جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-02@01:28:23 GMT

قصة سارة.. الألم لا يُسقط العفة

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

قصة سارة.. الألم لا يُسقط العفة

 

علي بن سالم كفيتان

نكأت جراحي التي لم تندمل عندما رأيتها تركض عبر الأزقة والمباني المُهدمة... تبحث عمن؟ لا أدري... فهي وحيدة في هذا الفضاء الظالم تركن إلى بقايا بيت كان بالأمس يعج بالحركة واليوم يسكنه الخراب ويلفه الصمت القاتل ومع صعوبة المشهد تحاول في كل مرة شد خمارها حول عنقها الهزيل لكي لا يطّلع أحد من هذا العدم على خصلات شعرها الطاهرة هنا في غزة لا تسقط العفة مع الألم ولا تضعف النفوس أمام الفقد تجري بكل ما أوتيت من قوة من خراب إلى خراب تطل برأسها الصغير من خلف ذلك السور لترى تدافع الدخان والرماد إلى عنان السماء فالمدينة تحت القصف الوحشي الذي لا يرحم إنها الأسلحة الأمريكية الأكثر فتكاً والأشد دقة التي تنهال على يد الأنذال الصهاينة ليصبوها حمماً من السماء دون تمييز على رؤوس النَّاس وبينما الصبية الصغيرة ترى وتسمع حجم الدمار لمدينتها تلاحظ من بعيد جموع من بني جلدتها يلاحقون حزم الطعام الذي تلقيه أمريكا من السماء عبر مظلات رمادية.

.. وهنا تسأل سارة الفلسطينية نفسها... كيف لأمريكا أن تلعب الدورين معاً؟ من هنا تدمر أسلحتها كل شيء وفي ذات المكان تلقي بفتات طعام جنودها المرابطين في القواعد التي تدعم الكيان الغاصب على الفلسطينيين العزل المحاصرين!!!       

جنى الليل الموحش وهي مندسة بجسدها الهزيل بين جدارين مهدمين تشتم رائحة الحريق ويُغطي وجهها غبار الرماد المتطاير من الدمار تسمع أصوات الكلاب الضالة تبحث عن طعام تزداد نبضات قلبها وتشعر بطنين لا ينتهي في أذنيها تبكي دون بكاء وتسقط دموعها بصمت دافعةً الرماد عن خدها الوضاء لتصنع شارعاً من الدموع المالحة تلعق دموعها وتكتم أنفاسها في صدرها الصغير وحيدة صوت الكلاب الجائعة يبتعد رويدا رويدا حتى يكاد يختفي سكن قلبها قليلاً ودخلت في نوبة نوم قصري فالجسد الشاحب والنفس المنهكة أعياها الوعي فسقطت كقتيل بين الحطام امتدت يد إلى ذلك الجسد المنهار في الظلام نهضت وحاولت أن تقاوم لكنها سكنت وهدأ روعها إنه أحد المجاهدين من كتائب عز الدين القسام التي تبحث عن المشردين بعد عمليات القصف وجدت نفسها بعد دقائق بين جموع من الأطفال في سرداب كبير ألقت عليها طبيبة المكان نظرة وصنفتها كطفل مصاب بصدمة نفسية عميقة نتيجة لفقد جميع أفراد أسرته لم تسألها الطبيبة عن أي تفاصيل فقط طلبت منها الذهاب للمرحاض ومنحتها قطعة صابون وملابس نظيفة وقالت لها ادخلي واغتسلي وبدلي هذه الثياب ففعلت بعد ذلك تجمع حولها الأطفال وقدمت لها وجبة طعام فأكلت على مضض فقط ما يسد الرمق حاولت معها الطبيبة لتأكل المزيد لكنها هزت رأسها رافضة.                         

