يوافق يوم 21 مارس/آذار من كل عام اليوم الدولي للغابات. والغابات هي رئة الأرض، ومستودع غاز ثاني أكسيد الكربون، وملاذ العديد من الكائنات الحية. وتمثل الغابات الأفريقية 14% من مساحة الغابات حول العالم، ومؤخرا أخذت مساحاتها تتقلص بسبب الجشع الرأسمالي والاستغلال الاقتصادي لتلك الغابات.

وللأسف، لم تتوفر بيانات عن المشروعات الاقتصادية التي أقيمت على الغابات المُزالة، إلى أن توصل باحثون من جامعة فاجينينجن بهولندا إلى بيانات دقيقة نشروها في دورية "ساينتفيك ريبورتس".

قاعدة بيانات غير كافية

وعلى الرغم من توفر بعض الإحصاءات الوطنية والإقليمية التي توثق توجها نحو تقليص مساحة الغابات، فإنها افتقرت إلى الدقة الزمانية والمكانية ولم تشمل سوى الغابات الجافة. إلى أن تمكن الباحثون من وضع أول خريطة تصل دقتها إلى خمسة أمتار تغطي مناطق شاسعة في أفريقيا (دول غرب ووسط وشرق وجنوب أفريقيا)، وتُظهر تقلص الغابات في أفريقيا بنسبة 64% منذ عام 2001 إلى عام 2020، كما توضح استخدامات الأراضي بعد إزالة كل من الغابات الرطبة والجافة.

يقول الباحث الأول في الدراسة "روبرت ماسوليلي" في البيان الصحفي الذي نشره موقع فيز دوت أورغ في 15 فبراير/شباط الماضي: "ما يميز هذه الدراسة هو الاستخدام المبتكر لصور الأقمار الصناعية وخوارزميات التعلم الآلي التي سمحت لنا برسم خرائط دقيقة ومفصلة للغابات المزالة على نطاق واسع وغير مسبوق، ومن ثم تمكنا من تحديد الاستخدامات الاقتصادية للغابات".

خريطة توضح توسع زراعة بعض المحاصيل في غابات دول أفريقية بدقة خمسة أمتار (نيتشر) خرائط باستخدام بيانات الأقمار الصناعية

اعتمد الباحثون على صور الأقمار الصناعية عالية الدقة التي قدمتها المبادرة الدولية للمناخ والغابات النرويجية "إن آي سي في آي"، وبمساعدة أساليب التعلم العميق (أحد تقنيات الذكاء الاصطناعي)، تمكنوا من تحليل تلك البيانات بناء على المعلومات المتوفرة محليا عن 15 استخداما مختلفا للغابات المزالة من 30 دولة؛ منها زراعة المحاصيل الاقتصادية مثل البن والقهوة والكاجو والمطاط وزيت النخيل، وإقامة مراعٍ للأبقار والأغنام، وفي صناعة التعدين.

ووجدت الدراسة أن استخدامات الغابات تختلف من منطقة إلى أخرى، فبصورة عامة تعتبر الأراضي الزراعية صغيرة النطاق هي المحرك الرئيسي لخسارة الغابات في أفريقيا، لا سيما في مدغشقر وجمهورية الكونغو الديمقراطية، في حين تنتشر الأراضي الزراعية واسعة النطاق في نيجيريا وزامبيا.

كما وجدت الدراسة أن زراعة المحاصيل الاقتصادية مثل الكاكاو وزيت النخيل والمطاط شائعة في الغابات الرطبة في غرب ووسط أفريقيا، بينما تنتشر زراعة الكاجو في الغابات الجافة في غرب وجنوب شرق أفريقيا.

تحديات مناخية

أوضح الباحثون أن ثمة عوامل أثّرت في دقة النتائج، مثل السُحب وتغيرات الطقس. ولكن من ناحية أخرى فإن الدراسة ستساهم بفاعلية في تحليل تأثير الأنشطة الاقتصادية على البيئة، ومساعدة  السياسيين ودعاة الحفاظ على البيئة والعلماء في متابعة التطورات المختلفة التي تمر بها الأرض في أفريقيا بعد إزالة الغابات.

وأكد المشرف العام على الدراسة "مارتن هيرولد" أن "متابعة هذه التطورات ضرورة لبناء إستراتيجيات الحفظ المستهدفة، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتخفيف من الآثار البيئية لإزالة الغابات في جميع أنحاء القارة الأفريقية".

معرفة الدوافع وراء إزالة الغابات في أفريقيا وتحديد نطاقها الزمني والمكاني يعد أمرا بالغ الأهمية (شترستوك) لماذا غابات أفريقيا؟

وعن اهتمام الباحثين بغابات أفريقيا، قال مارتن: "إن لائحة الاتحاد الأوروبي الجديدة لإزالة الغابات تنص أنه على سلاسل التوريد تقديم ما يفيد بأن المواد الخام المستوردة مثل القهوة والكاكاو والمطاط لم تُزرع على أراض غابات مزالة".

