أكبر منتجي الألماس في العالم.. دول أفريقية تتصدر
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
يرتبط الألماس في الأذهان غالبا بالثراء والأناقة والرفاهية، فهو ذو بريق أخاذ، لكن 80% من هذا الحجر الكريم المستخرج يستخدم لأغراض صناعية في الأساس، كما أن الباحث في كبار منتجيه وطريقة استخراجه وتصنيعه قد يكتشف حقائق مذهلة، فعدد منتجيه من الدول يبلغ 22 فقط، وتستأثر أكبر 10 بلدان إنتاجا بأكثر من 99% من إنتاجه العالمي.
ونشر موقع "فيجوال كابيتاليست" الاقتصادي الكندي جانبا من بيانات منظمة "كيمبرلي بروسيس" الأميركية لعام 2022، بالإضافة إلى إحصاءات أعدها أشوك داماروبرشاد المتخصص في الألماس والمعادن الثمينة والمقيم في جنوب أفريقيا.
1- أكبر منتجي الألماس في العالمتصدرت روسيا دول العالم في إنتاج الألماس عام 2022 بإجمالي يناهز 42 مليون قيراط (القيراط وحدة قياس الوزن الفيزيائي للألماس ويساوي 0.2 غرام).
ويشير الإنتاج الكبير لروسيا من الألماس وتصدرها قائمة البلدان الأكثر تعدينا إلى أنها استطاعت الالتفاف على العقوبات العديدة المفروضة عليها جراء الحرب مع أوكرانيا التي اندلعت في فبراير/شباط 2022.
ووفقا للموقع الكندي، فإن الصعوبات المتعلقة بتعقب مصادر الألماس أحد العوامل التي ساعدت روسيا على تخطي قيود العقوبات.
وتتفوق روسيا على أقرانها في إنتاج الألماس بفارق شاسع، في حين تأتي بتسوانا في المركز الثاني بإجمالي 24.8 مليون قيراط (4.96 ملايين غرام).
أما المركز الثالث فجاء من نصيب كندا التي أنتجت 16.2 مليون قيراط (3.24 ملايين غرام)، تليها الكونغو الديمقراطية رابعا بإجمالي 9.9 ملايين قيراط.
وهذه قائمة "فيجوال كابيتاليست" بأكبر 22 دولة منتجة للألماس الخام:
روسيا 41.92 مليون قيراط. بتسوانا 24.75 مليون قيراط. كندا 16.24 مليون قيراط. الكونغو الديمقراطية 9.9 ملايين قيراط. جنوب أفريقيا 9.66 ملايين قيراط. أنغولا 8.76 ملايين قيراط. زيمبابوي 4.46 ملايين قيراط. ناميبيا 2.05 مليون قيراط. ليسوتو 727 ألفا و737 قيراطا. سيراليون 668 ألفا و970 قيراطا. تنزانيا 375 ألفا و533 قيراطا. البرازيل 158 ألفا و420 قيراطا. غينيا 128 ألفا و771 قيراطا. أفريقيا الوسطى 118 ألفا و44 قيراطا. غيانا 83 ألفا و382 قيراطا. غانا 82 ألفا و500 قيراط. ليبيريا 52 ألفا و165 قيراطا. ساحل العاج 3904 قراريط. الكونغو برازافيل 3904 قراريط. الكاميرون 2431 قيراطا. فنزويلا 1665 قيراطا. مالي 92 قيراطا. الألماس.. ثنائية الجودة والقيمةيختلف الألماس عن النفط والذهب في استئثار أكبر 10 دول منتجة بنحو 99% من الإنتاج العالمي، مقابل توزيع النفط والذهب بنسب متقاربة بين عدد أكبر عدد من البلدان، وفق التقرير.
وليس بالضرورة أن يجني من ينتج أكثر في حسابات الألماس، فالجودة والنقاء والقطع عوامل تحدد القيمة، وأشار "فيجوال كابيتاليست" إلى أن بتسوانا أنتجت 59% مما أنتجته روسيا من الألماس عام 2022، لكن قيمته الفعلية بلغت زهاء 5 مليارات دولار، أي مرة ونصف أعلى مما جنته روسيا.
