفورية في مصر بجائزة تمنحها الشركات المكسيكية.

هل هناك أي زيارات أو تبادلات رفيعة المستوى قادمة بين المكسيك ومصر يمكننا أن نتطلع إليها؟

لدى المكسيك ومصر آلية للتشاور السياسي يتم تطويرها على مستوى نواب وزراء الخارجية، وفي عام 2024، نأمل أن تتم الزيارة رفيعة المستوى إلى المكسيك.

كما نأمل أن تكون هناك هذا العام زيارات رفيعة المستوى من مصر إلى المكسيك وبالعكس، وذلك للتشاور فى مجالات مثل السياحة، والاستفادة من المشاركة في المنتديات العالمية، وإجراء لقاءات بين الجهات المعنية في البلدين فى إطار الاجتماعات الدولية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مصر القاهره غزة فلسطين المكسيك سفيرة فلسطيني سفارة سفير قطاع غزة المحكمة الجنائية مختطفة بین البلدین من خلال بین مصر

إقرأ أيضاً:

سفيرة الأناقة والتراث.. الدار العراقية للأزياء رحلة عبر التاريخ وهوية وطن

الدار التي أُسّست في عام 1970 لتكون نافذة تطل على عراقة الماضي وجمال الحاضر، من خلال تجسيد الأزياء الفلكلورية التي تحمل بين طياتها قصص الشعوب والحضارات المتعاقبة على أرض الرافدين، لم تقتصر مهمتها في بداياتها على استعراض هذا المخزون الثقافي الغني، بل كانت أيضا منصة لعرض أحدث صيحات الموضة المحلية والعالمية وإبراز إبداعات المصممين العراقيين.

لكن مسيرة هذه الدار العريقة لم تخلُ من التحديات؛ فبعد حرب الخليج الثانية عام 2003 عبثت يد الفوضى والنهب بمبناها، لتفقد بريقها مؤقتا، إلا أن إرادة البقاء والتجدد كانت أقوى، فقد أعيد إعمار الدار لتشهد فترة تحول أخرى، حين استضافت بين جدرانها وزارة الثقافة العراقية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"تحيا فلسطين" نصف قرن من نشيد مناهضة الحرب بالسويدlist 2 of 2“ماغما” نافذة على الفن العربي تجمع العالم في هانوفرend of list

وفي نهاية المطاف، عادت الدار إلى جذورها، واستعادت هويتها تحت مسمى جديد: "الدار العراقية للأزياء"، لتترسخ مكانتها كأحد أهم معالم التصميم في العاصمة بغداد.

الدار العراقية للأزياء لا تقتصر على إظهار التراث العراقي فحسب بل تتعدى ذلك لتسليط الضوء على الحضارة العراقية العريقة بأبعادها المختلفة (الجزيرة) حارس الهوية وذاكرة الأمة

فاضل البدراني، الوكيل الثقافي لوزارة الثقافة والسياحة والآثار والمدير العام للدار العراقية للأزياء، يؤكد الدور المحوري للمؤسسة في الحفاظ على الهوية الثقافية والحضارية للعراق.

ويصف البدراني، في حديث للجزيرة نت، الدار بأنها "ليست مجرد مؤسسة ثقافية، بل هي تجسيد حي لجغرافية العراق وحضاراته العريقة"، مضيفا "بمسؤولية راسخة في قلب العاصمة بغداد، تسعى الدار للحفاظ على الذوق العام وإحياء الموروث الشعبي والتراث الغني لبلادنا".

ويشير البدراني إلى الريادة الإقليمية للدار، مستشهدًا بشهادات خبراء أجانب زاروا الدار وشاهدوا عروضها، مؤكدًا أنها "لا تقلّ شأنًا عن دور الأزياء العريقة في فرنسا وإيطاليا بل تتفوق عليها من حيث التأثير والفاعلية وحضورها في مختلف الفعاليات".

إعلان

ويسترسل المدير العام في وصف جوهر الأزياء العراقية، قائلا إنها "ترتكز في جوهرها على الحضارات القديمة والتراث الأصيل، وتحمل في طياتها بعدًا ثقافيا عميقا، فهي تمثل هوية ثقافتنا وذاكرة أمتنا، والآثار التي تجسدها هذه الأزياء هي شواخص حية من تاريخنا العريق".