ومن شأن ذلك أن يوفر مزيدا من الشفافية للمستهلكين لدعمهم في اتخاذ القرارات الشرائية، ودعم الحكومات ووكالات حماية البيئة في كل من أفريقيا والاتحاد الأوروبي لتنفيذ تدابير الحد من إزالة الغابات لصالح التوسع في زراعة السلع الاقتصادية.

كما أن معرفة الدوافع وراء إزالة الغابات في أفريقيا وتحديد نطاقها الزمني والمكاني يُعد أمرا بالغ الأهمية لتخفيف حدة انبعاثات الغازات الدفيئة والآثار السلبية على النظام البيئي والبيولوجي للغابات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات إزالة الغابات

إقرأ أيضاً:

حجم سوق الذكاء الاصطناعي خليجياً.. 15 مليار دولار

تخطو دول مجلس التعاون الخليجي بخطوات متسارعة نحو تحقيق تحول نوعي في قطاع التكنولوجيا المتقدمة والتحول الرقمي، مستندة إلى رؤية استراتيجية تهدف إلى ترسيخ مكانتها كمركز عالمي في هذا المجال مستقبلاً. وفي إطار هذه الجهود، تضخ صناديق الثروة السيادية استثمارات ضخمة بمليارات الدولارات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة، في خطوة تعكس طموحاً واضحاً لتحقيق ريادة عالمية وتعزيز التنوع الاقتصادي.

تناولت الحلقة الأخيرة من “بودكاست” مؤسسة العطية هذه الديناميكيات المتسارعة، حيث استعرض الدكتور روبرت موجيلنيكي، الباحث في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، الفرص والتحديات المرتبطة بها. وأشار موجيلنيكي، الذي أطلق سلسلة أبحاث بعنوان “الجيل الخليجي القادم”، إلى أن وتيرة التغير في قطاع التقنيات المتقدمة تسجل تسارعاً غير مسبوق.

وأوضح أن التحول خلال السنوات الماضية كان يتركز بشكل أساسي على رقمنة الخدمات الحكومية وتعزيز استخدام المعاملات غير النقدية، بينما اليوم، تشهد المنطقة تحولاً جوهرياً نحو تبني التقنيات المتقدمة. وأضاف أن هذه التقنيات أصبحت تلعب دوراً محورياً في إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي لدول الخليج، مما يبرز ديناميكية جديدة في المنطقة تستحق الاهتمام والمتابعة.

وفي هذا السياق، أعلنت دولة قطر في فبراير عام 2024 عن “الأجندة الرقمية 2030″، والتي تمثل خطوة محورية نحو تعزيز التحول الرقمي في الدولة. وتهدف الأجندة إلى خلق 26 ألف وظيفة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بحلول عام 2030، وهو ما يعكس طموح قطر في أن تصبح من بين أفضل 10 دول على مؤشر التنافسية الرقمية. ولتسريع تحقيق هذه الأهداف الطموحة، خصصت الدولة 2.5 مليار دولار لدعم الابتكار وتعزيز التقدم في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، ما يعزز مكانتها في ريادة الاقتصاد الرقمي. ومن المتوقع أن يشهد سوق الذكاء الاصطناعي في دول الخليج نمواً ملحوظاً، حيث يُتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب قدره 28% بين عامي 2024 و2030. ووفقًا لموقع Statista.com، فإن إجمالي حجم السوق سيصل إلى 15 مليار دولار بحلول عام 2030، ما يعكس تزايد الاهتمام والتوجه نحو هذه التكنولوجيا المتقدمة في المنطقة.

صحيفة الشرق القطرية

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حجم سوق الذكاء الاصطناعي خليجياً.. 15 مليار دولار
  • دراسة بحثية لـ”تريندز”: الذكاء الاصطناعي يحول وجه الأمن السيبراني: فرص وتحديات
  • دراسة تزعم أن الفلورايد قد يقلل نسبة الذكاء لدى الأطفال
  • التعليم في العالم العربي ومنعطف الذكاء الاصطناعي
  • أوبن إيه آي.. من الذكاء الاصطناعي إلى الذكاء الفائق
  • الذكاء الاصطناعي.. مستقبل الاستدامة
  • دراسة جديدة لـ”تريندز” تستعرض دور الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيا المناخ
  • الذكاء الاصطناعي.. توقعات بتأثير أكبر في 2025
  • أوروبا تشدد قوانين استيراد البن والكاكاو لحماية غابات أفريقيا.. ودول تطلب مهلة
  • الذكاء الاصطناعي ينجح في تنبيه الأطباء لوجود خطر الانتحار