عربي21:
2025-01-30@14:17:45 GMT

هل تفقد مصر ما تبقى لها من مكانة؟!

تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT

لم تسلم زكائب الدولارات التي انهمرت على مصر مؤخرا من أطراف دولية وإقليمية؛ من شكوك المصريين وتساؤلاتهم عن المقابل المدفوع أو الذي سيدفع نظير هذه المليارات التي هي ليست عملا خيريا بالتأكيد. لم تكن الإجابة عويصة عليهم بعد خبرة عشر سنوات مع النظام الذي يحكمهم، وأصبحوا يعرفون جيدا أولوياته ومحاذيره، وعلى الفور كانت الإجابة جاهزة، "إنها غزة" و"المهاجرون الأفارقة".



من يمد يده لا يستطيع أن يمد قدمه، وحين كانت مصر قوية عفية ذات مهابة في منطقتها، كانت توصف بالشقيقة الكبرى، صاحبة الكلمة المسموعة. لن نذهب بعيدا إلى الخمسينات وحتى التسعينات من القرن المنصرم بحثا عن تلك المكانة المفقودة، بل وجدنا هذه المكانة والهيبة عقب ثورة يناير، فحين هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي غزة أواخر 2012 إبان حكم الرئيس المدني محمد مرسي رحمه الله، تدخلت مصر على الفور فأوقفت العدوان بكلمة من رئيسها، وبزيارة لرئيس حكومتها إلى غزة، وبفتح معبر رفح بشكل كامل أمام دخول المساعدات دون إذن أو تنسيق مع الكيان.. لقد حسب الكيان لمصر وقتها حسابا فلم يجرؤ على تعطيل أي قافلة مساعدات، وحسبت الإدارة الأمريكية لمصر حسابا فقطعت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون رحلتها الآسيوية عائدة إلى القاهرة بحثا عن حل سريع، وقبلت الصياغة المصرية لوقف إطلاق النار..

لكن تلك الهيبة تبعثرت في حرب غزة الأخيرة، ووقفت عاجزة عن فتح معبر رفح بشكل كامل خشية الضربات الإسرائيلية لقوافل المساعدات، ثم هي نقف الآن متفرجة على إنشاء ميناء بحري في غزة سيكون بديلا لمعبر رفح؛ ما يفقد مصر آخر أوراقها التي تمنحها دورا مهما في غزة، وينتقص من مكانتها عموما.

كانت مصر في مرحلة "الغرغرة" اقتصاديا قبل أيام من طوفان الأقصى، ديون خارجية تجاوزت 165 مليار دولار، وأقساط وفوائد حل أجل دفعها خلال العام 2024 بقيمة 34 مليار دولار، بخلاف ما يستحق للأعوام التالية، بينما كان احتياط النقد الأجنبي في البنك المركزي 33 مليار دولار فقط. وهناك العديد من المشروعات الكبرى التي عجزت السلطات عن استكمالها فقررت تجميدها عند مراحلها الأولى، وكميات ضخمة من الواردات السلعية محتجزة في الموانئ المصرية بسبب نقص العملة الصعبة لسداد مستحقاتها، أضف إلى ذلك فاتورة واردات سنوية تبلغ حوالي مائة مليار دولار، فيما تراجعت الصادرات بنسبة 25 في المئة في الفترة من كانون الثاني/ يناير وحتى أيلول/ سبتمبر 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، حيث سجلت حوالي 31.5 مليار دولار، بانخفاض نحو 7.8 مليار دولار وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء.

زاد من صعوبة الموقف تشدد صندوق النقد الدولي في مطالبه المرتبطة بقرض بسيط قيمته 3 مليارات دولار فقط لعلاج بعض الخلل في الميزانية، حيث كان يلح على تعويم الجنيه بشكل عاجل، وعلى خصخصة القطاع الاقتصادي العسكري، وفي الوقت نفسه (قبل طوفان الأقصى) أعلنت الدول الخليجية التي اعتمدت عليها مصر من قبل كثيرا؛ توقفها عن تقديم مساعدات جديدة.. وكل هذا تغير تماما بعد الطوفان.

