عربي21:
2025-02-02@20:27:13 GMT

إسلام الخلاط وسوء الطالع.. تأملات في النحس العربي (2-2)

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

في عالم القمار والمقامرين تتم المراهنات المعروفة عادة وبخاصة في سباق الخيل بترجيح فوز فرس على بقية الخيول، والقوانين الضابطة لهذا الموضوع لا تقوم على حسابات دقيقة، وإنما تقوم على استعراض سيرة الحصان في السباقات الماضية، ومن ثم فالحدس والتخمين والاحتمالات هي المرجح الأول لفوز الحصان المختار في هذا النوع من المقامرة.



ومن سوء الطالع أن يتجه الحدس والتخمين في كل مرة إلى المراهنة على الحصان الخاسر، ويترتب على ذلك خسارة المال بيقين، لكن الأكثر سوءا وغرابة وجنونا هو أن يراهن مقامر لا على فرس في السباق، ولا حتى على بغل خارج السباق، وإنما يختار حمارا هزيلا ليراهن عليه في غير سباق.

بعض الناس بالفعل يسلك هذا المسلك مدفوعا بغلّ وكراهية لفكرة ما، فيدفع بماله وجهده في عكس الحقائق والقوانين الكونية الثابتة، ويوظف لذلك دوائر ومؤسسات وكتاب ومراكز دراسات، ويستأجر باحثين ليشوهوا الفكرة التي يعاديها صاحبنا.

الممول حامل دفتر الشيكات ومعه الجوقة المستأجرة، تحسب أن الإسلام أصابه الكبر وله ذرية ضعفاء، فيجتهد المؤلفة جيوبهم بأقلامهم وأبحاثهم في البهتان والكذب "ويتكادمون على دين الله تكادم الحُمر"، ولا تتحرج تلك الجوقة من تسخير كل قواها لخدمة وإرضاء الممول في ابتداع دين جديد مُصَنَّع في خلاط العته العقلي يطلق عليه "الديانة الإبراهيمية"
الممول حامل دفتر الشيكات ومعه الجوقة المستأجرة، تحسب أن الإسلام أصابه الكبر وله ذرية ضعفاء، فيجتهد المؤلفة جيوبهم بأقلامهم وأبحاثهم في البهتان والكذب "ويتكادمون على دين الله تكادم الحُمر"، ولا تتحرج تلك الجوقة من تسخير كل قواها لخدمة وإرضاء الممول في ابتداع دين جديد مُصَنَّع في خلاط العته العقلي يطلق عليه "الديانة الإبراهيمية" يجمع في عقيدته كل التناقضات، كما تتكون عبادته من خليط مختصر من كل الديانات. يعني كما يقال في المثل المصري "سمك لبن تمر هندي"، فتراهم بقصد وسبق إصرار، يبذلون كل جهد في التزوير والتحوير والتشويه، وهم يعلمون يقينا أن كل جهد يُبذل في هذا المجال تأثيره وقتي، وبقاؤه ليس محكوما عليه بالفشل فقط، وإنما بالمحو والمحق، مهما بلغت قوة المال خلفه، وستكون العاقبة أن يلحق العار والخزي بالممول وخدمه المستأجرين.

وتلك سنة كونية وقانون حاكم في ثوابت الوجود الاجتماعي في الأفراد والمجتمعات والناس.

النموذج لذلك بعض الأنظمة الحاكمة التي تعيش حالة "فوبيا" (خوف مرضي) من كل ما هو إسلامي المنشأ والاتجاه، وتحاول أن تخفي هذا الغل تجاه الإسلام الحقيقي، فتجمع المؤلفة جيوبهم والمختلة أفكارهم من شتات الأرض وتغدق لهم العطاء في محاولة لصناعة إسلام بديل هو إسلام "الخلاط" الذي ينتج "سمك لبن تمر هندي".