فاضل البدراني: الدار العراقية للأزياء تتفوق على دور الأزياء العريقة في فرنسا وإيطاليا من حيث التأثير والفاعلية وحضورها في مختلف الفعاليات (الجزيرة) عقود من الحفاظ على التراث وإبراز الثقافة

يستعرض البدراني تاريخ الدار وإنجازاتها منذ تأسيسها وبدء نشاطها الفعلي، مؤكدًا أنها "حافظت على الهوية الأثرية والتراثية والحضارية لبلدنا على مدى عقود، وأسهمت في صون الذوق العام وقدمت إسهامات جليلة في إبراز الثقافة العراقية في المحافل الدولية والمحلية".

وبخصوص التحديات التي تواجه المؤسسة، يعترف البدراني بأن "التحديات المالية هي من أبرز الصعوبات التي تواجهنا، وهذا أمر طبيعي في معظم دول العالم. ولكن العراق مر بظروف استثنائية، خاصة بعد عام 2003 والاحتلال الأميركي، مما أثر بشكل كبير على المشهد الثقافي ومن ضمنه نشاطات الدار".

ومع ذلك، يشدد على أن "الدار العراقية للأزياء لم تتوقف قط عن أداء رسالتها الثقافية والحضارية".

وأكد استمرار فعاليات الدار، موضحًا أن "قسم العروض لدينا يقدم فعاليات متنوعة تستحضر عراقة الحضارات السومرية والأكدية والبابلية والآشورية وحضارة الحضر في نينوى، بالإضافة إلى إحياء التراث العباسي وفترات النهضة التي شهدها العراق".

كما يشير إلى دور الأقسام الأخرى في الدار، مثل قسم الإنتاج الفني الذي ينتج "البدلات الحضارية والتراثية بأبهى صورها"، وقاعة الجوري التي تحتضن فعاليات متنوعة ومسرحًا كبيرًا، وقاعة الواسطي التي تستضيف معارض الفنون التشكيلية.

وأشار البدراني إلى فخر الدار بوجود "متحف فريد من نوعه هو متحف العروض، حيث يمكن للزائر أن يتجول بين معروضاته كأنه يعيش في كنف الحضارات السومرية والأكدية والبابلية والآشورية والحضرية، بالإضافة إلى استعراضه لكافة الحقب الزمنية التي مر بها العراق، موثقًا بذلك تاريخنا القديم والحديث والمعاصر حتى يومنا هذا".

الأزياء العراقية ترتكز في جوهرها على الحضارات القديمة والتراث الأصيل (الجزيرة) سفير العراق الثقافي والتراثي

من جانبه، يبين خضر حماد، معاون المدير العام للدار العراقية للأزياء، الدور الحيوي للمؤسسة في صون التراث العراقي العريق وإبرازه على المستويين المحلي والدولي.

ويقول حماد للجزيرة نت إن "الدار العراقية للأزياء تعد من أهم المؤسسات التي تعمل بدأب على حفظ الحقب التاريخية المنصرمة للعراق، وذلك من خلال عروض الأزياء المتميزة التي تقدمها داخل البلاد وخارجها".

وأضاف أن هذه العروض "تجسد جمالية المراحل الزمنية المختلفة التي مر بها عراقنا الحبيب، عبر أزياء تحاكي الذوق العام وتلبي شغف المتذوقين للتراث والتاريخ".

إعلان

وأوضح أن عمل الدار "لا يقتصر على إظهار التراث العراقي فحسب، بل يتعدى ذلك إلى تسليط الضوء على الحضارة العراقية العريقة بأبعادها المختلفة، حيث إنها بحق مؤسسة بالغة الأهمية في الحفاظ على استمرارية إبراز هذه الحقب التاريخية والأثرية والتراثية المتنوعة لكل أطياف الشعب العراقي".

ويصف حماد الدار العراقية للأزياء بأنها "السفير الثقافي والتراثي للعراق"، مؤكدًا أن "تجسيد هذه الحقب التاريخية في عروض الأزياء التي تقدم خارج البلاد" يهدف إلى "تعريف شعوب العالم بتاريخ العراق وتراثه الغني، لتكون الأزياء نافذتنا الرئيسية نحو العالم، وجاذبًا أوليا للسياح الراغبين في استكشاف هذا التراث والتاريخ على أرض الواقع".

وأشار حماد إلى السجل الحافل بمشاركات الدار داخل العراق وخارجه، في دول أوروبية وعربية مثل الجزائر وتونس والإمارات وإيران، بالإضافة إلى إسبانيا وإيطاليا وغيرها، مثنيا على الكفاءات التي رفدت الدار عبر تاريخها، مؤكدًا أن "الدار تزهو اليوم بخبراء في التصميم والخياطة والتطريز يتمتعون بكفاءة عالية وخبرة طويلة في هذا المجال".