أصبح السيسي أكثر استعدادا لفعل أي شيء لإنقاذ نظامه، خاصة أن لديه سابق خبرة حين تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية ثمنا لدعمها الكبير له عقب انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013، وقد استطاع قمع الاحتجاجات الشعبية، كما أهدر حكما قضائيا باتا صادرا من المحكمة الإدارية العليا ببطلان ذلك التنازل، كما أنه سكت عن الممارسات الإماراتية الماسة بالأمن القومي المصري في أفريقيا خاصة في إثيوبيا والسودان، وقبِل تمدد دورها على حساب مصر فيما يخص القضية الفلسطينية والتطبيع الإبراهيمي.

في الأزمة الاقتصادية الجديدة جاءت حرب غزة بردا وسلاما على النظام رغم أنها تسببت في تراجع إيرادات قناة السويس مؤخرا بحدود 50 في المئة بعد ضربات الحوثيين للسفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الكيان عبر البحر الأحمر، فجأة اكتشف الغرب وتابعوه من العرب أهمية مصر في المعركة، فهي الدولة المجاورة مباشرة لقطاع غزة، وهي التي تملك السيادة على معبر رفح شريان الحياة للقطاع، وهي تملك في الوقت نفسه علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني.

مع الاجتياح الإسرائيلي للقطاع ورفعه شعار التهجير، اتجهت عيون الكيان وداعميه إلى مصر كمكان مناسب لهذا التهجير، وبدأ التلويح بورقة المساعدات المالية الضخمة لإنقاذ الاقتصاد المصري ثمنا لذلك، وعلى الرغم من الموقف الرسمي المصري المعلن الرافض للتهجير إلى سيناء واعتبار ذلك خطا أحمر، إلا أن محاولات الالتفاف على هذا الموقف المصري من قبل الكيان الصهيوني وداعميه لا تزال قائمة، وهذه المحاولات لا تنطلق من فراغ بل لقناعتها بإمكانية تحقيق ذلك عبر حوافز أكثر تشجيعا، مستغلة الحالة المتردية للاقتصاد المصري وحاجة النظام للمزيد من المليارات لسداد ديونه واستكمال مشروعاته، والإنفاق على أساسيات الحياة.

بناء ميناء بحري في غزة بحجة تسهيل وصول المساعدات إلى سكان القطاع يمثل خطورة كبيرة ليس فقط على الوضع في غزة، بل على الأمن القومي المصري وعلى الدور المصري التاريخي تجاه القضية الفلسطينية، فهذا الميناء الذي يتم تأسيسه دون موافقة من الجانب الفلسطيني، والذي سيفتح الباب لدخول قوات أمريكية وغربية دون موافقة فلسطينية أيضا، سيكون أيضا ثغرة لتنفيذ مخطط التهجير بطريقة التفافية، فمع تزايد القصف الجوي والبري، ومع احتمال وقوع الاجتياح الشامل لمدينة رفح التي تحتضن أكثر من مليون لاجئ ستكون الفرصة سانحة أمام آلاف الفلسطينيين الذين يريدون النجاة من الموت، وستقدم الولايات المتحدة والدول الأوربية تسهيلات كبيرة لمن يرغب في الخروج، واستضافتهم في دول أوروبية وعربية وستكون مصر من تلك الدول، حتى لو لم يكن التوطين في سيناء بل في محافظات مصرية أخرى، وسيبرر النظام المصري الأمر ساعتها بأنه جزء من تسوية دولية مؤقتة للأزمة.

بالإضافة إلى صفقة رأس الحكمة التي بلغت 35 مليار دولار، أبرمت مصر اتفاقات برقم مماثل تقريبا مع الاتحاد الأوربي، ومع صندوق النقد، والبنك الدولي، وبعض المؤسسات الدولية، بعد أن كانت هذه الأطراف متشددة أو رافضة لتقديم المساعدات من قبل، وليس خافيا أن هذا التغير المفاجئ في مواقفها يرتبط بشكل أساسي بحرب غزة والدور المصري الراهن، والمستقبلي حيالها، وأيضا الدور المصري في مكافحة الهجرة إلى أوروبا.