خلاط الإسلام البديل تكاليفه عالية وعوائده الخسار، والجهد المبذول فيه لتزوير التاريخ وتدنيس الحقائق والتلبيس على خلق الله لو بذلت الأنظمة ربعه في تطور البلاد وتنمية المجتمعات لربما وصلت إلى مصاف الدول الكبرى، لكن العمى الإرادي والأهواء الضالة يسيطران على قرار هذه الأنظمة لدرجة الهوس أو الصرع
الجوقة المستأجرة لهذا الخلاط عمال غير مهرة ولا يتقنون الصنعة، ولا يحسنون تسويق السلعة (سمك لبن تمر هندي)، وإنما يكشفون عوار الفكر وعورة التوجه وقبح المنتج، وكم هو رخيص ومبتذل.

خلاط الإسلام البديل تكاليفه عالية وعوائده الخسار، والجهد المبذول فيه لتزوير التاريخ وتدنيس الحقائق والتلبيس على خلق الله لو بذلت الأنظمة ربعه في تطور البلاد وتنمية المجتمعات لربما وصلت إلى مصاف الدول الكبرى، لكن العمى الإرادي والأهواء الضالة يسيطران على قرار هذه الأنظمة لدرجة الهوس أو الصرع، فلا تجد مصيبة حلت بالمسلمين في مكان ما إلا وكان المال السياسي المغتصب من حقوق الناس خلف تلك المصيبة.

الكارثة الكبرى أن كل هذا البذل الشيطاني سيذهب سدى، لأن غباء أصحابه قادهم إلى معاندة الله في وعده، ولذلك فلن يرفع الله لهم راية، ولن يحقق لهم غاية، فضلا عن فضيحة الحال وسوء المآل، تأمل ما قال ربنا جلا وعلا: "وَمَكَرُوا مَكْرا وَمَكَرْنَا مَكْرا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَة بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَة لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ" (النمل 53-50).

وعجيب أمر النحس العربي حين يراهن لا على حصان خاسر فقط، وانما يراهن على حمار فاشل لا يصلح حتى لحمل سبخ ولا ليجر عربة.. والجنون فنون.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المال السياسي الاسلام تشويه المال السياسي سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الهاربون أمام ترامب

دخل دونالد ترامب كالإعصار على مشهد عالمي مضطرب فزاده اضطرابا. نصره المؤزر على خصومه في الداخل أعطاه روحا عدوانية إضافية، فانطلق يهدد العالم كأن ليس هناك قوة في العالم يمكن أن تقف في طريقه، شملت تهديداته العرب منطلقا من فلسطين. لست معنيا كعربي بما يوجهه من تهديدات إلى أوروبا وكندا لكني انتبهت رغما عني إلى حالة الخوف التي استشرت في المنطقة العربية من الإعصار الترامبي، فالقوم عندنا وأعني الأنظمة وأجهزتها الإعلامية بالتحديد؛ سقطت قبل الضربة وانتقل الحديث إلى كيفية تخفيف أضرار الإعصار لا تحديه فهو قدر مقدور. هذا الخوف كاشف لأمور مهمة سنحاول مقاربتها.

عرب لم يقرؤوا الطوفان

قول ترامب بالتهجير لم يتجاوز حتى الآن التصريح العابث لشخص غير مسؤول (في باب طائرته)، فإدارته لم تصدر قراراتها التنفيذية بالتهجير. وهي ولو أصدرتها لا تعتبر ملزمة لأحد فهي ليست أقدارا إلهية، لكن الخوف غلب نفوسا مرعوبة جبلّة؛ سأقول أنفس مستعدة للخيانة.

قول ترامب بالتهجير لم يتجاوز حتى الآن التصريح العابث لشخص غير مسؤول (في باب طائرته)، فإدارته لم تصدر قراراتها التنفيذية بالتهجير. وهي ولو أصدرتها لا تعتبر ملزمة لأحد فهي ليست أقدارا إلهية، لكن الخوف غلب نفوسا مرعوبة
نضع صورة الخوف الرسمي العربي من قول ترامب العابث في مقابل طوفان عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة وإلى حماسهم العجيب في إعادة ترميم حياتهم المدمرة. الاستنتاج الأول من الصورتين أن الأنظمة العربية لم تقرأ انتصار حرب الطوفان، بل هي تستهين بنتائجه وفي العمق تبني على الرواية الصهيونية عن انتصار مطلق، وأن ما يجري في غزة الآن هو شأن صغير لا يكشف تغييرا على الأرض.