وفي السياق ذاته، تقبع أنغولا في المركز السادس في قائمة أكبر منتجي الألماس عام 2022، في حين تحل ثالثة في ترتيب الأكبر قيمة.
وتنتج بتسوانا وأنغولا إلى جانب جنوب أفريقيا وكندا وناميبيا ألماسا ذا جودة عالية كمجوهرات، في حين يكون الاستخدام الصناعي هو الهدف الرئيسي لتعدين الألماس لدى لبلدان أخرى تتضمن روسيا والكونغو الديمقراطية.
زيادة إنتاج الألماس لا تعني ارتفاع العائد (شترستوك) أكبر 20 دولة من حيث القيمة السعرية للألماس عام 2022وهذه قائمة الموقع الكندي بأكبر 20 دولة من حيث القيمة السعرية للألماس عام 2022:
بتسوانا 5 مليارات دولار. روسيا 3.55 مليارات دولار. أنغولا 1.96 مليار دولار. كندا 1.9 مليار دولار. جنوب أفريقيا 1.53 مليار دولار. ناميبيا 1.23 مليار دولار. زيمبابوي 424 مليون دولار. ليسوتو 314 مليون دولار. سيراليون 134 مليون دولار. تنزانيا 110 ملايين دولار. الكونغو الديمقراطية 65 مليون دولار. البرازيل 30 مليون دولار. ليبريا 18 مليون دولار. أفريقيا الوسطى 15 مليون دولار. غيانا 14 مليون دولار. غينيا 6 ملايين دولار. غانا 3 ملايين دولار. الكاميرون 250 ألف دولار. الكونغو برازافيل 200 ألف دولار. ساحل العاج 160 ألف دولار. قارات العالم الأكبر إنتاجا للألماس عام 2022وليس من قبيل المفاجأة أن تتصدر أفريقيا قارات العالم في إنتاج الألماس عام 2022 -سواء من حيث الوزن أو القيمة- بنسبة 51 و66% على التوالي.
وهذه مناطق العالم الأكبر إنتاجا للألماس عام 2022 وفق "فيجوال كابيتاليست":
أفريقيا 51.4%. أوروبا 34.9%. أميركا الشمالية 13.5%. أميركا الجنوبية 0.2%. قارات العالم صاحبة القيمة السعرية الأكبر للألماس عام 2022 أفريقيا 66.4%. أميركا الشمالية 52.8%. أوروبا 32.9%. أميركا الجنوبية 2.4%. أكبر مستوردي الألماسووفق موقع "ذا غلوبال إيكونومي"، فقد جاء أكبر مستوردي الألماس في العالم من حيث القيمة كالتالي:
الهند 18.8 مليار دولار. الإمارات 10.4 مليارات دولار. إسرائيل مليارا دولار. بتسوانا 1.66 مليار دولار. الصين مليار دولار. جنوب أفريقيا 802 مليون دولار. سنغافورة 791 مليون دولار. لبنان 306 ملايين دولار. أرمينيا 288 مليون دولار. الولايات المتحدة 209 ملايين دولار.وعلى الرغم من ذلك فإن تعدين الألماس في أفريقيا ظاهرة حديثة نسبيا تعود إلى أقل من 200 عام وفقا للموقع الكندي، إذ بدأ اكتشاف الألماس وتثمينه قبل ألفي عام في الهند، قبل أن ينتشر لاحقا نحو الغرب إلى مصر والإمبراطورية الرومانية.
ومع بداية القرن الـ20 انطلق إنتاج الألماس على نحو واسع النطاق في جنوب أفريقيا أولا ثم دول أفريقية أخرى.
وحسب دراسة نشرها المعهد الأميركي للأحجار الكريمة، أنتجت أفريقيا ما يربو على 98% من الألماس في العالم خلال الفترة من 1889 إلى 1959.
وفي النصف الثاني من القرن الـ20 ظهر مصطلح "الألماس الدموي" الذي يعني تمويل حركات التمرد أو الجريمة من عائدات الألماس في مناطق الصراع في أفريقيا، وفقا للموقع الكندي.