هذه المليارات يمكن أن تسهم في حلول ولو جزئية للأزمة الاقتصادية، لكنها تنتقص حتما من هيبة مصر ودورها ومكانتها، فمن يمد يده لا يستطيع مد رجله كما ذكرنا.

twitter.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر غزة المساعدات السيادة مصر غزة مساعدات السيادة نفوذ مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیار دولار فی غزة

إقرأ أيضاً:

خسائر الاقتصاد الإسرائيلي تجاوزت 34 مليار دولار

5 مليارات دولار و6.9% من الناتج المحلي مقدار العجز في الميزانية الإسرائيلية في ديسمبر من صراع عسكري إلى أزمة سياسية واقتصادية عميقة:
– الضغط السياسي يتزايد على الكيان المحتل والمستوطنون يسعون لفهم إدارة الحرب
– اتهامات للمجرم نتنياهو بالإدارة المتهورة والفشل في تحقيق أي من أهداف العدوان على غزة استجابة للتصعيد العسكري:
– العجز المالي: مؤشر تصاعدي من 4.5% إلى 8.5% خلال الأشهر الستة الأولى من 2024
– تبعات الحرب على الميزانية تكبد الاحتلال 125 مليار شيكل منذ بدء الحرب على غزة وتساؤلات حول الشفافية

مع إعلان المجاهد محمد الضيف عن بدء عملية «طوفان الأقصى» ردًا على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، انطلقت شرارة الحرب التي تُعتبر واحدة من الأكثر دموية في تاريخ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. كان يوم السابع من أكتوبر 2023 يومًا لن ينساه الإسرائيليون، حيث بدأ الهجوم المفاجئ الذي أسفر عن تقدير عدد كبير من الخسائر. في أيام قليلة، بلغت حصيلة الضحايا نحو 1200 قتيل، بالإضافة إلى احتجاز حوالي 250 شخصًا داخل قطاع غزة. ومع استمرار القتال، ارتفعت الأرقام بشكل مأساوي، حيث تجاوز عدد القتلى الذين سقطوا في الهجمات الفلسطينية 1830، كان من بينهم أكثر من 840 جنديًا إسرائيليًا، بالإضافة إلى 23,700 مصاب. ومنذ بدء التوغل البري في قطاع غزة، قُتل أكثر من 400 ضابط وجندي.
الثورة/ يحيى الربيعي

الآثار الأسوأ مما يعلن
لم يتوقف الأثر عند الجانب العسكري فقط، فقد أثرت الحرب بشكل كبير على الاقتصاد الإسرائيلي. وأعلنت ما تسمى بوزارة المالية الإسرائيلية أن تل أبيب تكبدت خسائر تتجاوز 34 مليار دولار منذ بدء العدوان. وقد أدى ذلك إلى تسجيل عجز في الميزانية تفوق قيمته 5 مليارات دولار في ديسمبر الماضي، مما زاد من الضغوط على الخزينة الإسرائيلية.
تُظهر التقارير أن العجز المالي الذي أعلنته الحكومة الإسرائيلية وصل إلى 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، أي ما يعادل حوالي 136 مليار شيكل (36.1 مليار دولار). وأكدت التحليلات أن العجز الحقيقي قد يكون أسوأ مما تم الإعلان عنه، حيث يُرجح أن يصل إلى 7.2% من الناتج المحلي الإجمالي، أو حوالي 142 مليار شيكل (37.7 مليار دولار).
عدا عن الأثر الاقتصادي، فقد أدت الحرب إلى انقسامات شعبية وسياسية في الداخل إسرائيل. ووجّهت اتهامات لما يسمى بحكومة المجرم نتنياهو بإدارة الحرب بتهور، وهو ما أدى إلى انتقادات واسعة لطريقة تعاملها مع الصراع، بما في ذلك اتهامات بالتقاعس عن تحقيق صفقة مع حماس لاسترجاع المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
تتزايد الضغوط السياسية على سلطات كيان العدو الاسرائيلي، بينما يسعى الشارع الإسرائيلي لفهم الطريقة التي تدار بها الحرب، مما يزيد من الارتباك وعوامل عدم الاستقرار الداخلي. إن عملية «طوفان الأقصى» كشفت عن واقع جديد في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فقد تحولت الحرب من مجرد صراع عسكري إلى أزمة سياسية واقتصادية وسياسية عميقة، ستبقى آثارها واضحة على كل الداخل الإسرائيلي على المدى الطويل. في الأيام المقبلة، فإن السؤال الأكثر إلحاحًا هو: كيف ستكون ردود الفعل والسياسات مقابل استمرار النزاع والانقسامات الداخلية؟

