نيويورك تايمز: في غزة.. مقبرة كبرى و”حصيلة ظل” أخرى ولكن تحت الأنقاض
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
#سواليف
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعدته فيفيان يي وإياد أبو حويلة وأبو بكر بشير وأميرة حارودة، قالوا فيه إن #غزة التي لا تزيد مساحتها عن 140 ميلا، تحولت إلى #مقبرة خشنة، وفي كل مبنى أو بناية هناك بشر #مدفونون تحتها.
وأشار الكتاب إلى الفيديوهات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي عن شاب يبحث في أنقاض بيت صديقه، ويمسك بهاتفه بين يديه المرتجفتين لكن بدون جواب، ويقول: “يا ربي، أحمد… يا ربي”.
وفي شريط آخر، يزحف والد فوق جبل من الكتل الخرسانية الرمادية، وينادي أطفاله: “لا أسمعكم حبايبي”، ويبدأ في الفيديو الذي تأكدت الصحيفة من صحته، بمحاولة ثانية وينادي “سلمى” ويصرخ وهو يضرب بيده المغبرة “ألم أقل لك أن تعتني بأختك”.
مقالات ذات صلة هل ستطرد الصين الدولار الأمريكي من الشرق الأوسط؟ 2024/03/24وفي فيديو آخر، رجل يبحث في #الركام عن زوجته وأولاده، رهف (6 أعوام) وعبود (4 أعوام) قبل أن يقول: “ماذا فعلت لتستحق هذا؟”.
وتقول الصحيفة إن آخر رقم قدمته وزارة الصحة الفلسطينية في غزة عن #المفقودين كان 7,000 شخص، إلا أن الرقم لم يحدّث منذ تشرين الثاني/ نوفمبر. وتقول الوزارة ومسؤولو #الإغاثة، إن أعدادا أخرى أضيفت إلى الرقم في الأسابيع والأشهر التي تلت.
وتم دفن البعض بسرعة بدون تسجيل أسمائهم في عداد الموتى، فيما تُركت الجثث الأخرى لتتحلل في العراء، نظرا لعدم الوصول إليها بسبب خطورة الأوضاع. وهناك من اختفوا وسط الفوضى والقتال والاعتقال الإسرائيلي. أما البقية، فيُحتمل أنهم لا يزالون عالقين تحت الأنقاض.
وتضاعفت أكوام الأنقاض منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر. فبعد كل غارة جوية، يتجمع المسعفون أو من يُعتقد أنهم مسعفون، وهم أفراد في الدفاع المدني وأفراد العائلة والجيران حيث يحاولون الحفر وسط حطام البيوت والبنايات. إلا أن الآمال تتلاشى بسرعة، ويُعثرون على الأشخاص الذين يبحثون عنهم في الأنقاض بعد أيام وأسابيع أو بعد أشهر.
ويشكل المدفونون تحت الأنقاض حصيلة ظل في غزة، ونجمة رمادية في أرقام وزارة الصحة التي سجلت الحصيلة بأكثر من 31,000 ألف شهيد، ويظلون جرحا مفتوحا لعائلاتهم التي تنتظر معجزة للعثور عليهم. وقد قبلت معظم العائلات بأن المفقودين هم ميتون، ومن غير الواضح إن كانت التقديرات الخاصة عن المفقودين تنعكس في الأرقام الرسمية.
ومن الصعوبة بمكان البحث عن جثث في الحطام وسط القصف المتواصل وتبادل إطلاق النار والغارات الجوية. وفي بعض الأحيان، تكون عملية البحث صعبة نظرا للمسافة البعيدة التي تفصل أفراد العائلة الذين غادروا بحثا عن أماكن آمنة. وتظهر الصور التي جاءت من غزة، رغبة العائلات في استعادة الموتى يوما ما، فقد كتب على بناية مدمرة: “عمر الرياتي وأسامة بدوي تحت الأنقاض”.
وقال سالم قاسم، الذي فرّ من بيت حانون نحو جباليا: “عائلتي تحت الأنقاض منذ أربعين يوما ولا نستطيع الوصول إليهم”. وقال إنه سارع نحو بيت حانون ليكتشف أن بيت والده المكون من ثلاثة طوابق دمر تماما. ولم يستطع العثور على والده ولا زوجة والده وأخواته وأخيه.
