عربي21:
2024-07-06@01:38:28 GMT

إسلام الخلاط وسوء الطالع.. تأملات في النحس العربي (2-2)

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

في عالم القمار والمقامرين تتم المراهنات المعروفة عادة وبخاصة في سباق الخيل بترجيح فوز فرس على بقية الخيول، والقوانين الضابطة لهذا الموضوع لا تقوم على حسابات دقيقة، وإنما تقوم على استعراض سيرة الحصان في السباقات الماضية، ومن ثم فالحدس والتخمين والاحتمالات هي المرجح الأول لفوز الحصان المختار في هذا النوع من المقامرة.



ومن سوء الطالع أن يتجه الحدس والتخمين في كل مرة إلى المراهنة على الحصان الخاسر، ويترتب على ذلك خسارة المال بيقين، لكن الأكثر سوءا وغرابة وجنونا هو أن يراهن مقامر لا على فرس في السباق، ولا حتى على بغل خارج السباق، وإنما يختار حمارا هزيلا ليراهن عليه في غير سباق.

بعض الناس بالفعل يسلك هذا المسلك مدفوعا بغلّ وكراهية لفكرة ما، فيدفع بماله وجهده في عكس الحقائق والقوانين الكونية الثابتة، ويوظف لذلك دوائر ومؤسسات وكتاب ومراكز دراسات، ويستأجر باحثين ليشوهوا الفكرة التي يعاديها صاحبنا.

الممول حامل دفتر الشيكات ومعه الجوقة المستأجرة، تحسب أن الإسلام أصابه الكبر وله ذرية ضعفاء، فيجتهد المؤلفة جيوبهم بأقلامهم وأبحاثهم في البهتان والكذب "ويتكادمون على دين الله تكادم الحُمر"، ولا تتحرج تلك الجوقة من تسخير كل قواها لخدمة وإرضاء الممول في ابتداع دين جديد مُصَنَّع في خلاط العته العقلي يطلق عليه "الديانة الإبراهيمية"
الممول حامل دفتر الشيكات ومعه الجوقة المستأجرة، تحسب أن الإسلام أصابه الكبر وله ذرية ضعفاء، فيجتهد المؤلفة جيوبهم بأقلامهم وأبحاثهم في البهتان والكذب "ويتكادمون على دين الله تكادم الحُمر"، ولا تتحرج تلك الجوقة من تسخير كل قواها لخدمة وإرضاء الممول في ابتداع دين جديد مُصَنَّع في خلاط العته العقلي يطلق عليه "الديانة الإبراهيمية" يجمع في عقيدته كل التناقضات، كما تتكون عبادته من خليط مختصر من كل الديانات. يعني كما يقال في المثل المصري "سمك لبن تمر هندي"، فتراهم بقصد وسبق إصرار، يبذلون كل جهد في التزوير والتحوير والتشويه، وهم يعلمون يقينا أن كل جهد يُبذل في هذا المجال تأثيره وقتي، وبقاؤه ليس محكوما عليه بالفشل فقط، وإنما بالمحو والمحق، مهما بلغت قوة المال خلفه، وستكون العاقبة أن يلحق العار والخزي بالممول وخدمه المستأجرين.

وتلك سنة كونية وقانون حاكم في ثوابت الوجود الاجتماعي في الأفراد والمجتمعات والناس.

النموذج لذلك بعض الأنظمة الحاكمة التي تعيش حالة "فوبيا" (خوف مرضي) من كل ما هو إسلامي المنشأ والاتجاه، وتحاول أن تخفي هذا الغل تجاه الإسلام الحقيقي، فتجمع المؤلفة جيوبهم والمختلة أفكارهم من شتات الأرض وتغدق لهم العطاء في محاولة لصناعة إسلام بديل هو إسلام "الخلاط" الذي ينتج "سمك لبن تمر هندي".