ارتفاع العجز المالي والتكاليف المباشرة للحرب
شهدت الميزانية الإسرائيلية تقلبات ملحوظة خلال عام 2024، وكانت هذه التقلبات نتيجة مباشرة لتصعيد العمليات العسكرية والقتالية، حيث تم تعديل الأولويات المالية لمواجهة التوترات المتزايدة على الحدود.
مع بداية عام 2024، بدأ العجز يظهر بوضوح، حيث سجل 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي في يناير. ومع تصاعد التوترات، ارتفع العجز بشكل متتالٍ، ليصل في فبراير إلى 4.8% نتيجة لزيادة الإنفاق الدفاعي. وفي مارس، استمرت هذه الاتجاهات فبلغ العجز 5.2%، بينما وصل في أبريل إلى 5.7% بسبب المخاوف الأمنية. في مايو، ساهمت تدابير الإنفاق الإضافية في ارتفاع العجز إلى 6.1%، ليبلغ في يونيو 6.6%.
ولم يتوقف الوضع عند هذا الحد؛ إذ استمر العجز في يوليو في التحليق، مسجلاً 7.0%. في أغسطس، تخطى العجز 7.5%، بينما شهد سبتمبر قفزة جديدة وصلت بالعجز إلى 8.5%، نتيجة لتصاعد الحرب في غزة ولبنان، وقد بلغت النفقات في ذلك الشهر 103.4 مليارات شيكل (28 مليار دولار). على الرغم من بعض التراجعات الطفيفة في أكتوبر إلى 7.9%، إلا أن العجز عاد للارتفاع في نوفمبر إلى 8.2%، ليثبت في ديسمبر عند 7.7%.
بحسب تصريحات ما تسمى وزارة المالية الإسرائيلية، فقد تكبدت سلطات الاحتلال ما يصل إلى 125 مليار شيكل (34.09 مليار دولار) منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023. وسجّلت «الوزارة» عجزًا في الميزانية قدره 19.2 مليار شيكل (5.2 مليارات دولار) في ديسمبر، مشيرةً إلى ارتفاع النفقات المخصصة لتمويل العمليات العسكرية في غزة ولبنان.
ومع ذلك، فإن التكاليف التي أعلنتها السلطات الإسرائيلية تُظهر صورة أقل من الواقع، حيث تشير تقديرات صحيفة كالكاليست الاقتصادية إلى أن تكلفة الحرب على غزة وحدها بلغت نحو 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024. يثير هذا الفارق بين التقديرات الرسمية والواقع تساؤلات حول شفافية ما يسمى بالحكومة الإسرائيلية وكفاءة إدارتها للأزمات، خاصة وأن الخبراء يشككون في صحة الأرقام المعلنة ويعتبرونها مجرد جزء من الحقيقة.
إن التحديات المالية التي تواجهها إسرائيل نتيجة للحرب لم تكن مجرد أرقام على ورق؛ وإنما واقعًا معقدًا يتجاوز مجرد القضايا المالية ليشمل الانعكاسات الاجتماعية والسياسية. فالعجز المتزايد يثير قلقًا كبيرًا في الداخل الإسرائيلي، ويزيد من المناقشات حول كيفية التعامل مع التحديات المستقبلية ومعالجة القضايا الداخلية التي جعلت من عمليات الحرب عبئًا ماليًا ونفسيًا على الدولة. إجمالًا، تبقى الأبعاد الاقتصادية للحرب محورية في فهم الأثر العام للأحداث الجارية، حيث أن التحديات المالية قد تعقد الجهود نحو الاستقرار وتزيد من الاستقطاب السياسي والشعبي في الداخل الإسرائيلي.