في اليوم التالي تسللت سارة وحاولت الهروب من الملجأ لكن الحارس القسامي منعها فطلبت منه أن تبحث عن أمها وبقية أخوانها فسألها عن أبيها فقالت لقد استشهد في اليوم الأول بينما أمي وأخواني لا أجد لهم أثرا بعد قصف منزلنا وعدها أن يصحبها في المساء ويبحثان عن بقية الأسرة هدأت وعادت للأسفل وحاول كل من حولها الحديث معها لكنها ظلت صامتة وفجأة جثت على ركبتيها وحملت طفلا رضيعا كان يحبو بين تلك الجموع أجلسته على حجرها ولاعبته وصارت تناديه باسم عُمر وهو أخوها الذي كان في نفس السن بدت عليها علامات الوعي بالوضع الجديد وصارت أكثر إيجابية مع المشرفين على المكان لم تعد للقسامي المتسمر مع سلاحه في باب الملجأ لتبحث عن أهلها ربما أدركت أن الجميع قد ذهبوا وهي الناجية الوحيدة ومع ذلك... عندما تأوي إلى ركنها البعيد في ذلك السرداب الكبير وعُمر في حضنها تحلم أن تجدهم وتؤمل نفسها بالعودة إلى الحي الذي غادرته مرغمة وحيدة خائفة.   

نزحت سارة التي لم تتعدَ سن 13 مع الجموع جنوباً إلى آخر الملاذات الآمنة إلى رفح لم تتخلَ عن عُمر فقد تبنته وصارت تهتم به وأصبح هو متنفسها الوحيد في هذا الفضاء المظلم وزعت إلى مخيم بعيد مع عدد من اللاجئين هنا خيمة عليها شعار أممي وبضع بطانيات أتت من أوربا التي تتضامن مع العدو وبرميل ماء عليه مُلصق يقول (الماء محدود خذ كفايتك فقط) تقول سارة لم أجد عربيا واحدا في هذه المخيمات يهب لنجدتنا كما أخبرتني أمي ذات يوم عن وقفات الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله الذي بنى لنا بيتنا مرتين عقب تهديمه من قبل الصهاينة وكم أخبرتني جدتي وهي تفتخر بموقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله شديد اللهجة مع أمريكا بوقف الحرب على غزة في مرة سابقة فتم إيقافها فوراً وآخر الأحاديث كان عن العدوان الأخير علينا عندما قدم رئيس الوزراء المصري وعدد من طاقمه الوزاري إلى غزة متحدين الصلف الصهيوني ..سألت سارة أين هم اليوم؟ ...هل تركونا وحيدين هنا؟

*********************

قصة سارة مُستوحاة من شهادة وردت على لسان طفلة فلسطينية نزحت من شمال غزة إلى رفح، رواها طبيب سويدي بشكل مقتضب في مدونته.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

آخرهم كندة علوش وسيلين ديون.. أوجاع المشاهير تؤرق جمهور التواصل الاجتماعي

لا يمكنك أن تجد السعادة، وأنت غارق في حديثك عن الألم"، هكذا قال عالم النفس سيجموند فرويد منذ قرابة قرن من الزمان، ولكن في عصر السوشيال ميديا، تغيّرت "فلسفة الألم" لدى البشر، وخاصة المشاهير وأهل الفن، فلم يعد يمر يوم إلا وتنتشر صور فنان أو فنانة، وهم على فراش المرض، لطلب الدعوات من الجماهير، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى التقاط أحدهم "سيلفي" مع الأجهزة الطبية والمحاليل، دون نسيان وضع "رتوش" من مساحيق التجميل!!

وبرغم اتفاق معظم الفلاسفة، على أن السعادة في أقصى درجات وضوحها هي "غياب الألم"، وبرغم حرص فناني "الزمن الجميل" على إخفاء "عذابات الألم" عن جماهيرهم، ليظل وجودهم مرتبطا في الأذهان بالسعادة والبهجة، إلا أن فناني عصر "انستجرام"، يهوى معظمهم الوقوف أمام الألم، بل والتحديق فيه، والانتباه إليه، وتوثيقه، لن نتجاوز إلى حد اتهامهم، حاش لله، بـ"الاتجار بالألم"، أو "التمارض"، والسعي لركوب "التريند"، ولكن ما تصافحه العيون كل يوم أصبح فوق الاحتمال.

