يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ تقرير خاص
دخلت الحرب في اليمن مرحلة أخرى من الخيبة، ويبدو معها بأن فرص السلام قد تضاءلت كثيرا، وغاب معها الحديث عن خارطة الطريق الأممية بخاصة مع تصعيد مليشيات الحوثي ضد السفن، لكنها عادت خلال الأيام الماضية وبشكل خجول، برغم استمرار التوتر والتصعيد.
مؤخرا، بدأ المبعوث الأممي الى اليمن هانس غروندبرغ بالتحرك مجددا من أجل السلام في اليمن، وقد التقي في 16 مارس/آذار مع مسؤولين أمريكيين في الولايات المتحدة، لبحث سبل التدم نحو استئناف عملية سياسية جامعة في اليمن، وذلك عقب يومين من تقديمه إحاطته أمام مجلس الأمن، التي أكد فيها أن الوساطة في البلاد أصبحت أكثر تعقيدا، كما ناقش ذات الملف -أيضا- مع سفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر.

أعقبها لقاء وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، مع رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك، الذين ناقشا مساعي استكمال تنفيذ خارطة الطريق التي هي برعاية أممية.
يقابل ذلك، تصعيد تقوم به مليشيا الحوثي في بعض المحافظات اليمنية، آخرها مأرب التي سقط فيها صاروخ باليستي، وكذلك استمرار الجماعة باستهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وإجراءات اقتصادية قامت بها فيما يخص إيقافها التعامل مع بعض شركات الصرافة التي تعمل في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.

الهروب من الاتهام بالعرقلة / مصالح من وراء السلام
أمام كل تلك التطورات، والجهود المستمرة لإحياء خارطة الطريق التي تدعمها أيضا الرياض، وكذلك إعادة واشنطن تصنيف المليشيات كمنظمة إرهابية، يعتقد المحلل السياسي وأستاذ إدارة الأزمات والصراعات الدكتور نبيل الشرجبي أن الآمال تظل قائمة في إمكانية استئناف العودة للعملية التفاوضية، وذلك حتى لايُتهم أي طرف بأنه المعرقل لتسوية الأزمة.
إضافة إلى ذلك، فإن أطراف الصراع في اليمن وحلفاءهم في الخارج، يسعون لذلك للتسوية لأسباب داخلية، فضلا عن أن السعودية تريد أن تنهي الحرب بأي ثمن وقد تحمله الشرعية، وفقا للشرجبي الذي تحدث لـ”يمن مونيتور”، محذرا من خطورة ما تقوم به الرياض كونها ستكتوي بنار ذلك الحل.
ويرى الشرجبي أن إيران تسعى لإنجاح المفاوضات، لأن مليشيات الحوثي في أفضل وضع، ويمكنهم من تحقيق قضايا لم يتمكنوا من تحقيقها سابقا.

