هكذا يعيش الجيل الثاني من حركة طالبان حياته
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
كابل- سجلت حركة طالبان نفسها على أنها أول حركة تسيطر على كامل التراب الأفغاني منذ 5 عقود، وهي اليوم تدخل عقدها الثالث، بعد ظهورها عام 1996 كحركة مسلحة في أفغانستان، لتتمكن بعد عامين من حكم معظم أنحاء البلاد.
لكن القوات الأميركية والدولية والأفغانية أطاحت بها في عام 2001، فبدأت الحركة تمردا دام ما يقارب 20 عاما، لتستعيد الوصول مرة ثانية إلى السلطة عام 2021، مع ميزة السيطرة على جميع أنحاء أفغانستان.
ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن حياة الجيل الأول -أو جيل المؤسسين- من حركة طالبان، كانت على نمط واحد فكريا وحتى على المستوى المعيشي، أما الجيل الثاني فتختلف حياته وأفكاره ومواقفه مقارنة بمن سبقه.
يقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت "التغير عملية مستمرة في حياة الإنسان، سابقا كنا في الجبال وتحملنا صعوبتها وكانت الحياة قاسية فيها، والآن معظم مسلحي طالبان استقروا في المدن، وبسبب انتهاء الحرب في أفغانستان تحسن وضعهم المعيشي، وهم الآن يركزون على حياتهم الشخصية أكثر، وعرفوا النمط الرسمي والحكومي في التعامل مع الناس".
وأضاف "منذ وصولنا إلى السلطة حصلنا على تجارب في تقديم الخدمات إلى الناس، وسابقا كان للحرب حيز كبير في تفكيرنا، والآن اختلف الوضع، فاختلفت طريقة تفكيرنا ونظرتنا إلى الحياة، وأعتقد أنه تطور إيجابي".
وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، وبدء الجيش الأميركي قتال مسلحي حركة طالبان، حارب جيل من مقاتلي الحركة في قرى وجبال أفغانستان، وتشكلت حياة الكثير من الأطفال في ظل الحرب التي ذاقوها لأول مرة، فاستبدلوا طفولتهم بما قيل لهم إنه "واجبهم كمسلمين"، وإنه يجب عليهم الدفاع عن أرضهم.
ويرى خبراء في الشأن الأفغاني أن الجيل الأول من حركة طالبان لم يمارس الحكم كثيرا، حيث سقطت حكومته سريعا، ولم يتمكن من السيطرة على جميع أنحاء البلاد، أما الجيل الثاني فسيطر على جميع الأراضي الأفغانية، وهو اليوم يمارس الحكم بمفرده متمتعا بكافة المزايا الحكومية، وهناك استقرار على مستوى المعيشي، حيث يعيش معظم عناصر طالبان مع عائلاتهم في المدن الرئيسية، مثل كابل وقندهار وهرات ومزار شريف وجلال آباد.
يعد الشاب خالد زدران من الجيل الثاني لحركة طالبان، وهو الآن في سن 33، وفي عام 2001 رجع مع عائلته من وزيرستان إلى ولاية خوست جنوب شرقي أفغانستان، وتعاطف مع حركة طالبان بسبب عائلته التي وقفت ضد الاجتياح الأميركي، لكنه ترك الدراسة بعد الصف الخامس وانضم إلى الحركة، وكان يوزع منشورات لإثارة الناس ضد الحكومة الأفغانية والقوات الأجنبية في خوست.
رفع زدران السلاح ضد القوات الأميركية منذ عام 2008، وشارك في عمليات عسكرية كثيرة، وبعد وصول طالبان إلى السلطة، عُين زدران متحدثا باسم الشرطة الأفغانية في كابل، حيث استقر في مجمع سكني راق فيها، ويذهب أولاده وبناته -خلافا لبقية طالبان- إلى المدرسة العصرية، ويمارس الرياضة في أشهر نادٍ رياضي في كابل.
ويقول للجزيرة نت "يتمتع الجيل الثاني ببعض التسهيلات مقارنة بالجيل السابق، فالإنترنت لم يكن متوفرا آنذاك، أما الآن فيمكنك إرسال الرسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل منصة إكس وفيسبوك، وبلغات مختلفة مثل العربية والإنجليزية والفارسية، الوسائل الحديثة اختصرت الطريق كثيرا، وبالإمكان التواصل مع شريحة كبيرة من الناس".
ويضيف زدران "مقاتلو حركة طالبان لم يجربوا الحياة المدنية، وبعد الانسحاب الأميركي استقر معظمهم في المدن، والآن أصبح لديهم دراية بنمط العيش فيها، وبعد الاحتكاك بأهل المدن، اطلعنا على طريقة تفكيرهم، ونستطيع الآن أن نتعامل معهم بكل أريحية، العيش في المدينة له جوانب إيجابية كثيرة، وسيكون له تأثير مباشر على حياتنا وطريقة تفكيرنا".
مظاهر لافتةويرى محللون سياسيون أن حركة طالبان بعد وصولها إلى السلطة عام 2021 تسعى إلى تصوير نفسها على أنها مختلفة عما كانت عليه عندما كانت في السلطة أواخر التسعينيات، على الرغم من أنهم لم يتغيروا أيديولوجيا، ولكنهم يعتقدون أنهم لا يستطيعون تجاهل الظروف المختلفة عن تلك التي كانت سائدة في فترة التسعينيات.