في نوفمبر 2017 استيقظ الجمهور العربي على صور مسربة للفنانة الكبيرة شادية، وهي داخل غرفة عناية مركزة بأحد المستشفيات، وكانت تبدو في حالة متدهورة، أصيب الجمهور بصدمة ذات وجهين: الحزن على مرضها، ولوعة شكلها الذي كان يدعو للشفقة، بحكم المرض الأخير، وهي "الدلوعة" فتاة أحلام شباب الستينيات، وحدثت ضجة إعلامية كبرى وصلت إلى الأمر بوضع "حرس" من رئاسة الجمهورية لحماية الفنانة الكبيرة من انتهاك خصوصيتها في تلك اللحظات الحرجة، وتمت محاسبة الممرضات اللواتي سهّلن دخول أحد "الصحفيين" للحصول على الصور!!

وكانت مواقع التواصل الاجتماعي، في 2014، قد تداولت صورة للفنانة الكبيرة صباح، من فراش المرض بأحد المستشفيات، في حالة مزرية، وثارت غضبة الجماهير مما دعا المكتب الإعلامي للشحرورة، لمطالبة الحكومة اللبنانية بالتحقيق في شأن تسريب الصورة.

وفي 2018، توارت المطربة اللبنانية إليسا عن الأنظار، وخاضت رحلة آلام السرطان بعيدًا عن أقرب أصدقائها، وبعد وصولها لمراحل التعافي، شاركت الجمهور خبر إصابتها، ووثقت لحظات الفحوص الطبية، ودموع الألم، وأذاعتها ضمن أغنيتها "إلى كل اللي بيحبوني"، وبعثت برسالة لكل امرأة بأن تشحذ قواها لمقاومة المرض الخبيث، ولكنها كانت محتفظة بجمالها ورونقها خلال كليب الأغنية، وثارت ثائرتها عقب تسريب صورة لها داخل أحد المستشفيات، من باب الاحتفاظ بالخصوصية في لحظات الألم الشديد.ومن لبنان أيضا، ثار جمهور سلطان الطرب جورج وسوف، عقب نشر صورة له على فراش المرض، وتمت معاقبة طاقم التمريض.

ومنذ عقود، ظل الفنانون يخفون لحظات ضعفهم، ولا يشاركونها على الملأ، ولولا همهمة الخبثاء بأن العندليب الراحل عبد الحليم حافظ "يدّعي المرض"، لما وافق على نشر صور له من مستشفيات العاصمة البريطانية لندن.

وفي السنوات الأخيرة، احتفظ فنانون بأوجاعهم سرا لفترات طويلة، واكتفى بعضهم بنشر معلومات مقتضبة لـ"مصارحة وطمأنة الجمهور"، ومنهم هيثم شاكر ورامي جمال، فيما فضلت ميريام فارس وهيفاء وهبي الاختفاء عن الأنظار، لحين التعافي ومصارحة الجمهور بدون تفاصيل دقيقة عن المرض، بينما فوجئ الجميع بتسريب صور للمطرب محمد حماقي وهو بحالة إعياء شديد على فراش المرض، ما أزعج أسرته ووصفوا مسرّب الصور بأنه "مريض نفسي".

على الجانب الآخر، نشر معظم الفنانين ما يشبه "جلسات تصوير" داخل غرف بيضاء في المستشفيات، مع مختلف زوّارهم من المشاهير، ثم نشروا الصور تباعا، بينما طلب أحد المطربين من متابعيه الدعاء بالشفاء من "نزلة البرد" التي ألزمته الفراش، ووثقت إحدى الفنانات الشابات "يومياتها" بالمستشفى بعد إصابتها بـ"وعكة صحية" لم تفصح عنها، بينما تحرص الفنانة فيفي عبده على توثيق لحظات "الوجع" في المستشفيات، عبر صفحاتها الشخصية سواء "انستجرام"، أو "فيسبوك"، مبررة آلامها بـ"نظرات الحسد"، ووصل الأمر إلى "البث المباشر" من الغرف البيضاء بالمستشفيات، بصحبة المحاليل والأجهزة الطبية، لهدف معلن هو "طمأنة الجمهور"!