تدهور قطاع السياحة أغلق الشركات
يعاني قطاع السياحة في كيان العدو إسرائيل من تدهور كبير نتيجة الأحداث المتزايدة والصراعات المستمرة، مما ألقى بظلاله على الاقتصاد بشكل عام. إن الخسائر الناجمة عن الحرب على غزة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، أضعفت جميع جوانب الاقتصاد، وليس فقط في الجوانب البشرية أو العسكرية.
بحسب بيانات ما يسمى بمكتب إحصاء كيان العدو الإسرائيلي، شهدت صناعة السياحة انخفاضًا حادًا حيث تراجعت السياحة الوافدة بنسبة تفوق 70% خلال العام الماضي. استمر هذا التراجع بشكل ملحوظ مقارنة بعام الذروة 2019، الذي سبق جائحة كورونا، حيث انخفضت الأعداد بأكثر من 80%.
التأثيرات الاقتصادية السلبية لم تتوقف عند السياحة فقط، بل امتدت أيضًا إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة. وفقًا لتقرير نشره موقع «وصلة للاقتصاد والأعمال»، أغلقت نحو 60 ألف شركة ومشروع صغير ومتوسط أبوابها في عام 2024، بزيادة قدرها 50% مقارنة بالسنوات السابقة.
تأثرت السياحة بشدة بسبب العدوان الصهيوني على غزة ومسارات اعتداءات العدو في لبنان وسوريا واليمن وإيران والعراق، حيث تدهورت أعداد السياح بشكل ملحوظ. على سبيل المثال: في أغسطس 2024، بلغ عدد السياح الوافدين نحو 304.1 آلاف سائح. لتراجع هذا العدد إلى حوالي 89.7 ألف سائح في سبتمبر، واستمر الانخفاض إلى 38.3 ألف سائح في أكتوبر. تنعكس هذه التداعيات على الجوانب الاجتماعية والنفسية للأفراد والمجتمعات، مما يزيد من الصعوبات أمام الاقتصاد الذي بات ينحدر نحو التدهور والانكماش.
وقدرت تأثيرات إضافية على السياحة والنقل الناتجة عن خسائر جراء إلغاء الرحلات الجوية بحوالي 8.4 مليار دولار بسبب تغيب الموظفين عن العمل، بمعدل 1.2 مليار دولار أسبوعياً. كما تم إلغاء 1135 رحلة طيران من أصل 2662 كانت مجدولة حتى تاريخ 19 أكتوبر، مما أثر بشكل مباشر على قطاع السياحة. وارتفعت أجور تأمينات السفن والنقل البحري إلى 10 أضعاف قيمتها المعتادة.