وحاول سالم الحفر لكنه توقف بعد تعرض الحي لقصف جديد، وحتى لو استطاع تجنب الجيش الإسرائيلي الموجود في المنطقة، فلن “يعثر على جثث ولكن رماد” كما قال.
وعندما تنهار البنايات المتعددة الطوابق، فمن الصعب تمشيط تلة الأنقاض بدون آليات ثقيلة، وهي غير متوفرة في العادة. وتعاني غزة منذ سيطرة حماس على الحكم في 2007، من حصار شامل فرضته إسرائيل ومصر، ويُحظر دخول المعدات الثقيلة المستخدمة في عمليات الإنقاذ بعد الكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو الدمار الشامل.
ويقول أحمد أبو شهاب، من الدفاع المدني، إنه لا يعرف إلا عن آليتين متوفرتين للحفر. وفي غياب المعدات الثقيلة، يعتمد عمال الإنقاذ على المجارف والمثقاب وأيديهم، وهي مهمة قاتمة وطويلة يقوم بها رجال غاضبون أو فاقدون لعائلاتهم بدون طعام أو شراب أو فرصة للراحة.
وقال أبو شهاب إنه استخدم وفريقه في الخريف جرافات وحفارات لإخراج العشرات من بناية متعددة الطوابق دمرها القصف، وكانت عملية طويلة ولم يصلوا إلى العالقين في الأنقاض إلا بعد 48 ساعة، وكانوا كلهم قد فارقوا الحياة. وقال أحمد إسماعيل (30 عاما) من مخيم النصيرات، إن غارة جوية دمرت في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر بناية متعددة الطوابق، ولم تستطع الجرافات الوصول إلى المكان بسبب ضخامة الركام وصعوبة الطريق. ولم تنج سوى عائلتين في البناية المحاذية، فيما قتل العشرات بمن فيهم أطفال.
وقال إسماعيل الذي يعمل ممرضا إن قريبته كانت من بين القتلى. وفرّت العائلة الممتدة من حي الشيخ رضوان، ولكنها قررت أن توزع نفسها على عدة أماكن، حسب قول إسماعيل. واستطاع المنقذون إخراج بعض الجثث من الطابق الثاني عبر الحفر بأيديهم، إلا أن قريبة إسماعيل، سلوى وأحد أولادها وشقيقها محمد لا يزالون تحت الأنقاض، إضافة لخمسة أفراد من العائلة التي استضافتهم.
ولم تساعد الجرافة، فبعد أن نظفت الشارع أخبر السابق المنقذين أن الوقود قد نفد. ولم يعد الاتصال برقم 101 للطوارئ مجديا، لأن شبكات الاتصال ضعيفة ومتقطعة وغير عاملة. وبدلا من ذلك، خاطر العديد من الناس بحياتهم وذهبوا بأنفسهم إلى الدفاع المدني طلبا للمساعدة. وحتى لو وصلوا، فإن نقص الوقود واستمرار القتال يعني أن سيارات الإسعاف والدفاع المدني لن تكون قادرة على التحرك في غزة.
كما أن احتلال إسرائيل لشمال القطاع ومدينة غزة، منع سيارات الإسعاف من الوصول إلى هناك، ولا يمكن عمل شيء للرد على مكالمات 101 من تلك المناطق. وقالت المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، نبال فرسخ: “للأسف، نشعر بالعجز لأننا لا نستطيع الوصول إلى تلك المناطق” و”لا يزال آلاف الأشخاص عالقين تحت الأنقاض، وقد ماتوا الآن بسبب طول المدة”.