إن عودة ترامب إلى مشروع التهجير هو استجابة للطلب الصهيوني الذي دخلت به الحرب بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر ولم تفلح في تحقيق أي خطوة منه. يفترض أن هذا النصر الفلسطيني يتحول إلى ورقة بيد الأنظمة (لن نحاسبها هنا عن خذلان المعركة في حينها)، لكن النصر حاصل فعلا ويمكنه أن يتحول إلى ورقة تفاوض بيد الأنظمة المرعوبة، وهناك أوراق قوية يمكن تجميعها لرفض التهجير:

- الرفض الفلسطيني للتهجير الظاهر في طوفان العودة إلى الشمال والشروع بالأيدي العزلاء في الترميم والتعمير.

- الرفض الشعبي العربي للتهجير خاصة في الأردن ومصر.

- العجز الصهيوني غير الخفي عن مواصلة الحرب بنفس الطريقة التي خاضتها لمدة 15 شهرا.

- العجز الأمريكي عن تمويل الحرب بعد ما أنفقته في حرب الطوفان ولم يحقق نصرا ولا تهجيرا.

ماذا بقي بيد الأنظمة إذن؟ بقي لها أن تواصل تجارتها ببيع الفلسطيني كما دأبت دوما، ولا نراها تتوجس فعلا من نقل صعوبات إضافية لشعوبها بنقل سكان جدد مفقرين وعاطلين عن العمل ويحتاجون تعليما وسكنا وحياة كاملة، ويحملون فوق ذلك جروح الخذلان في أعماق نفوسهم.

الأنظمة العربية (دول الطوق بالتحديد) ما تنفك رغم حرب الطوفان تستجدي بقاءها في الحكم بترضية الكيان وحماته الغربيين. لقد كان التطبيع وسيلتها، لكن حرب الطوفان أفسدت كل خطط التطبيع رغم أن ملف التطبيع لم يغلق نهائيا، إلا أن هذه الأنظمة تغير تكتيكاتها الآن لمواصلة نفس المهمة. هنا نقول بيقين: لم تفهم الأنظمة حرب الطوفان ولم تستوعب نتائجها على الأرض، ولا نراها تستوعب الثبات الفلسطيني.

لقد تغيرت الوقائع على الأرض

الفلسطيني لم يمت، إنه هنا والآن ويصر على البقاء وقد زاد في أرصدته بمائة ألف شهيد، لا بل أثبت للعالم أن العدو انهزم ووصل إلى مرحلة العجز عن مواصلة الحرب مهما تسلح (لقد بقي له فقط أن يستعمل سلاحا نوويا في غزة).

هذه حقيقة تفقأ عين العالم فكيف لا تراها الأنظمة العربية؟ إنها لا تريد أن تراها لأنها مرابطة في موقعها قبل الطوفان، أي تقديم خدمة للكيان وحماته الغربيين بكسر إرادة الفلسطيني ومنعه من التحرر وصولا إلى منعه من الحياة ليبقى الكيان الحامي للأنظمة.

الوضع بعد حرب الطوفان ليس كما كان قبله، هذا قول نسمعه في التحليلات الغربية المتألمة لهزيمة الكيان والتي نظن يقينا أنها تناقش الآن في مراكزها الاستراتيجية السؤال المصيري: ما فائدة الكيان بعد حرب الطوفان فوظيفيته استنفدت، وصارت كلفته عالية ومن المستحيل إعادته إلى دوره قبل الطوفان؟

لقد استشرف عبد الوهاب المسيري رحمه الله هذا الاحتمال منذ زمن فقال إن رفع كلفة الكيان على مموليه تنهي دوره، وقد ارتفعت الأكلاف إلى حد العجز عن التمويل بالذخيرة، فضلا على أن أداته العسكرية (التي لا تهزم) انهزمت وأثبتت عجزها إلا بتعويضها بجندي غربي غير معني بحرب ليست له.