استبعاد الحل
وفي ظل التطورات والمستجدات الراهنة في الساحة اليمنية، خصوصا عسكرة المليشيا الحوثية للبحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، وشن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ضربات جوية وصاروخية على مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، بذريعة تقليص خطرها وقدراتها على تهديد الملاحة الدولية، يفيد المحلل السياسي عبدالواسع الفاتكي، أنه بات الحديث عن إمكانية العودة لخارطة الطريق الأممية لإنهاء الحرب في اليمن مجرد أماني وأحلام، على الأقل في هذه الفترة التي تشهد تصاعدا ملحوظا في ازدياد وتيرة الأعمال العسكرية في خطوط الملاحة الدولية، وردة الفعل العسكري الأمريكي البريطاني وتشكيل ما سمي بـ “تحالف حارس الازدهار”.
ويقول الفاتكي لـ”يمن مونيتور” إنه لا يوجد مؤشرات تجعلنا نتفاءل بإنهاء الحرب عبر الحوار والمفاوضات، أو عبر ما يروج له المجتمع الدولي من حلول سياسية، خاصة مع تعنت مليشيا الحوثي وتجنيدها المستمر لآلاف المقاتلين، واستمرار عملياتها العسكرية في أكثر من محافظة، سيما في تعز ومأرب.
ولذلك فهو يرجح أن تعود الحرب أكثر ضراوة، مما سينجم عنها تفاقم تردي الأوضاع الإنسانية، وازدياد الضحايا من المدنيين، وتقويض الهدنة الهشة التي يتفاخر المبعوث الأممي لليمن، ويعتبرها بأنها أهم ما أحرزه في الملف اليمني منذ تعيينه.
حلول أخيرة
ويتوقع في حال عادت الأطراف للتفاوض، أن طرف الحوثي سوف يكون أكثر تشددا وإصرارا على تلبية شروطه، بخاصة أنه أصبح يجابه أمريكا تحت غطاء نصرته لغزة، وهو ما أعطاه قوة في الساحة الداخلية والخارجية، كما أنه سوف يكون محررا من أي ضغوط دولية.
ويشير المحلل الشرجبي إلى أن هناك إمكانية أكبر من قبل الحوثيين على استخدام القوة العسكرية، لحلحلة الحل، كقيامها بالسيطرة على أهم معقلين للشرعية، وهما مأرب وتعز، وهو ما سيؤهل المليشيا لفرض كامل رؤيتها.
لكنه يعود ليؤكد أن المسار السياسي سيظل في المرحلة القادمة، خاصة إذا ما تم ربط ملفات الصراع في المنطقة بانتهاء العدوان على غزة، في الوقت ذاته تظل معضلة توصيف الحالة السعودية من هذه الحرب بالنسبة للحوثيين هي العقبة المتبقية لإبرام صفقة الحل، حسب الشرجبي.
ومن وجهة نظر المحلل السياسي الفاتكي، فإن إصرار مليشيات الحوثي على استخدام القوة العسكرية، والاستمرار في الحرب لتنفيذ أجندتها الطائفية والسياسية، فالمخرج الوحيد والآمن لخروج اليمن من هذه الأزمة هو تطبيق وتنفيذ المجتمع الدولي قراره ٢٢١٦، ودعمه السلطة الشرعية لبسط سلطاتها الكاملة غير المنقوصة على كامل التراب الوطني، واحتكارها للقوة وحل مليشيا الحوثي وتسليمها الأسلحة لمؤسسات الدولة، وعملها في إطار حزب خاص بها لممارسة العمل السياسي، وفقا للدستور والقانون اليمني، والدخول في مرحلة انتقالية يجبر فيها الضحايا، ويقدم فيها مجرمو الحرب للعدالة، ويتم فيها التهيئة لانتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية، وفقا للدستور الاتحادي اليمني، بعد الاستفتاء عليه، ووفقا لمخرجات الحوار الوطني.
يُذكر أن خارطة الطريق التي بدأ الحديث عنها ديسمبر/كانون الأول الماضي، تضمنت بنودا عدة، أبرزها التزام الأطراف بتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى اليمن، للإعداد لاحقا لعملية سياسية برعاية أممية، وشملت كذلك دفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة. إلا أنه لم يتم حتى الآن إحراز أي تقدم في أي بند.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الحوثي اليمن هانس غروندبرغ خارطة الطریق فی الیمن

إقرأ أيضاً:

جمعة رجب.. ذكرى الدمار والمؤامرة التي هزّت اليمن والعالم

تحلّ علينا ذكرى جمعة رجب، التي ارتبطت بأحد أكثر الأحداث دموية في تاريخ اليمن الحديث، تفجير جامع الرئاسة في 3 يونيو 2011. هذا الحادث الذي هزّ وجدان اليمنيين استهدف الرئيس اليمني الأسبق الزعيم علي عبدالله صالح وكبار قيادات الدولة أثناء أدائهم صلاة الجمعة، في جريمة وصفها العالم حينها بأنها عمل إرهابي استهدف استقرار الدولة وأمنها.

في يوم التفجير، تحوّل جامع الرئاسة إلى مسرح للدماء والألم، حيث أودى الانفجار بحياة العديد من المصلين من كبار قيادات الدولة على رأسهم الدكتور عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى، وإصابة أكثر من 200 مدني وعسكري على رأسهم الزعيم علي عبدالله صالح تعرض لجروح بليغة، لكنه نجا بأعجوبة، مما أثار تساؤلات حول الجهات التي وقفت خلف هذه الجريمة.

وأشارت أصابع الاتهام إلى تنظيمات متشددة، وتكشّفت لاحقًا معطيات خطيرة تُظهر أن جماعة الإخوان المسلمين في اليمن ومليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً وبعض القوى السياسية المتحالفة معها قد لعبت دوراً بارزاً في التخطيط والتنفيذ، في محاولة لإضعاف القيادة الشرعية وإحداث فراغ سياسي يخدم أجندتها، ويسهل لها تنفيذ انقلاب.