خلاط الإسلام البديل تكاليفه عالية وعوائده الخسار، والجهد المبذول فيه لتزوير التاريخ وتدنيس الحقائق والتلبيس على خلق الله لو بذلت الأنظمة ربعه في تطور البلاد وتنمية المجتمعات لربما وصلت إلى مصاف الدول الكبرى، لكن العمى الإرادي والأهواء الضالة يسيطران على قرار هذه الأنظمة لدرجة الهوس أو الصرع
الجوقة المستأجرة لهذا الخلاط عمال غير مهرة ولا يتقنون الصنعة، ولا يحسنون تسويق السلعة (سمك لبن تمر هندي)، وإنما يكشفون عوار الفكر وعورة التوجه وقبح المنتج، وكم هو رخيص ومبتذل.

خلاط الإسلام البديل تكاليفه عالية وعوائده الخسار، والجهد المبذول فيه لتزوير التاريخ وتدنيس الحقائق والتلبيس على خلق الله لو بذلت الأنظمة ربعه في تطور البلاد وتنمية المجتمعات لربما وصلت إلى مصاف الدول الكبرى، لكن العمى الإرادي والأهواء الضالة يسيطران على قرار هذه الأنظمة لدرجة الهوس أو الصرع، فلا تجد مصيبة حلت بالمسلمين في مكان ما إلا وكان المال السياسي المغتصب من حقوق الناس خلف تلك المصيبة.

الكارثة الكبرى أن كل هذا البذل الشيطاني سيذهب سدى، لأن غباء أصحابه قادهم إلى معاندة الله في وعده، ولذلك فلن يرفع الله لهم راية، ولن يحقق لهم غاية، فضلا عن فضيحة الحال وسوء المآل، تأمل ما قال ربنا جلا وعلا: "وَمَكَرُوا مَكْرا وَمَكَرْنَا مَكْرا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ، فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَة بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَة لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ" (النمل 53-50).

وعجيب أمر النحس العربي حين يراهن لا على حصان خاسر فقط، وانما يراهن على حمار فاشل لا يصلح حتى لحمل سبخ ولا ليجر عربة.. والجنون فنون.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المال السياسي الاسلام تشويه المال السياسي سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر يحاضر علماء ماليزيا عن وسطية الإسلام: الحوار مفتاح التعايش السلمي

افتتح أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، وداتؤ سري أنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا، مجلسًا خاصًّا لعلماء وشباب الباحثين الماليزيين؛ للتناقش والحوار حول وسطية الإسلام وسماحته، والمنهج الإسلامي في تعزيز الأخوَّة والوئام في المجتمعات.

وأكَّد شيخ الأزهر أنَّ أكثر ما يميز المجتمع الماليزي تعدُّدُ الأعراق والأديان، محذرًا من خطورة استغلال بعض التَّيارات المتطرفة والمتشددة للتعددية، وتصويرها جهلًا على أنها خطر على الإسلام والمجتمعات، مفنِّدًا زيف هذه الادِّعاءات؛ واستشهد بتعاليم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فيما يتعلق بالعلاقة بين المسلمين أنفسهم، الَّتي لخصها في قوله صلى الله عليه وسلم: «مَن صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتَنا، وأكل ذبيحتَنا، فذلك المسلمُ الذي له ذمَّة الله وذمة رسوله، فلا تَخفِرُوا الله في ذمته» أي: لا تخونوا.

وأوضح أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أرسى قواعد العلاقة التي تربط المسلم بغيره من أتباع الديانات الأخرى وحدودها، وهي العلاقة المبنيَّة على الاحترام والتَّعايش المشترك، والتَّحلِّي بأخلاق الإسلام الذي لم يكتف بتحريم الاعتداء على الإنسان أيًّا كان دينه أو جنسه أو لونه، وإنَّما حرَّم الاعتداء على الحيوان والنبات والجماد، إلا فيما بيَّنَتْه الشريعة مما لا يعد اعتداء كذبح الحيوان لغرض الأكل وسد الجوع وبمقدار محدَّد، وأنَّ الإسلام وضع قواعد لحماية البيئة والمناخ، بما لا يسمح له من الاستجابة لشهواته ورغباته المادية، بما يؤثِّر سلبًا على البيئة، وأنَّه إذا كان الإسلام قد عُنِيَ بكل هذه الجوانب فكيف تكون عنايته بالإنسان حتى ولو كان غير مسلم!