تراجع الاستثمارات وأرقام الخسائر الاقتصادية
يعاني اقتصاد كيان الاحتلال الإسرائيلي من تراجع حاد في الاستثمارات الأجنبية والمحلية، مما يشير إلى تداعيات الصراعات المستمرة على الاقتصاد. وفقًا لمصادر متعددة، شهد الاقتصاد الإسرائيلي انخفاضًا ملحوظًا في قيمة الاستثمارات وارتفاعًا في الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الوضع الأمني المتقلب.
ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن الاقتصاد الإسرائيلي بدأ يعاني من انخفاض كبير في الاستثمارات الأجنبية بسبب المخاوف الأمنية. ووفقًا لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فقد انخفضت قيمة صفقات الاستثمار الأجنبي بنسبة 28% على أساس سنوي في النصف الأول من 2024، لتصل إلى 11.8 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، أشارت صحيفة «غلوبس» إلى تراجع الاستثمار في رأس المال المخاطر (الشركات الناشئة) بنسبة 6% من أكتوبر 2023 إلى سبتمبر 2024، بالإضافة إلى انخفاض حاد بنسبة 30% في عدد الاستثمارات.
كما تظهر الإحصائيات التالية الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي جراء الحرب، حيث قدرت الخسائر الشهرية بمبلغ 20 مليار دولار، فيما بلغ العجز في الموازنة 32 مليار دولار، أي 6.8% من الناتج المحلي الإجمالي. أما الديون، فقد بلغ مجموع الدين من الخارج 60 مليار دولار، بالإضافة إلى ديون سابقة وصلت إلى 300 مليار دولار. وبالنسبة لخسائر عائدات الضرائب، فقد بلغت 7.75 مليار دولار. كما انخفضت البورصة بنحو 15%، وتراجعت أسهم بعض الشركات لأكثر من 35%، كما انخفضت أسهم أكبر 5 بنوك بنسبة 20%، خاسرة أكثر من 25 مليار دولار.
وفيما يتعلق بالانعكاسات الاقتصادية الإضافية، شهد الاقتصاد انكماشا قدرته مؤسسة «جي بي مورغان تشيس» بـ11%. فيما قدرت تكلفة التعويضات لجميع المتضررين من الأفراد والشركات بـ 4.25 مليار دولار. وقدرت تكلفة إعادة إعمار 30 مستوطنة تضررت بسبب الحرب بـ 25 مليار دولار. وسجل قطاع الغاز خسائر قدرها 2.5 مليار دولار، مما زاد تكلفة الكهرباء بنسبة 10%.
تشير هذه الأرقام إلى حجم الخسائر الاقتصادية التي تكبدها الكيان المحتل جراء التصعيدات العسكرية، مما أثر بشكل واسع على مختلف القطاعات بما في ذلك السياحة، الطاقة، والصناعة. كما أظهرت الأبعاد العميقة للصراع أثرها على الاستثمارات والاقتصاد بشكل عام. وبحسب محللون اقتصاديون، فإن هذه الخسائر تشمل جميع المستويات تقريبًا، مما يعكس تهديدًا عميقًا للمنظومة الاقتصادية والأمنية الصهيونية في ظل الظروف الحالية.