في سياق الأحداث اللاحقة، أطلقت مليشيا الحوثي عقب سيطرتها على السلطة إثر انقلابها في سبتمبر 2014، سراح مجموعة من المساجين على ذمة قضية جريمة التفجير، وذلك ضمن صفقة تبادل أسرى مع حزب الإصلاح في محافظة مأرب. هذه الصفقة أثارت الكثير من التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الحوثيين والإصلاح، وسط اتهامات بالتخادم السياسي والعسكري بين الجانبين.

وفي أكتوبر 2019، تمت صفقة تبادل الأسرى في محافظة الجوف المحاذية لمحافظة مأرب شرقي صنعاء، بوساطة قبلية في أجواء سرية حيث أفرجت المليشيا الحوثية عن خمسة من الضالعين في جريمة التفجير مقابل إطلاق حزب الإصلاح أربعة عشر أسيرا حوثيا من بينهم قيادات بارزة في المليشيا.

تحالفات مبطنة

هذه الصفقة لم تكن مجرد إفراج عن أسرى، بل كانت إشارة واضحة إلى التحالفات المبطنة التي استغلت الأزمة السياسية في اليمن لتحقيق مكاسب على حساب الشعب وأمنه. فقد بدا أن التخادم بين الطرفين يسعى لتقاسم النفوذ في ظل الفوضى التي عمّت البلاد.

جمعة رجب ليست مجرد ذكرى أليمة، بل تذكير صارخ بالمؤامرات التي طالت اليمن ومؤسساته القيادية. هذا اليوم المشؤوم يمثل بداية فصل من الصراع المعقد الذي لا يزال اليمن يعاني من تبعاته حتى اليوم، ويؤكد الحاجة إلى تحقيق شفاف يكشف الحقائق ويعيد للضحايا حقوقهم.

ويجمع الكثير من المراقبين، على أن الفلتان الأمني والانقسامات التي تشهدها البلاد وتنوع التشكيلات العسكرية جاء مخاض عملية التفجير الإجرامية التي دأبت الجماعات المتطرفة والعميلة لقوى خارجة على تنفيذ أجندة دولية، دون أدنى حسابات وطنية.

وأشارت إلى أن الزعيم علي عبدالله صالح حذر مراراً من مغبة الفوضى التي خططت لها القوى الدولية واستخدمت لها أذرعها العميلة في الداخل، غير أن العمالة التي تشربتها هذه الجماعات أعمت بصيرتها واستمرت بتسويق الشعارات الزائفة للشعب اليمني حتى قصت على معظم مقدراته ومنجزاته، ليصبح اليوم فاقداً لأبسط حقوقه وهي الرواتب والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والكهرباء والطرقات... وغيرها.

ورغم المؤامرات الخارجية والداخلية، لم يتخلَ الزعيم علي عبدالله صالح عن شعبه ووطنه، وبقي وفياً مخلصاً له، ومدافعاً عن حقوقه في وجه الجماعات الدينية والطائفية حتى ارتقى شهيداً في الرابع من ديسمبر 2017، بعد أن قاد انتفاضة شعبية ضد مليشيا الحوثي الإرهابية دفاعاً عن الثورة والجمهورية ومنجزاتها وحقوق الشعب المنهوبة من عصابة سلالية استولت على السلطة والثروة في سبتمبر 2014، وادعت الحق الإلهي في كل ذلك.

مقالات مشابهة

  • العائلات المالكة الأوروبية التي أنفقت أكثر على الملابس في 2024
  • بالفيديو.. “مُثقف” سعودي يطرب أحد أصدقائه بأغنية سودانية نادرة ويحكي قصة صاحبتها الفنانة الحسناء التي ولدت في العام 1920 وتغزل فيها شاعر الحقيبة بأغنية شهيرة وينشر صورة لها
  • محمد الحوثي: خيارات شعبنا وقواته وقبائله مفتوحة تجاه المؤامرات ضد اليمن
  • في عام 2025.. ما الدول الخمس التي يفضّل الأمريكيون الإقامة فيها؟
  • استراتيجية من 3 مراحل للإطاحة بمليشيا الحوثي في اليمن
  • عادل الباز: الحل السياسي أولاً!
  • جمعة رجب.. ذكرى الدمار والمؤامرة التي هزّت اليمن والعالم
  • العرابي: السودانيون يثقون في مساعي مصر لوقف الحرب ومساعدتهم بالحل السياسي
  • بعد حماس وحزب الله.. إسرائيل تعلن رسمياً أهدافها من قيادات الحوثي في اليمن
  • إسماعيل: المشهد السياسي الليبي يتجه نحو التوافق