وأكَّد أن مسؤولية إقرار وتعزيز التَّعايش السِّلمي بين أتباع الديانات المختلفة، تقع على عاتق كل فردٍ في المجتمع، ولا يمكن تحقيقُها إلا من خلال الفهم الصحيح لرسالة الإسلام بشكل خاص والأديان بشكل عام، التي جاءت لإسعاد الإنسان وانتشاله من مخاطر تأليه المادة والسعي لإشباع الغرائز دون التنبه لما قد ينتج عن ذلك من حروب وصراعات، وأنَّ الدين هو السبيل الأوحد للتحكم في غرائز الإنسان وتوجيهها بما فيه مصلحته ومصلحة المجتمع.

الصِّراعات المذهبية

وحذَّر شيخ الأزهر من بعض التيارات التي تحاول تغذية التعصُّب والكراهية بين المسلمين، وتزكية الصِّراعات المذهبية وتوجيه اهتمامات الشباب المسلم لبعض القضايا التي تشغلهم عن النظر والاهتمام بقضايا أهم، وإعادة إحياء لصراعات وقضايا تؤرِّق المجتمع المسلم وتعمل على إضعافه وتشتته، وبث الفرقة والشقاق فيما بين أبنائه، مشددًا على أن الأولى في هذا الوقت الحرج أن تتجه الجهود لما فيه وحدة الأمَّة وتماسكها لتحقيق نهضتها المنشودة.

وحرص شيخ الأزهر على الاستماع لآراء بعض الشباب الماليزي ومناقشتهم فيها، والإجابة على تساؤلاتهم فيما يتعلق بالعلاقة بين مدارس الفكر الإسلامي، وكيفية استثمار التعدديَّة لما فيه صالح الأمة، كما ناقش فضيلته بعض الفتيات عن حقوق المرأة في الإسلام، وكيف كفل الإسلام للمرأة حقَّها في التعليم والمشاركة الإيجابيَّة في الحياة الاجتماعية، وغير ذلك من الموضوعات التي كانت محل نقاش من الشباب الماليزي المشارك.

ماليزيا حريصة على تعزيز علاقاتها مع الأزهر الشريف

من جهته، أعرب رئيس الوزراء الماليزي، عن سعادته بمشاركة شيخ الأزهر في هذا اللقاء المهم، وتقديره لحرص فضيلته على مناقشة الشباب الماليزي في أفكارهم ومحاورتهم دون قيود، مؤكّدًا أن بلاده ممتنة لشيخ الأزهر ولفكر الأزهر الوسطي الذي صدَّرَ للعالم -ولا يزال- علوم الدين والدنيا، وأن ماليزيا حريصة على تعزيز علاقاتها مع الأزهر الشريف، والاستفادة من برامج تدريب الأئمة التي تستضيفها أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، وتمنياته بأن تكون زيارة شيخ الأزهر لماليزيا بداية لعدد غير محدود من المشروعات والمبادرة المشتركة مع الأزهر الشريف.

مقالات مشابهة

  • أوقاف الفيوم تفتتح المسجد العتيق بالجراي بعد إحلاله وتجديده
  • بعد حرب الطوفان: ماذا بقي من النظام الرسمي العربي؟
  • بعد جرب الطوفان: ماذا بقي من النظام الرسمي العربي؟
  • مع بداية العام الهجريّ الجديد 1446: إياك أن تصل متأخرًا
  • تأملات قرآنية
  • رئيس الوزراء الماليزي يحاوِر شيخ الأزهر حول وسطيَّة الإسلام
  • شيخ الأزهر يحاضر علماء ماليزيا وشبابها حول وسطية الإسلام
  • شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا MADANI
  • شيخ الأزهر ورئيس وزراء ماليزيا يفتتحان مجلس علماء ماليزيا «MADANI»
  • شيخ الأزهر يحاضر علماء ماليزيا عن وسطية الإسلام: الحوار مفتاح التعايش السلمي