حزب الله من دون حلفاء والانفتاح على خصومه أساسي
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
بالتوازي مع المعركة العسكرية التي يقودها "حزب الله" في جنوب لبنان، وفي ظل استمرار الحرب على قطاع غزة، يصبح السؤال عن طبيعة التسوية السياسية والتوازنات التي قد تتحقق بعد الهدنة اكثر من ضروري خصوصاً أن النتائج الميدانية للتطورات العسكرية ليست كافية لفرض شكل التسوية التي ستتأثر بعوامل اخرى اكثر اهمية مثل الواقع السياسي والاقتصادي المحيط والذي يسيطر على لبنان او على باقي الدول المحيطة.
من الواضح أن "حزب الله" وفي حال استمرت المعركة ضمن شكلها وسقوفها الحالية، سيخرج سليماً بنسبة كبيرة، كبنية عسكرية وتنظيمية، وسيكون قادرا على استيعاب التطورات التي ستحصل في المنطقة، وتحديداً في حال فرضت اسرائيل معادلات جديدة مختلفة كلياً في قطاع غزة، لكن هل يكفي الحزب ان يحافظ على واقعه العسكري والتنظيمي ليتمكن من فرض معادلاته ضمن اي تسوية سياسية جديدة. في الداخل اللبناني يعاني "حزب الله" بشكل لافت من تراجع مستوى تحالفاته السياسية، فاليوم لم يعد للحزب اي حليف وازن في لبنان سوى حركة أمل، اذ ان "التيار الوطني الحر" الحليف المسيحي الابرز لحارة حريك بات اليوم خصماً حقيقياً له، ويعارضه في القضايا الاستراتيجية والداخلية وقد أعلن الرئيس السابق ميشال عون الطلاق الكامل في اطلالته التلفزيونية الاخيرة، وهذا يعني أن الحزب، وان كان اقل حاجة للغطاء المسيحي الا انه خسر عمقاً اجتماعياً كبيراً في الداخل. واذا كان واقع الحزب في البيئات الأخرى، الدرزية والسنية تحديداً، افضل مما كان عليه في السنوات السابقة، فإن هذا التحول الذي احدثه النائب السابق وليد جنبلاط ليس تحولاً عميقاً بل مجرد فض اشتباك وتجنب الذهاب الى معركة سياسية في لحظة اشتعال الحرب على اكثر من ساحة اقليمية، كذلك الامر بالنسبة للساحة السنيّة التي تقاطعت مع "حزب الله" بسبب حصول المعركة في قطاع غزة لكن ليس اكيداً أن تبقى على تقاطعها هذا في المراحل المقبلة. وترى مصادر مطلعة أن الحزب، حتى لو حقق انتصاراً عسكرياً حقيقياً لا يستطيع الاستمرار في الحياة السياسية الداخلية من دون تحالفات فعلية وفاعلة، لانه سيكون عندها يكرر تجارب لبنانية سابقة اثبتت فشلها وستؤدي حتماً الى اشتباك سياسي او حتى عسكري كبير يدفع البلد نحو اصطدام كبير لا احد يريد الوصول إليه، من هنا بات ملحاً ان يصل الحزب إلى قناعة عملية بضرورة الانفتاح على خصومه التقليديين او حتى على النواب الجدد اصحاب الطروحات المغايرة. قد تفتح التسوية باباً لـ"حزب الله" لاعادة تشكيل تحالفاته، لكنه في حال دخل المفاوضات من دون اي حلف وطني حقيقي سيكون موقفه أضعف ولن يتمكن من فرض شروطه السياسية وتحديداً تلك المرتبطة بالواقع الداخلي واعادة تركيب النظام السياسي بما يخدم زيادة حضور الحزب فيه، لذلك فإن المرحلة المقبلة ستشكل تحدياً حقيقياً امام حارة حريك من اجل اعادة وصل ما انقطع مع الحلفاء وترتيب مسار تحالفي جديد مع الخصوم. المصدر: خاص "لبنان24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
طالبان وباكستان.. توتر يؤججه البحث عن حلفاء جدد
كابُل- انتهى عام 2024 بتدهور العلاقات الثنائية بين أفغانستان وباكستان إلى مستوى منخفض جدا على خلفية الاشتباكات التي وقعت بين الطرفين وأدت إلى عشرات القتلى والجرحى، ومئات النازحين.