مراحل تصنيع الألماسنشر موقع "ماينينغ فور سكولز" التابع لمؤسسة "مينرالز كاونسيل" الجنوب أفريقية ما سماها "دورة حياة تعدين الألماس"، وفقا للمراحل التسع التالية:
الاستكشافيستخدم خبراء الجيولوجيا وسائل عديدة لاستكشاف صخور "الكمبرلايت" التي تعد المصدر الرئيسي للألماس، وتتضمن الاستشعار عن بعد عبر الأقمار الصناعية وأخذ العينات الاستطلاعية.
يتم بعد ذلك حفر أي صخور كمبرلايت يتم اكتشافها لمعرفة ما إذا كانت تحتوي على كميات اقتصادية من الألماس، فتحليل العينات يمنح مؤشرات بشأن الجودة والتكلفة والقيمة، وعلى هذا الأساس يتخذ القرار بشأن البدء في التعدين أم لا.
التعدينتعدين الأنابيب: نوعان، أحدهما "التعدين في الحفرة المفتوحة"، و"التعدين تحت الأرض".
التعدين في الحفرة المفتوحة
ويعني إزالة طبقات الرمل والصخور الموجودة فوق الكمبرلايت مباشرة، وبعد ذلك يتم تكسير الخام من خلال التفجير، إذ يستطيع تفجير واحد تكسير نحو 45 ألف طن من الخام.
وتقوم الحفارات بتحميل الخام في شاحنات النقل ونقله إلى كسارة الخام الأولي لتبدأ عملية استخراج الألماس، ويعد منجم "فينيشيا" في جنوب أفريقيا مثالا على هذا النوع من التعدين، وفقا للتقرير.
التعدين تحت الأرض
يعتمد على حفر نفق داخل القشرة الأرضية عبر أنبوب الكمبرلايت، ويتم إنشاء الأنفاق على مستويين تفصل بينهما مسافة 25 متر رأسيا.
معالجة الخاميتم استخراج الألماس من الخام من خلال المراحل التالية:
التكسير: بمجرد جمع الخام الذي يحمل الألماس والحصى يتم نقله إلى كسارة أولية تقلل حجم الألماس إلى قطع أصغر يمكن التعامل معها بشكل أفضل ولا تزيد الواحدة منها على 150 مليمترا، ويتم استخدام كسارة ثانية من أجل تقليص الحجم أكثر.
التنقيح: تشهد هذه المرحلة عملية إزالة المواد الزائدة واستبعاد أي مادة تقل عن 15 مليمترا، لأن استخراج الألماس من مثل هذه القطع الصغيرة جدا مكلف للغاية.
فصل الوسائط الكثيفة: أثناء هذه المرحلة يتم مزج الخام الذي يحمل الألماس بمحلول من مسحوق الفيروسيليكون والماء الذي يتم قياسه لدرجة كثافة نسبية معينة، ويستهدف ذلك تكوين طبقة غنية بالألماس.
الاستخراج: في هذه المرحلة تتعرض الطبقة ذات التركيز العالي من الألماس لسلسلة من العمليات تتضمن تقنيات مغناطيسية وأشعة سينية إضافة إلى الليزر وتعتمد على خواص معينة داخل الألماس، ويستهدف ذلك فصل الألماس عن أي مواد أخرى مرتفعة الكثافة.
التنظيف والفرز والتعبئة: يتم تسليم الألماس الناتج عن عملية الاستخراج إلى مرفق فرز، حيث يُنظف داخل محلول حمضي ثم يُغسل قبل فرزه، ويفرز الألماس وفقا للحجم (بالقيراط) ثم يتم تصنيف كل حجم إلى فئات مختلفة من الجودة استنادا إلى لون وصفاء الحجر، وفي هذه المرحلة يفصل الألماس ذو جودة الأحجار الكريمة عن ذلك الذي يستخدم لأغراض صناعية. فرز الألماس ذي الأغراض الصناعيةينظر إلى الألماس ذي الأغراض الصناعية باعتباره منتجا ثانويا في سوق الأحجار الكريمة، فنحو 80% من الألماس الذي يتم تعدينه ليس مناسبا لاستخدامه كأحجار كريمة، ويستفاد منه في صناعة أدوات القطع والطحن.
