قال الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) هيثم الغيص إن الدعوات التي تنادي بالتخلي عن النفط “مغلوطة وغير واقعية” مؤكدا أن النفط يعد بلا مبالغة عصب الحياة الحديثة إذ يشكل حوالي 31 في المئة من مزيج الطاقة العالمي.

وتوقع الغيص في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الاحد أن يستمر النفط في شغل دور هام وحيوي في أسواق الطاقة العالمية لسنوات وعقود قادمة قائلا إن “الاستغناء عنه ليس بالأمر السهل”.

وأشار إلى الأهمية البالغة للنفط في حياة جميع البشر بلا استثناء إذ يستخدم النفط ومشتقاته في العديد من الأنشطة اليومية الحيوية التي يقوم بها الناس باختلاف أماكنهم وجنسياتهم ووظائفهم واهتماماتهم وأبرزها التنقل والسفر وتوليد الطاقة والصناعة وغيرها.

وأوضح أن عوامل وفرة النفط وسهولة استخراجه وتكريره ونقله وتواجده بأسعار معقولة بلورت الدور الهام للنفط منذ اكتشافه قبل عدة عقود “حتى أصبح عنصرا رئيسيا يرتكز عليه الاقتصاد العالمي وأصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية نعتمد عليه لأن إمداداته مضمونة وإنتاجه مستمر”.

وقال “كثرت الأصوات في السنوات الأخيرة التي تنادي بالتخلي عن النفط بحجة الحفاظ على البيئة” محذرا من المخاطر الجسيمة التي من الممكن أن يعاني منها العالم إذا توقف إنتاج النفط أو تم وقف استخدامه.

وذكر الغيص أن التصدي للدعوات المطالبة بالتخلي عن النفط يأتي كجزء من الجهود التوعوية التي تقوم بها (أوبك) بشكل مستمر والتي تشمل أيضا إنتاج مواد مصورة ومنشورات بلغات مختلفة مثل الإنجليزية والعربية والألمانية والإسبانية والفرنسية والفارسية وغيرها بهدف رفع مستوى الوعي والإدراك في جميع أنحاء العالم حول أهمية النفط ومدى خطورة تلك المطالب والدعوات.

وعن أبرز القطاعات التي ستتأثر باختفاء النفط قال الغيص إن التأثير سيمتد ليشمل وسائل النقل سواء كانت جوية أو بحرية أو برية ومركبات الطوارئ مثل سيارات الإسعاف وإنتاج الأغذية وتغليفها وتخزينها إضافة إلى الأدوية ومعدات المستشفيات والمستلزمات الطبية.

وأضاف أن التأثير السلبي لاختفاء النفط سيطول مصادر الطاقة المتجددة مثل صناعة توربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية لأن إنتاجها مرتبط بمنتجات نفطية وبطاريات أيونات الليثيوم للسيارات الكهربائية فضلا عن عدم إمكانية إنتاج مواد النظافة مثل الصابون ومعجون الأسنان.

وأكد الغيص أن اختفاء النفط ستكون له تداعيات كارثية مثل فقدان الملايين لوظائفهم وكبح جماح الإنتاج الصناعي في العالم والنمو الاقتصادي العالمي كما سيفاقم من أزمة فقر الطاقة في دول كثيرة حول العالم في وقت يفتقد فيه الملايين لأبسط الاحتياجات الكهربائية مثل الإضاءة.

وأضاف “يعاني تقريبا 3ر2 مليار نسمة من عدم توفر المعدات والوقود الملائم للطبخ وهي كلها أمور هامة في حياة الناس يوفرها النفط كمصدر للطاقة”.

ودعا إلى تشجيع الصناعة النفطية والاستثمار فيها وتطويرها مع الاهتمام بالمعايير البيئية مؤكدا أن هذه هي رسالة (أوبك) للعالم.

وأوضح أنه وفي خضم استمرار الدعوات التي تهدف إلى التخلي عن النفط فإن (أوبك) تقوم بشكل منتظم بشتى الجهود لدحر هذه “الحملات الخطيرة” عبر تبنيها لنهج موضوعي عملي شامل لجميع الأطراف.