الكاتب والباحث السياسي أحمد كريمي قال للجزيرة نت "خلال العقدين الماضيين تغير المجتمع الأفغاني كثيرا، وتواجه حركة طالبان جيلا جديدا من الشعب الأفغاني، هناك حاجة إلى تعديل طريقة تفكيرها في التعامل مع هذا الجيل، وعدد كبير من قادة طالبان يبررون حاجتهم للتغيير بسبب ظهور واقع جديد".
ويقول الأستاذ الجامعي عبد الرشيد نوري للجزيرة نت "يرغب عدد كبير من الجيل الثاني لحركة طالبان في مواكبة العصر، ويركزون الآن على تعليم اللغة الإنجليزية وعلوم الكمبيوتر، حيث يرونها ضرورية للحصول على وظيفة حكومية مرموقة".
من جهة أخرى، يقول بعض مسلحي حركة طالبان للجزيرة نت، ممن ينتمون إلى الجيل الثاني إن الحياة الحضرية "أكثر إرهاقا وأقل تدينا" مما كانوا يتصورون، وإن المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 5 ملايين نسمة، تمثل "خيبة أمل" لهم.
ويقول الموظف في وزارة الزراعة الأفغانية حسام خان (37 عام) للجزيرة نت "الروابط الاجتماعية في القرى أوثق من المدينة، عندما كنا نقاتل الأميركيين كنا نحظى باحترام أهل القرى، الآن اختلف الأمر في المدينة، أشتاق إلى قريتي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات من حرکة طالبان الجیل الثانی إلى السلطة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
العين يعيش «الموسم الأسوأ» في 11 عاماً!
سلطان آل علي (دبي)
يعيش العين أحد أسوأ مواسمه في عصر الاحتراف، حيث شهد 2024-2025 تعاقب ثلاثة مدربين غير مؤقتين، في سيناريو لم يحدث منذ موسم 2013-2014، ولكن الفارق هذه المرة أن الأمور سارت نحو الأسوأ، مع خروج الفريق من جميع البطولات، وابتعاده تماماً عن المنافسة على أي لقب.
بدأ العين الموسم تحت قيادة الأرجنتيني هيرنان كريسبو، الذي تم التعاقد معه في الموسم الماضي وحقق لقب دوري أبطال آسيا 2024، ليعيد الإنجاز بعد 20 عاماً، لكن بداية الموسم الحالي جاءت مخيّبة، إذ لم يستطع الفريق الحفاظ على مستواه، مما دفع الإدارة إلى إقالته.
بعد ذلك، جاء البرتغالي ليوناردو جارديم، المدرب السابق لشباب الأهلي، في محاولة لإنقاذ الموسم، إلا أن سوء النتائج استمر، ليجد النادي نفسه مجبراً على إجراء تغيير ثالث، فتمّ التعاقد مع الصربي فلاديمير إيفيتش ليقود الفريق حتى نهاية الموسم.
يخوض العين موسماً كارثياً على كل الأصعدة، فلم يقتصر الأمر على تراجع الأداء، بل امتّد إلى خروجه من جميع البطولات واحدة تلو الأخرى. ففي دوري أدنوك للمحترفين، يحتل الفريق المركز الرابع بفارق 14-15 نقطة عن الصدارة، ما يعني خروجه المبكر من سباق اللقب وفي كأس رئيس الدولة، ودّع من ربع النهائي، ليواصل نتائجه المخيبة في المسابقة وفي كأس مصرف أبوظبي الإسلامي (أديب)، خرج من ربع النهائي، ليضيف إخفاقاً آخر إلى موسمه المخيبة.
على الصعيد القاري، كانت الخيبة الكبرى بخروجه من كأس القارات، وهي البطولة التي كان يُنتظر أن يظهر فيها بشكل أقوى بعد تتويجه الآسيوي. أما في دوري أبطال آسيا للنخبة، فقد كان الإقصاء الأكثر إحباطاً، حيث أنهى العين البطولة في المركز الأخير بمجموع نقطتين فقط من 7 جولات، في أسوأ مشاركاته القارية على الإطلاق.
رغم أن العين عاش سيناريو مشابهاً في 2013-2014 بتغيير ثلاثة مدربين، فإن الأمور حينها لم تكن كارثية بهذا الشكل. في ذلك الموسم، بدأ الفريق مع الأوروجوياني خورخي فوساتي، ثم الإسباني كيكي فلوريس، قبل أن يتولى الكرواتي زلاتكو داليتش المسؤولية، ليقود الفريق إلى لقب كأس رئيس الدولة، ثم عاد في الموسم التالي ليحقق لقب الدوري 2014-2015، قبل أن يصل إلى نهائي دوري أبطال آسيا 2016.
مع خروج الفريق من كل البطولات. الآن يقع على عاتق المدرب الصربي فلاديمير إيفيتش مسؤولية إعادة ترتيب أوراق الفريق واستعادة الاستقرار الفني، خاصة أن العين لا يزال أمامه كأس العالم للأندية في الصيف. وسيكون التحدي الأكبر هو إيجاد توازن هجومي ودفاعي للفريق، وتعويض أي تراجع في النتائج بسبب التغييرات المتكررة في الجهاز الفني.
بينما يأمل جمهور العين أن يكون إيفيتش هو الحل لإنهاء دوامة التغييرات الفنية، فإن الفريق بحاجة إلى رؤية طويلة المدى تُعيده إلى الاستقرار الفني الذي عرفه في فتراته الذهبية. التاريخ أثبت أن النجاح يحتاج إلى استقرار، وليس فقط إلى أسماء كبيرة في التدريب، والعين أمام اختبار جديد لإثبات ذلك.
أخبار ذات صلة