وكانت نيفين المدهون (40 عاما) في مدينة رفح عندما علمت أن غارة إسرائيلية ضربت بناية كان فيها شقيقها مجد وعائلته في الشمال. وشعرت بدافعية للذهاب والبحث في الأنقاض مستخدمة يديها، لكنها لم تستطع لأن الجيش الإسرائيلي عزل الشمال عن الجنوب. وذهب أقارب آخرون للبحث حيث ناشدتهم للعثور ولو على ناج واحد. وكانت العملية طويلة حيث عثر على سوار (14 عاما) لاعبة كرة السلة والتي كانت تحلم بأن تصبح مدربة. وتقول: “عندما علمت أنهم ماتوا بدأت بالبكاء والصياح، لكن لا أحد يسمعك في مكان غريب” و”لكن عندما قالوا إنهم أخرجوهم شعرت ببعض الراحة لأن الكثيرين لم يُنتشلوا”. ودفنوا جميعا في مقبرة العائلة ببيت لاهيا، وتأمل بزيارتهم يوما ما.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف غزة مقبرة الركام المفقودين الإغاثة تحت الأنقاض فی غزة
إقرأ أيضاً:
فاينانشيال تايمز: تخوفات من تصاعد خطر أنفلونزا الطيور.. طفرات مقلقة وإصابات نادرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
خلال الأعوام الماضية اجتاحت موجات من أنفلونزا الطيور مناطق متفرقة من العالم، أدت إلى إعدام مئات الملايين من الدواجن، وإصابة عشرات الأنواع من الثدييات، بما فيها الأبقار الأمريكية، التى شهدت نفوقًا جماعيًا بلغ ١٣٠ مليون طائر ودواجن، مع إصابة ٩١٧ قطيعًا من أبقار إنتاج الألبان.
وتشهد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، تصاعدًا فى حالات القلق إزاء تطورات فيروس أنفلونزا الطيور، وسط تفشى غير مسبوق لسلالتى "إتش٥ إن١" (H٥N١) الأكثر شيوعًا، و"إتش٥ إن٩" (H٥N٩) النادرة، مع تسجيل إصابات بشرية وحيوانية وحالات وفاة أثارت مخاوف من تحولات جينية قد تعزز خطورة الفيروس.
وعلى الرغم من الدروس القاسية التى خلّفتها جائحة كورونا "كوفيد-١٩"، يجمع خبراء صحة دوليون، على أن العالم ما زال يعانى ثغرات خطيرة فى استعداده لمواجهة أوبئة مستقبلية، رغم تحسن بعض الآليات الوقائية.
وأعرب علماء الفيروسات عن قلقهم من احتمال حدوث "إعادة تجميع جيني" بين سلالة "إتش٥ إن١" وفيروس إنفلونزا بشرى أو حيوانى آخر، ما قد ينتج فيروسًا هجينا قادرا على الانتشار بين البشر، خاصة مع توازى تفشى أنفلونزا الطيور مع موسم الإنفلونزا الشتوي، الذى شهد وفقًا لـ"CDC" ما بين ١٢ إلى ٢٢ مليون إصابة خلال الفترة من أكتوبر ٢٠٢٣ إلى يناير ٢٠٢٤.
ففى الولايات المتحدة، أعلنت السلطات عن تفشٍ أول لسلالة "إتش٥ إن٩" بين الدواجن بمزرعة بطّ فى كاليفورنيا، بالتزامن مع رصد أول وفاة بشرية بسبب سلالة "إتش٥ إن١".
وتكافح واشنطن موجة انتشار غير معتادة للفيروس بين الدواجن والأبقار، مع تسجيل إصابات لحوالى ٧٠ مزارعًا ممن يتعاملون مباشرة مع الحيوانات.
وتعززت المخاوف مع نشر تقرير علمى أمريكى يشير إلى حدوث طفرات فى فيروس "إتش٥ إن١" تزيد من قدرته على استهداف أنسجة الدماغ عند إصابة البشر، مما يرفع احتمالات تفاقم الأعراض ويهدد بتحوله إلى تهديد صحى أكبر.
على الجانب الآخر كشفت "وكالة الأمن الصحى البريطانية" (UKHSA) عن تسجيل حالة وفاة لشخص مصاب بفيروس "إتش٥ إن١"، فى سابقة هى الأولى من نوعها بالمملكة المتحدة خلال السنوات الأخيرة.
وأوضحت الوكالة أن الضحية كان على احتكاك مباشر بالدواجن، مؤكدةً ندرة انتقال الفيروس إلى البشر، وأن البلاد سجلت تاريخيًا حالات محدودة جدًا للإصابة به.