من التحديات التي تواجه الدار العراقية للأزياء قلة عدد الفنيين المتخصصين (الجزيرة) لمسة يدوية تحيي الأصالة

هدى سلمان داود، مديرة القسم الفني في الدار العراقية للأزياء، تسلط الضوء على "الجهود الدقيقة والمتقنة التي يبذلها القسم في إنتاج قطع فريدة مستوحاة من التراث والحضارة والفلكلور العراقي الأصيل".

وتوضح خلال حديثها للجزيرة نت أن "حوالي 90% من مراحل الإنتاج تتم يدويا، بدءًا بالتصميم وصولًا إلى التنفيذ النهائي، وهذا يجعل منتجاتنا ذات قيمة فنية وحرفية عالية لا يمكن مقارنتها بالقطع ذات الإنتاج السريع".

لكن هدى تشير إلى تحدّ يواجه القسم الفني، وهو "قلة عدد الفنيين المتخصصين لدينا"، معربة عن أملها في "توجه فئة من الشباب نحو العمل اليدوي والحرف الأصيلة التي نعتمد عليها في الدار، مثل التطريز اليدوي والآلي وغيرها من الأعمال التي تتطلب مهارات وخبرات متخصصة".

إعلان

كما تطرقت إلى الحاجة إلى "الناحية المادية والدعم المعنوي اللازم لتطوير عمل الدار وتعزيز قدراتها الإنتاجية والفنية".

علاء جعفر: الأزياء المعروضة في الدار العراقية للأزياء لا تضاهي الموجود في الأسواق بل أرى أنها تتفوق على الأزياء المستوردة بكثير (الجزيرة) إعجاب فنان ونداء للدعم

الفنان التشكيلي علاء جعفر الذي زار الدار أعرب عن "إعجابه العميق بما شاهده من معروضات الأزياء التاريخية والفلكلورية"، مؤكدًا "عراقة المؤسسة وقدرتها التنافسية العالية".

وقال جعفر للجزيرة نت "لقد لمست اليوم خلال زيارتي للدار العراقية للأزياء أن هذه المؤسسة عريقة بحق، وأن الأزياء المعروضة فيها لا تضاهي الموجود في الأسواق، بل أرى أنها تتفوق على الأزياء المستوردة بكثير، فالقطع المصنوعة هنا تتميز بصناعة يدوية دقيقة جدا وتستغرق وقتًا طويلًا في إنجازها".

ويرى جعفر أن "الدار العراقية للأزياء تستحق دعمًا حكوميا كبيرًا، فهي مؤسسة عريقة أُسست منذ أكثر من 50 عامًا"، مقترحًا "دعمًا ماديا فاعلا، بالإضافة إلى تطوير الكوادر العاملة فيها من خلال إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في دورات تدريبية متخصصة خارج العراق، واستقطاب خبراء عالميين على مستوى عالٍ لتدريب هذه الكوادر وتبادل الخبرات".

مقالات مشابهة

  • ذبابة حلزونية تصيب ماشية المكسيك وتمنع تصديرها للولايات المتحدة
  • بعد الأهلي ومصر.. بنك الإمارات دبي الوطني يخفض أسعار الفائدة على الشهادات بنسبة 2%
  • وزير الصناعة يستقبل سفيرة الهند بالجزائر
  • محافظ الأحساء يستقبل سفيرة النرويج لدى المملكة
  • هنا الزاهد سفيرة الشرق الأوسط لـ ماركة عالمية
  • «اللواء سمير فرج»: غزة ستشهد مجاعة لم تحدث في التاريخ.. ومصر تضغط لإدخال المساعدات
  • سفيرة الأناقة والتراث.. الدار العراقية للأزياء رحلة عبر التاريخ وهوية وطن
  • وزير المالية: «حالة حوار» ممتدة مع مجتمع الأعمال حول أولويات الإصلاح الضريبى بلورة رؤية توافقية مشتركة من خلال جلسات الاستماع الضريبى
  • المركزي الفلسطيني يقرر إطلاق حوار جامع ويرسم حدوده
  • سفيرة الجامعة العربية أمام جثمان البابا فرانسيس: «تأثرت بشدة وذكرت اللحظة التي تحدثت فيها عن معاناة الفلسطينيين»