مبيعات الألماس الخامعادة ما يباع الألماس الخام من خلال مناقصات يرى المشاركون خلالها التشكيلات ويتقدمون بعروض إلكترونية سرية قبل أن يرسو المزاد على صاحب أكبر سعر لكل طرد.
ويباع الألماس الخام إلى التجار من خلال رخصة لتجارة الألماس، وعادة ما يرسل التجار الألماس إلى متخصصين يقومون بقطعه وصقله قبل بيعه إلى تجار التجزئة أو من خلال بورصات الألماس.
القطع والصقليعد قطع وصقل الألماس بمثابة فن وعلم دقيق في الوقت ذاته، ويحتاج الشخص الواحد إلى أعوام من التدريب ليصبح محترفا في تقطيعه وتلميعه.
بيع مجوهرات الألماسيتم بيع الألماس الذي تم تجهيزه كأحجار كريمة (مجوهرات) في بورصات الألماس التي يبلغ المرخص منها 30 بوصة في أرجاء العالم.
الإغلاق وإعادة التأهيلبمجرد نفاد احتياطي الألماس في منجم ما ينبغي على مالكه إغلاق الموقع وإعادة تأهيله وتسوية الأنفاق تحت الأرض وإغلاق المداخل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الألماس فی العالم إنتاج الألماس جنوب أفریقیا ملیون قیراط
إقرأ أيضاً:
هل تكون أفريقيا هي مستقبل العالم؟
هناك مقولة سارية بين كثير من الإستراتيجيين، وهي أن أفريقيا مستقبل العالم، بالنظر إلى مواردها الغنية، وطفرتها الديمغرافية، فهل يمكن أن تكون أفريقيا من باب أولى هي مستقبل أفريقيا؟
ذلك أن أفريقيا تعيش مفارقة، فهي قارة غنية، دولها فقيرة. ولها وضع جغرافي يتوسط قارات العالم، إذ تتوسط ما بين آسيا والأميركتين، وعن شمالها توجد أوروبا، وغير مؤثرة على مسار العالم.
كانت أفريقيا دومًا موضوعًا، عوض أن تكون فاعلة، أو مؤثَّرًا فيها، بدل أن تكون مؤثِّرة. لم تتحدث قط بلسان واحد، أو تحملها رؤية موحدة، رغم أن آباءها الماهدين حملوا أمل الوحدة، ورؤية بديلة للعلاقات الدولية والاجتماعية. فتّ الماضي الاستعماري وتقطيعه الجزافي في عضد أفريقيا، ومزق أوصال مجتمعات، وأبقاها حتى بعد الاستقلال في طور التبعية، اقتصاديًا وماليًا وسياسيًا وثقافيًا، وتوزُّعها أثناء الحرب الباردة بين معسكرين متناحرين، مما أضعفها، ودفع بعضَها لخيارات خاطئة ومُكلِّفة، وتسبّب في تقاطبها.
كان جيلي ممن درس في الجامعة في مستهل ثمانينيات القرن الماضي، يستحضر مقولة مهندس زراعي فرنسي، "روني ديمون"، من كتاب يحمل عنوان، "انطلقت أفريقيا انطلاقة سيئة". كانت تلك هي الصورة التي علقت بأفريقيا، وكانت القارة السمراء غير وازنة على مسرح العلاقات الدولية.
إعلانعاودتني هذه الرؤى، بمناسبة ندوة حضرتها في نواكشوط افتتحها رئيس الجمهورية السيد محمد الشيخ ولد الغزواني، حول مستقبل أفريقيا، بتاريخ 22 يناير/ كانون الثاني الجاري.
اختيار موضوع أفريقيا وآفاق المستقبل موفَّق في عالم يمور، واختيار المكان صائب، لأن موريتانيا حلقة وصل بين شمال أفريقيا، وأفريقيا جنوب الصحراء. وإلى ذلك، فالبلد توليفة ناجحة للعنصر العربي والأمازيغي والزنجي، يمكن أن تكون مصدر إلهام لدول تتوزعها التناحرات العرقية واللسانية، ولذلك لم يكن المشاركون يجتمعون في مجرد مكان، بل في بلد يجسد فكرة.