وبين الغيص أن المنظمة باتت تلاقي تأييدا واسعا لهذا الصوت الذي ينادي بالعقلانية لإيجاد حلول واقعية في وقت انتشرت فيه معلومات مغلوطة غير مبنية على أسس علمية حول هذه المسألة مشيرا في الصدد إلى انتشار تقارير حول التوقعات بالوصول إلى ذروة الطلب على النفط بحلول عام 2030 “وهي للأسف مبنية على أسس أيديولوجية” تدفع باتجاه التخلي عن النفط والغاز والوقود الأحفوري بشكل عام.

وأفاد بأنه عند النظر إلى المستقبل ودراسة التغيرات المتوقعة فإن (أوبك) ليست وحدها بل هناك العديد من التقارير المهمة الصادرة عن جهات استشارية عالمية في قطاع الطاقة تؤكد على استمرارية الدور الهام والمحوري للنفط في السنوات والعقود القادمة نتيجة للنمو السكاني المتوقع أن يصل إلى 5ر9 مليار نسمة بحلول 2045 “وغالبية هذا النمو السكاني سيتركز في الدول النامية اقتصاديا”.

وتوقع تضاعف حجم الاقتصاد العالمي عن مستواه الحالي بحلول عام 2045 “وجميع هذه التطورات تؤكد على أن العالم سيحتاج إلى جميع مصادر الطاقة المتوفرة إذ من المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة بمقدار 23 بالمئة وسيصل الطلب العالمي على النفط إلى مستوى 116 مليون برميل يوميا بحلول عام 2045”.

ولفت إلى أن هناك سيناريو آخر في توقعات (أوبك) يفيد بأنه من الممكن أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى مستوى 120 مليون برميل يوميا بحلول عام 2045 مؤكدا أنه يجب تأمين استثمارات كافية لتوفير هذه المستويات الهائلة للطلب على الطاقة والنفط.

وأضاف أنه لتأمين الإمدادات اللازمة من النفط يجب ضخ نحو 14 تريليون دولار أمريكي لاستثمارها في مختلف أنشطة الصناعة النفطية بحلول عام 2045 “وهذا الأمر يعزز من أمن الطاقة ويساعد أيضا في تطوير التقنيات المطلوبة لخفض الانبعاثات”.

وذكر الأمين العام لـ(أوبك) أن الدعوات المغلوطة وغير الواقعية التي تنادي بالتخلي عن النفط تسببت في حالة من الارتباك والذعر مضيفا “سمعنا توقعات خلال أزمة (كورونا) تفيد بأن الطلب العالمي على النفط وصل ذروته وأنه في الطريق إلى الانخفاض لا محالة”.

وتابع “نحن الآن في عام 2024 وتبين أن كل هذه التوقعات خاطئة إذ ما زال الطلب على النفط يرتفع سنويا ويحقق مستويات قياسية جديدة” مشددا في هذا الصدد على أهمية تعزيز الاستثمارات في الصناعة النفطية من أجل تأمين إمدادات الطاقة العالمية للمستقبل والأجيال القادمة.

وقال إنه انطلاقا من مبدأ مسؤولية إمداد العالم بطاقة آمنة ونظيفة قامت الدول الأعضاء في (أوبك) بأخذ زمام المبادرة منذ سنوات عديدة عبر ضخ الاستثمارات في الصناعة النفطية وغيرها من قطاعات الطاقة الهامة مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحديثة لخفض الانبعاثات حيث تؤمن دول المنظمة بأهمية ضمان أمن الطاقة العالمي وخفض الانبعاثات في آن واحد.

وأوضح أن (أوبك) من أوائل المنظمات الدولية التي حصلت على صفة مراقب في مؤتمر الأطراف (كوب) بعد التوصل الى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي عام 1994 لافتا إلى مشاركة دول المنظمة بحرص كبير في المفاوضات المتعلقة بالتغيير المناخي منذ البداية نتيجة لإيمانها بأهمية الحفاظ على البيئة.

وذكر أن السعودية والإمارات أعلنتا في الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف (كوب 28) التي عقدت أخيرا في دبي عن مبادرة مشتركة فريدة تهدف إلى خفض انبعاثات الكربون من النفط والغاز.

وأكد الغيص أن دول (أوبك) تمتلك موارد طبيعية هائلة ومتنوعة وخبرات متراكمة في قطاع النفط والطاقة وتتمتع بمكانة فريدة من نوعها داعيا إلى الاستفادة من قدراتها في تطوير حلول مبتكرة تهدف إلى خفض الانبعاثات وتوفير الطاقة بشكل مستدام وصديق للبيئة.

وأشار في هذا السياق إلى أن هذه الحلول تتضمن التقاط وتخزين واستخدام الكربون والاستخراج المعزز للنفط عبر استخدام ثاني أكسيد الكربون والالتقاط المباشر للكربون من الهواء وخفض الانبعاثات عبر تخفيف تركيز الكربون في جميع قطاعات الصناعة النفطية.

المصدر كونا الوسومأوبك النفط

المصدر: كويت نيوز

كلمات دلالية: أوبك النفط الصناعة النفطیة الطاقة العالمی بحلول عام 2045 على النفط

إقرأ أيضاً:

مواطن يحكي تجربته المريرة بسبب “اللعبة مع الموت”

أثير – ريما الشيخ

في الحياة طريقان؛ طريق الأمان الذي يلهمك العلم والمعرفة، وطريق الهلاك الذي يسلب منك الحياة ويبعدك عنها، فللحظات تشعر باليأس المسيطر على ظلال روحك، ويبعدك عن الابتسامة التي تحلم بها والثقة التي تحيطك، وعن عالمك الحقيقي لتعيش عالمًا خاليًا من المعنى.

وهناك من يدرك بعده عن هذا الطريق لينجو بنفسه ويتراجع عنه في الوقت المناسب، وهذا ما حصل مع الشاب أ.ح الذي عاش البعد الحقيقي عن عالمه وأسرته، وعاش التخبط لكنه أدرك الوقت والأمر وعالجه.

بداية السقوط
في حيٍ هادئ في ولاية السيب بمحافظة مسقط، وُلد أ.ح، وكان شابًا في مقتبل العمر، طموحًا ومفعمًا بالحياة، إلا أن الحظ كان يحمل له مسارًا آخر، ففي عام 2003م وعندما كان في العشرين من عمره، انجرف في عالم المخدرات، حيث بدأت رحلته مع الحبوب المخدرة، ثم انتقل إلى مادة الحشيش ومعاقرة الكحول، قبل أن يغوص في أعماق الهيروين والنورفين.

مواجهة القانون

لم تكن رحلة أ.ح في عالم الإدمان خالية من المواجهات مع القانون، فقد تعرض لمحاولات عديدة لضبطه بتهمة الترويج، بتهمة التعاطي وكانت نهايتها الاحتجاز لفترات قصيرة، لم تتجاوز الشهر، ولم يكن السجن هو المكان الذي أثر عليه، بل كانت تأثيرات المخدرات أعمق وأشد وطأة على حياته.

تأثير المخدرات على الحياة

اجتماعيًا، أصبح منبوذًا من المجتمع وشخصًا عدوانيًا، لا يثق به أحد، ويفرض رغباته بالقوة، وأثر ذلك على أسرته حيث عاشت في خوف مستمر سواء كان خارج المنزل أم داخله، فقد أصبح وجوده كابوسًا لهم.

ماديًا، كانت أولوياته متجهة نحو توفير المادة المخدرة، حتى وإن كان ذلك على حساب احتياجات أسرته ومشاعرهم.

صحيًا، تعرض لتشوهات جسدية بسبب الشجارات والنزاعات المتعلقة بالمخدرات، إلى جانب اضطرابات شخصية وأفكار غير سوية.

اللحظة الفاصلة
وصل إلى وضع متدنٍ ووجد نفسه في حالة يرثى لها، بين مشاكل قانونية، وطرد من العمل، وتعهدات لم يستطع الالتزام بها.
في لحظة مصيرية، قرر التوجه إلى التعافي، ليس بقناعة، بل كهروب من مواجهة مشاكله، حيث بدأ رحلته في برنامج التعافي في 28 يونيو 2021م وخلال الأشهر الأولى بدأ يكتشف تدريجيًا أن هناك حياة أخرى؛ حياة تستحق أن تُعاش بدون المخدرات.

طريق التعافي

التعافي كان تحديًا كبيرًا، يتطلب مواجهة النفس والاعتراف بالخطأ، وقد أدرك أ.ح مدى الألم الذي سببه لنفسه وللآخرين خلال سنوات الإدمان، لكنه وجد الدعم في بيوت التعافي؛ حيث احتضنته تلك النفوس الطيبة وساعدته على البوح بكل ما في داخله، فوجد الراحة في معرفة أنه ليس الوحيد الذي يمر بهذه الحالة البائسة التي اوصلته إلى اليأس.

الحياة بعد التعافي
بعد تلك التجربة المريرة، بدأ أ.ح في محاولة العيش كإنسان طبيعي، ورغم وجود أشياء لا يتقبلها في نفسه ومجتمع لا يتقبل ماضيه، إلا أنه كان يسعى جاهدًا إلى الاندماج في الخط الطبيعي للحياة بمساعدة الجهات المعنية على الشعور بالقبول وعدم الوحدة والانعزال عن المجتمع الذي يحويه.

رسالة أ.ح
اختصر أ.ح طريق المخدرات بكلمة واحدة: “انتحار أو لعبة مع الموت”، ووجه رسالته للمدمنين عبر “أثير” قائلا: “هناك حياة أفضل بدون تعاطي المواد المخدرة، فأعطِ نفسك فرصة وأعلن استسلامك، واخضع لبرنامج التأهيل، فالحياة جميلة بدون تعاطٍ، فقد كنت في الماضي أخاف كل شيء، أما اليوم فأنا حر من الخوف، أعيش بكرامة وأستمتع بحياتي كإنسان طبيعي.”

كانت تلك قصة المواطن أ.ح؛ قصة من الظلمات إلى النور، من الضياع إلى الأمل، رسالة تحمل في طياتها دعوة لكل من يعاني بأن هناك دائمًا طريقًا للخلاص، طريقًا يحتاج إلى شجاعة واتخاذ قرار حاسم بالتعافي بالوقت المناسب.

مقالات مشابهة

  • مهام صعبة بانتظار الأمين العام الجديد لحلف “الناتو”
  • “مؤشرات إيجابية” بعد حفر واختبار وتقييم أكثر من 70 بئرا استكشافية للنفط والغاز
  • “رأس الخيمة العقاريه” تعلن عن إطلاق فلل على جزيرة الحياة في الإمارة
  • “الأغذية العالمي” يحذر من “جوع كارثي وشيك” جنوب قطاع غزة
  • "مهن المستقبل": نظرة واقعية على الوظائف المطلوبة في سوق العمل
  • دولة الكويت تؤكد حرصها الدائم على دعم أنشطة صندوق “أوبك” التنموية
  • الإطفاء: حظر إستيراد وتداول منظمات أسطوانات الغاز المسال وتمديداتها الغير مطابقة لمواصفات “ناقلات النفط”
  • سترة الصحافة خطر على الحياة.. عدد صادم وغير مسبوق من الشهداء الصحفيين في غزة
  • أمير الشرقية يستقبل مديري الجهات الحكومية والمشرف العام على فرع القطاع الشرقي بوزارة الطاقة ومنسوبي قطاع الكهرباء في مجلسه الأسبوعي “الاثنينية”
  • مواطن يحكي تجربته المريرة بسبب “اللعبة مع الموت”