وتمادى بعض الفنانين والإعلاميين، لدرجة نشر "تقاريرهم الطبية" على الملأ، عبر صفحات التواصل، ومنهم مشاهير الغناء والتمثيل من النجوم الشباب (بصفة خاصة)، في رحلاتهم العلاجية، وحتى "فترات النقاهة"، كما أصبح البعض يفضّل (أيضًا)، مشاركة صور "أبنائهم وزوجاتهم" على فراش المرض، طالبين الدعاء من الجمهور، بينما نشرت إحدى "الممثلات المغمورات" صورتها في حالة إعياء، وهي بكامل أناقتها ومساحيق تجميلها، وكتبت تعليقا يؤكد أنها "أصيبت بضيق في التنفس من زحام افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي"!!

وبينما نشرت الفنانة أمل رزق، في 2018، مقاطع فيديو وهي في حالة إعياء شديد تستغيث لإنقاذها من هبوط الدورة الدموية، وبالفعل تدخلت نقابة الممثلين وقتذاك ووفرت لها غرفة بأحد المستشفيات. في الوقت نفسه نشر عدد من الفنانات صورًا لهن بداخل مستشفيات أمريكا وإنجلترا، في رحلاتهم العلاجية "الغامضة"، ووصل الأمر بالمطرب راغب علامة لنشر صورته في عيادة تجميل طبيب لبناني شهير، كانت مثار جدل واسع، بينما قام بعض "مطربات لبنان" بنشر صور لهن في "حالة إغماء" مكتفيات بتعليق مقتضب: "إدعولي".

وفي الأيام الأخيرة، على جانبي الكرة الأرضية، حدث ما لم يكن في الحسبان، ظهرت الفنانة السورية كندة علوش، لتصارح الجمهور بأنها في مرحلة التعافي من السرطان، بعد مشوار طويل وشاق تحمّلت خلاله سخافات بعض المتنمرين على زيادة وزنها، وثارت موجة تعاطف ضخمة بين الجمهور وزملائها الفنانين، وأعقبت صدمة "علوش" صدمة جديدة مع عرض فيلم وثائقي عبر إحدى المنصات العالمية، عن المغنية الكندية سيلين ديون، تظهر فيه بمشاهد مؤلمة غاية في القسوة، وهي على فراش المرض، حيث تعاني من مرض نادر ينهش جسدها الضئيل منذ قرابة عامين، أطلق عليه "متلازمة الشخص المتيبس"، ظهرت تصرخ وتتشنج وقالت وهي تنتحب: "هذه أنا، إن لم أستطع الركض فسأمشي، إن لم أستطع المشي فسأزحف، لكنني لن أتوقف.

اقرأ أيضاًأحمد فهمي لـ«الأسبوع»: شخصية «الماكس» أرهقتني.. وإنتاج جزء ثاني من «السفاح» شائعات

لطيفة لجمهورها بعد تجاوز كليبات ألبومها حاجز الـ10 ملايين مشاهدة: بحبكم واستنوا الباقي

«مبروك يا أبو عز».. محمد مهران يهنئ إسلام جمال لاستقباله مولوده الأول

مقالات مشابهة

  • دقيقة من وقتك: بين الأماني والسعي.. احرصوا أن تصلوا بسلام
  • خوري تبحث مع ممثلي التجمع الوطني التباوي التحديات التي تواجههم في التهميش السياسي
  • أشياء بسيطة تحقق لك السعادة وتحسن صحتك
  • البرازيل تبحث عن نقطة التأهل لدور الثمانية أمام كولومبيا في كوبا أمريكا 2024
  • آخرهم كندة علوش وسيلين ديون.. أوجاع المشاهير تؤرق جمهور التواصل الاجتماعي
  • سفيرة مصر برواندا تبحث مع وزير الخارجية سُبل تعزيز العلاقات وأزمة غزة
  • بشرى سارة في الأهلي قبل مواجهة طلائع الجيش
  • كوبا أمريكا 2024.. الأرجنتين تبحث عن تحقيق العلامة الكاملة في لقائها أمام البيرو
  • بشرى سارة.. الاتحاد الأوروبي يدعم الاستثمارات في مصر بـ 7.4 مليار يورو
  • السفر على اللواري وسطح قطار الألم