على المقاومة الشعبية المسلحة في السودان أن تتمدد لتملأ فراغ الساحة السياسية
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
غياب القوى السياسية الوطنية المساندة للقوات المسلحة وضعف فعلها السياسي هو الذي يغري الجناح السياسي للمليشيا (قحت/تقدم) عملاء السفارات و من خلفهم قوى الشر الإقليمية و الدولية لملأ الفراغ و طرح مبادرات (السجم) التي تهدف لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل حربهم على شعبنا و بلادنا !!
و هذا يعتبر من سابع المستحيلات و دونه المهج و الأرواح !!
إذا لم تتحرك القوى السياسية الوطنية بقوة لقطع الطريق أمام هؤلاء الشرذمة فإن المقاومة الشعبية المسلحة التي سبق لي وصفها في منشور سابق بأنها (ليست كيانا مؤقتاً لدحر المليشيا بل هي فعل مستمر و إرادة لا تقهر) يجب عليها أن تتمدد لتملأ فراغ الساحة السياسية و أن تعلن نفسها كبديل سياسي هدفه الرئيسي دحر و سحق تمرد المليشيا و شركائها في الداخل و الخارج و من ثم الحفاظ على إستقلال البلاد و صيانة سيادتها و التصدي بكافة الوسائل لمنع محاولات إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء و إعادة إنتاج الأزمة من جديد بالإتفاق مع المليشيا المتمردة المجرمة الإرهابية و جناحها السياسي !!
إن ما قامت به المليشيا المتمردة المجرمة الإرهابية و جناحها السياسي (قحت/تقدم) في حق الشعب السوداني منذ الخامس عشر من أبريل الماضي من قتل و إبادة عرقية جماعية في دارفور و اغتصاب و نهب و تدمير للمتلكات الخاصة و العامة هو ما دفع الحكومة إلى تصنيفها (منظمة إرهابية) بعد توفر كافة الحيثيات و البينات ، بناءاً عليه فإنه لا يجوز التفاوض معها و لا يمكن أن يكون لها أو لجناحها السياسي اي دور في مرحلة ما بعد الحرب و لا يمكن القبول بمبادراتهم أو مبادرات الكيانات الموالية لهم أو الجهات الخارجية الإقليمية و الدولية الداعمة لهم !!
#المقاومة_الشعبية_خيارنا
23 مارس 2024.
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
التعديلات الدستورية في السودان- ما بين مطرقة العسكر وسندان الانتقال الديمقراطي
في خطوة اعتبرها مراقبون استمراراً لسيطرة المؤسسة العسكرية على السلطة، أثارت التعديلات المُقترحة على الوثيقة الدستورية في السودان عاصفة من الجدل، وسط مخاوف من أن تُحوِّل البلاد إلى نظام حكم هجين، يرفع شعارات الديمقراطية بينما يكرس الهيمنة العسكرية خلف واجهة مدنية هشة. جاءت هذه التعديلات بعد أشهر من المفاوضات المغلقة بين قيادات الجيش وأطراف سياسية موالية، في مشهد يُعيد إلى الأذهان انقلاب أكتوبر 2021، الذي أنهى أحلام الثورة السودانية بالإطاحة بحكم عمر البشير.
من ثورة الشوارع إلى دهاليز السلطة
لم تكن التعديلات الدستورية وليدة اللحظة، بل نتاج تراكمات بدأت مع انهيار التوافق الهش بين المدنيين والعسكر بعد الإطاحة بالبشير. فبعد أشهر من توقيع "الاتفاقية الدستورية" في 2019، والتي نصت على فترة انتقالية مدتها 39 شهراً، استغل الجيش أخطاء القوى المدنية وتفكك تحالف "قوى الحرية والتغيير"، لتنفيذ انقلاب أكتوبر 2021، مستعيداً السيطرة على السلطة بدعم من مليشيات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). اليوم، تبدو التعديلات الجديدة امتداداً لهذا المسار، حيث يسعى العسكر إلى ترسيخ وجودهم عبر أدوات دستورية تبدو قانونية، لكنها تفرغ الانتقال الديمقراطي من مضمونه.
تفاصيل التعديلات: أين تكمن المخاطر؟
تتضمن التعديلات زيادة مقاعد الجيش في "مجلس السيادة" – الهيئة الأعلى لإدارة الفترة الانتقالية – من 5 مقاعد إلى 7، بينما يُترك مقعدان فقط للمكون المدني. كما تُمنح القوات المسلحة صلاحية ترشيح رئيس المجلس وإعفائه، وهو ما يعني عملياً تحويل المجلس إلى غرفة تابعة للعسكر. وفي خطوة مُثيرة للشكوك، أُلغِيَ ذكر "مليشيات الدعم السريع" من الوثيقة، واستُبدِلَت بمصطلح غامض هو "القوات النظامية"، في محاولة لدمج هذه المليشيات – المتهمة بارتكاب جرائم حرب في دارفور – ضمن هيكل الجيش، ما يمنحها شرعية دائمة.