يمكن أن نرصد أزمنة ثانية، كانت فيها أفريقيا موضوعًا، بعد الاستقلال أولًا، كما ألمعت، ثم بعد سقوط جدار برلين ثانيًا. عرفت بعض دول أفريقيا في الفترة الثانية بعض المحاولات الديمقراطية المُبتسرة التي أفضت إلى اهتزازات كما في كوت ديفوار، أو الكونغو الديمقراطية، التي كانت تُعرف بـ "زائير"، أو حروب أهلية مُروّعة كما في رواندا والصومال، واستفحل الأمر مع الاتجاهات الراديكالية، ونشاطها في منطقة الساحل. أصبح الاهتمام بأفريقيا منصبًا على قضايا أمنية بالأساس، من خلال مقاربة غربية وقوالب فكرية بزغت في الغرب، أو هاجس استغلال مواردها الطبيعية.
لعل مرحلة ثالثة تلوح في الأفق، مع التغييرات الإستراتيجية التي يعرفها العالم، وتبدُّل الفاعلين، وتغيير القواعد الناظمة للعلاقات الدولية تكون فيها أفريقيا مالكة لأمرها، وتُوظف خيراتها لصالحها. يتطلب الأمر قراءة نقدية للمرحلة الثانية التي بدأت مع سقوط جدار برلين إلى اليوم، وهي مرحلة ليست كابية بالمرّة، وليست زاهية بالمرّة.
هناك قصص نجاح لدول، ولشرائح مندمجة من دول، وارتفاع حجم مبادلات أفريقيا مع العالم وتنوعها، ولكنْ هناك بؤر، وهي الغالبة، لتوتر يتأرجح ما بين عالٍ، ومتوسط، إما بداخل الدول، أو في العلاقات البينية بين بعض الدول المتجاورة.
إعلاندخلت أفريقيا، في الفترة الثانية، العولمة بفضل الهاتف المحمول والإنترنت، وعرفت طفرة ديمغرافية غير مسبوقة، وبدا ما يسميه الإستراتيجي الفرنسي باسكال بونيفاس بـ"جاذبية أفريقيا"، وتنافس القوى الكبرى على مواردها. لكن هذه العناصر كلها، لن تجعل من أفريقيا قوة، ولا فاعلًا على مسرح العالم، ولا يؤهلها أن تُوظّف ثرواتها لصالحها، أو لصالح مجتمعاتها، إلا لفائدة فئة من الوسطاء أو رؤوس أوليغارشيات.
ظلت النظرة الغربية إلى أفريقيا مجروحة. يُنظر إليها من زاويتين تصدران عن الغرب: الزاوية الأمنية، وزاوية الهجرة. ينضاف إلى ذلك نظرة أخرى عند كل، من روسيا والصين، هي من أجل وضع اليد على مواردها، ومناكفة القوى الغربية.
لا جدال أن جماعات متطرفة تنشط في منطقة الساحل تهدد الأمن والاستقرار، لكن طبيعة تلك الجماعات تستدعي قراءة دقيقة، فهي في الغالب تُوظف توكيلًا – فرانشيز- مُعينًا لحركات جهادية، من أجل قضايا محلية، إما بحثًا عن نوع من الاعتراف المحلي، بناء على خصوصية قبلية، أو لسانية، أو الاستفادة من الثروات التي توجد في ترابها.
إلى ذلك هناك جماعات محركها الجريمة المنظمة، أو المخدرات أو الاتجار بالبشر، أو تبييض الأموال، وتستعمل للتمويه مرجعيات سياسية متطرفة. الأمور أعقد من أن تُردّ إلى عنوان كبير اسمه "الجهاد العالمي".