تداعيات الطوفان على الداخل الإسرائيلي
شكلت عملية «طوفان الأقصى» عاملًا مهمًا في توليد الإحباط والانتكاسات المتتالية التي شهدها الداخل الإسرائيلي، مما ساهم في تفاقم الأزمات في مختلف المجالات، حيث أظهرت التداعيات أن الأبعاد الاقتصادية والسياسية والمعنوية والأمنية مترابطة بشكل معقد. وتعكس الأحداث الحالية عدم الاستقرار في الكيان المحتل، مما ينذر بتحديات مستقبلية أكبر. إن التوترات المستمرة تبين أن الاقتصاد والسياسة والأمن في خطر حقيقي طالما استمرت هذه الأوضاع.
تظهر أبعاد هذه الأوضاع في عدة مجالات، بما في ذلك المستوى الاقتصادي، السياسي، المعنوي، والأمني. إذ تشير الأرقام إلى خسائر اقتصادية كبيرة تولّدت عن الحرب، مما أثر سلبًا على القطاعات الحيوية مثل السياحة، الطاقة، والصناعة. كما تشير التقارير إلى أن هذه الخسائر تتجاوز الأرقام، حيث تتعرض المنظومة الاقتصادية والأمنية لتهديدات عميقة تتمثل في تراجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية بسبب القلق الأمني، ومنه تضررت الإيرادات بشكل كبير، مما يتطلب استجابة عاجلة لتفادي الأزمات القادمة.
على المستوى السياسي، يتعرض المجرم نتنياهو وحكومته لانتقادات حادة من المعارضة، مما أدى إلى تساؤلات حول قدرتهم على إدارة الأزمة. وقد تعالت الأصوات الداعية لاستقالته، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار داخل الائتلاف الحاكم. فضلا عما يتم الحديث عنه من احتمال تفكك ما يسمى بالحكومة بعد فشلها في تحقيق أهدافها في الحرب، مما قد يؤدي إلى سقوط الحكومة في وقت قريب.
وعلى المستوى المعنوي وفقدان قوة الحسم، تشير التقارير إلى انهيار الروح المعنوية في صفوف الجيش الإسرائيلي، نتيجة للخسائر المتكررة والانتصارات العسكرية للمقاومة. فقدت القوات الإسرائيلية ثقتها بنفسها، وأصبحت مجرد أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر» عرضة للتآكل.
وعلى الرغم من المجازر التي ارتكبها الجيش، إلا أن هذا الجيش لم يحقق شيئا من أهدافه، بل أظهرت المقاومة تكتيكات جديدة عكست ضعف قوات الاحتلال، حيث انهارت الأجهزة الاستخباراتية خلال عملية «طوفان الأقصى»، ولم تتمكن من التصدي للاختراقات أو توقع العمليات، مما أظهر ثغرات خطيرة في المنظومة الأمنية. وأثار الفشل الأمني تساؤلات جدية حول كفاءة جهاز الشاباك والموساد، مما أدى إلى حالة من عدم الثقة من قبل الجمهور. وعلى المستوى العسكري، تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في الأرواح جراء المعارك في قطاع غزة، مما أثر على المعنويات وأدى إلى دعوات لرفض الخدمة العسكرية الهروب من وحدات القتال. كما فقد الجيش العديد من المعدات العسكرية بسبب الهجمات الناجحة من قبل المقاومة، مما أدى إلى تدمير آليات حربية ومواقع.
لقد أدت الهجمات بالصواريخ والأوضاع الأمنية المتدهورة إلى شلل عام في الكيان، مما تسبب في توقف العديد من القطاعات الحيوية مثل التجارة والصناعة والسياحة. قدرت الخسائر الاقتصادية بمليارات الدولارات نتيجة هذه الظروف. أغلقت آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة أبوابها بسبب الأوضاع الأمنية، مما أدى إلى فقدان المزيد من فرص العمل وزيادة معدل البطالة. وتعطلت الموانئ والمرافق الاقتصادية، حيث أصبح ميناء أم الرشراش (حيفا) شبه خالٍ من النشاط، مما أثر سلبًا على قنوات التجارة والاقتصاد.
على المستوى الداخل الإسرائيلي، عانت المدن المحتلة من تظاهرات واسعة تطالب بمحاسبة نتنياهو والجيش، مما أظهر انقسامًا شعبيًا عميقًا بين معارضي السياسات الحالية ومؤيديها. فضلا عن أن العديد من الإسرائيليين يعيشون حالة من الرعب الدائم بسبب الصواريخ والعمليات المتواصلة، مما أدى إلى نزوح الكثير منهم من المناطق القريبة من قطاع غزة.
أما على المستوى الإقليمي، فقد أدت تداعيات «طوفان الأقصى» إلى عزل الكيان على المستوى الإقليمي، حيث فضحت بعض الأنظمة العربية المخطط التواطئي، مما زاد من عزلة الكيان وأثار غضب الشعوب العربية والإسلامية. ناهيك عن فقدان الكيان لنفوذه الإقليمي، حيث أظهرت المقاومة قدرتها على التحدي والمواجهة، مما خلق واقعًا جديدًا جعل الكيان يخسر الكثير من استراتيجياته.

مقالات مشابهة

  • الآثار والمتاحف تعلن فتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا
  • رويترز: طائرة بلاك هوك العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت في رحلة تدريبية
  • خسائر الاقتصاد الإسرائيلي تجاوزت 34 مليار دولار
  • المركزي المصري: 26.3 مليار دولار تحويلات المصريين بالخارج في 2024
  • تركيا: هدفنا رفع التبادل التجاري مع العراق إلى 30 مليار دولار
  • تحذير من روتين يومي في العراق: البلاد تنفق نحو 2 مليار دولار في الازدحام
  • هيئة المتحف المصري الكبير: التكلفة الإجمالية لإنشائه بلغت 1.2 مليار دولار
  • رئيس المتحف المصري الكبير: هدف حفل الافتتاح تسليط الضوء على مكانة مصر السياحية
  • اللواء سمير فرج: تصريحات ترامب بتهجير الفلسطينيين كانت صادمة للشارع المصري والعربي
  • جينيفر لوبيز تحتفل باللحظة التي كانت تنتظرها طوال حياتها