فإذا أضفنا إلى ذلك عناصر أخرى منها اتساع الرفض الشعبي العربي لكل محاولات التطبيع أكثر مما كان عليه الأمر قبل الطوفان، ومنها ارتفاع معنويات الفلسطيني نفسه وقد قبِل البقاء في خرابته على الهجرة و"تسليك أموره الفردية" دون أن نغفل التغيير العميق الذي حدث في سوريا وفقدان العدو لنظام "سفيه كان يحميه حماية مطلقة"، وإليها نضيف تحولا عميقا في أوساط الرأي العام الغربي الذي بدأ يتحرر من السردية الصهيونية ويرى الحقيقة.

لماذا تخاف الأنظمة من ترامب؟ لا نراها خائفة من ترامب فعلا بل إنها تخاف أولا من شعوبها، وهي إذ تراود ترامب وتتمسكن أمامه تقوم بآخر محاولة للبقاء على عروشها. إنها تقول كما قال عباس "احمونا، احسبونا كلابكم واحمونا" من الفلسطيني المنتصر ومن شعوبنا المتوثبة. فعدوى النصر تسري في عروق هذه الشعوب التي رفضت التطبيع منذ أول اتفاقية.

نعم لم تفلح الشعوب العربية في العبور إلى غزة زمن الحرب (لأن جيوش الأنظمة حمت المعابر من تدفق الشعوب)، لكن النصر عبر إليها ورفع معنوياتها فزادت يقينا بأن التحرير الشامل ممكن. هنا تتسع الفجوة بين الشعوب وأنظمتها، والفجوة التي وسعها الربيع العربي مزقها الطوفان.

هنا لا يمكننا أن نتوقع تراجعات شجاعة من الأنظمة نحو شعوبها لتقر بأن شرعية البقاء لا يمكن أن تكون بغير الديمقراطية في الداخل العربي، ولكن استحقاق النصر الذي تحتاجه غزة من العرب هو أن تتحول المشاعر الإيجابية للنصر إلى فعل شعبي تقوده قوى حية مؤمنة بالتحرير، وهي الإمكانية الوحيدة لتصل رسالة واضحة لترامب في عليائه. انسَ التهجير وفّكر أن تتحدث حديث الديمقراطية مع الشعوب، فالطوفان انتصر في غزة والثمن دُفع في غزة والصدى وصل إلى آخر الأرض. هل تلتقط إدارة ترامب الرسالة؟ إن ترامب تجسيد مطلق للقوة الغبية، وستنتظر حتى تبدأ إدارته حسابات خساراتها في الأقطار؟ العام 2025 هو عام التحولات الكبرى في الشرق العربي. هذا يقين لا نفلح في وضع خريطة له.

مقالات مشابهة

  • مركز الأزهر: المُعلم المُخلص يدعو ويستغفر له أهل الأرض والسماء
  • الأعياد في الإسلام
  • إسلام فتحي: خروج عبد الله السعيد أثر على أداء الزمالك
  • إسلام فتحي: خروج عبد الله السعيد أثر على أداء الزمالك.. وفتوح مشتت ذهنيًا في الملعب
  • سر العلاقة بين الشوعيين واتباع محمود محمد طه
  • النحس يلاحقهم.. أبراج تعيش تحت تأثير سوء الحظ في فبراير 2025
  • الفرق بين صيام الفرض وصيام التطوع وفضائل الصيام في الإسلام
  • «المفتي»: الأمن شرط أساسي لتحقيق البناء والإعمار
  • الهاربون أمام ترامب
  • وزير المجاهدين ينعي المجاهد بلعربي العربي