ولذلك يتوجب الخروج من النموذج الويستفالي (نسبة لويستفاليا)، الذي أرسى مفهوم الدولة الحديثة، في حدود معينة، وسيادة مطلقة، أو نموذج الإستراتيجي الألماني كوتزفيتس، الذي يرى في الحرب استمرارية للسياسية، ويميز بين الحرب الصغيرة والحرب الكبيرة، ومحددات كل منهما، بالنظر إلى تعقد أشكال الصراع في أفريقيا، وعدم انسكابه في قوالب مُنظر "في الحرب"، أو البقاء في المرجعية الفيبرية، نسبة لعالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، الذي جعل الدولة محتكرة العنف المنظم، والحال أن مصدر السلطة أو وجهها ليس العنف وحده واحتكاره، إذ يمكن أن يكون مصدر السلطة التأثير في القلوب.
إعلانالمرجعية الفيبرية تضرب صفحًا عن خصوصيات أفريقيا، وتأثير عناصر من زوايا وطرق وشيوخ قبائل، لهم حظوة وتأثير. وبتعبير آخر، كل نظرة لأفريقيا بمنظار غربي، آيلة للفشل، كما ظهر جليًا في العمليات العسكرية التي قادتها فرنسا، سرفال وبرخان، في بعض دول الساحل.
يتعين من ثم على أفريقيا البحث عن نظرة جديدة، مستوحاة من عبقريتها، تجعل من الحدود مبتدأ وليس منتهى، في إطار تجمعات جهوية، مع الأخذ بعين الاعتبار القوّة المعنوية بمكوناتها الدينية والقبلية، والأخذ بعين الاعتبار ضرورة التوزيع العادل للثروات، وليس احتكار القرار في السلطة المركزية.
أما المنظار الثاني الذي تنظر من خلاله الدول الغربية إلى أفريقيا، فهاجسه الهجرة إلى أوروبا.. تعرف أفريقيا طفرة ديمغرافية غير مسبوقة، ستجعل في غضون ربع قرن، واحدًا من أربعة من ساكنة المعمور أفريقيًا.
يمكن أن يكون النمو الديمغرافي رافعة اقتصادية، من خلال مشاريع مندمجة، في إطار مخطط مارشال أفريقيا، لفك العزلة عن أفريقيا، وحسن تثمين مواردها، ويمكن للطفرة الديمغرافية أن تكون قنبلة موقوتة تتهدد العالم، وليس أفريقيا وحدها، إذا لم تبرز رؤية إستراتيجية بديلة.
لذلك تحدث المؤتمرون في نواكشوط عن مشروع بديل، شبيه بطريق الحرير الذي ترعاه الصين، لفك العزلة برًا وعن طريق السكك الحديدية والألياف الرقمية، وأنابيب الغاز، لما سماه واحد من المتدخلين بطريق الذهب، وهو يستوحي سابقة الطرق التي كانت تمخر الصحراء، وتربط شمال أفريقيا بجنوب الصحراء عن طريق غدامس، وأكذر وسجلماسة ولواتة، فأفريقيا؛ شمالها، وجنوب الصحراء، كما قال المؤرخ البوركانبي، زيربو، هما دفتان لباب واحد.
لا يمكن فتح هذا الباب، إلا بمفتاح الثقافة، وليس بالمفتاح المستخدم لكل الأبواب، وأعني به الاقتصاد، وذلك لضمان أن يقود هذا المفتاح إلى مصلحة أفريقيا. البعد الثقافي يتضمن استقلالًا ثقافيًا، ويتجاوز التركيبة الاستعمارية، والإرث الاستعماري. إذ لا ينبغي للحدود أن تكون سياجات، وفق المقاربة الويستفالية.
إعلانويتضمن البعد الثقافي، تفعيل التعاون العربي الأفريقي، أو الشراكة الأفريقية العربية، كما ما فتيء ينادي بذلك المرحوم، علي المزروعي، لدحض أفكار مسبقة، وأحكام جاهزة عن الاسترقاق، لفصل شمال أفريقيا عن الجنوب.
وليس هناك أكثر ثورية، من فكرة آن أوانها، كما يقول فيكتور هوغو. وإذا كان من شيء يتفق حوله الخبراء، وهو أن مستقبل البشرية في أفريقيا، وإن كان من شيء يختلف حوله، هو كيف تصبح أفريقيا مستقبل أفريقيا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية