الراعي في أحد الشعانين: يا لوصمة العار على جبين هذا الجيل من حكّام الدول
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس أحد الشعانين على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي "كابيلا القيامة"، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، امين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان - حريصا الاب فادي تابت، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات.
بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان: "هوشعنا مبارك الآتي باسم الربّ ملكنا" (يو 12: 13)، قال فيها: "يدخل الربّ يسوع لآخر مرّة إلى أورشليم كبداية للعهد الجديد. فكان له دخولان أساسيّان: الأوّل بميلاده في بيت لحم بنواحي أورشليم، ليصبح إبن الإنسان القريب من كلّ إنسان، والمتضامن مع كلّ إنسان، والسائر معه في طريقه الهادي إلى الله؛ الثاني، بموته وقيامته في أورشليم فأصبح فادي الإنسان، ومخلّص العالم. هذا الدخول الملوكيّ النبويّ أعرب عنه الأطفال والشبان والتلاميذ والكبار بهتاف: "هوشعنا، مبارك الآتي باسم الربّ، ملكنا"، وبحملهم أغصان النخل والزيتون. فالنخل لإستقبال الملوك، والزيتون للدلالة على أنّه ملك السلام. إنّه عيد العائلة حول أطفالها الذين يرمزون إلى أطفال أورشليم وقد ملؤوها بهتافاتهم. فنرجوه عيدًا سعيدًا لهم. لكنّنا نعرف أنّه ليس بسعيد لكثيرين من أطفال عائلاتنا التي تعاني الفقر والجوع والحرمان والتشريد والتهجير. وهم محرومون من ثياب وأحذية جديدة، ومن الشمعة المزيّنة بالنخل والزيتون، ومن التطواف بها مع أمثالهم، متذكّرين دخول يسوع إلى أورشليم. نراهم مع أطفالهم والدمعة في عينونهم، والغصّة في قلوبهم، عندما نتكلّم عن بهجة العيد. لكنّنا نصلّي دائمًا إلى المسيح الربّ، رفيق دربهم، كي يعزّي قلوبهم، ويرسل إليهم من يحمل لهم محبّته ماديًّا وروحيًّا ومعنويًّا. ونشكره على أنّه يرسل إليهم أفرادًا وجماعات ومؤسّسات ومنظّمات خيريّة غير حكوميّة. باركهم الله، وأفاض الخير بين أيديهم ليكونوا في المجتمع شهودًا لمحبّة الله".
أضاف: "لا ننسى أطفال غزّة الخاضعين لعمليّات إبادة واضحة في المستشفيات، وطريق الهرب، ووقوفهم صفوفًا لإلتماس حصّة طعام، وفي الجوع وانتفاء الأدوية. كذلك القول عن الرجال والنساء والشباب، فيما العالم معتصم بالصمت خوفًا على المصالح. فيا لوصمة العار على جبين هذا الجيل من حكّام الدول! وتضاف كارثة العائلات والأطفال في حرب روسيا وأوكرانيا. وممّا يزيد ألـمًا المجزرة التي ارتكبها تنظيم داعش على ما يبدو بعناصر مسلّحة ومن وراءهم، مساء الجمعة، إذ اقتحموا صالة للموسيقى في ضواحي موسكو، وفتحوا النار على الحاضرين، ثمّ دبّ الحريق في الداخل، فكانت حصيلة القتلى بحسب إحصاءات اليوم 143 قتيلًا، وعدد كبير من الجرحى. فإنّا نتقدّم بالتعازي من عائلات القتلى والسلطات الروسيّة، ونرجو من السفارة الروسيّة في بيروت نقل تعازينا، وتأكيد قربنا منهم وصلاتنا، سائلين الله أن يتقبّل صلاتنا لراحة نفوس الضحايا وشفاء الجرحى وأن يضع حدًّا للحرب الهدّامة الدائرة بين روسيا وأوكرانيا بالسلام العادل والدائم".
وقال: "بدخول يسوع أورشليم، إستقبله الأطفال والجماهير هاتفين: "هوشعنا"، إنّها لفظة عبريّة معناها: "هلمّ يا ربّ وساعدنا". وهي مأخوذة من المزمور 118: 25 القائل: "إمنح الخلاص يا ربّ! إمنح النصر يا ربّ، إمنح". من لفظة هوشعنا إشتقّت كلمة "الشعانين". بالإضافة إلى المفهوم الروحيّ، نحن في لبنان نردّد مزمور الشعانين: "إمنحنا الخلاص والنصر يا ربّ" (مز 118: 25). نلتمس الخلاص من خطايانا المتزايدة، ولا توبة عليها، فتراكمت حتى أصبحنا نعيش في هيكليّة خطيئة ضدّ الله، وضدّ قدسيّة الذات، وضدّ الناس. نحن نعني الخطيئة الروحيّة، والخطيئة الأخلاقيّة، والخطيئة الإجتماعيّة، والخطيئة السياسيّة التي بلغت بالفساد إلى ذروته".
وختم الراعي: "إنّ زمن الصوم الكبير كان لنا جميعًا زمن رجوع إلى الله من كلّ القلب بروح التوبة والتقشّف، ورجوع إلى بعضنا البعض بروح المصالحة والتعاون، وإلى إخوتنا وأخواتنا الذين في حاجة لمدّ يد المساعدة الماديّة والروحيّة والمعنويّة إليهم. هذا هو الطريق الذي يؤدّي بنا إلى الإلتزام، كلٌّ من موقعه ومسؤوليّاته، ببناء وحدتنا الوطنيّة المجمّلة بتعدديتنا الثقافيّة والدينيّة. إذا عشنا الستة أسابيع من الصوم بروح الرجوع هذه، نستطيع أن نحتفل هذا المساء في جميع الكنائس والأديار برتبة الوصول إلى الميناء، أي سالمين من المخاطر التي زللناها بهذا الرجوع المثلّث. وهكذا نبدأ أسبوع الآلام، ونحن نضمّ آلامنا الجسديّة والروحيّة والمعنويّة إلى آلام المسيح الفادي، راجين منه أن يشركها في آلامه، ويمنحها قوّة فداء عن خطايانا وخطايا العالم، وأن يشركنا بمجد قيامته. نسألك، أيّها المسيح الملك، وقد هيّأت نفوسنا في هذا الصوم المشرف على نهايته، أن تشركنا في مجد قيامتك، وتجعلنا لها شهودًا إلى أقاصي الأرض، لك المجد والتسبيح مع الآب والروح القدس. آمين".
وبعد ذلك، أقيم زياح الشعانين في باحة الصرح الخارجية حيث حمل الاطفال الشموع واغصان الزيتون مرددين: "هوشعنا في الأعالي مبارك الآتي باسم الرب "
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
«أبوظبي للغة العربية» يفتح باب المشاركة في جائزة «كنز الجيل»
أبوظبي (الاتحاد)
أعلن مركز أبوظبي للغة العربية، فتح باب التقديم للمشاركة في الدورة الرابعة من جائزة «كنز الجيل»، مع استمرار فترة الترشيح لغاية 31 مايو المقبل. وأصبحت جائزة «كنز الجيل»، منذ إطلاقها في عام 2021، إحدى أهم المحطات الثقافية التي تسهم في الحفاظ على التراث الثقافي العربي وإحيائه، وتحتفي بتنوعه الغني.
وبهذه المناسبة، قال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية: «تستلهم الجائزة مكانتها من الإرث الثقافي والأدبي الفريد للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث تسهم بما تمتلكه من أصالة وابتكار في إثراء ثقافة الانتماء لدى الأجيال اليافعة».
وتابع قائلاً: «جائزة (كنز الجيل) شكّلت علامة فارقة في الحراك الثقافي على مستوى المنطقة، تستقطب إنتاجات كبار الأدباء والمبدعين، لتسهم بفاعلية في تحقيق أهداف المركز في تعزيز حضور اللغة العربية، ودعم روافدها من إبداع وتأليف وترجمة في مختلف أنحاء العالم».
وأكد أن الدورة الرابعة من جائزة «كنز الجيل» استكملت النجاح الكبير الذي حققته الدورات السابقة، فأصبحت منصة ملهمة لتكريم الأعمال المبدعة، واستعادة مكانة الشعر الشعبي والفنون والدراسات المتعلقة به في مسيرة استئناف الحضارة العربية.