فى ظل تصاعد حالات الإصابة بفيروس "إتش٥ إن١" بين البشر والحيوانات، دعا خبراء صحة الولايات المتحدة إلى تعزيز إجراءات المراقبة والاحتواء للحد من تحوّرات فيروس أنفلونزا الطيور، الذى ينذر بتحوله إلى تهديد وبائى عالمي، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وأكد علماء فى مجال الأوبئة ضرورة تكثيف تطعيم العاملين فى المزارع الأمريكية، وتبنى إجراءات أكثر صرامة للحد من انتشار الفيروس بين الحيوانات الزراعية، خاصة مع استمرار تفشى سلالة "إتش٥ إن١" بين الأبقار الحلوب والدواجن عبر ولايات متعددة.
وحذر البروفيسور جيمس وود، خبير الأمراض المعدية بجامعة كامبريدج، من السماح بـ"مستوى انتقال مرتفع للفيروس بين الأبقار"، مشيرًا إلى أن ذلك يشكل "تهديدًا جسيمًا للصحة العامة العالمية".
وأضاف فى تصريح للصحيفة: "فرض قيود على حركة الماشية سيقلل تعرض البشر للفيروس، وهو إجراء متوقع من جميع الدول".
أشارت التقارير الصحية إلى أن الفيروسات التى تنتقل من الحيوانات إلى البشر خارج الإطار المعتاد تعد مصدر قلق بالغ، نظرا لافتقاد المناعة الجماعية ضدها، وهو ما يذكر بالأزمة العالمية التى فجرها وباء (كوفيد-١٩).
من جانبها، نبهت "المنظمة العالمية لصحة الحيوان" إلى تلقيها تقارير من الولايات المتحدة تؤكد تفشى سلالتى "إتش٥ إن١" و"إتش٥ إن٩" فى كاليفورنيا، ما دفع السلطات لإعدام نحو ١١٩ ألف طائر منذ أواخر ٢٠٢٤.
كما تسببت السلالات الفيروسية، فى وفاة مزارع من ولاية لويزيانا الأمريكية.
وصفت "فاينانشيال تايمز" التفشى الحالى بأنه "اختبار مبكر" لإدارة الرئيس دونالد ترامب، التى بدأت وفقًا للتقرير فى تقليص التزاماتها تجاه المبادرات العالمية لمكافحة الأوبئة فى وقت تواجه فيه الولايات المتحدة موجة تفشٍ غير مسبوقة لأنفلونزا الطيور تجاوزت ٩ أشهر، مع تسجيل ٦٧ إصابة بشرية وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض "CDC" معظمهم من عمال المزارع، إضافة إلى أول حالة وفاة بشرية هذا الشهر.
وكشفت "فاينانشيال تايمز" عن تعقيدات تواجه الاستجابة الأمريكية بسبب "توقف مؤقت" فرضته إدارة ترامب على الاتصالات العامة غير الطارئة، بما فى ذلك تحديثات الصحة العامة، بهدف "إعداد آلية للمراجعة وتحديد الأولويات".
أشارت الصحيفة إلى أن الشركات الرائدة فى تصنيع لقاحات إنفلونزا الطيور"سى إس إل سيكيروس" و"سانوفي" و"جلاكسو سميث كلاين" تعد فى وضع يسمح بالاستجابة السريعة حال تحول التفشى إلى جائحة، خاصة بعد اتفاقية بقيمة ٧٢ مليون دولار مع الحكومة الأمريكية فى أكتوبر الماضى لضمان توزيع الجرعات.
خصصت واشنطن ٥٩٠ مليون دولار لشركة "موديرنا" لتطوير لقاح باستخدام تقنية mRNA – الشبيهة بلقاح كوفيد – بينما لجأت فنلندا إلى تطعيم عمال المزارع بلقاح "سيكيروس"، وسط دراسة مستقلة لفاعليته.
رغم التهديدات، تطمئن المنظمات الصحية إلى ضآلة خطر الانتشار البشرى المباشر حتى الآن، لكنها تشدد على ضرورة اليقظة فى ظل تحورات الفيروس غير المتوقعة، والتى قد تعيد العالم إلى كابوس جائحة جديدة.
من جانبها دعت منظمات "الصحة العالمية" و "الفاو" و "صحة الحيوان" الحكومات إلى تعزيز الاختبارات والتسلسل الجينى وتبادل البيانات، وتحسين الإجراءات الأمنية فى المزارع، وحماية المخالطين للحيوانات المصابة.
وأكدت ماريا فان كيرخوف، مسئولة الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية، على ضرورة "بذل جهود أكبر لوقف الانتشار بين الحيوانات والبشر".