أما التمديد الجديد للفترة الانتقالية لتصبح 39 شهراً، فلم يُقنع الكثيرين بأنه خطوة تقنية، خاصة مع تعثر تنفيذ اتفاقيات السلام مع الحركات المسلحة في المناطق المهمشة، واستمرار الأزمة الاقتصادية التي دفعت بالجنيه السوداني إلى الانهيار، ووصل التضخم إلى معدلات قياسية تجاوزت 400%. ويُعتبر تضخم عدد الوزارات إلى 26 وزارة – بعد أن كان مخططاً تقليصها إلى 16 – دليلاً على عودة النهج الزبائني، حيث تُستخدم المناصب الحكومية كـ"هدايا" لاسترضاء التحالفات، بدلًا من بناء حكومة كفؤة قادرة على معالجة الأزمات.
المنظور القانوني: انتهاك مبادئ الثورة
يرى خبراء قانونيون أن التعديلات تنتهك روح الوثيقة الدستورية الأصلية، التي نصت على ضرورة تحقيق توازن بين السلطات، وضمان انتقال تدريجي إلى حكم مدني. فزيادة تمثيل العسكر تُعطي انطباعاً بأن البلاد تُدار عبر "مجلس عسكري مُقنَّع"، بينما يُحذر نشطاء من أن إلغاء ذكر "الدعم السريع" قد يكون مقدمة لإفلات قادتها من المحاسبة على جرائم دارفور، خاصة مع وجود مذكرة اعتقال دولية بحق حميدتي من المحكمة الجنائية الدولية.
ردود الفعل: غضب مدني وتحذيرات من عودة الاحتجاجات
لم تُخفِ القوى المدنية غضبها من التعديلات. فبينما هدَّد "تجمع المهنيين السودانيين" – الذي كان قاطرة الاحتجاجات ضد البشير – بالعودة إلى الشوارع، وصفت تحالفات أخرى الخطوة بأنها "انقلاب دستوري". لكن هذه القوى تواجه معضلة حقيقية: فضعفها التنظيمي وانقساماتها الداخلية جعلتها عاجزة عن مواجهة الآلة العسكرية المدعومة بتمويل إقليمي. في المقابل، تبدو الأطراف الموالية للجيش – خاصة بعض الموقعين على اتفاقية سلام جوبا – مستفيدة من التمثيل الواسع، لكنها تخسر شعبيتها وسط اتهامات بالتواطؤ.
الدور الدولي: صمت مُريب ومصالح متضاربة
يكشف الموقف الدولي من الأزمة عن تناقضات عميقة. فدول مثل مصر والإمارات – اللتين تربطهما مصالح أمنية واقتصادية مع الجيش السوداني – تتجاهل الانتقادات، بينما تكتفي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بإصدار بيانات "قلقة" دون ضغوط فعلية. ويُفسر مراقبون هذا الصمت بخوف الغرب من دفع السودان نحو التحالف مع روسيا أو الصين، خاصة مع تردد معلومات عن مفاوضات لإنشاء قاعدة عسكرية روسية على البحر الأحمر.
مستقبل مُظلم: هل ينزلق السودان إلى حرب أهلية جديدة؟
رغم أن التعديلات تبدو انتصاراً مؤقتاً للعسكر، إلا أنها تحمل بذور أزمة أعمق. فاستمرار تهميش المطالب الأساسية للثورة – مثل العدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات – يغذي السخط الشعبي، خاصة في المناطق المهمشة (دارفور، جنوب كردفان، النيل الأزرق)، والتي قد تعود إلى التمرد إذا لم تُستجب مطالبها. كما أن تنامي نفوذ "الدعم السريع" داخل الجيش يُنذر بصراع على السلطة بين حميدتي وقيادات الجيش التقليدية.
خيط الأمل الوحيد: عودة الشارع
رغم المشهد القاتم، يرى بعض المحللين أن عودة الاحتجاجات الشعبية قد تكون الخيار الوحيد لإنقاذ ما تبقى من مكتسبات الثورة. ففي 2019، أثبت السودانيون أنهم قادرون على إسقاط نظام دام 30 عاماً، لكن النخبة السياسية فشلت في تحويل زخم الشارع إلى مشروع ديمقراطي متماسك. اليوم، قد تكون الفرصة الأخيرة أمام القوى المدنية لتوحيد صفوفها، واستعادة زمام المبادرة، قبل أن يتحول السودان إلى دولة فاشلة تُدار بوصاية عسكرية-مليشياوية، تُذكِّر العالم بأسوأ سنوات حكم البشير.
zuhair.osman@aol.com