وتصاعدت التوترات الحدودية بين البلدين منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة صيف 2021، حيث تتهم إسلام آباد مجموعات مسلحة بشنّ هجمات على أراضيها انطلاقا من أفغانستان.
وقُتل 16 جنديا باكستانيا قرب الحدود الأفغانية في هجمات نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، حسب ما أفاد به مسؤولون باكستانيون، في هجوم تبنته حركة طالبان باكستان. في حين قالت حكومة طالبان إن الغارات الجوية الباكستانية في منطقة الحدود الشرقية لأفغانستان أسفرت عن مقتل 46 مدنيا، بينما قال مسؤول أمني باكستاني إن القصف استهدف "مخابئ إرهابية".
وتشعر إسلام آباد بالإحباط من حليفتها السابقة أفغانستان، في حين ترى حركة طالبان أنها تحافظ على سيادة بلدها، وأن القوات الباكستانية تجاوزت "الخط الأحمر" حيث استهدفت الأراضي الأفغانية أثناء لقاء المبعوث الباكستاني صادق خان مع وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي في العاصمة كابل.
مواجهات بالسلاح الثقيل خلفت حوالي 46 قتيلا معظمهم مدنيون.. لماذا اشتعلت أزمة بين أفغانستان وباكستان؟#الجزيرة_لماذا pic.twitter.com/zYUYmu3yR1
— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 30, 2024
إعلان علاقات البلدينيقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت، إن بلاده تريد إقامة علاقات قوية وحسنة مع باكستان، "وسعينا جاهدين لذلك وندرك موقف الأحزاب السياسية والشعب الباكستاني أنه يريد علاقة جيدة معنا، ولكن هناك جهة خاصة لا تريد هذه العلاقات وتحاول الإضرار بها".
وأشار مجاهد إلى أن "دولا أجنبية تدفع إسلام آباد لتدمير العلاقات مع كابُل، وأن الغارات التي نفذتها القوات الباكستانية في بعض المناطق في أفغانستان جزء من هذه المحاولات". وأضاف "أحرزنا تقدما في المفاوضات ولكن الغارات أفسدت كل شيء، وهذا دليل على أن المواقف في باكستان تجاه أفغانستان ليست موحدة".
يرى خبراء الشأن الأفغاني أن حركة طالبان بعد وصولها إلى الحكم في أفغانستان تتعامل كدولة وليست كحركة، وتسعى للتعامل مباشرة مع المجتمع الدولي والولايات المتحدة، دون الحاجة لباكستان كما كانت تفعل سابقا.
ولدى إسلام آباد بشكل عام والجيش الباكستاني بشكل خاص أسباب كافية للإحباط من موقف حركة طالبان تجاهها، ذلك أن الأخيرة ولت ظهرها لهم كما يعتقدون، ولا تعتمد عليهم، بل تبحث عن حلفاء جدد في المنطقة.
ويقول مصدر في الخارجية الأفغانية -فضّل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت "عندما ننظر إلى علاقة طالبان مع دول المنطقة، نرى أن الأمر يختلف، إذ تراجعت العلاقة بين طالبان وباكستان، وأدركت كل من الهند وإيران الوضع الجديد في المنطقة وأقامت علاقات مع طالبان".
كما أن موقف الجيش الباكستاني من أفغانستان، كما يقول المصدر، أضر بهذه العلاقات، وهناك مطالب باكستانية لا يمكن للحكومة الحالية توفيرها لأنها تضر المصالح الوطنية الأفغانية حسب اعتقادها.
حسابات خاطئةعندما سيطرت طالبان صيف عام 2021 على العاصمة كابل، كان من المفترض أن تصبح باكستان أسعد جيرانها. واعتقد الكثيرون أن باكستان وطالبان انتصرتا في هذه الحرب التي استمرت 20 عاما، وبإمكان باكستان تحقيق أهدافها طويلة المدى لأن العمق الأفغاني سقط في يد حليفها.