وأضاف: «مع انطلاقة مرحلة جديدة من مسيرتها، ترسخ الجائزة مكانتها منصة ثقافية غنية تجمع بين الشعر والتراث، وتعكس تراثنا الثقافي، وتُعيد إلى الأذهان المكانة المتميزة للشعر في صناعة الثقافة والمعرفة في المجتمع».
وتستمد جائزة «كنز الجيل» مهامها من أشعار الأب المؤسس الشيخ زايد، التي تجسد مكانة الشعر مرآة للمجتمع العربي والإماراتي، كما يتم من خلالها تكريم التجارب الشعرية المتميزة في الشعر النبطي، الذي يعد جزءاً أساسياً من الوجدان العربي، بالإضافة إلى نشر هذه الأعمال والتعريف بها.
وتسعى الجائزة أيضاً إلى ترسيخ قيم الشعر التي حملها الشيخ زايد، بما يتضمنه من جماليات وقيم إنسانية نبيلة، وتسلط الضوء على تأثيره في الثقافة الإماراتية والعربية. كما تسهم في حماية التراث الشعبي والفنون التقليدية من خلال ربط الأجيال الجديدة بثقافتها وتراثها، فضلاً عن الاهتمام بالفنون المتصلة بالشعر النبطي مثل الموسيقى والغناء الشعبي والفنون التشكيلية والخط العربي.
وتضع جائزة «كنز الجيل» شروطاً عامة يجب أن يستوفيها المرشحون والأعمال المشاركة، إذ يجب أن يكون المرشح أسهم بشكل فعال في إثراء الحركة الشعرية أو النقدية أو الفنية على المستويين المحلي والعربي، وأن تتسم الأعمال المرشحة بالأصالة والابتكار، بحيث تمثل إضافة حقيقية للثقافة والمعرفة الإنسانية. ويُسمح للمرشح بتقديم عمل واحد فقط في أحد فروع الجائزة خلال الدورة الواحدة، ولا يمكن تقديم العمل ذاته لجائزة أخرى في العام نفسه.
وتُمنح جائزة فرع «المجاراة الشعرية» هذه الدورة، للقصيدة التي تتميز بقدرتها على مجاراة قصيدة (لي سَرَتْ مِ العِين سَرّايَه) للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بالوزن والقافية والموضوع، على أن تُساوي في أبياتها عدد القصيدة الأصلية، بمستوى يوازي النموذج الذي تجاريه لغة وصوراً وإيقاعاً. فيما تُمنح جائزة فرع «الإصدارات الشعرية» لديوان شعري نبطي يتمتع بالأصالة شكلاً ومضموناً، ويُشكّل إضافة نوعية لهذا المجال الشعري، في حين تُمنح جائزة فرع «الترجمة» للأعمال المترجمة لشعر الشيخ زايد إلى إحدى اللغات الحية، أو الأعمال التي قدمت خدمة كبرى في ترجمة الشعر العربي إلى لغات أخرى.
كما تُمنح جائزة فرع «الفنون» لعمل فني يستخدم الأدوات البصرية والتقنية في قراءة وأداء وتجسيد شعر الشيخ زايد والشعر النبطي، وتشمل الخط العربي، والفن التشكيلي، والأفلام القصيرة، والأعمال الغنائية، ويمكن للمبدعين التقدّم لهذا الفرع بحسب نوع الفنّ الذي تقرّه اللجنة في كل دورة.
وتُمنح جائزة فرع «الشخصية الإبداعية»، للشخصية التي قدمت إسهامات إبداعية بارزة وفاعلة في الشعر النبطي ودراسته، وفي حقول الموسيقى والغناء والرسم والخط العربي، كما يُمكن أن تُمنح لشخصية اعتبارية لها إسهامات فاعلة في تلك المجالات، وقدمت خدمات للشعر. وأخيراً، تُمنح جائزة فرع «الدراسات والبحوث»، للدراسات البحثية الخاصة بالشعر النبطي التي تتناول أساليب هذا الشعر ومضمونه ومعجمه بأسلوب علمي.