إعلانلكن سرعان ما تبين أن باكستان أخطأت في حساباتها، وواجهت علاقتها بطالبان توترا بعد فترة قصيرة من الأيام الأولى لتشكيل طالبان حكومتها الثانية في أفغانستان بسبب ملفات كثيرة أهمها "حركة طالبان باكستان"، والتوتر على الحدود، والوصول إلى أسواق آسيا الوسطى.
وبرأي الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل، فمنذ 4 عقود لم تتغير إستراتيجية باكستان ضد من يحكم أفغانستان، وأثناء الوجود الأميركي بأفغانستان وفّرت باكستان كل ما يلزم حركة طالبان في قتالها ضد القوات الأجنبية والأفغانية، ولكن اختلف الأمر بعد وصول طالبان إلى السلطة، "لأنها (أي باكستان) تطالب الحكومة الحالية بأمور لا يمكن قبولها، وهناك أزمة ثقة كبيرة بين الطرفين".
لقاء سابق بين وزير الخارجية بحكومة طالبان أمير خان متقي مع المسؤول بوزارة الخارجية الهندية جي بي سينغ (مواقع التواصل) البحث عن حلفاء جددويتسع الخلاف بين كابل وإسلام آباد مع سعي طالبان إلى بناء حلفاء جدد في مشهد جيوسياسي سريع التغيّر ووسط تحالفات متبدلة، ومع اعتقادها، أي الحركة، أن الحكومات المدنية تريد بناء العلاقات مع أفغانستان، ولكن المؤسسة العسكرية ومخابراتها تعرقل بناء هذه العلاقات.
في حين تبدو المصالحة بين الحلفين -طالبان وإسلام آباد- مستحيلة الآن، فتح الخلاف بينهما فرصة أمام نيودلهي لبناء علاقة قوية مع الحكومة الأفغانية الحالية. ففي السابع من يناير/كانون الثاني، انتقد المتحدث باسم الخارجية الهندية ولأول مرة الضربة الجوية الباكستانية على أفغانستان.
وفي اليوم التالي التقى نائب وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري نظيره الأفغاني أمير خان متقي في دبي لإجراء مناقشات مفصلة حول العلاقات الثنائية. ووصفت الخارجية الأفغانية نيودلهي بأنها "شريك إقليمي مهم". وكان هذا الاجتماع هو الأعلى مستوى بين أفغانستان والهند منذ وصول طالبان للسلطة عام 2021.
إعلان تحولاتيقول خبراء الشأن الأفغاني إن باكستان كانت واحدة من 3 دول اعترفت بحكومة طالبان في تسعينيات القرن الماضي، وستكون أول دولة تعارض حكم طالبان في أفغانستان حاليا، بل هناك محاولات باكستانية لإقامة علاقات مع معارضي طالبان.
ولدى أفغانستان تاريخ معقّد مع باكستان، أثبتت طالبان أنها أقل تعاونا مما كانت باكستان تأمل، حيث تتماشى طالبان مع الخطاب القومي لحشد الدعم من المجتمع الأفغاني الأوسع.
كما يحرص قادة طالبان على التحول من جماعة مقاتلة إلى حكومة، وإقامة علاقات تتجاوز الاعتماد الشديد على باكستان، وتنفي الاتهامات الباكستانية بشأن حركة طالبان الباكستانية، وتصفها بأنها مشكلة داخلية باكستانية وتنفي علاقتها بها.
عناصر طالبان بالقرب في موقع تعرض لغارات باكستانية في ولاية باكتيكا شرق أفغانستان (الفرنسية)ويقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد للجريرة نت إن "حركة طالبان باكستان شأن داخلي ولا علاقة لنا بها، وظهرت عام 2003 نتيجة السياسة التي اختارها الجنرالات في الجيش الباكستاني". وشدد على أن "إلقاء اللوم على الجانب الأفغاني ليس الحل، ونتوقع من الأحزاب السياسية في باكستان أن تلعب دورها في بناء العلاقات بين البلدين".
ويرى المحللون أن باكستان تواجه الآن صراعا دبلوماسيا كبيرا مع حليف رئيسي وسط أزمتها السياسية الداخلية واقتصادها المتعثر، وتدرك أن نفوذها تراجع في أفغانستان لصالح دول وتحالفات جديدة.